«دكتوراه» تناقش دور «طاش ما طاش» في التغير الاجتماعي

بعد 9 أعوام من توقفه

القصبي والسدحان في مشهد من «طاش ما طاش» (الشرق الأوسط)
القصبي والسدحان في مشهد من «طاش ما طاش» (الشرق الأوسط)
TT

«دكتوراه» تناقش دور «طاش ما طاش» في التغير الاجتماعي

القصبي والسدحان في مشهد من «طاش ما طاش» (الشرق الأوسط)
القصبي والسدحان في مشهد من «طاش ما طاش» (الشرق الأوسط)

استمر صدى مسلسل «طاش ما طاش»، يتردد في المجتمع السعودي لسنوات عدة، هو الذي اشتهر بمناقشته مختلف القضايا على مدى عقود ثلاثة، من خلال بصمته وأثره على المتلقي.
وعلى الرغم من توقفه، فإن تأثيره استمر على الدراما وصناعتها، بل وامتد إلى أن يكون هذا المسلسل مادة بحث علمية لأحد طلاب مرحلة الدكتوراه في جامعة الملك سعود في العاصمة الرياض.
واختار عبد العزيز الحمدان، الطالب في قسم الدراسات الاجتماعية، المسلسل ليكون موضوع رسالته العلمية.
وتناولت الرسالة التي بحثت في مضمون 48 حلقة مختلفة من المسلسل، المظاهر الاجتماعية التي طرأت بعد عرضه منذ بدايته في مطلع التسعينات، وناقشها خمسة أكاديميين في قسم الدراسات الاجتماعية بالجامعة.
بينما هدفت دراسة الباحث عبد العزيز الحمدان إلى التعرف على مظاهر التغير الاجتماعي التي طرأت على المجتمع السعودي منذ عام (1993) حتى عام (2011)، وذلك بتحليل أبرز القضايا المجتمعية التي سعت المسلسلات السعودية إلى معالجتها من خلال الدراما التلفزيونية، من ثم التعرف على أوجه التغير في تلك القضايا والاتجاهات نحوها كما عكستها المسلسلات تلك الفترة.
وقد تناول الحمدان في دراسته أهم النتائج التي توصلت إليها رسالته، على ضوء المتغيرات المجتمعية التي مرت بالمجتمع السعودي خلال فترات الدراسة، وشملت القضايا المجتمعية والقانونية والصحية والسياسية والبيئية والدينية والاقتصادية أيضاً، التي شهدت تذبذبات بين صعود ونزول خلال مواسم المسلسل، بينما حصلت القضايا المجتمعية على النصيب الأعلى من التركيز، حيث فاقت في تكرار عرضها أنواع القضايا الأخرى، وذلك يعود حسب رأي الباحث إلى أن القضايا الاجتماعية تتضمن موضوعات كالعلاقات الاجتماعية والقيم ومعايير المجتمع والتضامن والزواج، وهي تدخل ضمن القضايا التي تمس مصالح الأفراد بشكل مباشر.
من جهة أخرى، ذكرت دراسة الحمدان، أن من أكثر الموضوعات التي تناولها المسلسل أيضاً هي القضايا القانونية التي تشمل الأمنية والأنظمة والاقتصاد كالاستهلاك والاستثمار والبنية التحتية، في حين ركزت القضايا الصحية على المؤسسات الطبية وخدماتها والوعي، إضافة إلى قضايا المرأة، وتطرقت الدراسة إلى أوجه التغيير في القضايا المطروحة من خلال المسلسل.
وخلص الحمدان الذي نال الدكتوراه عبر دراسة «طاش»، إلى 19 توصية في نهاية الرسالة، منها ما جاء على هيئة مقترحات علمية موجهة إلى الجهات السعودية المختصة كتحفيز القائمين على أعمال الدراما التلفزيونية على التركيز على موضوعي القيم الاجتماعية والعلاقات الاجتماعية كموضوعين أساسيين تُعالج من خلالهما أنواع القضايا كافة.
كذلك، خلصت الدراسة إلى تعزيز تكامل الأهداف في المجتمع السعودي مع أهداف النسق الإعلامي والكلي لضمان توازن المجتمع في ظل التغيرات المجتمعية الطارئة، مع تعميق الوعي الاجتماعي، إضافة إلى ضرورة مبادرة المؤسسات الإعلامية بإحداث تغييرات توازي التغيرات المؤثرة والوافدة من الثقافات الأجنبية عبر وسائل الإعلام الجديدة.



بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
TT

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى، فإن المصرية مريم شريف تفوقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بالدورة الرابعة لـ«مهرجان البحر الأحمر السينمائي» التي تَنافس على جوائزها 16 فيلماً، وترأس لجنة تحكيمها المخرج العالمي سبايك لي، لتحوز جائزة «اليسر» لأفضل ممثلة عن أدائها لشخصية «إيمان»، الشابة التي تواجه التّنمر بسبب قِصرِ قامتها في فيلم «سنو وايت»، وذلك خلال حفل ختام المهرجان الذي أقيم الخميس في مدينة جدة السعودية.

وعبّرت مريم عن سعادتها بهذا الفوز قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «الحمد لله، هذه فرحة كبيرة تكلّل جهودنا طوال فترتي التحضير والتصوير، لكنني أحتاج وقتاً لأستوعب ذلك، وأشكر أستاذة تغريد التي أخضعتني لورشِ تمثيلٍ عدة؛ فكُنا نجلس معاً لساعات طوال لتُذاكر معي الدّور وتوضح لي أبعاد الشخصية، لذا أشكرها كثيراً، وأشكر المنتج محمد عجمي، فكلاهما دعماني ومنحاني القوة والثقة لأكون بطلة الفيلم، كما أشكر مهرجان (البحر الأحمر السينمائي) على هذا التقدير».

المخرجة تغريد أبو الحسن بين منتج الفيلم محمد عجمي والمنتج محمد حفظي (إدارة المهرجان)

سعادة مريم تضاعفت بما قاله لها المخرج سبايك لي: «لقد أذهلني وأبهجني برأيه حين قال لي، إن الفيلم أَثّر فيه كثيراً بجانب أعضاء لجنة التحكيم، وإنني جعلته يضحك في مشاهد ويبكي في أُخرى، وقلت له إنه شرفٌ عظيم لي أن الفيلم حاز إعجابك وجعلني أعيش هذه اللحظة الاستثنائية مع أهم حدث في حياتي».

وأضافت مريم شريف في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أنها لم تُفكّر في التمثيل قبل ذلك لأن السينما اعتادت السخرية من قِصار القامة، وهو ما ترفضه، معبّرة عن سعادتها لتحقيق العمل ردود أفعال إيجابية للغاية، وهو ما كانت تتطلّع إليه، ومخرجته، لتغيير أسلوب تعامل الناس مع قِصار القامة لرؤية الجمال في الاختلاف، وفق قولها: «نحن جميعاً نستحق المساواة والاحترام، بعيداً عن التّهكم والسخرية».

وكان قد شهد عرض الفيلم في المهرجان حضوراً لافتاً من نجوم مصريين وعرب جاءوا لدعم بطلته من بينهم، كريم فهمي الذي يشارك بصفة ضيف شرف في الفيلم، وبشرى التي أشادت بالعمل، وكذلك أمير المصري ونور النبوي والمنتج محمد حفظي.

قُبلة على يد بطلة الفيلم مريم شريف من الفنان كريم فهمي (إدارة المهرجان)

واختارت المخرجة أن تطرح عبر فيلمها الطويل الأول، أزمة ذوي القامة القصيرة الذين يواجهون مشاكل كبيرة، أقلّها تعرضهم للتنمر والسخرية، وهو ما تصدّت له وبطلتها عبر أحداث الفيلم الذي يروي قصة «إيمان» قصيرة القامة التي تعمل موظفة في أرشيف إحدى المصالح الحكومية، وتحلم مثل كل البنات بلقاءِ فارس أحلامها وتتعلق بأغنية المطربة وردة الجزائرية «في يوم وليلة» وترقص عليها.

وجمع الفيلم بين بطلته مريم شريف وبعض الفنانين، ومن بينهم، كريم فهمي، ومحمد ممدوح، ومحمد جمعة، وخالد سرحان، وصفوة، وكان الفيلم قد فاز بوصفه مشروعاً سينمائياً بجائزة الأمم المتحدة للسكان، وجائزة الجمعية الدولية للمواهب الصاعدة في «مهرجان القاهرة السينمائي».

وعلى الرغم من أن مريم لم تواجه الكاميرا من قبل، بيد أنها بدت طبيعية للغاية في أدائها وكشفت عن موهبتها وتقول المخرجة: «كنت مهتمة أن تكون البطلة غير ممثلة ومن ذوات القامة القصيرة لأحقق المصداقية التي أردتها، وحين التقيت مريم كانت هي من أبحث عنها، وكان ينقصنا أن نقوم بعمل ورش تمثيل لها، خصوصاً أن شخصية مريم مختلفة تماماً عن البطلة، فأجرينا تدريبات مطوّلة قبل التصوير على الأداء ولغة الجسد والحوار، ووجدت أن مريم تتمتع بذكاء لافت وفاجأتني بموهبتها».

لم يكن التمثيل يراود مريم التي درست الصيدلة في الجامعة الألمانية، وتعمل في مجال تسويق الأدوية وفق تأكيدها: «لم يكن التمثيل من بين أحلامي لأن قِصار القامة يتعرضون للسخرية في الأفلام، لكن حين قابلت المخرجة ووجدت أن الفيلم لا يتضمّن أي سخرية وأنه سيُسهم في تغيير نظرة كثيرين لنا تحمست، فهذه تجربة مختلفة ومبهرة». وفق تعبيرها.

ترفض مريم لقب «أقزام»، وترى أن كونهم من قصار القامة لا يحدّ من قدرتهم ومواهبهم، قائلة إن «أي إنسان لديه مشاعر لا بد أن يتقبلنا بدلاً من أن ننزوي على أنفسنا ونبقى محبوسين بين جدران بيوتنا خوفاً من التنمر والسخرية».

تغريد أبو الحسن، مخرجة ومؤلفة الفيلم، درست السينما في الجامعة الأميركية بمصر، وسافرت إلى الولايات المتحدة للدراسة في «نيويورك أكاديمي» قبل أن تُخرج فيلمين قصيرين، وتعمل بصفتها مساعدة للمخرج مروان حامد لسنوات عدّة.

المخرجة تغريد أبو الحسن وبطلة الفيلم مريم شريف (إدارة المهرجان)

وكشفت تغريد عن أن فكرة الفيلم تراودها منذ 10 سنوات: «كانت مربية صديقتي من قِصار القامة، اقتربتُ منها كثيراً وهي من ألهمتني الفكرة، ولم أتخيّل أن يظهر هذا الفيلم للنور لأن القصة لم يتحمس لها كثير من المنتجين، حتى شاركنا الحلم المنتج محمد عجمي وتحمس له».

العلاقة التي جمعت بين المخرجة وبطلتها كانت أحد أسباب تميّز الفيلم، فقد تحولتا إلى صديقتين، وتكشف تغريد: «اقتربنا من بعضنا بشكل كبير، وحرِصتُ على أن تحضر مريم معي ومع مدير التصوير أحمد زيتون خلال معاينات مواقع التصوير حتى تتعايش مع الحالة، وأخبرتها قبل التصوير بأن أي مشهد لا ترغب به سأحذفه من الفيلم حتى لو صوّرناه».

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

وتلفت تغريد إلى مشروعٍ سينمائيّ يجمعهما مرة أخرى، في حين تُبدي مريم سعادتها بهذا الالتفاف والترحيب من نجوم الفن الذين شاركوها الفيلم، ومن بينهم: كريم فهمي الذي عاملها برفق ومحبة، ومحمد ممدوح الذي حمل باقة ورد لها عند التصوير، كما كان كل فريق العمل يعاملها بمودة ولطف.