كنديون يهربون من البرد مصممون على تمضية الشتاء في فلوريدا رغم الجائحة

أسرة كندية في طريقها لمطار سانت أوبير في مونتريال قبل استقلال طائرة لجنوب الولايات المتحدة بينما تتولى شركة خاصة قيادة السيارة عبر الحدود (أ.ف.ب)
أسرة كندية في طريقها لمطار سانت أوبير في مونتريال قبل استقلال طائرة لجنوب الولايات المتحدة بينما تتولى شركة خاصة قيادة السيارة عبر الحدود (أ.ف.ب)
TT

كنديون يهربون من البرد مصممون على تمضية الشتاء في فلوريدا رغم الجائحة

أسرة كندية في طريقها لمطار سانت أوبير في مونتريال قبل استقلال طائرة لجنوب الولايات المتحدة بينما تتولى شركة خاصة قيادة السيارة عبر الحدود (أ.ف.ب)
أسرة كندية في طريقها لمطار سانت أوبير في مونتريال قبل استقلال طائرة لجنوب الولايات المتحدة بينما تتولى شركة خاصة قيادة السيارة عبر الحدود (أ.ف.ب)

بعد أن اعتادوا تمضية فصل الشتاء في فلوريدا في طقس دافئ، سيبقى معظم الأشخاص الذين يهربون عادة من البرد في كندا هذه السنة، لكن عدداً ضئيلاً منهم قرروا الهجرة جنوباً، رغم الجائحة، حتى وإن اضطروا لإنفاق أموال باهظة لتحقيق حلمهم.
ويتخذ هؤلاء الأشخاص الذين يهربون كالطيور المهاجرة من صقيع الشتاء، هذه الخطوة، رغم دعوات الحكومة الكندية إلى البقاء في البلاد وإغلاق الحدود بين كندا والولايات المتحدة منذ مارس (آذار) للرحلات غير الضرورية. وأعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، الذي تشهد بلاده موجة ثانية عنيفة من حالات «كوفيد - 19»، الأربعاء، أن الفترة الحالية «ليست الوقت المناسب لتمضية إجازة في الخارج».
وتؤكد جوهان بلين المديرة الناطقة بالفرنسية لجمعية «سنوبردز» الكندية، لوكالة الصحافة الفرنسية، أن نحو 900 ألف كندي، بينهم 250 ألفاً من مقاطعة كيبيك، يمضون عادة قسماً كبيراً من الشتاء «في فلوريدا وولايات أخرى جنوب الولايات المتحدة». وقالت «هذه السنة ستكون نسبة هؤلاء 30 في المائة». وسيقوم معظم هؤلاء بالرحلة جواً، لأن الولايات المتحدة خلافاً لكندا لا تزال تستقبل على أراضيها الكنديين الوافدين لزيارات غير ضرورية.
وهؤلاء غير ملزمين باحترام فترة الحجر في فلوريدا التي يضطرون إلى الالتزام بها لأسبوعين لدى عودتهم إلى كندا.
ويلجأ الأشخاص الذين يختارون القيام بالرحلة براً في السيارة أو المنازل المتنقلة، إلى حيلة قانونية للالتفاف على إقفال الحدود. وتتولى مؤسسات مرخص لها لاعتبارها ضرورية للتجارة عبر الحدود، نقل سياراتهم مباشرة إلى الجانب الآخر من الحدود. وفي الخريف وضع مايكل كوتورييه رئيس مجلس إدارة شركة «كاي إم سي» للنقل التي تتخذ مقراً لها في مونتريال، «آلية جاهزة» لهؤلاء، حسب ما أعلن لوكالة الصحافة الفرنسية. ويصعد زبائنه إلى طائرة في ضاحية مونتريال ويصلون بعد 12 دقيقة إلى مطار بلاتسبرغ شمال ولاية نيويورك، حيث يلتقيهم سائق من شركة «كاي إم سي» لتسليمهم سيارتهم. وكلفة هذا «الجسر الجوي» 500 دولار كندي عن كل فرد (388 دولاراً أميركياً) لبطاقة السفر وألف دولار لقيادة السيارة على مسافة 90 كيلومتراً. وذكر كوتورييه أن نحو ألفي شخص استعانوا حتى الآن بهذه الخدمة. ورفض بعض هؤلاء الإجابة على أسئلة «الصحافة الفرنسية» في مطار سانت أوبير قرب مونتريال. وقالت امرأة وصلت مع زوجها إلى فلوريدا بهذه الوسيلة، «كل ما نريده هو أن ننعم براحة البال، وأن نكون سعداء وغير مكتئبين».
وصرحت لوكالة الصحافة الفرنسية، طالبة عدم كشف هويتها: «لم يعد الوضع يُحتمل، ونريد فقط أن نعيش حياتنا. أصبحنا في العقد السادس من العمر، وقررنا العيش في منزل متنقل». وتؤكد جوهان بلين: «المغادرة من عدمها قرار صعب بعض الشيء لأولئك الذين يعيشون في بيوت متنقلة لفترات طويلة».
وتضيف أن هؤلاء الأشخاص غالباً ما لا يملكون منزلاً، ويتنقلون بين كندا وفلوريدا، وفقاً للفصول منذ سنوات على الأرجح.
كما يستعين هؤلاء الأشخاص الذين يملكون منزلاً في فلوريدا بخدمة شركات كشركة «كاي إم سي» لنقل سيارتهم على طول الطريق. وتتراوح الأسعار بين 1500 و1800 دولار حتى أنها قد تصل إلى 4500 دولار. وقال كوتورييه، «بفضل هؤلاء الأشخاص وظفنا عدداً أكبر من الأفراد لتلبية الطلب. في الوقت الراهن نحقق أرباحاً كبيرة» جراء ذلك. وزار أكثر من 3.6 مليون كندي رسمياً فلوريدا العام الماضي، أي واحد من كل عشرة. وقررت جوهان بلين وزوجها عدم التنقل هذا الشتاء «لأسباب شخصية قررنا الامتناع عن ذلك طالما أن الحدود البرية غير مفتوحة».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».