سامح علاء لـ «الشرق الأوسط»: «سعفة كان» حلت مشكلاتي الإنتاجية

المخرج المصري سامح علاء
المخرج المصري سامح علاء
TT

سامح علاء لـ «الشرق الأوسط»: «سعفة كان» حلت مشكلاتي الإنتاجية

المخرج المصري سامح علاء
المخرج المصري سامح علاء

أكد المخرج المصري، سامح علاء، مخرج فيلم «16»، المتوج بسعفة مهرجان كان الدولي لأفضل فيلم روائي قصير هذا العام أن هذا الفوز كان بمثابة مفاجأة كبيرة له في ظل منافسة أفلام قوية من سائر أنحاء العالم، مشيراً إلى أنه «يطمح لتقديم أفلام صادقة تحقق تماساً مع الجمهور، وسعيه للتنوع في أفلامه»، لافتاً إلى أنه «يخطط لتصوير فيلمه الجديد نهاية العام المقبل». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن فيلمه «18» لا يزال في مرحلة الكتابة وأنه يواصل من خلاله تناول فترة المراهقة في حياة الإنسان باعتبارها تشكل مرحلة مهمة ترسم خطوات مستقبل كل إنسان.
وكان مشروع أحدث أفلامه «18»، قد فاز في ملتقى القاهرة السينمائي، أخيراً بثلاثة جوائز داعمة بلغت قيمتها ثلاثين ألف دولار، بالإضافة لجائزة لوجيستية لصناعة الإعلان التشويقي والمقدمة الإعلانية للفيلم الذي يقول عنه: «هذا هو أول أفلامي الروائية الطويلة، واستكمل من خلاله ما بدأته في فيلمي الأول «15»، وما واصلته في فيلمي الثاني «16» من التعرض لسن المراهقة، لكن الموضوع يتطور في «18» ليناقش هذه الفترة التي تعيشها شخصيات الفيلم بما تحمله من صراعات وأزمات باعتبارها مرحلة بدايات النضوج، وأنا معني بهذه المرحلة بشكل كبير لأنها هي التي تشكل شخصياتنا ورؤيتنا للعالم، فحينما أتممت عامي الثلاثين بدأت أفكر في الـ15 سنة الماضية من حياتي وأستعيدها بكل أحداثها، ووجدت أنه من المناسب أن أعود إليها بعدما ابتعدت عنها، وصرت أكثر موضوعية في الحكم عليها وتكوين وجهة نظر تجاهها، لكن هذا لا يعني أنني غير مهتم بالمراحل الزمنية الأخرى في حياة الإنسان، فكل مرحلة ترسم جانباً من طريقه وتحدد ملامح من شخصيته.
كان سامح علاء قد حقق نجاحاً لافتاً منذ فيلمه الأول الذي صدر عام 2017 وهو روائي قصير وبطله شاب عمره 15 سنة تعرض لفقد أحد أفراد عائلته مما شكل لديه صدمة فيذهب وشقيقه الأصغر في رحلة، ونرى تأثير هذا الخبر عليهم ورد فعل كل منهم. وشهد عرضه الأول مهرجان تورونتو، ثم طاف مهرجانات دولية عديدة، وحصل على جائزة في مهرجان مونبلييه.
«سعفة كان لأفضل فيلم روائي قصير» التي اقتنصها فيلمه الثاني «16» لم يتوقعها المخرج وكانت بمثابة مفاجأة له ولفريق عمل الفيلم: «أعتقد أن هذه الجائزة من الصعب أن يتوقعها أي سينمائي في العالم، لأن قبول الفيلم في المسابقة والمشاركة بالمهرجان في حد ذاته شرف كبير، وحينما شاهدت الأفلام المنافسة وجدتها قوية جداً، وشعرت أن فيلمي ينافس بشكل كبير فقد كان تأثيره قوياً على الحضور، وذهبت لحفل توزيع الجوائز يراودني الأمل ولا أصدقه، لكن المفاجأة كانت عظيمة، هذه الجائرة ذات تأثير كبير علي، فقد أعطتني دفعة قوية للعمل بتركيز أكبر، وأن أقدم جديداً، فطموحي الحقيقي هو الاستمرار في صنع أفلام صادقة تعبر عني وعن المجتمع المصري».
وتناول فيلم «16» قصة حب قاتمة ورحلة شديدة الثقل في صورة مكثفة تنقل المشاهد إلى عالم الشاب المراهق (آدم) الذي يقرر بعد انقطاع ثلاثة أشهر عن زيارة حبيبته، فيقطع طريقاً طويلاً لرؤيتها متحدياً كل العوائق.
واختار سامح علاء لبطولة فيلمه ممثلاً غير محترف «سيف حميدة» واجه الكاميرا لأول مرة واستطاع أن يعبر بصدق عن حالة البطل، وعن مرحلة اختيار الممثل، يقول: «كانت مرحلة صعبة لأن الدور نفسه كان صعباً، وكنت أبحث عن ممثل بمواصفات خاصة، فأجريت (كاستنج)، وشاهدت 500 صورة فوتوغرافية لمرشحين، واخترت سيف قبل التصوير بأربعة أيام من خلال صورة، كانت قد التقطت له منذ عامين ودون اختبارات أداء، وأردت أن أراه، وحينما قابلته طلبت منه أن يقلل من تناول الطعام لثلاثة أيام قبل التصوير، ورأيته على تلك الصورة التي كانت في خيالي.
وواجه الفيلم المتوج بـ«سعفة كان» ظروفاً إنتاجية صعبة وكما يقول علاء: «الإنتاج معضلة لأي مخرج، فأول أفلامي كان من إنتاجي مع صديقي إيهاب ريحان ووالدي، وفي فيلمي الثاني لم يكن مقبولاً أن أطلب تمويلاً من أبي، وبدأت أشتغل مع محمد تيمور، وكان هناك مخرج فرنسي يرغب في إنتاج أول فيلم قصير، ودفع بشكل شخصي، كما حصل بعض فريق الفيلم على أجور قليلة حتى يتسنى لنا بدء تصويره، وبحثنا عن فرص تمويل من الخارج، لكن الأمر اختلف بعد فوزي بسعفة كان فقد تلقيت عروضاً عديدة تجعلني متفائلاً وأخطط لتصوير فيلمي الجديد نهاية عام 2021. ولم أستقر بالطبع على اختيار أبطاله الذين سيكونون من الممثلين المحترفين لتوفر الخبرة لديهم، وأيضاً أحب العمل مع ممثلين جدد لديهم الحماس فهناك مواهب عديدة لم تكتشف بعد».
ويؤكد علاء أنه تأثر بكبار مخرجي السينما المصرية أمثال يوسف شاهين، وكمال الشيخ، ونيازي مصطفى، وصلاح أبوسيف، ويسري نصر الله، وأسامة فوزي، قائلاً: «أحببت السينما في وقت متأخر، كان عمرى 15 سنة حين سحرتني أفلام الأبيض والأسود التي كان يعرضها التلفزيون، قبل ذلك كانت كرة القدم تستحوذ بشكل أكبر على اهتماماتي، والأفلام المصرية كانت مدرستي الأولى، فلدينا سينما تبشر بالأمل وأؤمن بأن لدينا سينما قوية قد تختفي قليلاً ثم تعود أقوى، سواء بالأفلام الوثائقية أو الروائية الطويلة والقصيرة، لقد سافرت دولاً عديدة وأرى أن صناعة السينما في مصر قوية».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».