فرق انقلابية تنتزع أموالاً من الطلبة اليمنيين لدعم «المجهود الحربي»

طلاب يمنيون يصطفون في طابور بإحدى مدارس صنعاء (إ.ب.أ)
طلاب يمنيون يصطفون في طابور بإحدى مدارس صنعاء (إ.ب.أ)
TT

فرق انقلابية تنتزع أموالاً من الطلبة اليمنيين لدعم «المجهود الحربي»

طلاب يمنيون يصطفون في طابور بإحدى مدارس صنعاء (إ.ب.أ)
طلاب يمنيون يصطفون في طابور بإحدى مدارس صنعاء (إ.ب.أ)

أفادت مصادر تربوية في صنعاء بأن الميليشيات الحوثية تواصل منذ نحو أسبوع تنفيذ حملة نزول ميدانية إلى مدارس العاصمة لجباية أموال من طلبة المدارس بحجة جمع تبرعات تصفها بـ«المشاركة المجتمعية» لصالح المعلمين المحرومين من رواتبهم، ومن ثم نهبها وتحويلها لحساب مجهودها الحربي.
وأكدت المصادر أن ذلك جاء بعد أيام قليلة من اقتحام الأمن النسائي الحوثي (الزينبيات) للعشرات من مدارس الفتيات في العاصمة لتوزيع ملازم وكراسات حوثية وإلقاء حصص طائفية على المئات من طالبات المدارس من مختلف المراحل الدراسية.
ولا تزال الفرق الحوثية - بحسب المصادر - مستمرة في زيارة بقية المدارس الحكومية بصنعاء ويرافقها توزيع ظروف فارغة على الطلبة والطالبات، تحضهم بعد إلقاء محاضرات تعبوية على وضع جزء من مصروفهم المدرسي اليومي كدعم للمعلمين، وهو في الأساس يحول لصالح دعم جبهات الميليشيات.
وذكرت المصادر التربوية أن الفرق الحوثية، ترفض أخذ الظروف فارغة في حال أن بعض الطلبة لا يمتلكون أي أموال حينها، وتطالبهم بإعادتها في اليوم التالي.
وفي الوقت الذي أشارت فيه المصادر إلى أن المظاهر المسلحة المصاحبة للفرق الحوثية التي طافت مدارس صنعاء أصابت الأطفال صغار السن بالرعب والهلع، أكدت أيضا أن مكتب التربية والتعليم الخاضع للحوثيين بالعاصمة كان قد وجه تعميما لمديري المدارس الحكومية يطالبهم بالتعاون مع تلك الفرق التي تواصل سرقة مصاريف طلبة المدارس.
وفي السياق أيضا، أكد تربويون وعدد من أولياء الأمور بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، إجبار الميليشيات للأطفال من طلبة المدارس على التبرع لصالح مقاتليها في الجبهات، استمراراً لنهجها في جباية ونهب أموال المواطنين، في ظل أوضاع اقتصادية أكثر مأساوية.
وأكد عدد منهم أن الميليشيات لم تكتف بذلك بل سعت من جهة ثانية إلى تنفيذ حملات نزول ميدانية لسرقة مصروف الطلبة المدرسي وتسخير كل تلك المبالغ وغيرها لصالح مجهودها الحربي. وأشاروا إلى أن الميليشيات لا تزال تتعامل مع التعليم الحكومي كمورد اقتصادي يدر الأموال الطائلة لها، لافتين في الصدد نفسه إلى أن من بين الإجراءات التي اتخذتها الميليشيات مع بدء العام الدراسي الحالي تلك التي تقضي بإلغاء التعليم المجاني في المدارس الحكومية ورفع رسوم التسجيل إلى مبالغ تعجيزية.
وكشفت معلمة بصنعاء اكتفت بالترميز لاسمها بـ(م. س) عن أن مديرات عدد من المدارس تنهب شهريا مبالغ ما تسمى «المشاركة المجتمعية» التي يتم جمعها من الطلبة والطالبات بغرض إعطائها للمعلمين كبدل مواصلات، وتقوم بتوريدها لصالح الميليشيات.
وقالت المعلمة لـ«الشرق الأوسط»، إن مبلغ المشاركة المجتمعية عادة ما يؤخذ بشكل إجباري من جميع الطالبات وقدره ألف ريال شهريا على كل طالب ويصل متوسط عدد الطلبة في الفصل الواحد 65 طالبا (الدولار حوالي 600 ريال).
وأوضحت أنه ورغم عمليات النهب الحوثية المتكررة، تواصل الجماعة إجبار المعلمين والمعلمات على الحضور للتدريس بانتظام، متجاهلة بالوقت نفسه نهبها المتعمد لحقوقهم المادية والمعنوية ومرتباتهم للعام الرابع على التوالي.
وكانت مصادر تربوية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن قوات نسائية تابعة للجماعة الحوثية اقتحمت قبل أيام بقوة السلاح العشرات من مدارس الفتيات في العاصمة صنعاء.
وقالت المصادر إن الزينبيات الحوثيات قمن بتوزيع ملازم وكراسات والقاء محاضرات تعبوية على طالبات المدارس التي تم اقتحامها وهددن المعلمات ومديرات المدارس اللاتي يرفض السماح لهذه الممارسات بالفصل أو السجن.
وعلى صعيد استمرار الانتهاكات الحوثية المتكررة بحق العملية التعليمية ومنتسبيها بمناطق سيطرتها، ذكر مصدر محلي في صنعاء أن الجماعة الانقلابية، أجبرت قبل أيام منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف»، على إيقاف صرف المساعدات المالية التي كانت تصرفها لعدد من المشاريع التي تقوم بها في مناطق سيطرة الجماعة.
وتحدث المصدر لـ«الشرق الأوسط»، عن أن القيادي في الجماعة المدعو أحمد حامد المكنى (أبو محفوظ)، والذي يعمل مديرا لمكتب رئيس حكم الانقلاب مهدي المشاط، هو من طالب المنظمة بدفع مبالغ مالية مقابل السماح لها باستمرار صرف وتوزيع المبالغ، سواء للضمان الاجتماعي أو للمعلمين.
وبين المصدر أن منظمة اليونيسيف اعتذرت عن دفع أي مبالغ مالية للقيادي الحوثي، ما جعله يصدر قرارا بمنع توزيع أي مبالغ مالية، مشيرا إلى أن من ضمن تلك المشاريع كانت خصصت اليونيسيف مبالغ مالية لترميم وتأهيل بعض المدارس التي دمرتها الميليشيات.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يُخضعون إعلاميين وناشطين في الحديدة للتعبئة

المشرق العربي جانب من إخضاع الحوثيين سكاناً في مدينة الحديدة للتعبئة القتالية (فيسبوك)

الحوثيون يُخضعون إعلاميين وناشطين في الحديدة للتعبئة

بعد أن أخضعت العشرات منهم لدورات تدريبية تعبوية، منعت الجماعة الحوثية إعلاميين وصحافيين وناشطين حقوقيين في محافظة الحديدة اليمنية (223 كلم غرب صنعاء) من العمل.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي جرافة حوثية تهدم محلاً تجارياً في إحدى المناطق التابعة لمحافظة الضالع (فيسبوك)

اعتداءات مسلحة أثناء تحصيل الحوثيين جبايات في الضالع

يتهم سكان محافظة الضالع اليمنية الجماعة الحوثية بارتكاب ممارسات إجرامية خلال تحصيل إتاوات تعسفية وغير قانونية من الباعة والتجار والسكان.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)

«مركز الملك سلمان» يوقع اتفاقيات لتعزيز التعليم والصحة في اليمن

وقع «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، اتفاقيات متنوعة لتعزيز القطاع التعليمي والطبي في محافظات يمنية عدة يستفيد منها ما يزيد على 13 ألف فرد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي انتهاكات جسيمة بحق الصحافة والصحافيين ارتكبتها الجماعة الحوثية خلال سنوات الانقلاب والحرب (إعلام محلي)

تأسيس شبكة قانونية لدعم الصحافيين اليمنيين

أشهر عدد من المنظمات المحلية، بالشراكة مع منظمات أممية ودولية، شبكة لحماية الحريات الصحافية في اليمن التي تتعرّض لانتهاكات عديدة يتصدّر الحوثيون قائمة مرتكبيها.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أطفال مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خلال مشاركتهم في مخيم ترفيهي (فيسبوك)

الموت يهدّد آلاف مرضى السرطان في إب اليمنية

يواجه الآلاف من مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خطر الموت بسبب إهمال الرعاية الطبية وسط اتهامات للجماعة الحوثية بنهب الأدوية والمعونات

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
TT

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)

حذّرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الخميس، من أنّ قطاع غزة، ولا سيّما شطره الشمالي، يعاني نقصاً حادّاً في الأدوية والأغذية والوقود والمأوى، مطالبة إسرائيل بالسماح بدخول مزيد من المساعدات إليه، وتسهيل العمليات الإنسانية فيه.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وصفت المنظمة الأممية الوضع على الأرض بأنه «كارثي».

وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس إنه عندما اندلعت الحرب في غزة، قبل أكثر من عام في أعقاب الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لجأ تقريباً جميع الذين نزحوا بسبب النزاع إلى مبان عامة أو أقاموا لدى أقارب لهم.

وأضاف، في مؤتمر صحافي بمقرّ المنظمة في جنيف: «الآن، يعيش 90 في المائة منهم في خيم».

وأوضح أن «هذا الأمر يجعلهم عرضة لأمراض الجهاز التنفّسي وغيرها، في حين يتوقّع أن يؤدّي الطقس البارد والأمطار والفيضانات إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية».

وحذّر تيدروس من أن الوضع مروِّع بشكل خاص في شمال غزة، حيث بدأ الجيش الإسرائيلي عملية واسعة، مطلع أكتوبر الماضي.

وكان تقريرٌ أُعِدّ بدعم من الأمم المتّحدة قد حذّر، في وقت سابق من هذا الشهر، من أن شبح المجاعة يخيّم على شمال قطاع غزة؛ حيث اشتدّ القصف والمعارك، وتوقّف وصول المساعدات الغذائية بصورة تامة تقريباً.

وقام فريق من منظمة الصحة العالمية وشركائها، هذا الأسبوع، بزيارة إلى شمال قطاع غزة استمرّت ثلاثة أيام، وجالَ خلالها على أكثر من 12 مرفقاً صحياً.

وقال تيدروس إن الفريق رأى «عدداً كبيراً من مرضى الصدمات، وعدداً متزايداً من المصابين بأمراض مزمنة الذين يحتاجون إلى العلاج». وأضاف: «هناك نقص حادّ في الأدوية الأساسية».

ولفت المدير العام إلى أن منظمته «تفعل كلّ ما في وسعها - كلّ ما تسمح لنا إسرائيل بفعله - لتقديم الخدمات الصحية والإمدادات».

من جهته، قال ريك بيبركورن، ممثّل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية، للصحافيين، إنّه من أصل 22 مهمّة إلى شمال قطاع غزة، قدّمت طلبات بشأنها، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، جرى تسهيل تسع مهام فقط.

وأضاف أنّه من المقرّر أن تُجرى، السبت، مهمّة إلى المستشفيين الوحيدين، اللذين ما زالا يعملان «بالحد الأدنى» في شمال قطاع غزة؛ وهما مستشفى كمال عدوان ومستشفى العودة، معرباً عن أمله في ألا تحدث عرقلة لهذه المهمة.

وقال بيبركورن إنّ هذين المستشفيين «بحاجة إلى كل شيء»، ويعانيان بالخصوص نقصاً شديداً في الوقود، محذراً من أنّه «دون وقود لا توجد عمليات إنسانية على الإطلاق».

وفي الجانب الإيجابي، قال بيبركورن إنّ منظمة الصحة العالمية سهّلت، هذا الأسبوع، إخلاء 17 مريضاً من قطاع غزة إلى الأردن، يُفترض أن يتوجه 12 منهم إلى الولايات المتحدة لتلقّي العلاج.

وأوضح أن هؤلاء المرضى هم من بين نحو 300 مريض تمكنوا من مغادرة القطاع منذ أن أغلقت إسرائيل معبر رفح الحدودي الرئيسي في مطلع مايو (أيار) الماضي.

لكنّ نحو 12 ألف مريض ما زالوا ينتظرون، في القطاع، إجلاءهم لأسباب طبية، وفقاً لبيبركورن الذي طالب بتوفير ممرات آمنة لإخراج المرضى من القطاع.

وقال: «إذا استمررنا على هذا المنوال، فسوف نكون مشغولين، طوال السنوات العشر المقبلة».