ارتباك في قواعد «الوطني الحر»... وشامل روكز يعلن عن تجمع جديد

السفيرة الأميركية تلتقي صهر عون وتعلن استعدادها لـ «التعاون»

TT
20

ارتباك في قواعد «الوطني الحر»... وشامل روكز يعلن عن تجمع جديد

يمضي قياديون سابقون في «التيار الوطني الحر» بتنظيم تجمعات مستقلة، إلى جانب شخصيات سياسية مستقلة وناشطين، لمواكبة المرحلة المقبلة عملياً، إثر التدهور الاقتصادي والمعيشي، وفشل الأحزاب والقوى الممثلة في السلطة في إيجاد مخارج وحلول لها، وسط ارتباك في قواعد «التيار» الحزبية، تمثل في استقالات فردية حتى الآن، تنامت منذ عام، اعتراضاً على الفشل في إدارة الأزمة الحالية.
وبعد أسبوع على إعلان النائب شامل روكز، صهر الرئيس ميشال عون مؤسس «التيار الوطني الحر»، عن إطلاق «لقاء لبنان وطني»، عقدت خلوة مغلقة أمس بين قياديين سابقين في «التيار» كانوا انسحبوا منه، مع شخصيات مستقلة لمناقشة الأزمة وأسبابها «وطرق الخروج منها» ضمن دينامية متواصلة منذ فترة.
ونفى مصدر مشارك في الخلوة أن يكون «تأسيساً لجبهة محددة»، قائلاً «إنه يندرج ضمن إطار الدينامية المستمرة لتطوير أدائنا المستمر منذ فترة، ولمناقشة الأفكار المرتبطة بكيفية الخروج من الأزمة عملياً بعيداً عن التقديرات النظرية، رغم أن معظم الحلول المطروحة نظرياً صحيحة».
وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط»، إن «كل حقبة تحتاج إلى إدارة معينة ومتطلبات، وتعقد الخلوة عادة كل ثلاثة أشهر من الآن، حتى موعد الانتخابات النيابية المقبلة» في مايو (أيار) 2022، مشيراً إلى أن تلك الخلوات «تناقش خطة العمل للمرحلة المقبلة، وكيفية تطويرها، وبطبيعة الحال تخضع لتعديلات على ضوء المتغيرات».
وقال المصدر: «المطلوب أن نعمل لإحداث اختراق عملي في جدار الأزمة، ونمهد لإنتاج حلول وكيفية التعاطي مع الطبقة السياسية، ونرتقي بالأفكار النظرية إلى مستوى عملي، لأن أصل المشكلة ليس تقنياً، وبالتالي يتطلب تغييراً بالسلوكيات وطريقة التفكير».
وسبق هذه الخلوة، إعلان النائب روكز عن إطلاق «لقاء لبنان وطني» انطلاقاً من «حقيقة أن لا وجود لأي نية في الأفق لاعتماد أي سياسة صحيحة لمكافحة الفساد، ولا أي استراتيجية مالية اقتصادية اجتماعية حقيقية لمعالجة الأزمة التي يعاني منها الشعب اللبناني»، حسب ما قال في مؤتمر صحافي عقده في الأسبوع الماضي للإعلان عن الخطوة، مشيراً إلى أنه قرر «اتخاذ خطوة إلى الوراء لمراجعة نفسه ومراجعة البرنامج والمبادئ التي انتخب وفقها، لتحقيق الرؤية الفعلية التي يؤمن بها»، مضيفاً: «لأن الهروب من المواجهة ليس من شيمي».
وكشفت وسائل إعلام محلية، أمس، عن أن السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا، اطلعت من روكز على المشروع السياسي والاجتماعي الذي باشر بالتحضير له منذ أسابيع قليلة تحت عنوان «لبنان وطني»، وذلك خلال لقاء مطول جمعهما أول من أمس الجمعة. وأفادت قناة «إم تي في» بأن شيا أبدت استعدادها للتعاون والتنسيق معه انطلاقاً من «تجربته في المؤسسة العسكرية التي تحوز على مكانة استراتيجية خاصة في السياسة الخارجية لواشنطن، وموقعه المناهض للسلطة الحالية والبعيد عن ملفات التورط المالي والفساد».
ويختبر «التيار الوطني الحر» ارتباكاً داخل قواعده الحزبية على خلفية الأزمة التي يعاني منها لبنان ومقاربته لتلك الأزمة، انكشفت أول من أمس في استقالة مسؤول العلاقات الدبلوماسية في التيار ميشال دي شادارفيان الذي تحدث عن حسابات «مغايرة للمبادئ التي أرساها العماد ميشال عون».
والمرحلة الحالية هي الثالثة التي يخضع فيها التيار لهذا الاختبار، أولها كان في عام 2015 بُعيد تسلم الوزير الأسبق والنائب الحالي جبران باسيل رئاسة التيار، حيث شهدت انسحابات قياديين مؤسسين من التيار، وأبرزهم ابن شقيق الرئيس عون، نعيم عون، والقيادي في التيار زياد عبس، وغيرهما من الشخصيات. أما المرحلة الثانية فجاءت بعد اندلاع الاحتجاجات اللبنانية في 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2019، حيث انسحب نواب حلفاء ومقربون من تكتل «لبنان القوي» الذي يرأسه باسيل، وأبرزهم النائب شامل روكز. أما المرحلة الثالثة فكانت بعد انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس (آب) الماضي، وطالت الجسم الحزبي في التيار على ضوء الانتقادات الداخلية والخارجية لأدائه، إلى جانب استقالات نواب حلفاء للتيار كانوا في عداد التكتل في المجلس النيابي، أبرزهم نعمت أفرام وميشال معوض.
ووضعت مصادر معارضة للتيار كانت في فترة سابقة ضمن صفوفه، التغييرات الحالية في إطار «الاعتراض على إدارة الأزمة» التي يعاني منها لبنان، ومقاربة التيار لها، قائلة لـ«الشرق الأوسط»، إن الأزمة «أنتجت ارتباكاً في مختلف الأحزاب، لكن التيار يتمتع بقدرة كبيرة على النقد الذاتي يجريها، وتتيح له هذه الدينامية التعبير عنها مرة بالاشتباك الداخلي، ومرة أخرى تخرج إلى العلن باستقالات أو انسحابات».
وتوقفت المصادر عند الحركة الاعتراضية المتنامية داخل التيار، قائلة إن العدد ليس مهماً، ولو أنها أدت إلى استقالات حزبيين أو كوادر في مناطق معينة، وقالت المصادر إن القضية «مرتبطة برمزية الاستقالات»، مؤكدة أن الموضوع «لا يعود إلى خيارات سياسية أخرى للمنسحبين، بقدر ما يرتبط بتفاقم المشاكل وفشل التيار في إدارة الأزمة التي بدأت تتراكم منذ 2015، ولم يُعمل على حلها»، مضيفة أن تلك المشاكل «استترت إعلامياً في مرحلة التسويات السياسية، وانفجرت الآن تحت ضغط الوضع القائم حيث لا إجابات مقنعة على أسئلة الناس عن أسباب الأزمة وطرق الخروج منها».
وخلطت الأزمات التي يعاني منها لبنان، أوراق الأحزاب، وأنتجت تقارباً بين حزبيين سابقين وشخصيات مستقلة وناشطة في المجتمع المدني لبلورة «تصورات عملية» للخروج من الأزمات، وهو الهدف من «خلوة مغلقة» عُقدت أمس السبت بين قياديين سابقين في «التيار الوطني الحر» ومستقلين وناشطين.



«لولا أميركا ما كانت»... ما دور الولايات المتحدة في قناة السويس؟

سفينة شحن تعبر قناة السويس (رويترز)
سفينة شحن تعبر قناة السويس (رويترز)
TT
20

«لولا أميركا ما كانت»... ما دور الولايات المتحدة في قناة السويس؟

سفينة شحن تعبر قناة السويس (رويترز)
سفينة شحن تعبر قناة السويس (رويترز)

أثار حديث الرئيس الأميركي دونالد ترمب بأنه «لولا أميركا لما كانت قناة السويس»، تساؤلات بشأن دور الولايات المتحدة في القناة، وما إذا كانت هناك علاقات تاريخيّة بينهما.

وكتب ترمب على منصته الاجتماعية «تروث سوشال»: «يجب السماح للسفن الأميركية، العسكرية والتجارية على السواء، بالمرور بحرّية عبر قناتَي بنما والسويس. هاتان القناتان ما كانتا لتوجَدا لولا الولايات المتحدة». وأضاف: «طلبتُ من وزير الخارجية ماركو روبيو تولي هذه القضية».

وقناة السويس هي ممر مائي صناعي بمستوى البحر يمتد في مصر من الشمال إلى الجنوب عبر برزخ السويس ليصل البحر المتوسط بالبحر الأحمر، وتعدّ أقصر الطرق البحرية بين أوروبا والبلدان الواقعة حول المحيط الهندي وغرب المحيط الهادي، بحسب موقع «هيئة قناة السويس».

ويرجع تاريخ قناة السويس إلى 30 نوفمبر ( تشرين الثاني) عام 1854 بصدور «فرمان الامتياز الأول»، الذي منح الدبلوماسي الفرنسي فرديناند ديليسبس حقّ إنشاء شركة لشقّ قناة السويس، تلاه «فرمان الامتياز الثاني» في 5 يناير (كانون الثاني) عام 1856، الذي أكّد «حياد القناة».

وفي 15 ديسمبر (كانون الأول) 1858، تأسست «الشركة العالمية لقناة السويس البحرية» برأس مال قدره 200 مليون فرنك فرنسي (8 ملايين جنيه مصري آنذاك)، مقسم على 400 ألف سهم، قيمة كل منها 500 فرنك، وكان نصيب مصر 92136 سهماً، ونصيب إنجلترا والولايات المتحدة والنمسا وروسيا 85506 أسهم، «غير أن هذه الدول رفضت الاشتراك في الاكتتاب، فاضطرت مصر إلى استدانة 28 مليون فرنك لشراء نصيبها، وبذلك أصبح مجموع ما تملكه مصر من الأسهم 177642 سهماً، قيمتها 89 مليون فرنك تقريباً، أي ما يقرب من نصف رأس مال الشركة»، وفقاً لموقع هيئة قناة السويس.

بدأ العمل في حفر قناة السويس في 25 أبريل (نيسان) 1859، واستغرق 10 سنوات، بتكلفة تجاوزت ضعف المبلغ المقرر، وبلغت 433 مليون فرنك.

وافتتحت القناة في 17 نوفمبر عام 1869. وفي 15 فبراير (شباط) 1875، اشترى رئيس الوزراء البريطاني من الخديوي إسماعيل، حاكم مصر آنذاك، 176602 سهماً من شركة القناة، وتنازلت الحكومة المصرية في 17 أبريل 1880 للبنك العقاري الفرنسي عن حقّها في الحصول على 15 في المائة من ربح الشركة مقابل 22 مليون فرنك، وبذلك أصبحت الشركة تحت السيطرة المالية لفرنسا وإنجلترا، الأولى تمتلك 56 في المائة من الأسهم، والثانية 44 في المائة.

وعقب احتلال بريطانيا لمصر عام 1882، بدأ الحديث عن تنظيم حرية الملاحة في قناة السويس، وأبرمت في هذا الصدد اتفاقية القسطنطينية في 29 أكتوبر (تشرين الأول) 1888، بين كل من فرنسا والنمسا والمجر وإسبانيا وإنجلترا وإيطاليا وهولندا وروسيا وتركيا.

وفى 26 يوليو (تموز) 1956، أعلن الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس «شركة مساهمة مصرية»، لتنتقل ملكيتها بالكامل إلى مصر.

وفي أكتوبر من نفس العام، شنّت بريطانيا وفرنسا وإسرائيل عدواناً ثلاثياً على مصر، أدّى إلى توقف الملاحة في القناة، وعارضت العدوان دول عدة، بينها الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة. وضغط الرئيس الأميركي أيزنهاور من بريطانيا للتفاوض مع مصر، كما مارست واشنطن ضغوطاً داخل أروقة الأمم المتحدة ومجلس الأمن، أدّت إلى وقف العدوان على مصر، وانسحاب بريطانيا وفرنسا في 23 ديسمبر 1956.

وطوال تاريخها، شهدت قناة السويس عمليات توسعة وصيانة، أبرزها إنشاء قناة السويس الجديدة التي افتتحت في أغسطس (آب) 2015، وشارك في أعمال الحفر تحالف ضم شركات أميركية وإماراتية وهولندية وبلجيكية.

وربما لم يكن ترمب يعني بحديثه دور بلاده التاريخي في القناة بقدر ما يشير إلى دور واشنطن الحالي في حماية الملاحة بالبحر الأحمر عبر مواجهة جماعة الحوثي.

وبدأت الولايات المتحدة، منتصف الشهر الماضي، هجمات على جماعة «الحوثي» في اليمن، بدعوى «حماية الملاحة في البحر الأحمر»، التي تأثرت بسبب هجمات «الحوثي» على السفن رداً على استمرار الحرب في قطاع غزة.

مقاتلة تُقلع من فوق متن حاملة طائرات أميركية لضرب الحوثيين في اليمن (الجيش الأميركي)
مقاتلة تُقلع من فوق متن حاملة طائرات أميركية لضرب الحوثيين في اليمن (الجيش الأميركي)

وكشفت تسريبات لمحادثات بين مسؤولين أميركيين على تطبيق «سيغنال»، نشرتها مجلة «ذي أتلانتك»، الشهر الماضي، عن مخطط الهجوم على «الحوثي»، ومن بين المحادثات رسالة من مستشار الرئيس الأميركي ستيفن ميلر، قال فيها: «سرعان ما سنوضح لمصر وأوروبا ما نتوقعه في المقابل. وعلينا إيجاد طريقة لتطبيق هذا الشرط. فماذا سيحدث مثلاً إذا لم تقدم أوروبا مقابلاً؟ إذا نجحت أميركا في استعادة حرية الملاحة بتكلفة باهظة، فستكون هناك حاجة إلى مكاسب اقتصادية إضافية في المقابل».

ويرى عضو مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية في البرلمان) الدكتور عبد المنعم سعيد أن «الحضور الأميركي في البحر الأحمر وتنفيذ هجمات ضد (الحوثي) جعل ترمب يريد من مصر أن تلعب دوراً ما أو تدفع المقابل».

ويعتقد سعيد، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن حديث ترمب «رسالة موجهة إلى مصر رداً على رفضها مخطط تهجير الفلسطينيين، وكذلك عدم مشاركتها بأي دور في الهجمات الأميركية على (الحوثي) في اليمن».