مارتنديل من عالم الجريمة إلى قيادة ليفينغستون الاسكوتلندي

المدير الفني يتحدث عن «الجشع» الذي أدخله السجن وشعوره بالغضب والندم وآماله في المستقبل

مارتنديل يأمل في تعويض فشله باستغلال مهارته كلاعب  من خلال مشواره التدريبي مع ليفينغستون
مارتنديل يأمل في تعويض فشله باستغلال مهارته كلاعب من خلال مشواره التدريبي مع ليفينغستون
TT

مارتنديل من عالم الجريمة إلى قيادة ليفينغستون الاسكوتلندي

مارتنديل يأمل في تعويض فشله باستغلال مهارته كلاعب  من خلال مشواره التدريبي مع ليفينغستون
مارتنديل يأمل في تعويض فشله باستغلال مهارته كلاعب من خلال مشواره التدريبي مع ليفينغستون

في عطلة أعياد الميلاد عام 2004، ألقى القبض على اللاعب الإنجليزي السابق ديفيد مارتنديل، وبقى بمفرده في زنزانة خاوية بعض الأيام، نظراً لأن الشرطة ألقت القبض عليه يوم إجازة، وبالتالي كان من المفترض أن يظل محبوساً حتى يوم المحاكمة، يوم الثلاثاء التالي. يقول مارتنديل: «الحبس لمدة أربعة أيام في زنزانة بمفردك هو أمر مرعب. لقد مرت وكأنها أربعة أشهر. كنت أعرف أنني يجب أن أغير طريقة حياتي».
وتُعد رحلة مارتنديل اللاحقة من بين أكثر القصص التي لا تُصدق في كرة القدم الاسكوتلندية على مدار تاريخها الطويل. ويعود السبب في ذلك، بصورة جزئية، إلى أنه يشعر بالندم على الأعمال التي قام بها، والتي أدت إلى اعتقاله في مركز للشرطة على بُعد ياردات قليلة من ملعب «سلتيك بارك». وأكد مجلس إدارة نادي ليفينغستون يوم الجمعة الماضي أنه «يشعر بالراحة» لاستمرار مارتنديل على رأس القيادة الفنية للنادي بشكل مؤقت. وهناك العديد من الأسباب التي تجعلنا نتفهم اتخاذ النادي لمثل هذه الخطوة، خاصة بعدما أصبح مارتنديل شخصية ذات أهمية متزايدة في النادي، وعلى وشك الحصول على رخصة التدريب من الدرجة الأولى من الاتحاد الأوروبي لكرة القدم.
ورغم ذلك، هناك مَن يشكك في قدرة مارتنديل على قيادة النادي الذي يلعب في الدوري الاسكوتلندي الممتاز. يقول مارتنديل عن ذلك: «أعلم أن الناس سيقرأون هذا وسيكون لديهم بعض التحفظات، وأنا أتقبل هذا الأمر تماماً. كل ما أطلبه هو أن يحكمون عليّ بناءً على شخصيتي اليوم، وليس ديفيد مارتنديل في عام 2004».
وكان تورط مارتنديل في الجريمة المنظمة خطيراً بالشكل الذي جعل المحكمة تصدر حكمها عليه بالسجن لمدة ستة أعوام ونصف العام؛ فعندما بدأت أعماله التجارية في مجال الحانات والمطاعم تخسر الكثير من الأموال، تحول مارتنديل، الذي لم يكن لديه خلفية عن كرة القدم الاحترافية، إلى عالم الجريمة. يعترف مارتنديل بذلك قائلاً: «اسمع. كنت أعرف ما كنت أفعله. أنا لا أحاول التخفيف من مشاركتي في تلك الأعمال. لقد كان دافعي في ذلك مالياً من الدرجة الأولى، إنه الجشع الذي ألقى بي في هذا المصير».
ويضيف: «لقد نشأتُ في منطقة فقيرة، وكنت أطمح لأن يكون لدي سيارات من طراز (بي إم دبليو) أو (رينج روفر)؛ لم أكن أريد أن أكون ذلك الشخص الذي يذهب إلى عمله ويأتي منه فقط ويعاني لسداد إيجار المنزل في نهاية كل شهر».
وفي أغسطس (آب) 2004، عندما تم الإفراج عنه بكفالة، التحق مارتنديل بجامعة «هيريوت وات» للحصول على درجة علمية في مجال إدارة مشروعات البناء. وبعد ثماني سنوات، حصل مارتنديل على الشهادة الجامعية بامتياز مع مرتبة الشرف. لقد التزمت جامعة «هيريوت وات» بإعادة تأهيل مارتنديل ووافقت على ضمه بدوام كامل عندما خرج السجن في عام 2010. وإذا كان ذلك قد منحه إحساساً بالقيمة الذاتية والمصداقية، فإنه لا يزال يشعر بالألم بسبب ما حدث في أكتوبر (تشرين الأول) 2006، عندما قدم إقراراً بالذنب. يقول عن ذلك: «الوقوف في المحكمة العليا وأن تعلم أنك تحت رحمة القاضي، وأن مستقبلك بين يديه كان تجربة لن أكررها أبداً».
ويضيف: «اعتقدنا جميعاً أنه سيتم تأجيل القضية إلى تاريخ لاحق، لذلك أخرجت محفظتي من جيبي وخلعت ساعتي من معصمي وأعطيتها لشريكتي، التي انهارت بالبكاء. لقد شعرت بغضب شديد لأن ما قمت به قد تسبب في هذا الألم لأشخاص أحبهم».
ويتابع: «أخبرني المحامي الخاص بي أنني إذا لم أوقع على إقرار بالذنب فإنني قد أتعرض للحبس لمدة عشر سنوات. لقد كنتُ أستحق أي شيء يحدث لي، وكنتُ مصمماً على تجاوز العقوبة المفروضة علي. لقد كنت أعرف منذ اليوم الأول أنني مذنب. لقد كنت مذنباً، وكانت الطريقة الوحيدة لتصحيح الأمر - إذا كانت هذه هي الكلمة الصحيحة - هي أن يحل عليّ العقاب الذي أستحقه».
وبعد حصوله على الشهادة الجامعية، بدأ مارتنديل العمل في مشروعات البناء، لكنه لم ينسَ كرة القدم. لقد كان لاعباً واعداً وهو صغير في السن، وتولى القيادة الفنية لنادي بروكسبرن يونايتد بعد إطلاق سراحه من السجن. يقول مارتنديل، البالغ من العمر 46 عاماً: «لم أحقق قط الطموحات التي تتناسب مع إمكانياتي. لقد كنت لاعب كرة قدم جيداً، لكنني تُركت إلى الشارع أثناء نشأتي. دائماً ما كانت كرة القدم سهلة نسبياً بالنسبة لي بكل صدق، رغم أنني لم ألعب أو أدرب على المستوى الاحترافي. إنني أعلم تماماً أنني أهدرت الفرص التي جاءت في طريقي عندما كنت أصغر سناً».
وقد سمحت الظروف والترشحيات من قبل بعض الأصدقاء مارتنديل على العمل في نادي ليفينغستون، تحت قيادة المدير الفني جون ماكغلين، في عام 2014. يقول مارتنديل: «كنت أقوم فقط بجمع الكرات وأشاهد جون وهو يعمل. كنت أتطوع للعمل هناك صباح الثلاثاء وصباح الخميس، ثم أعود بعد ذلك إلى مواقع البناء».
وكان المدير الفني الذي تولى قيادة الفريق خلفاً لماكغلين، مارك بورشيل، يعرف مارتنديل جيداً، ومن هنا بدأ مارتدينديل يلعب دوراً أكبر مع النادي. وبحلول عام 2015. كان مارتنديل يحمل ابنته الصغيرة على كتفيه ويحتفل في ملعب «ماكديرميد بارك» عندما فاز ليفينغستون بكأس بتروفاك. يقول مارتنديل: «من هنا بدأت أتجه للعمل في كرة القدم على المستوى الاحترافي».
ومع ذلك، كان عمل مارتنديل في تلك الفترة لا يزال يقتصر على تنظيم المقاعد في الجزء المخصص للصحافيين بملعب المباراة، أو ترتيب حجرة الاجتماعات لأعضاء مجلس الإدارة، خلال عمله الذي كان يستمر لمدة 70 ساعة في الأسبوع.
وبعد رحيل بورشيل، تولى قيادة الفريق ديفيد هوبكين، الذي طلب من مارتنديل أن يعمل مساعداً له. يقول مارتنديل عن ذلك: «لقد كان هوبكين مذهلاً، وسأظل مديناً له لبقية حياتي المهنية». وأصبح مارتنديل مسؤولاً عن ملف التعاقدات مع اللاعبين الجدد؛ ونجح النادي في الصعود إلى الدوري الأعلى. يقول مارتنديل: «إنني فخور للغاية بحقيقة أن نادي ليفينغستون كان متفتح الذهن تماماً فيما يتعلق بإسناد مثل هذه المهمة لي». ومن المؤكد أن تحقيق الفريق لنتائج إيجابية قد سهّل كثيراً من اتخاذ مثل هذا القرار.
وفي موسم 2016 – 2017، كان ليفينغستون يلعب في دوري الدرجة الثالثة، وأصبح مارتنديل يلعب دوراً أكبر بشكل تدريجي: من مدرب، إلى مساعد للمدير الفني إلى رئيس لعمليات كرة القدم، ثم إلى الشخصية الأبرز في النادي بعد استقالة غاري هولت من منصبه الشهر الماضي. وخلال الموسم الماضي، تمكن النادي من احتلال المركز الخامس في جدول ترتيب الدوري الاسكوتلندي الممتاز، وهو ما يُعدّ إنجازاً مثيراً للإعجاب، بالنظر إلى الظروف المالية التي يعاني منها النادي. وكان تعاقد النادي مع ليندون دايكس من نادي «كوين أوف ذا ساوث» في عام 2019 بمثابة ضربة رائعة للغاية، خاصة أن نادي كوينز بارك رينجرز كان قد أنفق أكثر من مليون جنيه إسترليني للحصول على خدمات اللاعب بعد 18 شهراً فقط.
وعبر مارتنديل عن تقديره لكل من ساعده في الوصول إلى تلك المكانة، بدءاً من مسؤولي النادي مروراً بالرئيس التنفيذي، جون وارد، ورئيس مجلس الإدارة، روبرت ويلسون، وعشرات من اللاعبين. ومن المثير للاهتمام أن مارتنديل لم يتعرض لأي مضايقات من المنافسين، ويقول عن ذلك: «في الواقع، كان العكس هو الصحيح تماماً، فقد كان لاعبو ومدربو الفرق المنافسة يعاملونني بشكل رائع، ولم يتطرق أي منهم إلى تاريخي السيئ».
وخلال الأسبوع الماضي، قاد مارتنديل نادي ليفينغستون، الذي يتولى تدريبه بشكل مؤقت حتى الآن، للفوز على نادي «أير يونايتد» في كأس اسكوتلندا. ولو كانت الظروف أفضل من ذلك، كان من الممكن أن يفكر المدير الفني لنادي ليفينغستون في المنافسة على لقب الدوري الاسكوتلندي الممتاز، وهو الأمر الذي يقول عنه مارتنديل: «كنت أشعر بالقلق من أننا في مستوى لا يؤهلنا لتحقيق نتائج إيجابية في الدوري الاسكوتلندي الممتاز، لذلك سأكون صريحاً وأقول لك إنني لم أفكر قط بهذه الطريقة. ولست أنا وحدي من يفكر هكذا، لكن الأمر ذاته ينطبق على مسؤولي النادي والعاملين الرائعين به، لكنني أدركت بعد ذلك أننا لسنا بعيدين تماماً عن المنافسة، خاصة بعدما حققنا نتيجة إيجابية أمام نادٍ عملاق مثل سلتيك».
لكن هل سيظل الماضي عالقاً في أذهان مديري ومسؤولي الأندية الأخرى؟ يقول مارتنديل: «من المحتمل أن يؤدي هذا إلى زيادة الصعوبات التي أواجهها. ستكون هناك دائما عقبات، لكنني بصراحة لا أمانع ذلك؛ فمهمتي هي التغلب على هذه العقبات. لكن هل يتعين علي أن أعمل بجهد أكبر قليلاً من الأشخاص الذين لم يدخلوا السجن؟ ربما يكون هذا صحيحاً، وبالتالي يتعين علي أن أتشبث بأي فرصة تتاح لي».



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».