«بيروت يا حبيبتي»... دراما مجبولة كلماتها بجراحات الزجاج المحطم

غلاف كتاب «بيروت حبيبتي»
غلاف كتاب «بيروت حبيبتي»
TT

«بيروت يا حبيبتي»... دراما مجبولة كلماتها بجراحات الزجاج المحطم

غلاف كتاب «بيروت حبيبتي»
غلاف كتاب «بيروت حبيبتي»

تحت عنوان «بيروت يا حبيبتي»، صدر باللغة الفرنسية أول كتاب من نوعه يحمل بين صفحاته الـ152 مأساة انفجار مرفأ بيروت مساء الرابع من شهر أغسطس (آب)، في الساعة السادسة وسبع دقائق.
شدة الانفجار والخسائر التي نتجت عنه جعلت الإعلاميين يشبهونه بالانفجار الذري، والسبب أن نيترات الأمونيوم التي مزقت الأجساد ودمرت الأبنية، أحدثت تصدعات مؤذية لا تقل خطورة عن التصدع الذي تحدثه قنبلة نووية صغيرة. وبلغت حصيلة الخسائر البشرية من القتلى والجرحى والمفقودين والمتضررين حوالي المليون نسمة في عاصمة تضم مليونين وأربعمائة ألف مواطن. كل ذلك جعل مهمة الكاتبة والصحافية بيلندا إبراهيم لجمع أكبر عدد من شهود العيان صعبة ومعقدة.
تركيبة الغلاف منحت الأفضلية لصورة الإهراءات المدمرة، والواقفة كشواهد شبيهة بشخوص الرسام بول غيراغوسيان. أي جماجم من دون وجوه! وفي الجزء الأعلى من صورة الغلاف تتجمع في السماء غيوم داكنة كأنها تنذر بهبوب إعصار جامح.
تُطِل صفحات الكتاب مع عبارة متفائلة اقتُطِعَت من إحدى قصائد ناديا تويني، وهي ترمز إلى بيروت بالقول: «بيروت ماتت ألف مرة… لتعود وتحيا ألف مرة». ووراء هذه المقدمة القصيرة جداً يفتتح جيرار بجاني هذا العمل الأدبي - الوجداني - الإنساني بقطعة فريدة تجاورها لوحة من مجموعة رمزية لفاطمة ضيا تحت عنوان: صعود الملائكة.
يرى القارئ فوق الصفحة الثالثة من الكتاب صورة طفل مغمض العينين وملفوف بمنشفة كأنه أخرج لتوه من رحم والدته. وقد أطلق عليه الأطباء اسم «جورج» بعد عملية التوليد تحت ضوء الشموع بسبب انقطاع التيار الكهربائي.
من الصعب جداً مراجعة كتاب كل صفحة فيه هي كتاب بحد ذاته، بل هي دراما مجبولة كلماتها بجراحات الزجاج المحطم ودماء الأطفال الأبرياء.
وكما عالجت ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية تدمير مدينة العلم درسدن، هكذا تحاول اللجان المكلفة ترميم الأبنية الأثرية في بيروت، مع أن المقارنة صعبة بين ما حدث في بيروت وما حل بمدينة درسدن التي دمرتها ثمانمائة غارة في فبراير (شباط) 1945 كانت حصيلتها وفاة 135 ألف نسمة، وإزالة المدينة من الوجود. لم يكن أمام بلدية درسدن سوى تشييد مدينة أخرى فوق الركام تحمل الاسم ذاته. ومثل هذا الاقتراح عرضه مهندسون لبنانيون اكتشفوا أن ثلث بيروت الشرقية - حيث ترتفع أجمل الأبنية الأثرية التاريخية - قد تصدعت وأصبحت غير صالحة للسكن.
حظي هذا الإنجاز الاستثنائي بدعم ست مؤسسات خيرية لبنانية، ومبادرة من 150 شخصية أدبية وفنية وعلمية بتعميم معلوماتها عن الكارثة، بحيث اكتملت الصورة من مختلف الزوايا.
أما الكاتبة والصحافية بيلندا إبراهيم، التي تولت الإشراف على تحقيق هذه التجربة الإنسانية الفريدة، فقد اكتفت بتدبيج كتاب مفتوح إلى المرحوم والدها شوقي إبراهيم، تروي له حجم الأذى الذي أصاب «حبيبته بيروت»!


مقالات ذات صلة

«إقامة جبرية» يراهن على جاذبية «دراما الجريمة»

يوميات الشرق هنا الزاهد بطلة المسلسل (الشركة المنتجة)

«إقامة جبرية» يراهن على جاذبية «دراما الجريمة»

يراهن صناع مسلسل «إقامة جبرية» على جاذبية دراما الجريمة والغموض لتحقيق مشاهدات مرتفعة.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق خالد النبوي ويسرا اللوزي مع المخرج أحمد خالد خلال التصوير (الشركة المنتجة)

خالد النبوي يعوّل على غموض أحداث «سراب»

يؤدي خالد النبوي في مسلسل «سراب» شخصية «طارق حسيب» الذي يتمتّع بحاسّة تجعله يتوقع الأحداث قبل تحققها.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق أحمد زكي مجسداً شخصية عبد الحليم حافظ (يوتيوب)

دراما السيرة الذاتية للمشاهير حق عام أم خاص؟

تصبح المهمة أسهل حين تكتب شخصية مشهورة مذكراتها قبل وفاتها، وهذا ما حدث في فيلم «أيام السادات» الذي كتب السيناريو له من واقع مذكراته الكاتب الراحل أحمد بهجت.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق أحمد مكي يقدم شخصية «شمس الغاوي» في رمضان 2025 (حسابه بموقع فيسبوك)

«الغاوي» رهان أحمد مكي الجديد في الدراما الرمضانية

يراهن الفنان المصري أحمد مكي على خوض ماراثون «الدراما الرمضانية» المقبل بمسلسل «الغاوي» الذي يشهد ظهوره بشخصية مختلفة عما اعتاد تقديمه من قبل.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق تخرج أمل بوشوشة من ذلك الصندوق الذي يصوّر الحياة بحجم أصغر (حسابها في «فيسبوك»)

أمل بوشوشة... «شوطٌ كبير» نحو الذات

تعلم أمل بوشوشة أنّ المهنة قد تبدو جاحدة أسوة بمجالات تتعدَّد؛ ولا تنتظر دائماً ما يُشبع الأعماق. أتاح «المهرّج» مساحة لعب أوسع. منحها إحساساً بالخروج من نفسها.

فاطمة عبد الله (بيروت)

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.