اتهامات لحكومة الكاظمي بخرق «الاقتراض» لتسديد رواتب كردستان

برلمانيون يهددون بمنع أي اتفاق من دون تسليم إيرادات الإقليم

جانب من الاحتجاجات على تأخر صرف الرواتب في السليمانية بإقليم كردستان الجمعة الماضي (أ.ف.ب)
جانب من الاحتجاجات على تأخر صرف الرواتب في السليمانية بإقليم كردستان الجمعة الماضي (أ.ف.ب)
TT

اتهامات لحكومة الكاظمي بخرق «الاقتراض» لتسديد رواتب كردستان

جانب من الاحتجاجات على تأخر صرف الرواتب في السليمانية بإقليم كردستان الجمعة الماضي (أ.ف.ب)
جانب من الاحتجاجات على تأخر صرف الرواتب في السليمانية بإقليم كردستان الجمعة الماضي (أ.ف.ب)

في الوقت الذي يواصل وفد كردي إجراء مباحثات مع مختلف المسؤولين في الحكومة الاتحادية في بغداد، بمن فيها الرئاسات الثلاث، بهدف التوصل إلى حل مؤقت بشأن رواتب موظفي إقليم كردستان، فإن ضغوطاً برلمانية بدأت تمارس على الحكومة بحجة خرق قانون الاقتراض المالي.
كان وفد إقليم كردستان برئاسة قوباد طالباني، نائب رئيس حكومة الإقليم، عقد أمس الأحد اجتماعاً مع وزيري المالية علي علاوي والنفط إحسان عبد الجبار، بحضور ممثلين عن شركة تسويق النفط «سومو» لغرض تحديد أقيام النفط المصدر من الإقليم، وتحديد مبالغ الإيرادات غير النفطية تنفيذاً لقانون تمويل العجز المالي الذي أقره مجلس النواب العراقي الشهر الماضي.
وقال سمير هورامي، المتحدث باسم طالباني، في تصريح، «سيتم تحديد كمية النفط المصدر من إقليم كردستان وإجمالي الواردات غير النفطية، ومن ثم تحديد حصة الإقليم، وفقاً لما جاء في قانون تمويل العجز المالي الذي أقره مجلس النواب العراقي».
تأتي زيارة الوفد الكردي إلى بغداد هذه المرة على وقع الاحتجاجات الجماهيرية في محافظة السليمانية بإقليم كردستان، بسبب عدم تسديد رواتب الموظفين منذ عدة أشهر. وفيما أبدت حكومة الإقليم مرونة كبيرة مع بغداد تحت ضغط الاحتجاجات الجماهيرية، لا سيما على صعيد قانون الاقتراض المالي الذي سبق أن رفضته الكتل الكردية في البرلمان العراقي، فإن ضغوطاً برلمانية كبيرة بدأت تمارس ضد ما بدا نوعاً من التقارب بين بغداد وأربيل بهدف إيجاد حل لمشكلة رواتب الموظفين. وفي هذا السياق، دعا عضو اللجنة المالية النيابية في البرلمان العراقي والمرشح السابق لرئاسة الوزراء عدنان الزرفي، إقليم كردستان، إلى تسديد الأموال التي بذمته، ليتم إطلاق أموال له. وقال الزرفي، إن «الحكومة لم ترسل أي مبالغ مالية إلى الإقليم ضمن إطار قانون تمويل العجز المالي ضمن الموازنة التشغيلية والاستثمارية». وأضاف أن «الإقليم ملزم بتسديد إيرادات الخزينة العامة من تصدير النفط البالغ قيمته 460 ألف برميل، وكذلك إيرادات المنافذ الرئيسية الرسمية، والجمارك وغيرها من الإيرادات». وتابع قائلاً: «عندما تدخل إلى الخزينة الاتحادية الأموال من الإقليم، يتم دفع المستحقات المالية لحصة الإقليم من الموازنة، وهذا قانون يترتب على حكومتي بغداد وأربيل». وأشار إلى أن «الاجتماعات مع الوفد الكردي، هي لإيجاد آلية لتسديد الإقليم ما بذمته من إيرادات متحققة لعام 2020 للخزينة العامة، وبعدها تقوم الأخيرة بإطلاق المستحقات المالية للإقليم لما تبقى من العام الحالي».
في السياق ذاته، أكد عضو آخر في اللجنة المالية رفض اللجنة أي اتفاق مع الإقليم خارج سلطة البرلمان واللجنة المالية النيابية. وقال ثامر ذيبان، في بيان، إن «أي اتفاق مع الإقليم لا يؤخذ به رأي اللجنة المالية ومجلس النواب غير ملزم ويعد باطلاً». وأضاف أن «الاتفاق مع الإقليم خارج السلطة التشريعية دون تسليم إيرادات النفط والمنافذ الحدودية إلى الحكومة الاتحادية لا يمكن القبول به بالمطلق». وأشار إلى أن «من يخرق قانون تمويل العجز المالي يتحمل المسؤولية القانونية داخل مجلس النواب».
وعلمت «الشرق الأوسط»، من مصدر مطلع، أن «الاتفاق الذي سيتم التوصل إليه بين وفدي الحكومة الاتحادية والإقليم سوف لن يتضمن اتفاقاً شاملاً، وإنما يقتصر على تسديد رواتب شهر واحد لحين إقرار الميزانية». وطبقاً للمصدر، الذي طلب عدم الإشارة إلى اسمه، فإن «الكاظمي يريد فعلاً التوصل إلى حل، لكنه ينتظر من الإقليم ليس فقط إبداء مرونة مؤقتة لكي يتلافى أزمة الاحتجاجات، بل مرونة وشفافية تامة من أجل عقد اتفاق ملزم للطرفين، بحيث كل طرف يعرف التزاماته حيال الطرف الآخر».
لكن النائبة في البرلمان العراقي عن «الاتحاد الوطني الكردستاني» ريزان شيخ دلير، حذرت من عدم التوصل إلى اتفاق شامل ونهائي.
وقالت في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «على بغداد وأربيل أن تطويا صفحة الحلول الترقيعية، وتبحثا عن حل دائم للمشاكل والأزمات بينهما». وأضافت: «في غضون الأيام القليلة الماضية عقدت اجتماعات عالية المستوى شملت الرئاسات الثلاث والوفود الحكومية من قبل الطرفين من أجل وضع حد للمشاكل القائمة بين الطرفين، وبالتالي فإنه في حال لم يتم التوصل إلى حل نهائي، فإن هذه الأزمة سوف تتحول إلى أزمة مزمنة». وأوضحت أنه «يتوجب على كلا الطرفين أن يضمنا أي اتفاق بينهما شروطاً جزائية لمن يخالف بنود العقد لكي لا تتكرر مثل هذه المسائل عند كل أزمة أو منعطف نمر به، سواء في بغداد أو الإقليم».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».