انقلابيو اليمن يستدرجون الشبان للقتال بوثائق تخفيض المهور

TT

انقلابيو اليمن يستدرجون الشبان للقتال بوثائق تخفيض المهور

أفادت مصادر يمنية في صنعاء بأن الميليشيات الحوثية لجأت أخيراً إلى استقطاب الشبان للقتال في صفوفها عبر إقرار وثائق تخفض مهور النساء، في سياق سعيها لكسب تعاطفهم واستدراجهم إلى معسكرات التدريب والتعبئة.
وذكرت المصادر أن الميليشيات شرعت قبل أيام في توزيع وثيقة جديدة تحدد مهر الزواج بمبلغ يصل إلى 500 ألف ريال (نحو 900 دولار)، على العشرات من المشايخ والأعيان في صنعاء العاصمة وريفها، لإجبار أسر وأهالي تلك المناطق على تزويج بناتهم مجاناً في حال مخالفتهم المهر الذي حددته الجماعة.
جاء ذلك في وقت اتهمت فيه مصادر مطلعة الجماعة بأنها أنفقت قبل أيام من أموال الزكاة التي تقوم بجبايتها، نحو 3 مليارات و200 مليون ريال لإقامة ما أطلقت عليه «العرس الجماعي» لأكثر من 3 آلاف من مقاتليها الجرحى (نحو 5 ملايين دولار).
وتقول المصادر القبلية إن توجيهات صدرت من زعيم الانقلابيين لأتباعه حضتهم على إعداد وثيقة عاجلة تحدد المبلغ المخصص للزواج وترغم الأسر بمناطق سيطرتهم على الالتزام بمضامينها أثناء تزويج بناتهم.
وجاءت تحركات الجماعة بهذا الخصوص عقب خطاب لزعيم الميليشيات ألقاه قبل أيام في عرس جماعي أقامته هيئة الزكاة الحوثية لـ3300 عروس من أتباع الجماعة، أمر خلاله بفرض قواعد وأسس جديدة تعمل - بحسب زعمه - على تيسير أمور الزواج وتحديد سقف معقول وإلغاء ما قال إنها «شروط وتعقيدات سابقة لا ضرورة لها».
وتحدث عدد من سكان صنعاء وريفها لـ«الشرق الأوسط» وقالوا إن ذلك التوجه يعد مؤشراً خطيراً على نية الجماعة فرض وثائق زواج جديدة بكل المدن الواقعة تحت سيطرتها، خصوصاً بعد أن فرضت في أوقات سابقة بمناطق يمنية قليلة عشرات الوثائق بالقوة أرغمت من خلالها الأسر والأهالي على تزويج فتياتهم وفقاً للشروط والقواعد الحوثية.
وتهدد الجماعة في وثيقتها الجديدة كل من يخالف من الأسر والأهالي ما نصت عليه الوثيقة بأنه سيجبر بقوة السلاح على تزويج ابنته بمهر أقل من المبلغ الذي حددته تلك الوثيقة، أو من دون دفع أي مهر.
وأفاد أحد زعماء القبائل بريف صنعاء، فضل عدم ذكر اسمه، لدواع أمنية، «الشرق الأوسط» بأن الوثيقة الحوثية تم التوقيع عليها من قبل عدد من المشايخ والأعيان في صنعاء وريفها ممن عينتهم الجماعة «أعياناً جدداً» مكان أولئك غير الموالين لها، حيث ستعمل على إجبار الأهالي على الالتزام بمضامينها.
وأشار إلى أن قادة الجماعة حضوا الأعيان والمشايخ الموالين لهم قبل بدء لقاء التوقيع على ضرورة التحشيد ورفد الجبهات بالمقاتلين.
وفيما يتعلق بالأسباب التي تقف خلف لجوء الميليشيات إلى مثل تلك الحيل، قال الزعيم القبلي: «الجماعة تسعى من وراء قضية تيسير أمور الزواج المخادعة إلى استعطاف الشبان وخداعهم من خلال أنها تساهم من أجلهم في القضاء على ما تسميه الآثار السلبية المصاحبة للزواج».
وفي حين ادعت وسائل إعلام حوثية أن حفل الزفاف الجماعي الضخم الذي أقامته الجماعة من أموال الزكاة خصص للفقراء وذوي الإعاقة، كذبت مصادر مطلعة تلك الرواية وأكدت أن ما نسبته 95 في المائة من إجمالي من شملهم حفل الزواج هم مقاتلو الجماعة وجرحاها العائدون من الجبهات.
وأشارت المصادر إلى أن الجماعة وخشية من الغضب والسخط الشعبي ضد مشاريعها العنصرية، أدرجت ما نسبته 5 في المائة من شريحة الفقراء والمساكين والمهمشين في قوائم ذلك العرس الذي أشرف على تنظيمه زعيم الجماعة شخصياً.
وفي الوقت الذي ادعى فيه زعيم الميليشيات خلال خطابه أن إخراج الزكاة هو البديل للحاجة إلى المنظمات الأجنبية التي تعمل - بحسب زعمه - «وفق أجندات خاضعة لتأثير سياسي وأمني وابتزاز دولي»، اتهمت المصادر ذاتها زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي وكبار قادته باقتطاع الجزء الأكبر من أي مساعدات تقدمها المنظمات الدولية للجوعى والمرضى اليمنيين الذين يعيشون حالياً أسوأ أزمة إنسانية في التاريخ؛ وفقاً لتقارير محلية ودولية.
وكانت الميليشيات نظمت عبر هيئة الزكاة التابعة لها قبل أيام في صنعاء ما أطلقت عليه «مهرجان العرس الجماعي» لزفاف 3300 شاب من مختلف مناطق سيطرة الجماعة، تحت شعار: «مواجهة الحرب الناعمة»، كما تزعم.
واعترف القيادي الحوثي المعين رئيساً لما تسمى «هيئة الزكاة»، شمسان أبو نشطان، بأن الجماعة استغلت أموال الزكاة خلال عامين لتزويج أكثر من 6 آلاف شخص من عناصر الجماعة ومقاتليها.
يذكر أن مقدار مهر الزواج في اليمن كان يخضع عادة للعرف السائد في كل منطقة وبحسب الأحوال المادية لكل أسرة، دون تدخل من الجهات الحكومية.


مقالات ذات صلة

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بمعية محافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان في زيارة سابقة للخطوط الأمامية بمأرب (سبأ)

الجيش اليمني يحذر من محاولة حوثية للعودة للحرب وإجهاض جهود السلام

تتصاعد حدة التوترات في عدة جبهات يمنية في ظل استمرار جماعة الحوثي في تحشيد عناصرها وحفر الخنادق، خصوصاً بمحافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
خاص المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الشرق الأوسط)

خاص مكتب غروندبرغ لـ«الشرق الأوسط»: نناقش مع صنعاء وعدن تجنب انهيار اقتصادي أعمق

قال المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن إن مشاوراته ونقاشاته مستمرة مع مسؤولي «البنك المركزي» في صنعاء وعدن؛ لإيجاد حلول تقنية ومستدامة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

إشهار تكتل واسع للقوى اليمنية لمواجهة الانقلاب الحوثي

جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
TT

إشهار تكتل واسع للقوى اليمنية لمواجهة الانقلاب الحوثي

جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)

بهدف توحيد الصف اليمني ومساندة الشرعية في بسط نفوذها على التراب الوطني كله، أعلن 22 حزباً ومكوناً سياسياً يمنياً تشكيل تكتل سياسي جديد في البلاد، هدفه استعادة الدولة وتوحيد القوى ضد التمرد، وإنهاء الانقلاب، وحل القضية الجنوبية بوصفها قضيةً رئيسيةً، ووضع إطار خاص لها في الحل النهائي، والحفاظ على النظام الجمهوري في إطار دولة اتحادية.

إعلان التكتل واختيار نائب رئيس حزب «المؤتمر الشعبي» ورئيس مجلس الشورى أحمد عبيد بن دغر رئيساً له، كان حصيلة لقاءات عدة لمختلف الأحزاب والقوى السياسية - قبل مقاطعة المجلس الانتقالي الجنوبي - برعاية «المعهد الوطني الديمقراطي الأميركي»، حيث نصَّ الإعلان على قيام تكتل سياسي وطني طوعي للأحزاب والمكونات السياسية اليمنية، يسعى إلى تحقيق أهدافه الوطنية.

القوى السياسية الموقعة على التكتل اليمني الجديد الداعم للشرعية (إعلام محلي)

ووفق اللائحة التنظيمية للتكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية، ستكون للمجلس قيادة عليا تُسمى «المجلس الأعلى للتكتل» تتبعه الهيئة التنفيذية وسكرتارية المجلس، على أن يكون المقر الرئيسي له في مدينة عدن، العاصمة المؤقتة للبلاد، وتكون له فروع في بقية المحافظات.

وبحسب اللائحة التنظيمية للتكتل، فإن الأسس والمبادئ التي سيقوم عليها هي الدستور والقوانين النافذة والمرجعيات المتفق عليها وطنياً وإقليمياً ودولياً، والتعددية السياسية، والتداول السلمي للسلطة، والعدالة، والمواطنة المتساوية، والتوافق والشراكة، والشفافية، والتسامح.

ونصَّ الباب الثالث من اللائحة التنظيمية على أن «يسعى التكتل إلى الحفاظ على سيادة الجمهورية واستقلالها وسلامة أراضيها، والتوافق على رؤية مشتركة لعملية السلام، ودعم سلطات الدولة لتوحيد قرارها وبسط نفوذها على كافة التراب الوطني، وتعزيز علاقة اليمن بدول الجوار، ومحيطه العربي والمجتمع الدولي».

وكان المجلس الانتقالي الجنوبي، الشريك في السلطة الشرعية، شارك في اللقاء التأسيسي للتكتل الجديد، لكنه عاد وقاطعه. وأكد المتحدث الرسمي باسمه، سالم ثابت العولقي، أن المجلس الانتقالي الجنوبي يتابع نشاط التكتل الذي تعمل عليه مجموعة من الأطراف لإعلانه، ويؤكد عدم مشاركته في هذا التكتل أو الأنشطة الخاصة به، وأنه سيوضح لاحقاً موقفه من مخرجات هذا التكتل.

ومن المقرر أن يحل التكتل الجديد محل «تحالف الأحزاب الداعمة للشرعية»، الذي تأسس منذ سنوات عدة؛ بهدف دعم الحكومة الشرعية في المعركة مع جماعة الحوثي الانقلابية.

ويختلف التكتل الجديد عن سابقه في عدد القوى والأطراف المكونة له، حيث انضم إليه «المكتب السياسي للمقاومة الوطنية» بقيادة العميد طارق صالح عضو مجلس القيادة الرئاسي، و«مؤتمر حضرموت الجامع»، وغيرهما من القوى التي لم تكن في إطار التحالف السابق.

ووقَّع على الإعلان كل من حزب «المؤتمر الشعبي العام»، وحزب «التجمع اليمني للإصلاح»، و«الحزب الاشتراكي اليمني»، و«التنظيم الناصري»، و«المكتب السياسي للمقاومة الوطنية»، و«الحراك الجنوبي السلمي»، وحزب «الرشاد اليمني»، وحزب «العدالة والبناء».

كما وقَّع عليه «الائتلاف الوطني الجنوبي»، و«حركة النهضة للتغيير السلمي»، وحزب «التضامن الوطني»، و«الحراك الثوري الجنوبي»، وحزب «التجمع الوحدوي»، و«اتحاد القوى الشعبية»، و«مؤتمر حضرموت الجامع»، وحزب «السلم والتنمية»، وحزب «البعث الاشتراكي»، وحزب «البعث القومي»، وحزب «الشعب الديمقراطي»، و«مجلس شبوة الوطني»، و«الحزب الجمهوري»، وحزب «جبهة التحرير».

وذكرت مصادر قيادية في التكتل اليمني الجديد أن قيادته ستكون بالتناوب بين ممثلي القوى السياسية المُشكِّلة للتكتل، كما ستُشكَّل هيئة تنفيذية من مختلف هذه القوى إلى جانب سكرتارية عامة؛ لمتابعة النشاط اليومي في المقر الرئيسي وفي بقية فروعه في المحافظات، على أن يتم تلافي القصور الذي صاحب عمل «تحالف الأحزاب الداعمة للشرعية»، الذي تحوَّل إلى إطار لا يؤثر في أي قرار، ويكتفي بإعلان مواقف في المناسبات فقط.

بن دغر مُطالَب بتقديم نموذج مختلف بعد إخفاق التحالفات اليمنية السابقة (إعلام حكومي)

ووفق مراقبين، فإن نجاح التكتل الجديد سيكون مرهوناً بقدرته على تجاوز مرحلة البيانات وإعلان المواقف، والعمل الفعلي على توحيد مواقف القوى السياسية اليمنية والانفتاح على المعارضين له، وتعزيز سلطة الحكومة الشرعية، ومكافحة الفساد، وتصحيح التقاسم الحزبي للمواقع والوظائف على حساب الكفاءات، والتوصل إلى رؤية موحدة بشأن عملية السلام مع الجماعة الحوثية.