انقلابيو اليمن يستدرجون الشبان للقتال بوثائق تخفيض المهور

TT
20

انقلابيو اليمن يستدرجون الشبان للقتال بوثائق تخفيض المهور

أفادت مصادر يمنية في صنعاء بأن الميليشيات الحوثية لجأت أخيراً إلى استقطاب الشبان للقتال في صفوفها عبر إقرار وثائق تخفض مهور النساء، في سياق سعيها لكسب تعاطفهم واستدراجهم إلى معسكرات التدريب والتعبئة.
وذكرت المصادر أن الميليشيات شرعت قبل أيام في توزيع وثيقة جديدة تحدد مهر الزواج بمبلغ يصل إلى 500 ألف ريال (نحو 900 دولار)، على العشرات من المشايخ والأعيان في صنعاء العاصمة وريفها، لإجبار أسر وأهالي تلك المناطق على تزويج بناتهم مجاناً في حال مخالفتهم المهر الذي حددته الجماعة.
جاء ذلك في وقت اتهمت فيه مصادر مطلعة الجماعة بأنها أنفقت قبل أيام من أموال الزكاة التي تقوم بجبايتها، نحو 3 مليارات و200 مليون ريال لإقامة ما أطلقت عليه «العرس الجماعي» لأكثر من 3 آلاف من مقاتليها الجرحى (نحو 5 ملايين دولار).
وتقول المصادر القبلية إن توجيهات صدرت من زعيم الانقلابيين لأتباعه حضتهم على إعداد وثيقة عاجلة تحدد المبلغ المخصص للزواج وترغم الأسر بمناطق سيطرتهم على الالتزام بمضامينها أثناء تزويج بناتهم.
وجاءت تحركات الجماعة بهذا الخصوص عقب خطاب لزعيم الميليشيات ألقاه قبل أيام في عرس جماعي أقامته هيئة الزكاة الحوثية لـ3300 عروس من أتباع الجماعة، أمر خلاله بفرض قواعد وأسس جديدة تعمل - بحسب زعمه - على تيسير أمور الزواج وتحديد سقف معقول وإلغاء ما قال إنها «شروط وتعقيدات سابقة لا ضرورة لها».
وتحدث عدد من سكان صنعاء وريفها لـ«الشرق الأوسط» وقالوا إن ذلك التوجه يعد مؤشراً خطيراً على نية الجماعة فرض وثائق زواج جديدة بكل المدن الواقعة تحت سيطرتها، خصوصاً بعد أن فرضت في أوقات سابقة بمناطق يمنية قليلة عشرات الوثائق بالقوة أرغمت من خلالها الأسر والأهالي على تزويج فتياتهم وفقاً للشروط والقواعد الحوثية.
وتهدد الجماعة في وثيقتها الجديدة كل من يخالف من الأسر والأهالي ما نصت عليه الوثيقة بأنه سيجبر بقوة السلاح على تزويج ابنته بمهر أقل من المبلغ الذي حددته تلك الوثيقة، أو من دون دفع أي مهر.
وأفاد أحد زعماء القبائل بريف صنعاء، فضل عدم ذكر اسمه، لدواع أمنية، «الشرق الأوسط» بأن الوثيقة الحوثية تم التوقيع عليها من قبل عدد من المشايخ والأعيان في صنعاء وريفها ممن عينتهم الجماعة «أعياناً جدداً» مكان أولئك غير الموالين لها، حيث ستعمل على إجبار الأهالي على الالتزام بمضامينها.
وأشار إلى أن قادة الجماعة حضوا الأعيان والمشايخ الموالين لهم قبل بدء لقاء التوقيع على ضرورة التحشيد ورفد الجبهات بالمقاتلين.
وفيما يتعلق بالأسباب التي تقف خلف لجوء الميليشيات إلى مثل تلك الحيل، قال الزعيم القبلي: «الجماعة تسعى من وراء قضية تيسير أمور الزواج المخادعة إلى استعطاف الشبان وخداعهم من خلال أنها تساهم من أجلهم في القضاء على ما تسميه الآثار السلبية المصاحبة للزواج».
وفي حين ادعت وسائل إعلام حوثية أن حفل الزفاف الجماعي الضخم الذي أقامته الجماعة من أموال الزكاة خصص للفقراء وذوي الإعاقة، كذبت مصادر مطلعة تلك الرواية وأكدت أن ما نسبته 95 في المائة من إجمالي من شملهم حفل الزواج هم مقاتلو الجماعة وجرحاها العائدون من الجبهات.
وأشارت المصادر إلى أن الجماعة وخشية من الغضب والسخط الشعبي ضد مشاريعها العنصرية، أدرجت ما نسبته 5 في المائة من شريحة الفقراء والمساكين والمهمشين في قوائم ذلك العرس الذي أشرف على تنظيمه زعيم الجماعة شخصياً.
وفي الوقت الذي ادعى فيه زعيم الميليشيات خلال خطابه أن إخراج الزكاة هو البديل للحاجة إلى المنظمات الأجنبية التي تعمل - بحسب زعمه - «وفق أجندات خاضعة لتأثير سياسي وأمني وابتزاز دولي»، اتهمت المصادر ذاتها زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي وكبار قادته باقتطاع الجزء الأكبر من أي مساعدات تقدمها المنظمات الدولية للجوعى والمرضى اليمنيين الذين يعيشون حالياً أسوأ أزمة إنسانية في التاريخ؛ وفقاً لتقارير محلية ودولية.
وكانت الميليشيات نظمت عبر هيئة الزكاة التابعة لها قبل أيام في صنعاء ما أطلقت عليه «مهرجان العرس الجماعي» لزفاف 3300 شاب من مختلف مناطق سيطرة الجماعة، تحت شعار: «مواجهة الحرب الناعمة»، كما تزعم.
واعترف القيادي الحوثي المعين رئيساً لما تسمى «هيئة الزكاة»، شمسان أبو نشطان، بأن الجماعة استغلت أموال الزكاة خلال عامين لتزويج أكثر من 6 آلاف شخص من عناصر الجماعة ومقاتليها.
يذكر أن مقدار مهر الزواج في اليمن كان يخضع عادة للعرف السائد في كل منطقة وبحسب الأحوال المادية لكل أسرة، دون تدخل من الجهات الحكومية.


مقالات ذات صلة

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

العالم العربي جانب من المؤتمر الصحافي الذي عقد بمحافظة مأرب عن انتهاكات جماعة الحوثي في البيضاء (سبأ)

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

كشف تقرير حقوقي يمني عن توثيق نحو 13 ألف انتهاك لحقوق الإنسان في محافظة البيضاء (وسط اليمن) ارتكبتها ميليشيا الحوثي خلال السنوات العشر الأخيرة

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ خلال أحدث إحاطاته أمام مجلس الأمن (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة لـ«الشرق الأوسط»: غروندبرغ ملتزم بالوساطة... والتسوية اليمنية

في أعقاب فرض عقوبات على قيادات حوثية، أكد مكتب المبعوث الأممي التزامه بمواصلة جهوده في الوساطة، والدفع نحو تسوية سلمية وشاملة للنزاع في اليمن.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي الحوثيون يحكمون قبضتهم على مناطق شمال اليمن ويسخرون الموارد للتعبئة العسكرية (أ.ب)

عقوبات أميركية على قيادات حوثية

فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة أمس على سبعة من كبار القادة الحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن.

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي الأمم المتحدة تخطط للوصول إلى 12 مليون يمني بحاجة إلى المساعدة هذا العام (إ.ب.أ)

انعدام الأمن الغذائي يتفاقم في 7 محافظات يمنية

كشفت بيانات أممية عن تفاقم انعدام الأمن الغذائي في 7 من المحافظات اليمنية، أغلبها تحت سيطرة الجماعة الحوثية، وسط مخاوف من تبعات توقف المساعدات الأميركية.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي الشراكات غير العادلة في أعمال الإغاثة تسبب استدامة الأزمة الإنسانية في اليمن (أ.ف.ب)

انتقادات يمنية لأداء المنظمات الإغاثية الأجنبية واتهامات بهدر الأموال

تهيمن المنظمات الدولية على صنع القرار وأعمال الإغاثة، وتحرم الشركاء المحليين من الاستقلالية والتطور، بينما تمارس منظمات أجنبية غير حكومية الاحتيال في المساعدات.

وضاح الجليل (عدن)

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.