الاستثمار في بريطانيا (2 من 2) : التصرف مع الزيادات الضريبية المتوقعة

الاستثمار في بريطانيا (2 من 2) : التصرف مع الزيادات الضريبية المتوقعة
TT

الاستثمار في بريطانيا (2 من 2) : التصرف مع الزيادات الضريبية المتوقعة

الاستثمار في بريطانيا (2 من 2) : التصرف مع الزيادات الضريبية المتوقعة

تعرض الجزء الأول من هذا المقال بالشرح إلى الأوضاع الاقتصادية والسياسية الراهنة داخل المملكة المتحدة، ولماذا تلوح في الأفق زيادات ضريبية. هنا، يعتبر الملاك الأثرياء داخل المملكة المتحدة هدفاً واضحاً، وهم بحاجة إلى مراجعة ترتيبات الملكية الخاصة بهم قبل زيادة المعدلات الضريبية.
تخيل أنك وزير حكومي في المملكة المتحدة، تسعى بدأب شديد نحو إيجاد سبيل للحصول على بعض الإيرادات الضريبية الإضافية مع ضمان الحصول على تغطية صحافية إيجابية في الوقت نفسه.
بادئ ذي بدء، يكاد يكون من المستحيل تخيل سبيل يمكن من خلاله زيادة الضرائب والحصول في الوقت ذاته على عناوين إخبارية إيجابية. ومع ذلك، فإنه إذا كان الأشخاص الذين يدفعون الضرائب الإضافية يشكلون أقلية، وتنظر إليهم الأغلبية باعتبارهم أناساً بعيدين ومختلفين عنهم، فليس من الصعب حينذاك الجمع بين هدفي زيادة معدلات الضرائب وكسب تغطية صحافية جيدة.
وعليه، فإنه عندما تقرر حكومة المملكة المتحدة زيادة الضرائب في محاولة لتعويض بعض المليارات التي أنفقتها لاجتياز أزمة تفشي جائحة فيروس «كورونا»، وكذلك المليارات التي ستتكبدها البلاد بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فإنها ستستهدف الأشخاص والشركات من خارج المملكة المتحدة وأينما أمكن، الأثرياء والعقارات داخل المملكة المتحدة.
لا يمكن للعقارات أن تتحرك، ما يجعل من السهل فرض ضرائب عليها وتنظيمها. وقد شكلت مخزناً للثروة لأجيال. اليوم، تواجه أعداد متزايدة من الناس صعوبة في شراء منازلهم (خاصة بين أبناء جيل الألفية). لذلك، لن نجد سوى القليل من التعاطف بين غالبية جمهور الناخبين تجاه الأشخاص الذين يمتلكون أكثر عن منزل، ناهيك عن امتلاك منزل في منطقة رئيسية متميزة.
أما الضريبتان اللتان تمثلان الهدف الأكثر وضوحاً أمام الزيادات الضريبية المتوقعة، فهما ضريبة أرباح رأس المال وضريبة الميراث. جدير بالذكر هنا أنه يجري فرض ضريبة أرباح رأس المال عند بيع أصل رأسمالي (مثل الممتلكات) بربح. في الوقت الحالي، يجري فرض هذه الضريبة بنسبة 28 في المائة من الزيادة في القيمة. إلا أن هذه النسبة من الممكن أن ترتفع بسهولة لتصبح 45 في المائة.
وعليه، إذا كان شخص ما يخطط لبيع منزل ثانٍ أو أصل آخر يستوجب دفع ضريبة عنه، فقد يكون من الحكمة إنجاز البيع الآن ودفع الضريبة المستحقة، إن وجدت، بمعدل أقل يبلغ 28 في المائة، بدلاً عن الاضطرار إلى دفع نسبة أكبر في مرحلة لاحقة.
بطبيعة الحال، استثناءات من ضريبة أرباح رأس المال. على سبيل المثال، لا يجري فرض ضريبة أرباح رأس المال على مكان الإقامة الرئيسي. ومع ذلك، إذا كنت تعيش في الشرق الأوسط ولديك منزل في لندن، فإن هذا الاستثناء لا ينطبق عليك.
أما الضريبة الأخرى التي تشكل مصدر قلق كبير فهي ضريبة الميراث. داخل المملكة المتحدة، عندما يجري تمرير ملكية أحد الأصول في المملكة المتحدة، مثل شقة أو منزل أو أرض زراعية أو استثمار عقاري آخر من شخص واحد إلى ورثته، فإن هذا يستوجب سداد ضريبة الميراث إذا تجاوزت القيمة 32.5 ألف جنيه إسترليني.
وبالنظر إلى ارتفاع أسعار العقارات في المملكة المتحدة، ينتهي الأمر بمعظم الأشخاص الذين يموتون وهم يمتلكون عقارات إلى دفع ضريبة الميراث التي يجري فرضها بنسبة 40 في المائة من القيمة الزائدة على 32.5 ألف جنيه إسترليني.
ثمة احتمال كبير أن تؤدي التغييرات المتوقعة إلى زيادة معدلات ضريبة الميراث، مع زيادة قيمة العقار. المعروف أن العديد من الأشخاص امتلكوا في الماضي عقارات سكنية من خلال شركات خارجية لتجنب الخضوع لضريبة الميراث، لكن هذه الحيلة لم تعد تفلح الآن، بالنظر إلى أن ضريبة الميراث تصبح مستحقة الدفع عند وفاة صاحب الشركة. كما أن القواعد الجديدة المتعلقة بالإفصاح عن الملكية والتعاون الضريبي بين البلدان تمنح سلطات الضرائب البريطانية القدرة على ضمان تحصيل الضرائب المستحقة.
في الوقت الراهن، وفيما يتعلق بالمملكة المتحدة تحديداً، يمكن لأي شخص منح أحد الأصول البريطانية لأي شخص آخر. ومن الشائع في أوساط العائلات الثرية أن يمرر الآباء الأصول إلى أبنائهم في أسرع وقت ممكن. وإذا كنت تعلم أن نقل الأصول إلى ورثتك عند الوفاة سيؤدي إلى فرض ضريبة بنسبة 40 في المائة، فإنك بالتأكيد ستحاول تمريرها خلال حياتك لتجنب هذه الرسوم. ومع ذلك، فإن الهبات التي يمنحها المرء على فراش الموت لم يعد بإمكانها تجنب الضرائب، ذلك أنه يجب أن يعيش المرء سبع سنوات بعد تاريخ إقرار الهبة كي تصبح معفاة من ضريبة الميراث.
اليوم، يستفيد الكثير من الناس من القواعد التي تسمح للآباء بمنح أصول أبنائهم معفاة من الضرائب. ويبدو من المحتمل أن هذه القاعدة قد تتغير خلال الفترة المقبلة. لذا، يتوجب على أي شخص كان يفكر في نقل الأصول إلى الجيل التالي أن ينجز هذه الخطوة الآن، قبل إجراء تغيير في قوانين الضرائب.
وربما تقرر حكومة المملكة المتحدة أيضاً إقرار ضريبة ثروة، ربما لفترة محدودة من الوقت، بغرض سياسي يتمثل في استعادة بعض الأموال التي جرى إنفاقها خلال سنوات الفيروس. وستثير هذه الخطوة عناوين صحافية إيجابية (حتى لو أدت إلى ردع الاستثمار الداخلي) وستسهم في إظهار رغبة الحكومة في وضع العبء الأكبر على الأفراد الأكثر مقدرة.
وعليه، سيكون من المنطقي بالنسبة للعائلات الثرية التأكد من أنه إذا كانت هناك أصول عائلية داخل المملكة المتحدة باسم فرد واحد، أن يجري تقاسمها بين أفراد الأسرة لتقليل حجم ثروة كل مالك على حدة.
بطبيعة الحال، لا أحد بمقدوره التنبؤ بالمستقبل بدقة وأي خطوات يجري اتخاذها الآن لتغيير ترتيبات الملكية قد تؤدي إلى تكبد تكاليف ضريبية في حد ذاتها (مثل ضريبة أرباح رأس المال بنسبة 28 في المائة). ومع ذلك، يعكف العديد من الأشخاص الذين يملكون أصولاً في هذا البلد على مراجعة أوضاعهم المالية ومدى إمكانية تعرضهم للزيادات المحتملة في ضريبة أرباح رأس المال وضريبة الثروة وضريبة الميراث. ويفكر هؤلاء فيما إذا كان ينبغي اتخاذ الترتيبات داخل أسرهم لتغيير هيكل الثروة، ليس فقط لخفض فاتورة ضريبية محتملة في المستقبل، وإنما أيضاً لخفض مجمل التصنيف الضريبي العام الخاص بهم.
جدير بالذكر أن حزب المحافظين جاء إلى السلطة على أساس توجهات سياسية تعكس تيار يمين الوسط. ومع ذلك، أجبرته أزمة جائحة فيروس «كورونا» على توزيع الأموال، الأمر الذي بغض النظر عن مدى أهميته وإلحاحيته، يظل متعارضاً مع الميول الطبيعية لحزب المحافظين. وبالمثل، تتعارض معدلات الضرائب المرتفعة مع الميول الطبيعية للحزب.
ويبدو من المرجح أنه من أجل العودة إلى منطقة أكثر توافقاً مع الذات، ربما تضطر حكومة المحافظين إلى خوض بضع سنوات من الصدمات الحادة القصيرة، وزيادة معدلات الضرائب ليس فقط لجلب بعض الإيرادات، ولكن أيضاً لمحاولة توحيد البلاد وتوضيح أن المستثمرين الأثرياء، وكذلك الأشخاص العاديين يتحملون نصيبهم من التكلفة.
ولا ينبغي لنا أن نفترض أنه لمجرد أن حزب المحافظين صور نفسه على أنه حزب الضرائب المنخفضة على مدار أجيال، فإنه سيبقى كذلك الآن. في الواقع، يعني تصميم الحزب على البقاء أنه على استعداد لفعل كل ما يلزم لإثارة العناوين الرئيسية الصحافية الإيجابية وإبقاء الناخبين الجدد سعداء. ويعني هذا بدوره زيادة الضرائب، وسيكون من المعقول التخطيط لذلك من الآن، قبل أن تصبح التكلفة الضريبية لتغيير الترتيبات أكثر تكلفة.

- محامٍ متخصص في قضايا المستثمرين الدوليين في بريطانيا



صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
TT

صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)

كشف الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش أن الولايات المتحدة تخطط لفرض عقوبات على المورد الرئيسي للغاز لصربيا الذي تسيطر عليه روسيا.

وقال الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش لهيئة الإذاعة والتلفزيون الصربية إن صربيا أُبلغت رسمياً بأن قرار العقوبات سيدخل حيز التنفيذ في الأول من يناير (كانون الثاني)، لكنه لم يتلقَّ حتى الآن أي وثائق ذات صلة من الولايات المتحدة، وفق «رويترز».

تعتمد صربيا بشكل شبه كامل على الغاز الروسي الذي تتلقاه عبر خطوط الأنابيب في الدول المجاورة، ثم يتم توزيع الغاز من قبل شركة صناعة البترول الصربية (NIS)، المملوكة بحصة أغلبية لشركة احتكار النفط الحكومية الروسية «غازبروم نفت».

وقال فوسيتش إنه بعد تلقي الوثائق الرسمية، «سنتحدث إلى الأميركيين أولاً، ثم نذهب للتحدث إلى الروس» لمحاولة عكس القرار. وأضاف: «في الوقت نفسه، سنحاول الحفاظ على علاقاتنا الودية مع الروس، وعدم إفساد العلاقات مع أولئك الذين يفرضون العقوبات».

ورغم سعي صربيا رسمياً إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، فقد رفضت الانضمام إلى العقوبات الغربية ضد روسيا بسبب غزوها أوكرانيا، ويرجع ذلك جزئياً إلى شحنات الغاز الروسية الحاسمة.

وقال فوسيتش إنه على الرغم من التهديد بالحظر، «لست مستعداً في هذه اللحظة لمناقشة العقوبات المحتملة ضد موسكو».

وعندما سئل عما إذا كان التهديد بفرض عقوبات أميركية على صربيا قد يتغير مع وصول إدارة دونالد ترمب في يناير، قال فوسيتش: «يجب علينا أولاً الحصول على الوثائق (الرسمية)، ثم التحدث إلى الإدارة الحالية، لأننا في عجلة من أمرنا».

ويواجه الرئيس الصربي أحد أكبر التهديدات لأكثر من عقد من حكمه الاستبدادي. وقد انتشرت الاحتجاجات بين طلاب الجامعات وغيرهم في أعقاب انهيار مظلة خرسانية في محطة للسكك الحديدية في شمال البلاد الشهر الماضي، ما أسفر عن مقتل 15 شخصاً في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني). ويعتقد كثيرون في صربيا أن الفساد المستشري والمحسوبية بين المسؤولين الحكوميين أديا إلى العمل غير الدقيق في إعادة بناء المبنى، الذي كان جزءاً من مشروع سكة ​​حديدية أوسع نطاقاً مع شركات حكومية صينية.