«مراحل» يستعيد «أحلام الستينات» في مصر

يسرد المعرض حكايات الحارة والمصنع عبر 25 لوحة

TT

«مراحل» يستعيد «أحلام الستينات» في مصر

لا يحتاج المشاهد معرفة المزيد عن الأجواء الاجتماعية والثقافية لمرحلة الستينيات من القرن الماضي في مصر بعد زيارة معرض «مراحل»، وربما لا يصبح شغوفاً بالتوصل إلى سر تعلق الكثير من المصريين بهذه الحقبة الزمنية؛ فالمعرض المقام الآن للفنان فتحي عفيفي، بغاليري «تاون هاوس» بوسط القاهرة يقدم إجابات وافية عن تساؤلات عدة بشأن هذا الشغف عبر تجسيده لمشاهد يومية درامية تتمتع برؤية عميقة وشديدة الالتحام بواحدة من أهم شرائح المجتمع حينئذ، وهي الطبقة العمالية.
يُعد المعرض الذي يضم نحو 25 لوحة، حلقة جديدة من سلسلة أطروحات فنية قدمها الفنان فتحي عفيفي على مدى مشواره الفني، الذي يكاد يقتصر على موضوع واحد هو قيمة العمل والعمال في مرحلة الستينات على وجه التحديد، حيث العصر الذهبي للتصنيع في مجتمع ناهض. إلا أنه على ما يبدو لم يتوار في وجدان الفنان الذي يحمل لنا عبر أعماله في نهاية 2020 حلماً قديماً لكل عامل مصري بأن تتحول مصر إلى قلعة صناعية حصينة.
لذلك لم تأت اللوحات الفنية التي يضمها المعرض المستمر حتى 30 ديسمبر الحالي، تحت عنوان «مراحل» تجسيداً لأي انتماء آيديولوجي أو نقابي، لكنها كانت انعكاساً لقلب المجتمع، يقول عفيفي لـ«الشرق الأوسط»: «أعمالي ليست ناتجة عن فكر آيديولوجي معين أنتمي إليه، فالآيديولوجيات تتغير وتتبدل لدى الناس، وما يبقى هو الجوهر والفن، لذلك ليست سوى الروح المصرية تسود جميع أعمالي؛ فأنا أنتمي لجيل تشبع من روايات نجيب محفوظ وعايش أجواء الحارة المصرية في قمة عطائها الإنساني».
لم يكن انتماء الفنان فتحي عفيفي على ما يبدو سوى للزمان والمكان المنتقين بعناية في أعماله، أو بعبارة أخرى هو انتماء لـ«مصر الستينات»، فلم يكن يزور الحارات ليختزنها ويجسدها في وقت لاحق من خلال مجموعة جمل بصرية تحاكيها مثل كثير من الفنانين، لكنه كان جزءاً أساسياً منها، حيث تفتحت عيناه على الحوانيت والحواديت، في حي السيدة زينب.
ولم يكن عفيفي كذلك يزور المصانع، ليعود إلى مرسمه لتنهمر رسوماته عنها هي وآلاتها وعمالها في لحظات حماسية استثنائية، إنما كان هذه المرة أيضاً جزءاً من ذلك النسيج العمالي؛ فهو «ابن المصنع»، منذ حصوله على شهادته الصناعية التي كان يفتخر بها أي مصري في ذلك العصر الذهبي للتصنيع في مجتمع ناهض، لا سيما بعد التحاقه للعمل بالمصنع الحربي في الستينات، «كنت في قلب الحدوتة، لم أكن مجرد متفرج أو راوٍ أو (شاهد عيان)، لكني كنت مشاركاً، عضواً عاملاً، لذلك أرى أنني خرجت من إطار التناول الساذج السطحي الذي اتسم به بعض من تصدى لرسم الطبقة العمالية، في حين كنت مغموساً داخل المصنع، أعمل بيدي وسط العمال وأقاسمهم كل لحظاتهم»، على حد تعبيره.
ويؤكد عفيفي: «لا يعرف قيمة ما وفرته المرحلة الناصرية للعامل من حياة كريمة سوى العامل نفسه، لذلك سلطت الضوء في أعمالي على كل هذه الجوانب، لتأثيرها البالغ على إنتاجه وحياته الخاصة معاً».
ولا يعتبر الفنان ما يقدمه مجرد نوستالجيا أو حنين جارف للماضي، لكنه «دعوة للحلم والتغيير»: «حتما يحمل لنا المستقبل الأفضل؛ مصر تتغير الآن، وهناك بناء وتوجه للإنتاج بدلاً من الاستهلاك».
لكن ربما يستوقف المتلقي وجود قدر مبالغ فيه من التأنق والثقافة والرشاقة والاحتفاء بالقراءة لدى العمال في لوحات فتحي عفيفي، كما لو كانوا قد جاءوا من عالم مثالي، إلا أنه يرد على ذلك قائلاً: «لأن ذلك كان واقعهم، لم أستدع أحداً من المدينة الفاضلة، لكني جئت بهم من الستينات، حين كان العامل متعلماً مثقفاً، يتلقى تعليماً فنياً مميزاً في مدارس متخصصة تمتلك مكتبات تمتلئ بروائع نجيب محفوظ ويحيى حقي وطه حسين، والعقاد، كنا نقرأ لهؤلاء ولغيرهم».
فأنا كنت أتوجه بعد انتهاء عملي بالمصنع، إلى كلية الفنون الجميلة، لاستكمال تعليمي للرسم بقسم الدراسات الحرة بها على أيدي كبار فناني مصر، بينما كان يتوجه زميل آخر لدراسة العود على يد أحد أشهر عازفيه، وآخر يتوجه للسينما التي يعشقها، وكنا ننتج مسرحيات من الألف إلى الياء بـ«صناعة عمالية».



انطلاق «معرض جدة للكتاب» بمشاركة 1000 دار نشر

«معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)
«معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)
TT

انطلاق «معرض جدة للكتاب» بمشاركة 1000 دار نشر

«معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)
«معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)

انطلقت، الخميس، فعاليات «معرض جدة للكتاب 2024»، الذي تنظمه هيئة الأدب والنشر والترجمة حتى 21 ديسمبر (كانون الأول) الجاري في مركز «سوبر دوم جدة»، بمشاركة نحو 1000 دار نشر ووكالة محلية وعالمية من 22 دولة، موزعة على نحو 450 جناحاً، مع جهات حكومية وهيئات ومؤسسات ثقافية سعودية وعربية.

ويشتمل المعرض على برنامج ثقافي ثري، يضم أكثر من 100 فعالية متنوعة، تتخللها محاضرات وندوات وورش عمل، يقيمها نحو 170 متخصصاً، إضافة إلى منطقة تفاعلية مخصصة للأطفال، تقدم برامج ثقافية موجهة للنشء بمجالات الكتابة والتأليف والمسرح، وصناعة الرسوم المتحركة، وأنشطة تفاعلية مختلفة.

برنامج ثقافي ثري يضم أكثر من 100 فعالية متنوعة (هيئة الأدب)

ويتضمن المعرض ركناً للمؤلف السعودي، معرِّفاً الحضور على آخر إصداراته، ومهيأ للزوار منطقة خاصة بالكتب المخفضة، التي تأتي ضمن جهوده في الحث على القراءة، وإتاحتها للجميع عبر اختيارات متعددة، معززة بمناطق حرة للقراءة.

من جانبه، أوضح الدكتور عبد اللطيف الواصل، مدير إدارة النشر بالهيئة، أن المعرض يعكس اهتمامهم بدعم وتطوير ونشر الثقافة والأدب في السعودية، مؤكداً دوره الريادي، حيث يسلط الضوء على جهود الأدب والأدباء المحليين والعرب والعالميين، عبر فعاليات وأنشطة مجتمعية بمعايير عالمية، وإيجاد فرص تفاعلية لزواره في قوالب فنية وأدبية متنوعة، وصولاً إلى تعزيز مكانة جدة بوصفها مركزاً ثقافيّاً تاريخيّاً.

المعرض يعكس الاهتمام بدعم وتطوير ونشر الثقافة في السعودية (هيئة الأدب)

ويحتفي المعرض بـ«عام الإبل 2024»، لما تُمثِّله من قيمة ثقافية في حياة أبناء الجزيرة العربية منذ فجر التاريخ، حيث خصص جناحاً للتعريف بقيمتها، وإثراء معرفة الزائر عبر جداريات عدة بأسمائها، ومواطن ذكرها في القرآن الكريم والسنة النبوية، وقصائد شعرية تغنَّى بها العرب فيها على مر العصور.

ويستقبل «معرض جدة للكتاب» زواره يوميّاً من الساعة 11 صباحاً حتى 12 مساءً، ما عدا الجمعة من الساعة 2 ظهراً إلى 12 مساءً.

المعرض يُعزز جهوده في حث الزوار على القراءة عبر اختيارات متعددة (هيئة الأدب)

ويُعد ثالث معارض الهيئة للكتاب خلال 2024، بعد معرض «الرياض» الذي اختتم فعالياته أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ومعرض «المدينة المنورة» المنتهي في أغسطس (آب).