«أنا مرتزق حقيقي وجندي وطني أؤمن بأن روسيا العظيمة مثل الأخطبوط، واجبها أن تمد أذرعها في كل الساحات في العالم، وسوريا واحدة منها، علينا أن ننتصر في الحرب فيها. المشكلة أن عناصر جيش فاغنر ليسوا أكْفاء كما يجب. لقد دفعت ثمن قناعاتي وفقدت كُليتي. لذلك؛ كان لا بد من صرخة لإصلاح هذا الجيش ليكون قادراً على استعادة عظمة روسيا في كل مكان».
هذا مضمون ما نقله أشخاص التقوا مارات جابيدولين، أحد العناصر البارزين في «جيش فاغنر» الروسي، في اليومين الماضيين في موسكو، بعد تعرضه لمضايقات عدة إثر إعداده مذكراته في كتاب «الجد مارتن» وإرساله إلى دار نشر في سيبيريا. وطاولت المضايقات سحب الكتاب من النشر و«تهديدات من جهات روسية» لعائلته.
تضمنت مسودة الكتاب تفاصيل تروى للمرة الأولى عن «جيش فاغنر» السري الذي امتد عمله إلى سوريا وليبيا وأوكرانيا، وربما السودان. وتحدث عن «أهوال» من انضمامه للحرب السورية في 2015 إلى حين إصابته وفقدانه كُليته وضرر كبده بلغم أرضي في مارس (آذار) 2016، مروراً بعمله مستشاراً خاصاً لممول «جيش المرتزقة» يفغيني بريغوجين في 2017، وانتهاءً باستخدام «موهبته» بعد الإصابة بتدريب «صيادي داعش» في معسكرات في سوريا في 2018 قبل «تقاعده» وتفرغه لكتابة «مذكراته» في السنتين الماضتين. ولوحظ أن صفحته على وسائل التواصل الاجتماعي، تضم صوراً له مع مقاتلين وعسكريين وضباط من الجيش السوري و«القوات الرديفة».
بعد التفاصيل التي ذكرها مارات في مسودة كتابه ومقابلته مع مؤسسة «موديزا»، مست عناصر كانوا تابعين له، مثل الغارة الروسية التي ضربتهم «من طريق الخطأ». تفاصيل أخرى، سمع عنها من «رفاق السلاح»، مثل قيام بعضهم بقطع رؤوس جنود من الجيش السوري وضربهم بالمطارق لتخويف آخرين كي لا يهربوا من المعارك في ريف حمص. وتقول ليليا يابروفا، التي التقته مرات عدة وهي على تواصل دائم معه، لـ«الشرق الأوسط»، «ذات يوم دخل إلى غرفته في مصنع حيان للغاز في حمص، فوجد قطع آثار تدمرية معلقة فيها. هو لم يسرقها من تدمر، لكن زميلاً له سرقها ووضعها في غرفته».
ومارات هو من مواليد عام 1966، وهو «كان يحلم منذ طفولته بأن يكون جندياً». بالفعل انضم إلى الجيش. صدمه انهيار الاتحاد السوفياتي، فاقتصرت خدمته على أربع سنوات بعضها في أوكرانيا في نهاية الثمانينات إلى أن «عُزل من الجيش بسبب خطأ بيروقراطي»، حسب يابروفا. وفي منتصف التسعينات أمضى ثلاث سنوات في السجن بـ«تهمة قتل رجل أعمال، خلال عمله في شركة أمن خاصة». بعد ذلك، «عاش فترة ضياع إلى أن وجد ضالته لتنفيذ حلمه بالانضمام إلى جيش فاغنر في سوريا».
بعد التدخل الروسي في نهاية 2015، وقّعت الحكومة السورية مع شركة «إيفرو بوليس» التابعة لبريغوجين اتفاقاً لحماية منشآت النفط والغاز وتحريرها من «داعش» مقابل الحصول على 25 من أرباحها - عائداتها. وكان هذا الاتفاق الغطاء الذي عمل «جيش فاغنر» بموجبه ودفع بـ«الجندي السوفياتي» مارات للانضمام إليه، و«تحقق حلم كان يراوده دائماً، وهو القتال لعظمة روسيا» وريثة الاتحاد السوفياتي. وتشير تقديرات إلى أنه في 2018 وصل عدد عناصر «فاغنر» إلى نحو 2500 يعملون في سوريا، سواء في أرض المعارك أو معسكرات التدريب الميداني أو الإعداد في روسيا.
وتقول يابروفا «مارات هو ليس قاتلاً عشوائياً، بل هو جندي وطني ومرتزق حقيقي، هو يعتقد أنه يقوم بدور كبير لصالح بلاده ويخوض معها حرباً وطنية لروسيا في العالم كله». ونقلت عنه «الحرب في سوريا كانت عظيمة في البداية لاستعادة دورنا، لكنها أصبحت عبثية في الفترة الأخيرة».
وكشفت عن أن بريغوجين كان اطلع قبل سنوات على مسودة كتاب «الجد مارتن»، وعبّر عن إعجابه بها، واقترح بعض التعديلات على أن يتم نشرها في 2022. وتقول يابروفا «ربما كان بريغوجين يظن أن رئيساً جديداً سيحل في الكرملين في هذا الوقت، لكن بعد تعديل الدستور فإن فلاديمير بوتين قد يبقى رئيساً إلى 2036. لذلك؛ فإن الغضب شديد من نشر الكتاب حالياً، وهناك قلق على مارات وعائلته، خصوصاً أنها تتضمن تأملات الجندي الأخيرة لأحوال مرتزقة فاغنر».
مارات «مرتزق حقيقي» يقاتل لتصل أذرع «الأخطبوط الروسي» إلى سوريا والعالم
كان جندياً في الجيش السوفياتي ثم سُجن ثلاث سنوات بتهمة قتل رجل أعمال
مارات «مرتزق حقيقي» يقاتل لتصل أذرع «الأخطبوط الروسي» إلى سوريا والعالم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة