الارتجاع المعدي المريئي... أكثر اضطرابات الجهاز الهضمي شيوعاً

ينجم عن السمنة وفتق الحجاب الحاجز وتأخر إفراغ المعدة لمرضى السكري

الارتجاع المعدي المريئي... أكثر اضطرابات الجهاز الهضمي شيوعاً
TT

الارتجاع المعدي المريئي... أكثر اضطرابات الجهاز الهضمي شيوعاً

الارتجاع المعدي المريئي... أكثر اضطرابات الجهاز الهضمي شيوعاً

قدمت مجموعة من الباحثين في قسم أمراض الجهاز الهضمي بجامعة كاليفورنيا في سان ديغوا، مراجعة طبية حديثة لاضطرابات حركية المريء Esophageal Motility Disorders، ودورها في حالات مرض الارتجاع المعدي المريئي، Gastroesophageal Reflux Disease، أو GERD اختصارا.
وكان الهدف الرئيسي من هذه المراجعة العلمية توضيح كيفية مساعدة المرضى على إدراك الجوانب الأساسية المتعلقة بأعراض هذه الحالة المرضية الشائعة، وخطوات التشخيص. وأفاد الباحثون أن إشراك المريض في تلك الجوانب يسهل الوصول إلى السبب وكيفية علاجه.
- اضطرابات المريء
ووفق ما نشر ضمن عدد 12نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي من مجلة «نيوإنغلاند جورنال أوف ميديسن»، قال الباحثون: «بعد ألم البطن، يعد مرض الارتجاع المعدي المريئي ثاني أكثر التشخيصات الطبية شيوعاً في أمراض الجهاز الهضمي. وإضافة إلى تأثير اضطرابات المريء الكبير على جودة الحياة الصحية للشخص، فإنها استنفدت، من ناحية تكاليف الرعاية الصحية في الولايات المتحدة، أكثر من 19 مليار دولار في عام 2015، منها حوالي 15 مليار (أي حوالي 75 في المائة) ذهبت في الإنفاق على أدوية خفض إنتاج المعدة للأحماض».
وأوضحوا أن من ناحية الترتيب لأمراض الجهاز الهضمي الأعلى كلفة مادية، فإن مقدار فاتورة تكاليف الرعاية الصحية التي يتطلبها تشخيص ومعالجة أمراض اضطرابات المريء الارتجاع المعدي المريئي، تأتي واقعياً في المرتبة الثانية بعد أمراض التهاب الكبد. وأضافوا: «يعد عسر البلع Dysphagia وحرقة الفؤاد Heartburn وألم الصدر غير القلبي Noncardiac Chest Pain، أعراضًا شائعة لاضطرابات حركية المريء ومرض الارتجاع المعدي المريئي».
ووفق ما تشير إليه مصادر طب الجهاز الهضمي، فإن العلامات والأعراض الشائعة لمرض الارتجاع المعدي المريئي تتضمن كلا من: إحساس حارق في الصدر بعد تناول الطعام (ويسوء في الليل)، ألم في الصدر، صعوبة في البلع، قلس الطعام أو السوائل الحامضة (الشعور بهما في الحلق)، الإحساس بوجود كتلة في الحلق (كالغصة) وخاصةً عند البلع. وإذا كانت الأعراض أشد بالليل، وخاصةً مع تناول وجبات طعام العشاء الدسمة، فإن هناك أعراضا أخرى قد تفاقم المعاناة للمصاب، ومنها: سعال ليلي مزمن، والتهاب الحنجرة، ونوبات جديدة من الربو الليلي، واضطراب في النوم.
- ارتخاء وارتجاع
والطبيعي أثناء عملية البلع، أن ترتخي مجموعة العضلات العاصرة المحيطة بأسفل المريء Lower Esophageal Sphincter، لتفتح المجرى بين المريء والمعدة كي يدخل الطعام والسوائل إلى المعدة، ثم تنقبض تلك الحلقة العضلية لتغلق فوهة المعدة. وإذا أصاب تلك العضلة ارتخاء على نحو غير طبيعي أو أصبحت ضعيفة عن الانقباض لإحكام إغلاق المجرى بين المريء والعدة، فيمكن أن تتسرب وترتد أحماض المعدة إلى المريء Acid Reflux بشكل مستمر.
ويحصل مرض الارتجاع المعدي المريئي عندما يتكرر ارتجاع حمض المعدة إلى أنبوب المريء، وهذا يؤدي إلى تهيج بطانة المريء، لأنها بطانة نسيجية تفتقر إلى آليات الحماية من تأثير الأحماض عليها، بخلاف بطانة المعدة التي تمتلك تلك القدرة القوية في مقاومة الأحماض القوية التي تحتوي عليها عصارة المعدة.
وتشمل الحالات التي يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بمرض الارتجاع المعدي المريئي كلا من: السمنة، ووجود فتق في الحجاب الحاجز Hiatus Hernia، والحمل، وتأخر إفراغ المعدة بفعل عوامل مرضية عدة كالسكري مثلاً. كما أن هناك عوامل تتسبب بتفاقم هذه الحالة لدى المصابين بها، مثل: التدخين، وتناول وجبات كبيرة أو الأكل في وقت متأخر من الليل، وتناول الأطعمة الدهنية أو المقلية، وشرب الكحول، وتناول المشروبات المحتوية على الكافيين أو النعناع، وتناول بعض الأدوية كالأسبرين، والاستلقاء على الظهر بعد تناول وجبات الطعام مباشرة.
ووفق ما يشير إليه أطباء مركز هيوستن لحرقة الفؤاد والارتجاع Houston Heartburn and Reflux Center، فإن مرض الارتجاع المعدي المريئي يرتبط بمجموعة من الأعراض التي تتراوح من حرقة المعدة الخفيفة إلى ألم شديد في الصدر يشبه النوبة القلبية. وهو حالة مرضية قد تصبح مزمنة، وقد تتطور مع مرور الوقت.
- مراحل المرض
وتعتمد خيارات العلاج على مرحلة المرض GERD Stage، وهو ما يتم تحديده من خلال شدة الارتجاع الحمضي إلى المريء، وهو ما يعتمد على مدى تناوب تكرار نوبات الارتجاع وطول مدتها. وكلما طالت فترات ارتجاع الحمض وزاد تكرار وتيرتها، كلما كان الضرر الذي يلحق بالمريء أكثر أهمية. والمراحل هي:
> المرحلة الأولى: ارتجاع خفيف. Mild GERD. ويعاني المرضى من أعراض خفيفة مرة أو مرتين في الشهر. وبالتالي يعتمد العلاج على تغييرات نمط الحياة والأدوية المثبطة للأحماض التي لا تستلزم وصفة طبية.
> المرحلة الثانية: ارتجاع متوسط Moderate GERD. ويعاني المرضى من أعراض أكثر تكرارا، وتحديداً مرة أو مرتين في الأسبوع. وتؤثر أعراض ارتجاع المريء غير المعالجة على أنشطة المريض اليومية وترتبط بالتهاب المريء Esophageal Inflammation، وتتطلب وصفة طبية يومية للأدوية المثبطة للأحماض.
> المرحلة الثالثة: ارتجاع شديد Severe GERD. ويعاني المرضى من أعراض سيئة ويصعب السيطرة عليها بالأدوية الموصوفة، ما يؤثر بشكل بالغ على جودة نوعية حياتهم اليومية. ويكون هؤلاء المرضى أكثر عرضة للإصابة بالتهاب المريء التآكلي Erosive Esophageal Inflammation. ويوصى طبياً بشدة بإجراء تقييم شامل من قبل طبيب الجهاز الهضمي. وفي حال إجراء علاج فعال لمكافحة الارتجاع Anti - Reflux Procedure، ينجح على وجه الخصوص في العمل على استعادة سلامة العضلة العاصرة للمريء السفلية Lower Esophageal Sphincter، فإن ذلك يعالج الارتجاع المعدي المريئي بنجاح ويحسن نوعية حياة المريض.
> المرحلة الرابعة: ارتجاع ناجم عن سرطان أو ما قبل سرطان المريء: وهي نتيجة سنوات عديدة من الارتجاع الشديد غير المعالج. وتتطور حالة حوالي 10 في المائة من مرضى الارتجاع المعدي المريئي على المدى الطويل إلى المرحلة الرابعة. وقد يصابون بحالة «ما قبل السرطان» Pre - Cancerous تسمى مريء باريت Barrett’s Esophagus. وقد يتطور مريء باريت إلى سرطان المريء Esophageal Cancer إذا لم يتم علاجه. وهناك طرق مختلفة لعلاج مريء باريت تهدف إلى منع تطور السرطان، ويوصى بشدة بالمتابعة عن كثب مع طبيب الجهاز الهضمي.
- استراتيجيات التشخيص
وتحت عنوان «استراتيجيات التشخيص لارتجاع المريء» أفاد الباحثون من جامعة كاليفورنيا ما ملخصه أن التوقع الإكلينيكي لهذه الإصابة يعتمد على تقرير المريض عن الأعراض الكلاسيكية لحرقة الفؤاد Heartburn (الإحساس بالحرقان المتصاعد من المعدة أو أسفل الصدر باتجاه الرقبة أو الحلق)، والذي يحدث عادةً بعد تناول وجبات كبيرة أو الأطعمة الحارة أو الحمضية. وقد يصاحبه أو لا يصاحبه قلس الارتجاع Regurgitation. والقلس يعرف طبياً بأنه إدراك تدفق مواد محتويات المعدة المرتجعة إلى البلعوم، وهو ما قد يشير إلى وجود عيب ميكانيكي كفتق الحجاب الحاجز. ولكن هذه الأعراض قد تظهر في حالات أخرى، مثل حالات بطء إفراغ المعدة وعسر الهضم الوظيفي واضطرابات حركة المريء. كما قد يتسبب الارتجاع المعدي المريئي بألم شبيه بألم الذبحة الصدرية لتضيقات شرايين القلب، وصعوبة معالجة حالات الربو عند المصابين به، والتهابات الحلق التي لا علاقة لها بالميكروبات، والسعال المزمن، وتسويس الأسنان، واضطرابات النوم. وأضافوا أنه في حالات كثيرة يصعب إثبات العلاقة بين هذه المظاهر غير النمطية خارج المريء لدى المريض، وبين حالة الارتجاع المعدي المريئي لديه. ولكن قد يتأكد ذلك إذا ما حصلت استجابة في تلك الأعراض للمريض بعد دورة قصيرة (لمدة ستة أسابيع) من تناوله أدوية خفض إنتاج المعدة للأحماض. وتظل التوصية للمرضى، الذين لديهم استجابة للعلاج التجريبي بمثبطات مضخة البروتون، هي تقليل الجرعة إلى أقل جرعة من خفض الحمض اللازم للتحكم في الأعراض.
- مضاعفات شديدة
ويلخص أطباء الجهاز الهضمي في مايوكلينك مضاعفات وتداعيات الارتجاع المعدي المريئي بالقول: «مع مرور الوقت، يمكن أن يؤدي الالتهاب المزمن في المريء إلى:
> تضيق المريء. يمكن للضرر الذي يتعرض له المريء السفلي، بسبب حمض المعدة، أن يؤدي إلى تكوين أنسجة متندبة. وتؤدي الأنسجة المتندبة إلى تضيق مسار الطعام، مما يسبب مشاكل في البلع.
> قرحة مفتوحة في المريء. يمكن لحمض المعدة أن يسبب تآكل الأنسجة في المريء، مما يؤدي إلى تكوين قرحة مفتوحة. يمكن أن تنزف قرحة المريء وتسبب الألم وتجعل البلع صعبًا.
> تغييرات محتملة للتسرطن في المريء (مريء باريت). يمكن أن يتسبب التلف الناتج عن الحمض، في حدوث تغيرات في الأنسجة المبطنة للمريء السفلي. وترتبط هذه التغييرات بزيادة خطر الإصابة بسرطان المريء».
- خطوات التشخيص الطبي
عند مراجعته في العيادة، قد يتمكن الطبيب من تشخيص الإصابة بمرض الارتجاع المعدي المريئي بناءً على الفحص الإكلينيكي ومراجعة تاريخ الشكوى من الأعراض التي لدى الشخص. وأيضاً وفق نتائج تقييم مدى استجابة الأعراض والتخفيف منها عند تناول أحد أدوية الخفض القوي لإفراز المعدة للأحماض Proton Pump Inhibitor.
ويشير باحثو جامعة كاليفورنيا إلى أن الاختبارات التشخيصية يجدر إجراؤها في حالة وجود أي أعراض منذرة بوجود مضاعفات أعمق، مثل عسر البلع أو فقدان الوزن أو فقر الدم بسبب نقص الحديد أو النزيف، وكذلك عندما تستمر الأعراض بعد 6 إلى 8 أسابيع من العلاج المثبط للحمض.
ولذا في الغالب يلجأ طبيب الجهاز الهضمي للتأكد من صواب التشخيص، والأهم للتأكد من عدم وجود أي مضاعفات أو تداعيات في المريء أو المعدة أو الحجاب الحاجز، إلى إجراء الفحوصات التالية:
> منظار الجهاز الهضمي العلوي Upper Endoscopy. ويتم إجراء هذا الفحص تحت التخدير الموضعي بعد الامتناع عن تناول الطعام لفترة يقدرها الطبيب. ويتم إدخال أنبوب المنظار المرن عبر الحلق أو الأنف، وهو أنبوب رفيع ومزود بضوء وكاميرا، لرؤية داخل المريء والمعدة. وفي الغالب يكون المنظر الداخلي لبطانة المريء والمعدة طبيعياً، ولكن قد يلاحظ الطبيب وجود التهاب بطانة المريء في الجزء السفلي منه أو أي مضاعفات أخرى في أنسجة المريء أو أعلى المعدة. وذلك مثل: وجود تضيق في المريء أو انسداده بالكامل أو وجود منطقة التهاب فيه. وقد يأخذ الطبيب عينة خزعية Biopsy من أنسجة بطانة أسفل المريء لفحصها وتبين عدم وجود أي تغيرات غير طبيعية فيها.
> اختبار حموضة المريء: ويتم لهذه الغاية استخدام «مسبار القياس المتواصل للحمض» Ambulatory Acid Probe Test وهو أنبوب رفيع جداً ومرن، يتم تمريره عبر الأنف إلى المريء. ويتصل الطرف الخارجي للأنبوب بجهاز مراقبة رقمي صغير يتم تثبيته حول الخصر أو بحزام على الكتف. ومن خلال هذا الاختبار، يتم رصد درجة الحموضة داخل المريء طوال الوقت، ومع تناول وجبات الطعام، ثم يتم تحليل النتائج لتحديد متى يحصل ارتجاع أحماض المعدة إلى المريء ومدة حصول ذلك.
> اختبار ضغط المريء Esophageal Manometry. وأثناء عملية البلع، ينقبض المريء وفق موجة من الحركة الدودية تنتقل من بدايته وصولاً إلى دفع الطعام إلى المعدة. وتقاس قوة هذه الانقباضات ومدى تنسيق عضلات المريء في دفع الطعام ونقله إلى المعدة بواسطة اختبار قياس ضغط المريء. وخاصةً: مدى كفاءة العضلات التي توجد أعلى المريء وأسفله (العضلات العاصرة) عند الفتح والانغلاق، بالإضافة إلى ضغط موجة تقلصات عضلة المريء التي تحرك الطعام على طول المريء وسرعة هذه الموجة ونمطها. ويتم في هذا الاختبار استخدام أنبوب رفيع مرن مزود بمستشعرات الضغط، عبر الأنف وصولاً إلى أسفل المريء، ثم المعدة.
> التصوير بالأشعة السينية للجزء العلوي من الجهاز الهضمي: قد يطلب الطبيب إجراء هذا التصوير باستخدام سائل الصبغة. وهو سائل طباشيري يعمل على تغطية البطانة الداخلية لمجرى المريء والمعدة والجزء العلوي من الأمعاء الدقيقة. وعند التصوير بالأشعة السينية X - Rays لابتلاع السائل، يرى الطبيب تلك البطانة ومدى سلامتها من التضيقات أو القروح الواضحة.


مقالات ذات صلة

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

صحتك مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، يمكن أن يبطئ سرطان البروستاتا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
صحتك مرض ألزهايمر يؤدي ببطء إلى تآكل الذاكرة والمهارات الإدراكية (رويترز)

بينها الاكتئاب... 4 علامات تحذيرية تنذر بألزهايمر

يؤثر مرض ألزهايمر في المقام الأول على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً، ولكن ليس من المبكر أبداً أن تكون على دراية بالعلامات التحذيرية لهذا الاضطراب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

وصل إلى بريد «استشارات» استفسار من أحد المرضى هو: «عمري فوق الستين، ولدي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وتناولت (فياغرا) للتغلب على مشكلة ضعف الانتصاب.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر
TT

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

لا يزال كبار الطهاة العالميين، إضافة إلى ربات البيوت الماهرات في الطهي، يستخدمون أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر Cast Iron Cookware.

أواني الطهي الحديدية

والواقع أن هناك سبباً وجيهاً لاستخدام البشر منذ آلاف السنين هذه النوعية من أواني الطهي، فهي متينة للغاية وغير قابلة للتلف وطويلة الأمد في دوام الاستخدام، وتتحسن جودتها وجودة طعم الأطعمة المطهية بها بمرور الوقت. ولكن حتى مع توفر أنواع كثيرة متطورة من أواني الطهي، سواء بدواعٍ ذات صلة بسهولة الطهي بها أو إعطاء نكهات زكية من خلال استخدامها في طهي الأطعمة أو حتى بدواعٍ صحية، تظل اليوم أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر هي أداة الطهي الكلاسيكية الشائعة كما كانت دائماً في السابق.

وهناك نوعان رئيسان من أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر: أوانٍ عارية مصنوعة من الحديد الزهر Bare Cast Iron، وهي التي يمكن استخدامها على مواقد المطابخ وعلى الحطب. والأخرى أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر المطلية بالمينا Enameled Finish، وتُسمى تجارياً الأفران الهولندية Dutch Ovens التي يجب استخدامها فقط على الموقد أو في الفرن، وليس على الحطب.

ويختلف عموم أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر تماماً، ومن جوانب عدة صحية وغير صحية، عن أواني الطهي المصنوعة من الفولاذ المقاوم للصدأ Stainless Steel.

حقائق عن أواني الحديد

ولكن قد يشعر البعض بالقلق بشأن المخاطر الصحية المحتملة لاستخدام أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر، وخاصة تراكم الحديد في الجسم أو احتمالات التسبب بالسرطان. ولهذا إليك المزيد من الحقائق التالية حول أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر وفوائدها الصحية وكيفية التعامل معها، بما يغطي لديك غالبية المعلومات التي تود معرفتها عنها، وهي:

1. أحد الأسباب الرئيسة وراء تفضيل البشر لأواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر هو أنها تتحمل طويلاً وغير قابلة للتلف، مقارنة بغيرها. ولكن إذا تم إهمالها لفترة طويلة فإنها تصدأ. ومقلاة الحديد الزهر مثلاً هي حرفياً قطعة من الحديد الزهر المصبوب على شكل أواني الطهي.

والحديد الزهر بمفرده رمادي اللون وشديد التفاعل، وقادر على الصدأ في غضون دقائق في الهواء الرطب وحده، ما يؤدي تلقائياً إلى التصاق الأطعمة عند الطهي به.

وعملية «التتبيل» Seasoning تقوم بتشكيل طبقة صلبة واقية على سطح أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر، عن طريق تسخين طبقات رقيقة للغاية من الدهون (مثل الزيت) على الحديد الزهر، وإعادة تكوين طبقة من «الزيت المتفحم» عملية تسمى البلمرة Polymerization، ما يشكل طبقة واقية فوق سطح الطهي. وكلما طهينا بمقلاة الحديد الزهر، أصبحت هذه الطبقة من الزيت أكثر سمكاً، ما يحول المقلاة إلى «قطعة أثرية» ذات سطح طهي أكثر نعومة وداكنة.

ومن دون هذه الطبقة من الزيت المتفحم، تتآكل أواني الطهي المصنوعة من الحديد وتصدأ بسبب الأكسجين والرطوبة في الهواء، وتلتصق عليها الأطعمة. ولذا فإنه مع القليل من التنظيف والعناية، يمكن استعادتها إلى حالة شبه جديدة وملائمة للطهي بطريقة صحية. وخاصة عند كثرة طهي الأطعمة الحمضية مثل الطماطم وعصير الليمون والخل، التي قد تزيل بعض الطبقة الطبيعية غير اللاصقة لمقلاة حديد الزهر.

2. عملية «التتبيل» يتم إجراؤها لأول مرة في مصانع أواني الطهي المصنوعة من حديد الزهر، قبل تقديمها للمستهلك. حيث يتم رش طبقة رقيقة من الزيت النباتي على السطح، ثم خبزها في درجة حرارة عالية في فرن كبير. ولكن يجدر التأكد من إجراء المصنع لهذه العملية عند شراء تلك الأواني للطهي وقبل استخدامها في المطبخ المنزلي.

هناك طريقتان للحفاظ على تتبيل أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر. الطريقة الأفضل والأسهل هي الطهي فيها بانتظام، حيث إنه في كل مرة يُطبخ فيها بالزيت أو الدهن، تُضاف طبقة أخرى من التتبيل إلى المقلاة. وبمرور الوقت، تتراكم هذه الطبقات لتشكل سطح طهي قوي غير لاصق. والطريقة الأخرى يُلجأ إليها إذا تمت ملاحظة أن المقلاة أو القدر أصبحا باهتي اللون أو رماديي اللون. ويتم أولاً غسل مقلاة الحديد الزهر بالماء الدافئ والصابون. ثم تجفيفها تماماً بمنشفة ورقية أو قطعة قماش خالية من النسالة. ويمكن وضعها على الموقد على نار خفيفة لبضع دقائق للتأكد من أنها جافة تماماً. بعد ذلك تُضاف طبقة رقيقة جداً من زيت الطهي (القليل من الزيت) على سطح الحديد الزهر (من الداخل والخارج) بقطعة قماش أو منشفة ورقية خالية من النسالة. ثم سخن الفرن إلى 350 - 450 درجة فهرنهايت (177 - 232 درجة مئوية). ثم ضع أواني الطهي مقلوبة على الرف الأوسط. يساعد هذا في منع الزيت من التجمع على سطح الطهي. اخبز لمدة ساعة. بعد ذلك أطفئ النار واترك المقلاة المصنوعة من الحديد الزهر تبرد في الفرن، ليسمح ذلك للدهون بالتصلب والالتصاق بالحديد.

فوائد ومخاوف صحية

3.هل الطهي باستخدام الحديد الزهر له فوائد صحية؟ هذا سؤال يتم طرحه كثيراً. وهناك جانبان للأمر، هما: موضوع الحديد وموضوع سلامة نضج الطهي. ونظراً لأن أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر موصل ممتاز للحرارة، فيمكنها الحفاظ على درجات حرارة عالية لفترات طويلة من الزمن، ما يعزز الطهي «المتساوي» لأجزاء اللحم أو الدواجن أو الأسماك، سواء كانت قطعاً، أو مفرومة. كما أن الخبز في مقلاة من الحديد الزهر يصنع قشرة مقرمشة على القطع المخبوزة. ومعلوم أن الطبقة المقرمشة من الخبز أغنى بالمواد المضادة للأكسدة من اللب الأبيض داخلها، ما يعزز الفوائد الصحية.

ويقول بعض خبراء التغذية الصحية إن أواني الحديد الزهر تتناسب مع طرق الطهي الصحية منخفضة السعرات الحرارية التي تحافظ على الطعام خالياً من الدهون ولا تتطلب الكثير من الزيت، مثل الطرق القائمة على الغلي في الماء، بما في ذلك السلق والطهي على نار هادئة، بالإضافة إلى الشواء والشواء السريع.

4. أحد أكبر المخاوف المتعلقة بالطهي باستخدام المقالي المصنوعة من الحديد الزهر هو أنه نظراً لقدرتها على نقل كمية معينة من الحديد إلى طعامك، فقد يكون ذلك ضاراً بصحتك. والحديد هو معدن رئيس في مكونات بروتين يسمى الهيموغلوبين، الذي يحمل الأكسجين إلى خلايا الدم الحمراء في جميع أنحاء الجسم.

ولكن كمية الحديد التي تنتقل إلى الطعام من المقالي المصنوعة من الحديد الزهر ضئيلة للغاية لأنها «متبلة» بطبقة عازلة، كما تقدم توضيحه، والذي لا يتسرب منه كمية كبيرة من الحديد إلى الأطعمة. وبالتالي لا يشكل هذا الأمر مصدر قلق صحي كبير. كما لا ينبغي اعتبار الطهي باستخدام الحديد الزهر مكملاً للحديد (أي لتزويد الجسم بالحديد) أو بديلاً عن تناول الأطعمة الغنية بالحديد. ومع ذلك، فإن استخدام مقلاة من الحديد الزهر غير متبلة، أو متبلة بشكل سيئ، يمكن أن يساهم في زيادة الحديد الذي يدخل الجسم. بالإضافة إلى ذلك، فإن طهي الأطعمة الحمضية، مثل الطماطم والحمضيات، قد يؤدي إلى تسرب المزيد من الحديد من المقلاة، لأنها يمكن أن تجرد طبقة التتبيل الدهنية، ووفقاً لما يشير إليه أطباء مايو كلينيك، فإن الطهي باستخدام الحديد الزهر قد يشكل خطراً في بعض الحالات النادرة مثل «مرض ترسب الأصبغة الدموية» Hemochromatosis الذي يتسبب في امتصاص الجسم للكثير من حديد الأطعمة التي يتناولها الشخص. وبالتالي تخزين الجسم لكميات زائدة من الحديد في أعضائه، وخاصة في الكبد والقلب والبنكرياس، ما يعرضه لخطر الإصابة بمشكلات صحية تهدد الحياة، مثل أمراض الكبد ومشكلات القلب والسكري.

و«مرض ترسب الأصبغة الدموية» هو حالة وراثية، ومعظم الأشخاص لا يعانون من علامات وأعراض حتى منتصف العمر، أي بعد سن الأربعين للذكور وبعد سن الستين للإناث. وإذا كان لدى شخص ما أقارب مصابون بالمرض، فيمكنهم إجراء الاختبار لمعرفة ما إذا كانوا مصابين به.

من مخاطرها تراكم الحديد في الجسم أو احتمالات التسبب بالسرطان

مواد مسرطنة محتملة

5. تتمثل إحدى الفوائد الرئيسة الأخرى في أنه عند اختيارك أواني الحديد الزهر بدلاً من أواني الطهي الحديثة غير اللاصقة، فإنك ستتجنب حمض البيرفلورو الأوكتانويك PFOA، وهو مادة مسرطنة محتملة. ولكن هناك بعض المخاوف من أن المقالي المصنوعة من الحديد الزهر قد تنتج مواد كيميائية تعرف باسم الأمينات الحلقية غير المتجانسة HCAs والهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات PAHs، والتي ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالسرطان؛ وذلك لأن هذه المواد الكيميائية تتشكل عندما يتم طهي اللحوم، بما في ذلك لحم البقر ولحم الضأن والأسماك والدجاج، باستخدام تقنيات الطهي عالية الحرارة، مثل القلي في المقلاة والشواء على لهب مكشوف، وفقاً لما يقوله المعهد الوطني الأميركي للسرطان National Cancer Institute. ولكن تفيد المصادر الطبية بأن مخاطر الهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات والهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات تشكل مصدر قلق صحي في المقام الأول فقط عند شواء الأطعمة الحيوانية مباشرة على اللهب. حيث تتشكل الهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات عندما تتساقط الدهون والعصائر من اللحوم على نار مفتوحة أو سطح ساخن، ما يتسبب في حدوث ألسنة اللهب والدخان. وتتواجد الهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات في الدخان ثم تلتصق بسطح اللحم، وفقاً للمعهد الوطني الأميركي للسرطان. وصحيح أن أواني الحديد الزهر تتحمل درجات الحرارة العالية، لكن هذا لا يعني أنك تطبخ على الموقد أو في الفرن بدرجة حرارة عالية بما يكفي للقلق بشأن المواد المسرطنة. وعادة ما تكون هذه مشكلة فقط عند الشواء، ولا ينبغي أن يؤدي الطهي في الداخل باستخدام مقلاة من الحديد الزهر إلى حدوث أي من هذه المشكلات المسببة للسرطان.

6. مزايا أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر لا تتوقف عند هذا الحد، بل تشمل ما يلي:

-تحتفظ بالحرارة جيداً. حيث إنه بمجرد تسخين الحديد الزهر، يظل دافئاً مما يساعد في الحفاظ على سخونة الطعام. ولكن يجب أن تعلم أيضاً أن هذا يعني أن الحديد الزهر يستغرق بعض الوقت حتى يسخن تماماً ويبرد تماماً.

- تعمل جيداً مع العديد من مصادر الحرارة. إذ يمكن استخدام الحديد الزهر على أي نوع من مواقد الطهي (الغاز أو الكهرباء). ويمكن استخدامه أيضاً على لهب مكشوف مثل نار الحطب والفحم، أو وضعه مباشرة في الفرن مثل طبق الخبز.

- سهلة التنظيف. بمجرد أن تعرف أساسيات تنظيف الحديد الزهر، فلن يكون تنظيفه أكثر صعوبة من أنواع أخرى من أواني الطهي. بالإضافة إلى ذلك، فإن سطحه الطبيعي غير اللاصق قد يجعل تنظيفه أسهل من الزجاج أو الألمنيوم.

- توفر أواني حديد الزهر بأسعار معقولة. غالباً ما تُباع أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر بأسعار معقولة ونظراً لأنها تدوم إلى الأبد تقريباً، يمكنك اعتبارها استثماراً لمرة واحدة. من السهل عادةً العثور على الحديد الزهر في متاجر التوفير والمتاجر المستعملة أيضاً.

- تأتي بأشكال وأحجام عديدة. ربما تكون مقالي الحديد الزهر هي الشكل الأكثر شيوعاً لهذه الأواني، ولكن يستخدم الحديد الزهر أيضاً لصنع الأواني والمقالي وأطباق الكيك وأطباق البيتزا والمزيد.

- يمكن استخدامها للطهي والتقديم. يجد العديد من الأشخاص أن أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر جميلة من الناحية الجمالية ويمكن أن تشكل إضافة رائعة لأي طاولة طعام. في الواقع، تستخدم العديد من المطاعم الراقية مقالي صغيرة مصنوعة من الحديد الزهر كأطباق تقديم.

* استشارية في الباطنية