غضب عقب إطلالة فرعونية «غير لائقة» لعارضة أزياء

السلطات المصرية تحقق في واقعة «جلسة تصوير» بسقارة

غضب عقب إطلالة فرعونية «غير لائقة» لعارضة أزياء
TT

غضب عقب إطلالة فرعونية «غير لائقة» لعارضة أزياء

غضب عقب إطلالة فرعونية «غير لائقة» لعارضة أزياء

تسببت جلسة تصوير لفتاة مصرية ترتدي زياً فرعونياً في منطقة آثار سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) في إثارة الجدل في مصر، بعد تداول الصور عبر مواقع التواصل الاجتماعي منذ أول من أمس، على نطاق واسع، وهو ما دفع وزارة السياحة والآثار المصرية للإعلان عن إحالة الواقعة إلى النيابة العامة المصرية للتحقيق فيها، واتخاذ الإجراءات القانونية ضد المقصرين والمتسببين في حدوث ذلك من الموظفين ورجال الأمن.
ووفق الدكتور مصطفى وزيري، أمين عام المجلس الأعلى للآثار، فإنّه «يتم الاستفسار بشأن طلبات التصوير المقدمة إلى إدارات المواقع الأثرية والاطلاع على جميع جوانب الموضوع على غرار مكان التصوير والملابس التي سيتم ارتداؤها خلال جلسة التصوير». وأضاف وزيري في تصريحات صحافية أمس، أنّ «وزارة السياحة والآثار تحرص دائماً على الحفاظ على تاريخ الحضارة المصرية القديمة، وأن أي شخص يقصر في حق الآثار والحضارة سيُعاقب، بعد نتيجة تحقيق النيابة في واقعة جلسة التصوير». حسب وصفه.
واعتبر أثريون مصريون ظهور الفتاة المصرية بملابس وصفت بأنّها «غير لائقة» و«مثيرة» أمام هرم سقارة التاريخي، «إهانة للحضارة المصرية القديمة»، مطالبين السلطات المصرية بالتحقيق في الأمر، وعدم التهاون مع المقصرين من الموظفين ورجال الأمن الذي سمحوا للفتاة بالظهور بهذا الشكل.
وأفادت صحف مصرية، على لسان مصادر مطلعة بمنطقة سقارة الأثرية أنّ الفتاة التي تدعى سلمى الشيمي، (عارضة أزياء) دخلت منطقة سقارة الأثرية منذ 4 أيام، كأنّها زائرة عادية، مرتدية عباءة سوداء، فوق الزي الفرعوني الذي ظهرت به في جلسة التصوير.
ويؤكد الباحث الأثري المصري أحمد عامر، أن التصوير في المناطق التاريخية ليس ممنوعاً، لكنه يخضع لضوابط من بينها عدم «خدش الحياء بارتداء ملابس غير لائقة، أو إبداء (إيحاءات جسدية مثيرة)»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «في الأمور العادية لا يتتبع مفتشو الآثار بالمنطقة ورجال الأمن الزوار خلال زياراتهم للمكان، لكن إذا رأوا أموراً غير لائقة مثل جلسة التصوير التي أثارت الجدل أخيراً، فإنه وفق القانون يحق لمفتش الآثار منعها والتصعيد ضدها».
وبينما يرى عامر أن ما قامت به الفتاة ليس الهدف منه الترويج للسياحة المصرية، بقدر ما كان الهدف منه البحث عن الشهرة، يرى آخرون أن ما قامت به الفتاة يعتبر أمراً عادياً لا سيما أن المواقع الأثرية تحصل رسوماً على معدات التصوير، قبل الدخول بها من البوابات، بجانب ارتداء السائحين الأجانب ملابس غير محتشمة في كثير من الأحيان ولا يمنعهم أحد.
أزمة «جلسة التصوير» المثيرة للجدل، ليست الأولى من نوعها، بالمواقع الأثرية بالجيزة، فقد شهدت منطقة أهرامات الجيزة عدداً من الوقائع الشهيرة، خلال السنوات الماضية من بينها، تصوير سائح دنماركي الجنسية مقاطع «مسيئة» فوق قمة الهرم الأكبر «خوفو»، العام الماضي، وفي عام 2015 ظهرت ممثلة روسية بشكل غير لائق بالمنطقة الأثرية ذاتها في مقطع فيديو ما أثار موجة من الغضب في مصر. هذا بالإضافة إلى وقائع تسلق وتصوير مخالفة وانتحار أيضاً في منطقة أهرامات الجيزة القريبة من منطقة سقارة.
وأعلنت مصر منذ أسبوعين عن اكتشاف 100 تابوت خشبي ملون، و40 تمثالاً في منطقة سقارة الأثرية، وذلك بعد نحو شهر واحد من الإعلان عن اكتشاف 59 تابوتاً بالمنطقة ذاتها التي يؤكد أثريون أنها «ما زالت تخفي الكثير من الأسرار، وأن هذه الاكتشافات هي مقدمة لاكتشافات أخرى سيعلن عنها في السنوات المقبلة».
وترجع تسمية منطقة سقارة إلى إله الجبانة «سوكر»، وهي إحدى المناطق الموجودة على قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونيسكو منذ عام 1979، ومن أشهر آثارها هرم زوسر المدرج أول بناء حجري في التاريخ، وهي منطقة أثرية مهمة تعادل أهمية مدينة الأقصر التاريخية من حيث وجود الجبانات بها، إذ يتم وصفها بأنها «أقصر الشمال».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».