قرية إيطالية ثانية تبيع المنزل بدولار واحد مقابل ترميمه والعيش فيه

على المشترين التعهد بتجديد العقار المشترى في غضون 3 سنوات من تاريخ الشراء
على المشترين التعهد بتجديد العقار المشترى في غضون 3 سنوات من تاريخ الشراء
TT

قرية إيطالية ثانية تبيع المنزل بدولار واحد مقابل ترميمه والعيش فيه

على المشترين التعهد بتجديد العقار المشترى في غضون 3 سنوات من تاريخ الشراء
على المشترين التعهد بتجديد العقار المشترى في غضون 3 سنوات من تاريخ الشراء

في خلال شهر واحد ظهرت ثلاثة إعلانات تعرض امتلاك منزل في قرية إيطالية مقابل مبلغ زهيد للغاية (1 دولار). يمكن وضع هذه الإعلانات في خانة الأحلام إذا أردت، ولكن من الواضح أن هناك قرى في إيطاليا تعاني من هجرة سكانها وتردي حالة مبانيها القديمة، وهناك اعتقاد من قبل مسؤوليها أن إعلانات كهذه ستجذب أناساً يحبون الحياة البسيطة في قرى جبلية جميلة بمناظر خلابة مكتملة بالطعام الإيطالي اللذيذ.
وحسب تقرير لوكالة «سي إن إن» أمس، فهناك عرض جديد وهذه المرة من منطقة موليزي بجنوب إيطاليا، وتحديداً من قرية اسمها «كاستربينيانو» تبعد مسافة 140 ميلاً إلى الجنوب الشرقي من العاصمة روما، وتتميز بقلعة ترجع للعصور الوسطى.
وبشكل مختلف عن قرى أخرى عرضت تملك منازلها القديمة مقابل ترميمها، يريد عمدة المدينة نيكولا سكابيلاتي أن يجري الأمور بطريقة مختلفة، فهو لا يريد طرح المباني في المزاد أو منحها لمن يدفع، بل يرغب في العمل مع الراغبين في الشراء من أجل الحصول على المنزل المناسب لهم من بين 100 منزل مهجور في القرية.
وحسب «سي إن إن»، قال سكابيلاتي عن ذلك «تعمل خطة الإسكان هنا بصورة مختلفة بعض الشيء. إنني أعمل على مسارين متوازيين، التواصل مع المشترين المحتملين والمالكين القدامى للمباني المهجورة في الوقت نفسه، وخطوة بخطوة، أحاول أن أجعل الطلب يلبي العرض».
سكابيلاتي لديه خطة محددة ويريد من المهتمين أن يتواصلوا معه شخصياً على البريد الإلكتروني مباشرة، موضحين تصورهم والهدف من شراء المنزل، ويقول «أرحب بأي شخص يرغب في شراء منزل جديد في قريتنا وأدعوه لمراسلتي بالبريد الإلكتروني مباشرة (nicola.scapillati[AT]me.com) مع عرض تفاصيل خطة إعادة تصميم المبنى وما الهدف الذي يرغب في شراء العقار من أجله – بمعنى أن يجعله منزلاً يعيش فيه، أو محلاً تجارياً، أو متجراً للحرف أو الفنون».
وأضاف سكابيلاتي يقول «ينبغي على المشترين المحتملين عرض أي متطلبات ربما تكون لديهم بشأن المبنى، مثل تسهيل وصول الأشخاص الذين يستخدمون الكراسي المتحركة. فإن القرية صغيرة للغاية ولا يمكن للسيارات أن تتحرك فيها بحرية كبيرة بسبب ضيق الشوارع والسلالم فيها».
وكلما كان الطلب أكثر تحديداً كان من اليسير العثور على المسكن المناسب والاتصال المباشر بالمالك الحالي للمبنى.
ومن أجل إضفاء الصفة الرسمية على الإجراءات، قام العمدة سكابيلاتي بإرسال الإخطارات إلى السفارات الإيطالية في الخارج، لإحاطتهم علماً بالمشروع الجاري في قريته الصغيرة.
ولكن، ما هي الفائدة من ذلك؟ هناك بالطبع شروط خاصة لكل مشروع. إذ لا بد على المشترين التعهد بتجديد العقار المشترى في غضون 3 سنوات من تاريخ الشراء، وسداد دفعة ضمان بقيمة 2000 يورو (2378 دولاراً)، تلك التي يتم استردادها بمجرد انتهاء أعمال تجديد العقار المتفق عليها.
ولقد بدأ هذا المشروع في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الحالي، عندما أبلغت السلطات الإيطالية أصحاب العقارات المهجورة في القرية بأنهم إن لم يقوموا بتجديد العقارات بأنفسهم، فسوف تتدخل المدينة للاستحواذ عليها لاعتبارات تتعلق بالسلامة العامة.
وحتى الآن، وافق العديد من أصحاب العقارات على تسليم المباني المملوكة لهم بالفعل؛ حرصاً منهم على التخلي عن المنازل التي سوف يكلف هدمها أموالاً كثيرة.
ويشعر العمدة سكابيلاتي بثقة كبيرة في أن 50 في المائة من أصحاب العقارات سوف يشاركون في الأمر. وإن لم يفعلوا، سوف يتحرك مجلس البلدية لمصادرة المنازل التي لا يستجيب أصحابها لقرارات السلطات المحلية، ويعرضها للبيع على النحو المذكور سالفاً.
وفي الأثناء ذاتها، تواصل العشرات من الأشخاص المهتمين بالعرض من أوروبا مع سكابيلاتي وطلبوا شراء المنازل في قريته. وهو يأمل – بمعاونتهم – أن تستعيد القرية بهجتها ورونقها، وأن تصبح أكثر أماناً عن ذي قبل.
يقول عمدة القرية «إنه يؤلمني كثيراً أن أرى جماليات موقعنا التاريخي العتيق وقد تشوهت بسبب المنازل الآيلة للسقوط والعقارات المتداعية فيها. إنه لأمر يبعث على الحزن والخطورة في آن واحد. وفي غياب أعمال الترميم والتجديد الضرورية، سوف تشكل هذه المباني تهديدات جمة. فربما تنهار في أي لحظة، وهي من أهم المسائل لكي تكون قريتنا آمنة للجميع».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».