«جنة هَنا»... مرثية حزينة لغياب القيم وافتقاد القدوة

مسرحية مصرية تركز على صراع الأم وابنتها

لقطة من العرض المسرحي المصري «جنة هَنا» (الشرق الأوسط)
لقطة من العرض المسرحي المصري «جنة هَنا» (الشرق الأوسط)
TT

«جنة هَنا»... مرثية حزينة لغياب القيم وافتقاد القدوة

لقطة من العرض المسرحي المصري «جنة هَنا» (الشرق الأوسط)
لقطة من العرض المسرحي المصري «جنة هَنا» (الشرق الأوسط)

هل يمكن للأم مهما أوتيت من قوة الشخصية والقدرة على الاستقلالية أن تعوض غياب الأب عن البيت، لا سيما حين يكون هناك أبناء؟ الإجابة تأتي بالنفي عبر صناع العرض المسرحي المتميز «جنة هَنا» والذي يقام حالياً على مسرح «الغد» التابع لوزارة الثقافة بالقاهرة، حيث يقدم العمل مرثية حزينة لزمن تغيب فيه القيم وتتراجع القدوة، ويختل ميزان الأولويات لدى البيت المصري والعربي من خلال حبكة جيدة وصراع درامي متصاعد لا يعيبه سوى زيادة جرعة الميلودراما والدموع، حسب نقاد.
العرض الذي كتبته صفاء البيلي، يبدأ بإضاءة تدريجية مسلطة على سرير قديم الطراز من النوع المعروف لدى أبناء الريف والطبقة المتوسطة قديماً في مصر، تتحسسه بأسى الأم «هَنا» التي تجسد شخصيتها الفنانة عبير الطوخي، بينما ابنتها «جنة» التي تجسد شخصيتها الفنانة هالة سرور تفور بالغضب والنقمة على هذا السرير، مطالبة أمها ببيعه فوراً، تتمسك الأم به، مؤكدة أنه يحمل إرثاً من الذكريات الحميمة ويحوي في طياته أجمل محطات العمر مع زوجها محمود الذي تحتفظ له بصورة قديمة في صالون المنزل، تسخر الابنة من هذا المنطق وتتهم أمها بالتعلق بخيوط واهية من الأمل، حيث إن الزوج غائب منذ ثلاثين عاماً، ومع ذلك تصر «هَنا» على أنه سوف يعود يوماً ما، تدافع الأم عن الأب الغائب، مؤكدة أنه إنسان طيب القلب، وترسم صورة مثالية له على المستويين الأخلاقي والإنساني، تنفجر «جنة»، مؤكدة أنها ترفض تلك الصورة ولم تشعر يوماً أن لها أباً؛ إذ رحل للعمل في بلد آخر قبل أن تراه ولم يكلف يوماً خاطره بزيارة، مكتفياً بخطابات قديمة يحتوي كل منها على كلمات اعتذار عن الغياب مع «شيك» بمبلغ مالي «معتبر».
تغرق «جنة» في نوبات من الصراخ والبكاء على هيئة «مونولوج» تتوجه فيه بحديثها إلى الجمهور حول تعاستها، حيث فشلت في الزواج مرتين وتعيش في وحدة وتعاني على الصعيد المهني، في حين تبدو علاقتها بأمها على صفيح ساخن، حيث تتهمها بأنها المسؤولة المباشرة عن الإخفاقات العديدة التي مُنيت بها. الأم بدورها تنهار عصبياً وتغرق في الحزن والبكاء وهي تدافع عن نفسها في مونولوج هي الأخرى، أجادت الممثلتان في التعبير عن المصير التراجيدي في تلك المونولوجات فحصدتا التصفيق في نهاية كل موقف.
ورغم أن محمد صابر، مخرج العرض، لجأ إلى الاستعراضات الغنائية المبهجة؛ في محاولة لتغيير الإيقاع القاتم للعمل، فإن محاولته لم تحقق النجاح المنشود، لا سيما أن هذه الاستعراضات جاءت محملة بالحزن هي الأخرى ومفعمة بأشعار حزينة كتبها الشاعر الكبير مسعود شومان، أضف إلى ذلك قتامة الديكورات التي جاءت أغلبها باللون الأسود ليكرس من تلك الحالة، فضلاً عن الخلفية الموسيقية الحزينة التي ظلت ترافق البطلتين في اشتباكهما طوال العرض.
وعن أسباب حماسه لإخراج هذا النص، يقول صابر لـ«الشرق الأوسط»، «إن القضية التي تعالجها المسرحية حساسة وشائكة، ومغرية فنياً»، موضحاً «نتحدث هنا عن الأزمات المسكوت عنها في البنية التحتية للأسرة العربية، حيث التفكك العائلي وغياب القدوة واختفاء ربان السفينة الذي هو الأب؛ مما ينتج منه العديد من الكوارث التي نرفض الاعتراف بها ونتظاهر كذباً أن كل شيء على ما يرام». مشيراً إلى أن «العرض يتطرق بقوة إلى الصراع النفسي، حامي الوطيس بين جيلين مختلفين، كما يكشف عن طريقة الجيل الجديد في التفكير من خلال الاشتباك الدرامي بين هَنا وابنتها جنة، فأبناء الجيل الجديد لا يتسمون بالتسامح، ولديهم قائمة طويلة من الاتهامات العنيفة والقاسية موجهة للجيل القديم، لكن - وكما رأينا في نهاية العرض - حين تلقى الأم حتفها يتغير كل شيء، وتبدأ الابنة في مراجعة كل قناعاتها حتى أنها ترتدي نفس طرحتها وملابسها في تعبير رمزي عن مدى تفهمها لما سبق وكانت ترفضه من أمها.
ورداً على سؤال بشأن جرعة التراجيديا الزائدة في العرض وكيف تعامل معها، يؤكد المخرج أن «الجرعة كانت بالفعل زائدة لكن ضمن سياق درامي مبرر يتمثل في مأساة حقيقية تعيشها أسرنا المعاصرة»، لافتاً إلى أنه «مع ذلك حاول التخفيف من وطأة تلك التراجيديا من خلال شخصية كوميدية هي بائع الروبابيكيا، الذي أضفى على العرض جواً من البهجة عبر نكاته وتعليقاته التي أثارت ضحكات الجمهور».



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.