احتجاج برلماني جزائري لدى بعثة الاتحاد الأوروبي

رداً على لائحة تدين «انتهاكات لحقوق الإنسان»

TT

احتجاج برلماني جزائري لدى بعثة الاتحاد الأوروبي

أعلن برلمانيون جزائريون عزمهم تسليم احتجاج مكتوب لرئيس بعثة الاتحاد الأوروبي في البلاد، رداً على لائحة أصدرها برلمان الاتحاد الخميس الماضي، تدين «انتهاك حقوق الإنسان في الجزائر». واستنكرت وزارة الخارجية الجزائرية بشدة، ما وصفته بـأنه «تحامل وإهانة».
وأطلق فكرة التوجه إلى مقر البعثة الأوروبية، عضو «مجلس الأمة» (الغرفة البرلمانية الثانية) عبد الوهاب بن زعيم، الذي ينتمي لحزب «جبهة التحرير الوطني» الذي صرَح أمس، بأنه عرض المبادرة على زملاء له بـ«المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة الأولى)، للانخراط فيها، وأكد موافقة لخضر بن خلاف قيادي «جبهة العدالة والتنمية» الإسلامي، وناصر حمدادوش قيادي «حركة مجتمع السلم» الإسلامية، وهما حزبان معارضان.
وذكر بن زعيم أن النواب الأوروبيين «اجتمعوا من أجل قضية لا تعنيهم، بينما نحن سنجتمع حضورياً وعلنياً يوم الثلاثاء صباحاً، أمام مقر بعثة الاتحاد الأوروبي، في قضية تعنينا بالدرجة الأولى... لا للتدخل الأجنبي». وسبق لسفير الاتحاد الأوروبي بالجزائر، جون أورورك، أن صرح العام الماضي على احتجاج على لائحة مماثلة، بأن حكومات الاتحاد لا «تملك أي سلطة على شؤون البرلمان الأوروبي».
وذكرت الكتلة البرلمانية لـ«حركة مجتمع السلم» في بيان أمس، أن لائحة البرلمان الأوروبي التي تتعاطى مع ملاحقة نشطاء «الحراك» وسجنهم، ومع «التضييق على وسائل الإعلام»، وإغلاق بعضها، «تعد تدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية واستفزازاً صارخاً للشعب الجزائري، الرافض لكل الأجندات الخارجية والمتمسك دوما بهويته وثوابته». وأفاد البيان بأن «ما تشهده بعض الدول والشعوب من حروب وانتهاكات، أولى بالاهتمام من طرف المجتمع الدولي». مبرزاً أن «حفظ البلاد من الابتزاز والتدخل الأجنبي يكمن في تجسيد ديمقراطية حقيقية، نابعة من إرادة الشعب، وتوافق وطني قادر على صد كل أشكال الهيمنة أو التدخل في شؤوننا الداخلية».
وكانت لائحة البرلمان الأوروبي، غير الملزمة قد أثارت سخطاً واسعاً لدى الجزائريين، وجاء فيها أن «الاعتقالات السياسية والاحتجاز التعسفي للحراك السلمي والنشطاء النقابيين والصحافيين، في تزايد منذ صيف 2019، وذلك في انتهاك للحقوق الأساسية للمحاكمة العادلة والإجراءات القانونية الواجبة؛ في حين أن الرقابة والمحاكمات والعقوبات الشديدة لوسائل الإعلام المستقلة، التي غالباً ما تتهم بالتآمر مع قوى أجنبية ضد الأمن القومي، تستمر رغم النهاية الرسمية لحكومة بوتفليقة».
وقالت وزارة الخارجية الجزائرية في بيان، أول من أمس، إن اللائحة «تتضمن إساءات وإهانات ضد الشعب الجزائري ومؤسساته، وكذا الدولة الجزائرية، وسيترتب عنها مساس بعلاقات الجزائر مع شركائها الأوروبيين، في حين أن كل المؤشرات تميل إلى تعزيز الحوار والتعاون في كنف الهدوء وروح المسؤولية». وأكدت الخارجية أنها «تكذب الاتهامات الباطلة المتداولة في ردهات البرلمان الأوروبي، التي تمت ترجمتها في نص هذه اللائحة الأخيرة. كما تستنكر اللهجة الحاقدة التي تشوبها روح الاستعلاء لهذا النص، الذي أبان عن العداء الدفين الممتد للحقبة الاستعمارية الذي تكنه بعض الأوساط الأوروبية للشعب الجزائري، ولخياراته السيادية». وتشير الخارجية، ضمناً، إلى أن المسعى يقف وراءه نواب فرنسيون.
وأضاف البيان أن الجزائر «تقيّم علاقاتها مع شركائها الأوروبيين، على أساس مبادئ المساواة في السيادة والاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخر، ولا يمكنها قبول تدخلات أي مؤسسة أوروبية، حتى ولو كانت منتخبة، في شؤونها الداخلية بهذه الصورة الفظة والمرفوضة». وتابع البيان أن «الوثيقة تتضمن ادعاءات خطيرة وخبيثة، واتهامات باطلة أطلقها برلمانيون ضد السلطات الجزائرية، تتراوح بين الاعتقال التعسفي وأعمال التعذيب المزعوم ارتكابها، ضد أعضاء من الحراك اعتقلتهم الأجهزة الأمنية».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.