«جدة التاريخية» جاهزة لاستقبال مليون سائح هذا الأسبوع

15 فعالية ترفيهية منها مركب أهل البلد والبيت الحجازي ومسرحيات بالأمثال الحجازية والألعاب القديمة

«جدة التاريخية» جاهزة لاستقبال مليون سائح هذا الأسبوع
TT

«جدة التاريخية» جاهزة لاستقبال مليون سائح هذا الأسبوع

«جدة التاريخية» جاهزة لاستقبال مليون سائح هذا الأسبوع

بشعار «شمسك أشرقت» وتوقعات بوصول الزوار إلى مليون سائح ينطلق اليوم مهرجان جدة التاريخية في نسخته الثانية.
ويشمل حفل افتتاح المهرجان الذي يحضره الأمير سلطان بن سلمان، والأمير مشعل بن ماجد محافظ جدة رئيس اللجنة العليا لمهرجان جدة التاريخية، والأمير مشعل بن عبد الله بن عبد العزيز أمير منطقة مكة المكرمة رئيس مجلس التنمية السياحية بالمنطقة رئيس اللجنة العليا لتطوير جدة التاريخية، عرض أوبريت «شمسك أشرقت في الكون»، من كلمات الشاعر الدكتور عبد الإله جدع، وأداء المطربين الدكتور عبد الله رشاد، وطلال سلامة، وماجد عادل.
ويتضمن الأوبريت الذي يشارك فيه 100 عارض من الفرق الفنية الشعبية 4 لوحات فنية تراثية، الأولى تتعلق «بأهل جدة زمان أول، وكيف كانت الحياة الاجتماعية، وما ساد فيها من حب وتكافل وتناغم»، بينما تصور اللوحة الثانية، وعنوانها «شوية عتب»، كيف ترك الأحفاد جدة وحيدة منعزلة.
وتوضح اللوحة الثالثة «شوق وحنين»، كيف عاد الحنين والشوق إلى أهل جدة التاريخية، متحدثا فيها عن لسان الحال، فيما تتحدث اللوحة الرابعة، عن عودة إشراق شمس جدة اليوم، لتعويض صبرها، وجاء الأوبريت بكلمات تعبر عن استخدامات الألفاظ الحجازية الدارجة في الحقبة الماضية.
ورحب الأمير مشعل بن ماجد محافظ جدة رئيس اللجنة العليا لمهرجان جدة التاريخية بالزوار والسياح المواطنين والمقيمين الذين سيحضرون المهرجان ومشاهدة فعالياته التي رُفعت إلى 90 فعالية.
وقال إن المهرجان يهدف إلى تأصيل هوية المنطقة وإعادة أهلها إليها، والعمل على المحافظة عليها باعتبارها تراثا لا يقدر بثمن، والإسهام في تعزيز مشروع جدة التاريخية، بعد أن سجلت في منظومة التراث العالمي، كمدينة عالمية ينبغي المحافظة على آثارها التي تعود إلى 3 آلاف عام.
ويهدف مهرجان جدة التاريخي في نسخته الثانية الذي يستمر 10 أيام إلى إضافة القيمة العظيمة للمنطقة، وحث أهلها ومالكيها على الاهتمام بترميم مبانيهم وإعادة نبض الحياة إليها.
ومن المتوقع أن يستقطب مهرجان جدة التاريخية، أكثر من مليون سائح، إلى المنطقة التي سكنتها أكثر من 536 أسرة عريقة، فيما قُدر عدد البيوت والمباني في هذه المنطقة، التي دخلت منظومة التراث العالمي للمدن العتيقة، بنحو 1866 مبنى.
ويشهد مهرجان هذا العام برامج وملتقيات وعروضا في 4 مسارات من أجل مشاهدة صور اجتماعية لما كانت عليه المنطقة التاريخية، حيث يتمثل المسار الأول في التسوق الذي يبدأ من مدخل سوق الندى الشمالي، مرورا بالسوق الكبير حتى شارع قابل، حيث يستطيع الزوار التسوق في هذا المسار، والحصول على التخفيضات والسحوبات والجوائز.
وخصص المسار الثاني للتاريخ القديم للمدينة الأثرية، إذ يبدأ من باب البنط مرورا بشارع قابل وسوق العلوي، وصولا إلى باب مكة ومشاهدة المتحف الخاص بالرياضة الجداوية ومشاهدة مسار الحجاج، وإقامة 4 ورش، منها ورشة بناء السنابيك، وورشة بناء الروشان، وورشة بناء البيت الحجازي، وورشة الخط العربي، إضافة إلى مشاهدة معرض النقوشات الجبسية.
ويبدأ المسار الثالث وهو مسار ثقافي، من برحة نصيف جنوبا وحتى مكتب العمدة على شارع الذهب، حيث جرى اعتماد 11 فعالية، منها الندوات والمحاضرات وملتقى شعراء الحجاز وفعالية «عوايد أهل أول»، وإقامة متحف الطوابع والعملات، ومتحف الجرائد، ومتحف المستندات والوثائق، ومتحف اللوحات الزيتية، ومتاحف الجهات الحكومية المشاركة، والمتحف البحري، والمتحف القديم، ودكان الكتاب الجداوي.
ويقف المسار الرابع وهو المسار الترفيهي من باب المدينة مرورا بشارع أبو عنبة وحتى برحة نصيف، ومسار للعودة يمر بمحاذاة المسجد الشافعي شرقا، وهو المسجد الشهير باسم «المسجد العتيق».
وهنا أقيم مركز مبادرة سواعد الوطن للتنمية المستدامة، حيث اختير المركز في بيت محمد صالح باعشن الذي يقدر عمره بنحو 220 عاما (بيت باعشن التاريخي)، الذي جُهز للإعلاميين والقنوات التلفزيونية والإذاعات لنقل الحدث وتقديم التسهيلات كافة.
ويشتمل مركز سواعد الوطن على إقامة معرض هيئة وكالة الأنباء السعودية الزاخر بصور ملوك المملكة، وصور الأمراء الذين تولوا منطقة مكة المكرمة، إضافة إلى صور عن المناطق الأثرية لجدة التاريخية.
ويتضمن المسار الترفيهي 15 فعالية، منها مركب أهل البلد والبيت الحجازي والفعاليات النسائية القديمة، و«هرجة أهل أول» إلى جانب مسرحيات بالأمثال الحجازية والألعاب القديمة.
كما يشاهد زوار المدينة التاريخية 20 مهنة وحرفة يدوية كانت سائدة في ذلك الزمان؛ منها الخياط و«المقينة» (عاملة تجميل) وصانعة الخوص، والنحاس، والسبح، والمفاتيح، والجواهرجي، والصراف، وصانع السفن، ومركب الأسنان، والمزين، والعطار، والقراري، والمعصرة وكاتب المحكمة والصباع. ويرى الزوار الباعة والشخصيات المتجولة بتسمياتهم القديمة؛ الفكهاني، والمهرجي، والعسال، واللبان، وعربة الكرو، وبائع الدندرمة، وبائع الدجاج، وبائع الثلج، والعسكر، والساعي، والسقا وعربة السقا، والوزان، ومصنع الاتريك، وسنان السكاكين، وموزع الأناريك، والفرقنا والحمال والمصور وبائع الشريك والخبز.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».