يفيد تقرير داخلي أعده خبراء منظمة الصحة العالمية بأن كسر سلسلة انتشار فيروس «كورونا» المستجد في العالم لن يتحقّق قبل أن يصل مستوى المناعة بين السكان إلى نسبة تتراوح بين 60 في المائة و70 في المائة.
وقالت سميّة سواميناتان، كبيرة الخبراء في المنظمة، إن المناعة الجماعية يمكن أن تتحقق بشكل طبيعي عن طريق إصابة هذه النسبة من سكان العالم بالوباء، لكن ذلك يستغرق فترة طويلة قد تدوم سنوات وتنشأ عنه خسائر بشرية فادحة. وأضافت أن السبيل الوحيد لتفادي ذلك هو توفير التمويل اللازم لمنصّة «كوفاكس» التي أطلقتها المنظمة بهدف تضافر وتنسيق جهود البحث العلمي لتطوير اللقاحات وتحديد أسعار معقولة لها وتوزيعها على جميع البلدان.
وفي برنامج هذه المنصّة التحالفية إنتاج وتوزيع ملياري جرعة لقاح على 187 دولة في العام المقبل، مع التركيز بشكل خاص على الدول الأكثر فقرا والدول متوسطة الدخل التي لا تملك القدرة على شراء هذه اللقاحات. وتشدّد المنظمة على ضرورة توزيع اللقاحات على الدول الفقيرة في نفس الوقت الذي توزّع على الدول الغنيّة، لأن السيطرة على الوباء في مناطق من العالم دون غيرها لن تكفي للقضاء عليه بصورة نهائية.
وحسب آخر بيانات منظمة الصحة، بلغ مجموع التبرّعات التي قدّمتها الدول من المساعدات الرسمية للتنمية والقطاع الخاص والمؤسسات الخيرية ملياري دولار أميركي، ربعها من المفوضية الأوروبية.
وتقول الناطقة بلسان تحالف اللقاحات العالمي إن المنصّة تحتاج إلى 5 مليارات دولار لتوزيع ملياري لقاح على الدول المحتاجة في العام المقبل. وتنبّه إلى أن التمويل وحده لن يكفي لضمان شراء اللقاحات وتوزيعها على الجميع.
- تنديد «أوكسفام»
وكانت منظمة «أوكسفام» قد ندّدت بأن أكثر من نصف جرعات اللقاحات التي بلغت الشوط الأخير من مراحل التطوير هي مملوكة، بموجب عقود، من الدول الغنيّة التي لا تمثّل سوى 13 في المائة من مجموع سكّان العالم. ودعت إلى توفير اللقاحات الفعّالة للجميع بغضّ النظر عن قدراتهم الاقتصادية أو المناطق التي يعيشون فيها.
وتشدّد منظمة الصحة العالمية على أن توزيع اللقاحات بالتساوي والإنصاف على الجميع لا تمليه الاعتبارات الأخلاقية فحسب، بل هو في مصلحة كل الدول لأن العالم لن يعود إلى وضعه الطبيعي بالكامل من غير تغطية مناعية كافية تقضي على المرحلة الحادة لانتشار الوباء وتسمح باستئناف حركة السفر والتجارة.
ويقول أورين ليفين، المسؤول عن توزيع اللقاحات في مؤسسة ميليندا وبيل غيتس: «كلّنا نعيش على كوكب واحد وليس من المقبول أن يكون الحصول على اللقاح أو العلاج مرتبطا بالمكان الذي نولد فيه، ولا يجب أن ننسى أن أحدا لن يكون في منأى عن خطر الوباء ما لم نكن جميعا في منأى عنه».
وردّا على بعض الآراء التي تشير إلى أن عدد الإصابات والوفيّات في البلدان النامية أدنى بكثير من البلدان الغنيّة وأنه قد لا تكون هناك حاجة لتلقيح جميع السكّان في هذه البلدان، يقول بنجامين شرايبر من منظمة «يونيسف»: «لا نعرف ما هو معدّل انتشار الفيروس في الكثير من البلدان النامية بسبب من عدم قدرتها على الفحص والتشخيص، وليس صحيحا القول بأن معدّل الانتشار فيها أقل من الدول الغنيّة. هذه جائحة عالمية تسري في كل أنحاء العالم، ومن غير المقبول أن تستأثر الدول المقتدرة بكل وسائل التلقيح والعلاج ويُترك الفقراء لمصيرهم».
المسؤولون عن برنامج «كوفاكس» في منظمة الصحة يتوقعون استكمال تمويل المنصّة قبل نهاية العام المقبل بعد الاختراقات العلمية غير المسبوقة التي يشهدها تطوير اللقاحات، ويحضّون الدول على الإسراع في وضع خطط متكاملة للتلقيح وتوفير المستلزمات اللوجيستية التي تضمن تخزينها وتوزيعها بأمان وفاعلية.
- قدرة محدودة
ويقول خبراء المنظمة إن ثمّة دولا قد شكّلت فرق عمل باشرت في التعاون مع الأخصائيين لتحضير استقبال اللقاحات وتخزينها والاستعداد لتوزيعها على السكّان، لكن ينبّهون إلى أن القدرة الراهنة للإنتاج ما زالت محدودة وأن العرض سيكون دون الطلب حتى نهاية عام 2022 حسب تقديرات شركات الأدوية.
وفيما تطالب جهات عدة شركات الأدوية بالتنازل عن براءات إنتاج اللقاحات ومساعدة البلدان النامية لتمكينها من إنتاج اللقاحات التي تحتاج إليها، تردّ هذه الشركات بأن بناء مصانع لإنتاج اللقاحات يقتضي قدرا كبيرا من المهارات الفنيّة الدقيقة والبنى التحتية اللوجيستية، وإنه من المستحسن في هذه المرحلة التركيز على إيصال اللقاحات إلى الدول المحتاجة ومساعدتها في تخزينها وتوزيعها، خاصة في الأرياف والمناطق النائية. لكن «يونيسيف» تقول إنها تتعاون منذ سنوات مع تحالف اللقاحات الدولي لتحديث منشآت سلسلة التبريد في الكثير من البلدان النامية، وإن هذه المنشآت جاهزة لتخزين اللقاحات ضد (كوفيد - 19).
وتذكّر بعض الجهات العلمية بأنه حتى التجهيزات اللوجيستية وحدها قد لا تكفي في البلدان الفقيرة، حيث لا تزال لقاحات أخرى دون المستوى اللازم من التغطية، رغم الجهود التي بذلها التحالف منذ إنشائه في عام 2000، وأن حملة التلقيح ضد (كوفيد - 19) ستواجه تحديات إضافية من حيث ضخامتها وما يستلزم توزيع اللقاحات من تجهيزات لوجيستية. يضاف إلى ذلك، كما يقول الناطق بلسان مؤسسة «غيتس»، أن هذه الحملة ما زالت تواجه نسبة عالية من التشكيك في صفوف المواطنين من حيث فاعليتها وسلامتها، ويدعو الدول إلى تعزيز حملات التوعية لشرح أهمية تناول اللقاح والعوارض المحتملة التي يمكن أن تنشأ عنه.
مليارا جرعة من اللقاح العام المقبل... ولا تغطية عالمية قبل نهاية 2022
مليارا جرعة من اللقاح العام المقبل... ولا تغطية عالمية قبل نهاية 2022
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة