السعودية تحصد 6 جوائز في الدورة الأولى من «التميز الحكومي العربي»

«التجارة» في المملكة تتوج بأفضل وزارة عربية ووزيرة التخطيط المصرية كأفضل وزير

جانب من اجتماعات الجائزة السابقة (الشرق الأوسط)
جانب من اجتماعات الجائزة السابقة (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تحصد 6 جوائز في الدورة الأولى من «التميز الحكومي العربي»

جانب من اجتماعات الجائزة السابقة (الشرق الأوسط)
جانب من اجتماعات الجائزة السابقة (الشرق الأوسط)

حازت الجهات والمبادرات الحكومية السعودية نصيب الأسد في سباق الدورة الأولى لجائزة التميز الحكومي العربي، والتي أطلقتها حكومة الإمارات بالتعاون مع جامعة الدول العربية، ممثلة في المنظمة العربية للتنمية الإدارية بهدف الإسهام في التطوير الإداري والتميز المؤسسي الحكومي، وتحفيز الفكر القيادي، والاحتفاء بالتجارب الإدارية والحكومية الناجحة في الوطن العربي.
وحصلت السعودية على 6 جوائز، حيث توجت وزارة التجارة السعودية بجائزة أفضل وزارة عربية ضمن الجوائز المؤسسية، فيما حازت هيئة الغذاء والدواء في السعودية بجائزة أفضل هيئة حكومية عربية.
وتم الإعلان عن الجوائز في حفل أقيم برعاية الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، حيث أعلن مجلس أمناء جائزة التميز الحكومي العربي عن أسماء الفائزين بجوائز الدورة الأولى، وذلك خلال حفل افتراضي شارك فيه عدد من الوزراء والمسؤولين ومن ممثلين من الحكومات العربية، وبحضور أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية وأعضاء مجلس أمناء الجائزة.

تطوير المؤسسات

وقال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي: «نبارك للفائزين، ونقول لكل من رشح ولم يفز استمر في التطوير، ولكل المسؤولين الحكوميين العرب، لا تتوقفوا عن تطوير مؤسساتكم، استقرار عالمنا العربي، وتطور اقتصاده، وازدهار حياته، وبناء مستقبل أبنائه كله بيدكم، مهمتكم عظيمة وتاريخية».
وأضاف «أبارك لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان فوز وزارة التجارة في المملكة، كأفضل وزارة في العالم العربي من بين أكثر من 5 آلاف مشاركة حكومية عربية، (رؤية 2030) التي يقودها الأمير محمد أفرزت تجارب عربية حكومية غير مسبوقة تنافس العالمية».

وزارة التجارة السعودية

وجاء فوز وزارة التجارة السعودية بجائزة التميز الحكومي العربي كأفضل وزارة عربية من بين أكثر من 5 آلاف مشاركة حكومية عربية، نتيجة للتميز المؤسسي وفق أفضل المعايير الدولية، وتبني مفاهيم الابتكار والتطوير، وحوكمة الأداء لتحقيق الأهداف والاستراتيجيات المرتبطة بالرؤية.
كما حققت الوزارة جائزة أفضل خدمة حكومية على مستوى العالم العربي عن خدمة «أسس شركتك» التي تُمكن من التأسيس الإلكتروني للشركات خلال 30 دقيقة بعد أتمتة جميع الإجراءات.
وأكد الدكتور ماجد القصبي وزير التجارة السعودي أن «فوز وزارة التجارة بجائزة التميز الحكومي العربي التي يرعاها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم كأفضل وزارة عربية إنجاز جديد لوطننا الغالي، وهو إحدى ثمار (رؤية المملكة 2030)، مشيدا بالجهود الإبداعية والعمل الدؤوب لفريق عمل التجارة».
وعملت وزارة التجارة خلال السنوات الماضية على إعادة الهيكلة واعتماد هيكل تنظيمي جديد يتواءم مع (رؤية 2030) ليشمل وكالة خاصة لخدمة العملاء، وإدارة عامة لحوكمة الأعمال ومكتب لإدارة التحول في الوزارة، كما حدثت استراتيجيتها لأعمالها للارتقاء بالبيئة التجارية ومواءمتها مع مستهدفات الرؤية، ولكي تكون نموذجا للتميز المؤسسي على مستوى المنطقة.
واستقطبت الوزارة الكفاءات المؤهلة في مختلف المجالات، وعملت على تعزيز الارتباط الوظيفي، حيث وصل إلى 80 في المائة في 2019، ويعد أعلى من المعدل العالمي، والأعلى بين الجهات الحكومية خلال 3 سنوات متتالية، وارتفعت نسبة الموظفين الذين تم تدريبهم لتتجاوز 90 في المائة، كما عززت المشاركة المجتمعية للموظفين والتوسع في تدريب وتأهيل الشباب والطلاب، وتطبيق كل بنود مواصفة المسؤولية المجتمعية «آي إس أو 2600» وحرصت الوزارة في أعمالها على تسهيل بدء وممارسة النشاط التجاري، حيث تم اختصار 5 إجراءات في خطوة واحدة لبدء العمل التجاري إلكترونيا، وتقليص مدة تأسيس الشركات من 15 يوما إلى 30 دقيقة، وأتمتة الخدمات لترتفع نسبة العملاء الذين تتم خدمتهم إلكترونيا إلى 97 في المائة، إضافة إلى التوسع في مراكز العملاء بمفهوم الموظف الشامل.
وتم تعزيز منظومة التشريعات بإعداد وتطوير قرابة 60 تشريعا، تشمل: أنظمة وتنظيمات ولوائح، أبرزها: «نظام التجارة الإلكترونية، نظام الامتياز التجاري، نظام الشركات المهنية، نظام الرهن التجاري، نظام مكافحة التستر» وغيرها.
وأسهمت الإصلاحات والتحسينات التي نفذتها الوزارة في تحقيق السعودية لقفزة نوعية بـ103 مراتب في مؤشر بدء النشاط التجاري - الذي تشرف عليه الوزارة - وصولا للمرتبة 38 عالميا، والمرتبة الـ3 عالميا في مؤشر حماية أقلية المستثمرين بحسب تقرير سهولة الأعمال 2020 الصادر عن البنك الدولي، كما تعد السعودية ضمن أبرز 10 دول نموا في التجارة الإلكترونية، وأسهمت جهود التحول الرقمي في تصنيف تعاملات الوزارة ضمن الفئة البلاتينية في نضج الخدمات الإلكترونية بحسب برنامج (يسّر) للتعاملات الإلكترونية.

الجوائز الفرعية

وفي فئة الجوائز الفرعية للجائزة، حاز مشروع «الاستخدام الأمثل للمضادات الحيوية» من وزارة الصحة في البحرين بجائزة أفضل مشروع حكومي عربي لتطوير القطاع الصحي، وحصلت كل من خدمة حوكمة المعلومات الاقتصادية والجمركية لتسهيل التجارة «أفق» من شؤون الجمارك بوزارة الداخلية في البحرين، وخدمة «فرجت» التابعة للمديرية العامة للسجون بوزارة الداخلية في السعودية، وخدمة «الترخيص المتنقل» للأمن العام في الأردن على جائزة أفضل مبادرة لتجربة تطويرية حكومية. وحصل مشروع بنبان للطاقة الشمسية في مصر بجائزة أفضل مشروع حكومي عربي لتطوير البنية التحتية، ومشروع صناعة النخبة من وزارة شؤون الشباب والرياضة في البحرين على جائزة أفضل مشروع حكومي عربي لتمكين الشباب.
وحصد كل من مشروع الدعم التكميلي «تكافل» بصندوق المعونة الوطنية في الأردن، ومشروع خطوة للمشاريع المنزلية بوزارة العمل والتنمية الاجتماعية في البحرين على جائزة أفضل مشروع حكومي عربي لتنمية المجتمع.
ونالت منظومة الابتكار في وزارة العمل في عمان جائزة أفضل مشروع حكومي عربي لتطوير التعليم، وفي جائزة أفضل تطبيق حكومي عربي ذكي، فقد فاز بها كل من تطبيق «المستشار العقاري» من صندوق التنمية العقارية في السعودية، وتطبيق النظام الوطني للمقترحات والشكاوى «تواصل» لهيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية في البحرين، وتطبيق «أسس شركتك» التابعة لوزارة التجارة في السعودية.
قواعد وشروط عمل جديدة
وقال محمد القرقاوي وزير شؤون مجلس الوزراء رئيس مجلس أمناء جائزة التميز الحكومي العربي خلال كلمته في الحفل: «في ظل الأوضاع التي يفرض فيها وباء (كوفيد - 19) قواعد وشروط عمل جديدة في العالم، فإنّ جائزة التميز الحكومي العربي لم تكن لتأتي في وقت أفضل، فأهداف الجائزة وآفاقها تترجم الرؤية التي انطلقت منها في الأساس؛ وهي إعادة تصميم حكومات المستقبل في الوطن العربي، بحيث تعمل على استحداث آليات عمل حديثة وتطوير أدوات وحلول مبتكرة للتصدي للتحديات المستجدة».
من جانب آخر أكد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية أن «جائزة التميز الحكومي العربي تستهدف كافة الجهات الحكومية، والقيادات والموظفين الحكوميين في الدول العربية، ولأنها جائزة متخصصة بالتميز الحكومي العربي، وتهدف إلى نشر ثقافة الجودة والتميز في المؤسسات الحكومية العربية بما يعزز ممارسات الحوكمة الرشيدة والتوظيف الأمثل للموارد، وخلق فكر قيادي إيجابي لتبني مفهوم التميز، وتركز على تحسين الأداء والتطوير المستمر في الأجهزة الحكومية العربية، ولأنها بمثابة منصة لتبادل أفضل الممارسات والتجارب الحكومية العربية».
من جانب آخر، أكد الدكتور ناصر علي القحطاني مدير عام المنظمة العربية للتنمية الإدارية أن جائزة التميز الحكومي العربي تهدف إلى توفير خريطة طريق عربية للوصول إلى تميز المؤسسات العربية، وما كان لهذه الفكرة لترى النور لولا الدعم الذي حصلت عليه المبادرة من حكومة دولة الإمارات والرعاية الكريمة للشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.
الجوائز الفردية

تم الإعلان عن الفائزين في الجوائز الفردية وتكريم الأفراد ذوي الأداء المميز، الذين استطاعوا ترك أثر كبير وتغيير إيجابي على الجهات التي ينتمون إليها أو على القطاعات التي يعملون بها.
وفازت الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية في مصر بجائزة أفضل وزير عربي، والتي تم تقييمها من قبل شركة خارجية، كما فاز بجائزة أفضل محافظ عربي اللواء عادل الغضبان محافظ محافظة بورسعيد في مصر، وفاز في جائزة أفضل مدير عام لهيئة أو مؤسسة عربية، المهندس محمد الموكلي الرئيس التنفيذي لشركة المياه الوطنية في السعودية، وحصد أحمد المنفوحي مدير بلدية الكويت جائزة أفضل مدير بلدية في المدن العربية.
فيما نال الجائزة في فئة أفضل موظف حكومي عربي العقيد صلاح الدين الطرابشة استشاري جراحة القلب في مركز الملكة علياء لأمراض وجراحة القلب في الأردن، وجائزة أفضل موظفة حكومية عربية لمنى مشعل، وهي باحثة رئيسية ومستشارة لشؤون وقاية النبات في المركز الوطني للبحوث الزراعية في الأردن، ونهى السيد، مديرة المركز التكنولوجي بحي منتزه أول في مصر.

مصر تحتفي بحصد 4 جوائز

احتفت الحكومة المصرية، أمس، بحصد 3 من مسؤوليها وأحد مشروعاتها لأربع جوائز للتميز الحكومي العربي، والتي تنظمها دولة الإمارات العربية بالتعاون مع جامعة الدول العربية، وتلقت نحو 5 آلاف مشاركة.
وهنأ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وقال في تغريدة على حسابه الرسمي على موقع «تويتر»: «أبارك لفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي فوز وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية هالة السعيد كأفضل وزيرة في العالم العربي... التطوير الحكومي في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي يحقق قفزات مدروسة».
وقدم مجلس الوزراء المصري التهنئة للمسؤولين المصريين الفائزين في الدورة الأولى لجائزة «التميز الحكومي العربي»، والتي تم إعلان جوائزها افتراضيا عبر تقنية «الفيديو كونفرانس»، بمشاركة أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية.
ونالت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية؛ جائزة أفضل وزير في العالم العربي، واللواء عادل الغضبان، محافظ بورسعيد؛ أفضل محافظ عربي، كما فاز مشروع مجمع «بنبان» للطاقة الشمسية بجائزة أفضل مشروع حكومي عربي لتطوير البنية التحتية، وكذلك فازت مدير المركز التكنولوجي لخدمة المواطنين في حي المنتزه أول بمحافظة الإسكندرية نهى السيد، بجائزة أفضل موظفة حكومية عربية.
وقال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي إن «هناك اهتماما واسعا من الرئيس السيسي، بملفات التحول الرقمي، وتيسير أداء الخدمات الحكومية للمواطنين»، مؤكداً على «الدور المهم، الذي تقوم به جائزة التميز الحكومي العربي، والتي يتم تنظيمها برعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بالتعاون بين حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة والمنظمة العربية للتنمية الإدارية بجامعة الدول العربية، في إحداث طفرة هائلة في الأداء الحكومي، إلى جانب تعزيز روح المنافسة لتقديم أفضل الخدمات للمواطنين في المجتمعات العربية كافة، لا سيما مع الاتجاه بقوة نحو أداء هذه الخدمات إلكترونيا في ظل التحول الرقمي الذي تشهده الدول العربية في المرحلة الراهنة».
ودعا مجلس الوزراء جميع المسؤولين والعاملين بالجهاز الإداري للدولة إلى «استمرار تعظيم الأداء كل في موقعه، لتطوير الأداء الحكومي والنهوض بمستوى الخدمات المقدمة للمواطنين، مع تفعيل المشاركة في هذه الجائزة بدوراتها المقبلة».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».