أشهر شوارع التسوق في العالم: الزينة معلقة والزبائن غائبون

شارع نيو بوند ستريت في لندن (رويترز)
شارع نيو بوند ستريت في لندن (رويترز)
TT

أشهر شوارع التسوق في العالم: الزينة معلقة والزبائن غائبون

شارع نيو بوند ستريت في لندن (رويترز)
شارع نيو بوند ستريت في لندن (رويترز)

تواجه أشهر شوارع وأحياء التسوق في العالم أغرب وأسوأ موسم عطلات. فالزينات المضاءة موجودة تعلن عن موسم ارتبط بالتسوق والحفلات، لكن ما عدا الزينات لا شيء يشير إلى ذلك الموسم، فالمحلات مغلقة، والمتسوقون غير موجودين، فما زال الكثير من المستهلكين يشعرون بالقلق من زيارة المتاجر، مع عودة أعداد الإصابات بفيروس كورونا إلى الارتفاع في العديد من مناطق العالم. في الوقت نفسه، فإن القيود المفروضة على حركة السفر حرمت المتاجر الشهيرة من أعداد كبيرة من السياح الأثرياء الذين كانوا ينفقون مبالغ باهظة على المشتريات في موسم عطلة عيد الميلاد، حسب تقرير لوكالة الأنباء الألمانية.
ورغم ذلك ما زالت المتاجر الفارهة في مدن العالم من نيويورك إلى طوكيو تبذل قصارى جهدها للحفاظ على قواعد التباعد الاجتماعي، وتملأ واجهاتها بعروض عيد الميلاد في محاولة يائسة لإنقاذ الموسم، بعد أن دمرت جائحة «كورونا» قطاع تجارة التجزئة في تلك الأحياء.
ورصدت وكالة «بلومبرغ» للأنباء في تحقيق لها محاولات المتاجر الكبرى والشوارع التجارية الشهيرة في المدن الكبرى لإنقاذ موسم عيد الميلاد.

لندن
في لندن، ومع اقتراب يوم التسوق الأشهر في العالم «الجمعة السوداء»، تستعد متاجر شارع بوند ستريت لاستقبال أسوأ موسم تسوق بالنسبة لها. وتقول كاتي توماس المدير المشارك لقطاعي بوند ستريت وماي فير في شركة «نيو ويست إند»، إن عام 2020 سيكون الأسوأ، بالنسبة لمتاجر التجزئة وشوارع التسوق الفارهة الشهيرة. وتخدم شركة «نيو ويست إند» أكثر من 600 متجر تجزئة ومطعم وفندق في هذه المنطقة من مدينة لندن.
وتقول توماس، إن شارع بوند ستريت تضرر بشدة نتيجة اعتماده على المتسوقين الأجانب مع نقص العمالة. وقد تراجع عدد المترددين على متاجر الشارع بالفعل إلى النصف تقريباً بسبب القيود التي أعيد فرضها في وقت سابق من الشهر الحالي نتيجة ارتفاع معدلات الإصابة بفيروس كورونا، «إنها العاصفة الكاملة» التي تضرب الموسم والشارع التجاري الشهير، حسب توماس.
ومع ذلك، فإن المتاجر الشهيرة من «كارتييه» إلى «شانيل» لم تنتظر موعد إعادة فتح الأنشطة الاقتصادية يوم 3 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، لكي تستعد لموسم العطلات. فبدأت المتاجر تضيء أضواء عيد الميلاد قبل الموعد المعتاد، وعندما تتمكن المتاجر من إعادة فتح أبوابها يوم 3 ديسمبر (كانون الأول)، سيتم الكشف عن شجرة عيد الميلاد مع فرقة الموسيقى النحاسية التي ستعزف الألحان المعتادة. وإذا اصطف الزوار أمام أبواب المتاجر، يعتزم العاملون في المتاجر تقديم مشروب الشيكولاته الساخنة لهم.
باريس
أما في شارع الشانزليزيه التجاري الأشهر في العاصمة الفرنسية باريس، التي تشهد ثاني جولة من إجراءات الإغلاق حتى 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، يقول إدوارد لوفيفر مدير عام رابطة متاجر شانزليزيه، «إذا لم يتم إعادة فتح المتاجر في أول ديسمبر (كانون الأول) سيكون الوضع خطيراً».
وعانى شارع شانزليزيه من المصاعب طوال السنوات الماضية، سواء بسبب الإضرابات العمالية أو الهجمات الإرهابية أو حتى أعمال الشغب بعد مباريات كرة القدم وأعمال الشغب أثناء مظاهرات أصحاب «السترات الصفراء».
والآن فإن استمرار الإغلاق يضيف إلى متاجر الشارع معاناة على معاناتها.

طوكيو
على الجانب الآخر من الكرة الأرضية، في شارع جينزا التجاري بالعاصمة اليابانية طوكيو، الذي يمتلئ بالمتاجر الشهيرة، وأصبح وجهة سياحية رئيسية لأغلب زوار العاصمة اليابانية من الأجانب، تلقي جائحة «كورونا» بظلالها على المتاجر التي أغلق أغلبها أبوابه بسبب القيود التي تفرضها اليابان على حركة السياحة الوافدة لمنع انتشار الفيروس.
ولمواجهة هذا الموقف الصعب، قررت رابطة متاجر شارع جينزا إطلاق مهرجان لغسل الأيادي في التقاطع الرئيسي بالشارع خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، حسب إريكو تاكيزاوا رئيس الرابطة. وسيتم غسل أيدي المارة مع منحهم مناشف للأيدي وكوبون مشتريات لاستخدامه في أي متجر قريب. كما تعتزم الرابطة إضافة المزيد من الأضواء إلى الشوارع على أمل جذب المزيد من الزوار.

هونغ كونغ
في شارع كوزواي باي في هونغ كونغ، ألحقت الجائحة أضراراً كبيرة بمتاجر التجزئة وبأصحابها، لأن المبيعات في هذا الشارع الأغلى في العالم من حيث إيجار المتاجر، تتراجع باطراد منذ 20 شهراً في ظل الاحتجاجات السياسية وقيود مكافحة «كورونا». وأغلقت العلامات التجارية العالمية في الشارع مثل «تيسوت» و«برادا» و«فيكتوريا سيكرت» واجهاتها.
وربما يأتي الأمل في تجاوز الأزمة من خلال السائحين الذين بدأوا في العودة إلى المدينة. ولكي تعزز حركة السياحة شكلت هونغ كونغ اتفاق سفر مع سنغافورة التي لا تفرض حجراً صحياً على المسافرين. ولكن مع ارتفاع عدد الإصابات بـ«كورونا»، أجلت المؤسسات الحكومية تفعيل الاتفاق الذي كان مقرراً يوم الأحد الماضي لمدة أسبوعين.

نيويورك
في نيويورك، ما زال الشارع الخامس مقراً لاثنين من أكثر متاجر التجزئة روعة في العالم، هما «ساكس فيفث» و«بريجدورف جودمان». ولكن عدد المتاجر في هذا الشارع التجاري شهد تراجعاً في السنوات الأخيرة مع إغلاق سلسلة «هنري بندل» متجرها الموجود فيه منذ 100 عام. كما تمت تصفية متجر «بارنيز» نيويورك. وما زالت العديد من واجهات المتاجر الشهيرة، بما في ذلك واجهة متجر «رالف لوران» السابق، فارغة.
والآن تستعد متاجر هذا الشارع لموسم تسوق باهت في ظل الانخفاض الشديد في عدد السائحين. لكن هذه المتاجر تبذل قصارى جهدها لإنقاذ موسم العطلات حتى مع ارتفاع أعداد المصابين بفيروس كورونا في نيويورك، التي كانت في وقت ما مركز تفشي الوباء في الولايات المتحدة.
ويقول جيروم بارث رئيس رابطة متاجر الشارع الخامس في نيويورك، إن متاجر «ساكس بيرجدوروف» و«دولتشي آند جابانا» و«لوي فيتون» تزين واجهاتها الفخمة كالمعتاد، في حين تقوم مجموعة متاجر محلية بتركيب نماذج كبيرة الحجم للدببة والأعمال الفنية والبالونات الضخمة لتزيين الشارع مع اقتراب موسم عطلة عيد الميلاد.
كل هذه الاستعدادات تشير إلى أن الجميع يأمل في نهاية إيجابية لسنة 2020 المضطربة، رغم أن كل المخاوف التي تحيط بهم لم تمر بعد.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».