الفحوصات المتكررة السريعة يمكنها «شل كورونا» في أسابيع

دراسة تؤكد أهميتها لتقليل عدد «موزعي العدوى الصامتين»

انتشار مراكز الفحص في كثير من مدن العالم (أ.ب)
انتشار مراكز الفحص في كثير من مدن العالم (أ.ب)
TT

الفحوصات المتكررة السريعة يمكنها «شل كورونا» في أسابيع

انتشار مراكز الفحص في كثير من مدن العالم (أ.ب)
انتشار مراكز الفحص في كثير من مدن العالم (أ.ب)

توصل باحثون من جامعتي كولورادو بولدر وهارفارد بأميركا إلى آلية وصفوها بأنها يمكن أن «تساعد في القضاء على فيروس (كورونا) المستجد في غضون أسابيع، وهي فحوصات أسبوعية لنصف عدد السكان باستخدام اختبارات (كوفيد-19) غير المكلفة سريعة الإنجاز، حتى لو كانت هذه الاختبارات أقل حساسية بشكل ملحوظ من الاختبارات الأخرى مثل الـ(بي سي آر)».
ووفقاً للدراسة التي نشرها الباحثون في 20 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي بدورية «ساينس أدفانسيس»، فإن مثل هذه الاستراتيجية يمكن أن تؤدي إلى «طلبات شخصية للبقاء في المنزل»، دون إغلاق المطاعم ومحلات البيع بالتجزئة والمدارس. ويقول كبير الباحثين دانيال لارمور، الأستاذ المساعد لعلوم الكومبيوتر في جامعة كولورادو بولدر: «النتيجة الكبيرة التي توصلنا إليها هي أنه عندما يتعلق الأمر بالصحة العامة، فمن الأفضل أن يكون لديك اختبار أقل حساسية يعطي نتائج سريعة اليوم، بدلاً من اختبار أكثر حساسية يعطي نتائج غداً». ويضيف: «بدلاً من إخبار الجميع بالبقاء في المنزل حتى تكون على يقين من أن شخصاً واحداً مريضاً لا ينشر الفيروس، يمكننا أن نمنح الأشخاص المصابين فقط أوامر البقاء في المنزل، حتى يتمكن أي شخص آخر من ممارسة حياته».
وخلال الدراسة، نظر الباحثون في الأدبيات المتوفرة حول كيفية ارتفاع الحمل الفيروسي داخل الجسم في أثناء الإصابة، ومتى يميل الأشخاص إلى الشعور بالأعراض، ومتى يصبحون معديين، ثم استخدموا النمذجة الرياضية لوضع سيناريوهات للتنبؤ بتأثير الفحص بأنواع مختلفة من الاختبارات في مجتمع يتألف من 10 آلاف فرد في بيئة جامعية من 20 ألف شخص، وفي مدينة يبلغ عدد سكانها 8.4 مليون نسمة.
وتوصلوا إلى أنه عندما يتعلق الأمر بكبح الانتشار، فإن وقت الاستجابة أهم بكثير من حساسية الاختبار. فعلى سبيل المثال، في أحد السيناريوهات بمدينة كبيرة، أدى الاختبار المنتشر مرتين في الأسبوع مع اختبار سريع، ولكنه أقل حساسية، إلى تقليل درجة العدوى أو عدم الإصابة بنسبة 80 في المائة، لكن الاختبار مرتين في الأسبوع باستخدام اختبار PCR (تفاعل البوليميراز المتسلسل) الأكثر حساسية الذي يستغرق ما يصل إلى 48 ساعة لإرجاع النتائج، قلل من العدوى بنسبة 58 في المائة فقط. وعندما كان مقدار الاختبار هو نفسه، فإن الاختبار السريع يقلل دائماً من العدوى بشكل أفضل من اختبار الـ«بي سي آر» الأبطأ والأكثر حساسية.
وأرجعت الدراسة ذلك إلى أن نحو ثلثي المصابين ليس لديهم أعراض. وفي حين ينتظرون النتائج، يستمرون في نشر الفيروس. ويقول روي باركر، الباحث الرئيسي بالدراسة: «هذه الورقة هي واحدة من أولى الأوراق التي تظهر أنه يجب علينا تقليل القلق بشأن حساسية الاختبار. وعندما يتعلق الأمر بالصحة العامة، يجب إعطاء الأولوية للاستجابة السريعة. وتوضح الدراسة أيضاً قوة الاختبار المتكرر في تقصير الجائحة وإنقاذ الأرواح».
وفي أحد السيناريوهات، حيث أصيب 4 في المائة من الأفراد في مدينة بالعدوى بالفعل، أدى الاختبار السريع لثلاثة من كل أربعة أشخاص كل ثلاثة أيام إلى خفض عدد المصابين في النهاية بنسبة 88 في المائة، وكان «كافياً لدفع الوباء نحو الانقراض في غضون 6 أسابيع». وتأتي الدراسة في الوقت الذي تقوم فيه الشركات ومراكز البحث الأكاديمي بتطوير اختبارات سريعة منخفضة التكلفة يمكن نشرها في أماكن عامة كبيرة أو تسويقها لاستخدامها بنفسك.
وتختلف مستويات الحساسية في الاختبارات بشكل كبير، إذ إن اختبارات الأجسام المضادة مثلاً تتطلب حمولة فيروسية عالية نسبياً (نحو ألف مرة أكثر من الفيروس)، مقارنة باختبار الـ«بي سي آر» للكشف عن العدوى، واختبار آخر يُعرف باسم RT-lamp (تضخيم متساوي الحرارة بوساطة حلقة النسخ العكسي) الذي يمكنه اكتشاف الفيروس بنحو 100 مرة أكثر من الفيروس، مقارنة بـ«بي سي آر». ويتطلب اختبار الـ«بي سي آر» المعياري ما لا يقل عن 5 آلاف إلى 10 آلاف نسخة من الحمض النووي الريبي الفيروسي لكل مليلتر من العينة.
- أسعار منخفضة
ويقول المؤلف المشارك بالدراسة، الدكتور مايكل مينا، الأستاذ المساعد في علم الأوبئة بجامعة هارفارد: «هذه الاختبارات السريعة فعالة للغاية في اكتشاف كورونا عندما يكون الناس معديين». وأضاف أنها أيضاً بأسعار معقولة، حيث يمكن أن تكلف الاختبارات السريعة أقل من دولار واحد لكل منها، وتعيد النتائج في غضون 15 دقيقة، وقد تستغرق بعض اختبارات تفاعل البوليميراز المتسلسل عدة أيام».
ومن جانبه، يرى د. خالد شحاته، أستاذ الفيروسات بجامعة أسيوط، أن الفكرة الرئيسية التي تنادي بها الدراسة هي توسيع شبكة الفحص لاصطياد الموزعين الصامتين للفيروس الذين لا تظهر عليهم أعراض، وهم المشكلة الكبيرة في مواجهة أي وباء. ويقول شحاته لـ«الشرق الأوسط»: «إذا نجحت الأنظمة الصحية في تحديد هؤلاء الموزعين الصامتين بنسبة الخطأ المقبولة في الاختبارات السريعة، فيمكن مع تكرار الاختبارات تحجيم أخطار هذه الفئة».
وفي تصريحات سابقة لـ«الشرق الأوسط»، اقترح د. أشرف الفقي، خبير الفيروسات الباحث المصري السابق في هيئة سلامة الدواء الأميركية، نشر سيارات متنقلة موزعة بشكل جغرافي في المدن المختلفة، على أن توفر تلك السيارات خدمة التحليل عبر 4 أدوات، هي: كاشف حرارة (ترمومتر جيب)، وكاشف لنسبة الأوكسجين في الدم (جهاز أوكسيميتر حجم جيب)، وأشعة صدر (جهاز أشعة محمول متنقل)، وتحليل الدم السريع لفيروس كورونا عن طريق وخزة الإصبع، كالذي يستخدم في المطارات للقادمين من الخارج (Rapid test).
وقال الفقي: «عندما تستخدم هذه الوسائل مجتمعة، ستكون نسبة الخطأ لا تتعدى 10 في المائة. وعندها، تستطيع شبكة الاختبارات التي ألقيتها التقاط المصابين الذين لا تظهر عليهم أعراض، لتجري لهم لاحقاً اختبارات أكثر دقة للتأكد من إصابتهم، وبالتالي تستطيع حينها تقليل استخدام الاختبارات مرتفعة الثمن».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

حالة تأهب مع وصول الإعصار «شيدو» إلى أرخبيل مايوت الفرنسي

بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
TT

حالة تأهب مع وصول الإعصار «شيدو» إلى أرخبيل مايوت الفرنسي

بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)

ضرب الإعصار «شيدو» صباح اليوم السبت أرخبيل مايوت الفرنسي في المحيط الهندي حيث أُعلنت حالة التأهب القصوى مع توقع اشتداد الرياح المصاحبة له والتي تجاوزت سرعتها 180 كيلومترا في الساعة.

وضرب الإعصار جزيرة بوتيت تير في شرق الأرخبيل حيث يخشى أن تصل سرعة الرياح «إلى 200 و230 كلم/ساعة»، بحسب آخر نشرة للأرصاد الجوية الفرنسية، متوقعة رياحا مدمرة أشد من تلك التي صاحبت الإعصار «كاميسي» عام 1984.

وتسببت الرياح بانقطاع الكهرباء مع سقوط أعمدة كهرباء واقتلاع أشجار وتطاير أسقف منازل مصنوعة من الصفيح.

غيوم في سماء مايوت (أ.ف.ب)

وفي مدينة أوانغاني، قال رئيس البلدية يوسف أمبدي إنه يخشى «الأسوأ... لا يمكننا الخروج ولكن ما نشاهده يفوق الوصف».

ومنذ الصباح الباكر، أصدرت السلطات تحذيرا أرجوانيا وهو ما يعني لزوم جميع السكان منازلهم وعدم الخروج بما يشمل أجهزة الطوارئ والأمن وجميع عناصر الإنقاذ.

وقالت فاطمة التي تعيش في ماجيكافو-كوروبا وما زالت تذكر الإعصار الذي ضرب جزر القمر المجاورة عندما كانت طفلة «نحن خائفون جدا».

وتوقعت هيئة الأرصاد الجوية الفرنسية أمطارا شديدة الغزارة مع خطر تشكل السيول والفيضانات وارتفاع أمواج البحر التي يمكن أن يكون لها آثار كبيرة على الساحل.

وحُظرت حركة المرور على الطرق العامة في جزيرتي غراند تير وبوتيت تير، وأغلق مطار دزاوودزي منذ مساء الجمعة.

ويتوقع خبراء الأرصاد الجوية الفرنسية تحسنا في الأحوال الجوية خلال اليوم، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.