تكبدت حملة الرئيس الأميركي دونالد ترمب سلسلة من الهزائم القضائية خلال الأيام الماضية، مع تزايد قرارات القضاة الرافضين لطعونه التي تزعم حدوث تزوير في الانتخابات الرئاسية التي جرت في 3 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي. ومن بين 36 دعوى رفعها فريق ترمب للطعن في النتائج في 6 ولايات متأرجحة، تم إسقاط 24 قضية أو سحبها أو رفضها، ولم تجد محكمة واحدة حتى الآن ما يدعم مزاعم التزوير.
وكانت حملة ترمب قد رفعت دعاوى في ولايات مثل بنسلفانيا وميشيغان ونيفادا بتهم تزوير الانتخابات. ورفض القاضي في بنسلفانيا الدعوى، معتبراً أنها تفتقد إلى الحجج القوية. وبدوره، تعهد فريق ترمب باستئناف الحكم. وفي جورجيا، قدم فريق ترمب التماساً لإعادة فرز الأصوات، بعد أن أصدر قاضٍ حكماً فيدرالياً برفض الدعوى.
وخلال الأسبوع الحالي، ستقوم بنسلفانيا ونيفادا وميشيغان بالتصديق على نتائج الانتخابات، بينما يتبقى عدد قليل من الدعاوي قيد النظر، ومن المقترض البت فيها بحلول 8 ديسمبر (كانون الأول) المقبل. ويقول خبراء قانونيون إن القضايا المتبقية لا تمنح ترمب أي مسار لإلغاء نتائج الانتخابات.
وفي الوقت نفسه، تزايدت دعوات كبار قادة الجمهوريين لترمب للاعتراف بالواقع، وبدء عملية انتقال سلس إلى الرئيس المنتخب جو بايدن.
وإضافة إلى الهزائم القضائية، دبت الخلافات داخل الفريق القانوني للرئيس ترمب، إذ جرى استبعاد واحدة من أبرز المحاميات في فريق ترمب. وأصدر رودي جولياني وجينا اليس (اثنان من محامي الرئيس) بياناً مساء الأحد، أعلنا فيه أن المحامية سيندي باول لم تعد عضواً في فريق ترمب القانوني. وكانت باول قد أطلقت نظريات مؤامرة تدعي أن اليساريين في أميركا اللاتينية تآمروا لصالح الديمقراطيين في الانتخابات الرئاسية، واتهمت مسؤولين جمهوريين في جورجيا بالتورط في المخطط والحصول على أموال.
وكان ينظر للمحامية سيندي باول على أنها «القوة الضاربة» للفريق القانوني لترمب. وفي المؤتمر الصحافي الخميس الماضي، طرحت نظرية مؤامرة مفصلة حول جهود الرئيس الفنزويلي السابق هوغو شافيز الذي توفي عام 2013 لتزوير الانتخابات بشكل أساسي في الولايات المتحدة باستخدام آلات التصويت المصنوعة بواسطة شركة «دومينيون فوتينغ سيستمز».
وفي حين روجت تغريدات الرئيس ترمب كثيراً لفكرة مؤامرة عالمية لسرقة الانتخابات الرئاسية، قال مسؤولو الأمن السيبراني من حكومته إنه لا يوجد دليل على تعرض الآلات للاختراق. وسخر كثيرون من تلك الادعاءات، بمن فيهم بعض حلفاء الرئيس ترمب.
وقال حاكم ولاية نيوجرسي السابق، كريس كريستي، الذي عمل في 2016 مستشاراً خلال الفترة الانتقالية لترمب، لشبكة «إيه بي سي»، إن سلسلة الطعون القانونية التي قدمها الرئيس تشكل «إحراجاً وطنياً»، وإن الوقت قد حان كي تصرف إدارة الخدمات العامة التمويل المخصص لإنجاز عملية انتقال السلطة.
ومع تلك الهزائم القانونية، بدأ قادة جمهوريون الاعتراف بشكل علني بفوز جو بايدن في الانتخابات، وتعالت أصوات مزيد من الجمهوريين الذين يقولون إن الوقت قد حان لترمب لبدء الانتقال، ويحذرون من أن تأخير انتقال السلطة يهدد بإعاقة برامج مكافحة وباء كورونا.
واتخذ كثير من القادة الجمهوريين موقفاً يدعو ترمب إلى بدء مرحلة الانتقال، حتى مع استمراره في الدعاوى القضائية. ويوم الأحد، دعا السيناتوران ليزا موركوفسكي وكيفين كرامر، وهما من أقوى حلفاء ترمب، إلى بدء الانتقال إلى الرئيس المنتخب بايدن. وقال كرامر لبرنامج «واجه الصحافة»: «لقد حان الوقت لبدء الانتقال، على الأقل للتعاون مع عملية نقل السلطة؛ أنا أفضل أن يكون لديّ رئيس لديه أكثر من يوم واحد للتحضير، إذا انتهى الأمر بجو بايدن».
وأصدر السيناتور الجمهوري بات تومي، السبت، بيانًا يهنئ فيه بايدن، ونائبته كامالا هاريس، بعد رفض دعوى حملة ترمب في ولاية بنسلفانيا. كذلك، أعرب الجمهوري فريد أبتون، عضو الكونغرس من ميشيغان، عن انتهاء الانتخابات الرئاسية، مشيراً إلى أن فريق الرئيس يقدم اتهامات لا أساس لها عن التزوير الجماعي. وقال أبتون إنه لا يوجد مثل هذا الدليل، ولم تتمكن حملة ترمب من تقديم مثل هذه الأدلة في المحكمة.
وحث عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين إدارة ترمب على السماح للرئيس المنتخب على الأقل بالوصول إلى الإحاطات والتقارير السرية، وهو أمر لا يمتلكه حالياً. وحثت ليز تشيني، رئيس المؤتمر الجمهوري بمجلس النواب، في بيان السبت، الرئيس ترمب على احترام «قدسية عمليتنا الانتخابية»، إذا لم يتمكن من إثبات مزاعم تزويره.
وقالت: «الرئيس ومحاموه قدموا مزاعم عن الإجرام والتزوير على نطاق واسع، قالوا إنها قد تؤثر على نتائج الانتخابات. إذا كان لديهم دليل حقيقي على ذلك، فهم ملزمون بتقديمه على الفور إلى المحكمة والشعب الأميركي»، وأضافت: «إذا لم يتمكن الرئيس من إثبات هذه الادعاءات، أو إثبات أنها ستغير نتيجة الانتخابات، فعليه الوفاء بيمينه في الحفاظ على دستور الولايات المتحدة وحمايته والدفاع عنه، من خلال احترام قدسية عمليتنا الانتخابية».
وقال حاكم ولاية مريلاند، لاري هوغان، وهو جمهوري شهير في ولاية ديمقراطية، للرئيس يوم الأحد إنه عليه أن «يتوقف عن ممارسة الغولف، والتنازل عن السلطة». واعترف هوغان بفوز بايدن في 7 نوفمبر (تشرين الثاني)، وهو اليوم الذي أعلنت فيه الشبكات التلفزيونية الأميركية فوز بايدن في السباق الانتخابي.
وسيجتمع الممثلون في المجمع الانتخابي للتصديق على نتائج الانتخابات في 14 ديسمبر (كانون الأول). ويؤكد خبراء أنه يتعين على ترمب حتماً قبول حقيقة أنه خسر الانتخابات الرئاسية، لكن هذا لا يعني أنه سيتخلى عن قبضته على جهاز الحزب الجمهوري، مع تخطيطه للترشح مرة أخرى عام 2024. وخلال الأسابيع الماضية، التزم معظم أعضاء مجلس الشيوخ الصمت، متجنبين خطر إغضاب الرئيس الذي لا يزال يحظى بشعبية لدى الناخبين الجمهوريين، ولديه سجل في مهاجمة من يتعدى عليه سياسياً.
ويخشى الجمهوريون من أن إثارة غضب ترمب وأنصاره يخاطر بقمع إقبال الحزب الجمهوري في انتخابات جولة الإعادة في جورجيا التي ستحدد ما إذا كان الجمهوريون يحتفظون بأغلبية في مجلس الشيوخ.
الهزائم تلاحق ترمب والخلافات تدب في فريقه القانوني
قادة جمهوريون يدعون الرئيس للتوقف عن لعب الغولف وتسليم السلطة
الهزائم تلاحق ترمب والخلافات تدب في فريقه القانوني
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة