اختلاف على اسم رائد المسرح المصري في «شرم الشيخ الشبابي»

يعقوب صنوع أم سليم النقاش؟

جانب من المناظرة في مهرجان شرم الشيخ للمسرح الشبابي
جانب من المناظرة في مهرجان شرم الشيخ للمسرح الشبابي
TT

اختلاف على اسم رائد المسرح المصري في «شرم الشيخ الشبابي»

جانب من المناظرة في مهرجان شرم الشيخ للمسرح الشبابي
جانب من المناظرة في مهرجان شرم الشيخ للمسرح الشبابي

جدد مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي في دورته الخامسة، الجدل بشأن اسم «رائد المسرح المصري»، عبر المناظرة التي أقيمت أول من أمس بعنوان «150 سنة مسرح مصري»، بحضور المخرج والمؤرخ المسرحي عمرو دوارة، وسيد علي إسماعيل، الأستاذ الأكاديمي بجامعة حلوان، وأدارها الفنان محمود الحديني، بحضور عدد كبير من المسرحيين من بينهم الفنانة الكبيرة سميحة أيوب والمخرج مازن الغرباوي رئيس مهرجان شرم الشيخ للمسرح الشبابي.
كان الاختلاف واضحاً منذ بداية المناظرة حول مؤسس المسرح المصري الحديث، لا سيما أن معظم المؤرخين المصريين اتفقوا على أن الإيطالي جيمس سانووا المعروف باسم «يعقوب صنوع» هو أول من أسس الحركة المسرحية في مصر، بالتحديد عام 1870 إلى أن ظهر عدد من المؤرخين الرافضين لتلك النظرية ويترأسهم الدكتور سيد إسماعيل، الذي يعتبر صنوع صناعة ماسونية لهدم التاريخ المصري، ونسب دور قيادي لشخصية ليست مصرية بل إيطالية، في الوقت الذي يرجع فيه الفضل الأكبر في ذلك للأديب والمسرحي اللبناني سليم النقاش.
وتحدث سيد إسماعيل، عن حقيقة دور يعقوب صنوع في نشأة المسرح المصري، قائلاً: «حتى يومنا هذا ليس هناك أي دليل مادي ملموس يؤكد صحة فكرة أن يعقوب صنوع هو أول من أسس الحركة المسرحية في مصر، وأن كل ما يتوفر لدينا منه ما هو إلا مذكرات شخصية لا يمكن الاعتماد عليها وبعض القراءات والكتابات التي دونها عدد من أصدقائه وهو أيضاً لا يمكن الاعتماد عليه في التوثيق، كما أن المذكرات والقراءات لم تظهر للنور إلا مع قدوم ابنته (لولي) لمصر في ستينات القرن الماضي، وقامت بإعطاء مذكراته ونصوص مسرحياته لعدد من الكتاب أمثال أنور لوقا، ومحمد يوسف نجم».
مضيفاً: «الغريب في الأمر أنه ليس هناك أي وثيقة رسمية أو خبر في الصحف المصرية أو العربية في عامي 1870 و1871 توضح نشاط صنوع المسرحي، في حين أن الداعمين له يؤكدون على أن نشاطه المسرحي كان في تلك الفترة، وصنوع على حسب ما ذكره في مذكراته وكتاباته الصحافية قال إنه ألّف 32 مسرحية وكون فرقتين مسرحيتين وعرض مسرحية (الضرتين) 53 مرة، ومسرحية (آنسة على الموضة) 100 مرة وبلغت عروضه 3 آلاف ليلة، ورغم كل ذلك لا يوجد أي إعلان لأي عمل فني من تلك الأعمال منشوراً في أي صحيفة من الصحف التي كانت توزع وقتها ولا يوجد أي مقال نقدي عن تلك المسرحيات، ولم نر أي حوار صحافي له أو لأحد من أعضاء فرقته».
وأفاد بأن البعض قالوا إن صنوع كان محباً للغة العربية، وهذا غير صحيح، لأنه قام بتأليف أربعة كتب ونصوص خلال وجوده في مصر جميعها باللغة الإيطالية فكيف كان من داعمي اللغة العربية ويحب مصر ويقدم أعماله بلغة أخرى.
وأكد إسماعيل أن الرائد الحقيقي للمسرح المصري هو سليم النقاش قائلاً: «الحكومة المصرية لم تجد إلا في بيروت شخصاً مؤهلاً لتنفيذ مشروع المسرح العربي بمصر فاتفقت مع سليم خليل النقاش على ذلك وتعهد سليم بإنشاء المسرح خلال 45 يوماً منذ الأول من سبتمبر (أيلول) عام 1875».
وذكر أن عدداً من كبار المؤرخين المسرحيين أكدوا أن النقاش هو الذي أدخل المسرح إلى مصر وأبرزهم محمود واصف وجورج زيدان مؤسس «دار الهلال» الذي قال في مجلة الهلال عام 1896 إن المسرح دخل مصر عن طريق أديب إسحاق وسليم النقاش.
في المقابل، رفض المؤرخ المسرحي عمرو دوارة، ما قاله سيد إسماعيل: «ليس هناك موانع لاستبعاد المؤرخين للمذكرات وكتابات الأصدقاء من أجل سرد التاريخ، مثلما فعل سيد إسماعيل في بحثه، كما أن الصحافة في ذلك الوقت كانت لا تهتم بأخبار المسرح، فالعروض المسرحية موجودة بمصر منذ عصر الفراعنة وكانت موجودة قبل عام 1870 ولكنها كانت فقرات شعبية يقدمها (أولاد ربية) و(المحفظتية)، كما أن الناقد محمد عبد الفتاح بين عامي 1870 و1871 كتب عن مسيرة صنوع المسرحية ولكن سيد إسماعيل يرفضها لكونه كان صديقاً له، مع أنه أزهري ولن يزور التاريخ».
وأضاف قائلاً: «عندما جاء صنوع إلى مصر أحبها، وتزوج من منطقة باب الشعرية، وحفظ القرآن الكريم، وأجاد اللغة العربية إجادة تامة، وبسبب أرائه السياسية دخل في مشاكل مع الخديو إسماعيل وهي التي على إثرها تم نفيه من مصر وسافر وعاش في العاصمة الفرنسية باريس».
مؤكداً أن دليل ريادة صنوع للمسرح المصري هو عدم قدرة أي ناقد أو كاتب في بداية القرن العشرين على تكذيب دور صنوع ولكنهم كانوا يتجاهلونه خوفاً من بطش الخديو وأسرة محمد علي التي كانت ترفض مسرحه، كما أن أستاذ الإسرائيليات عبد الوهاب المسيري قال في إحدى مؤلفاته إن يعقوب صنوع رجل وطني من الدرجة الأولى.
مشيراً إلى أنه ربما نختلف على عام ريادة صنوع للمسرح المصري، هل هي 1870 أم 1871. ولكننا أمام حقيقة واحدة وواضحة وهي أنه الرائد الحقيقي للمسرح المصري بشهادات كافة الكبار أمثال زكي طليمات وإبراهيم لوقا وفؤاد رشيد ولويس عوض وأحمد شمس الدين وأبو العلا السلاموني ونجوى عانوس.
بدوره، قال الفنان محمود الحديني رئيس المركز القومي للمسرح الأسبق لـ«الشرق الأوسط»: «يصعب علي تحديد اسم رائد المسرح الحقيقي في مصر، لأننا نشاهد فقط وثائقيات مختلفة كل منها تختلف عن الأخرى، ولكنني دوماً ما أبحث عن إجابة لسؤال واحد متعلق بيعقوب صنوع وهو إذا كان هو من محبي مصر ويهوى ترابها كما كان يقول، لماذا لم يحاول العودة إليها مرة أخرى خصوصاً أنه توفي بعد رحيل الخديو إسماعيل، على غرار الشاعر بيرم التونسي الذي طرد من مصر ولم يستطع العيش بعيداً عنها وجازف بحياته وغير من شكله واسمه وعاد ليموت فيها».
يعقوب روفائيل صنوع، ولد لأب إيطالي وأم مصرية عام 1839. وعاش في مصر، وأطلق عليه الخديو إسماعيل لقب «مولير مصر» وعرف بكتاباته الساخرة وأسس عدد من الصحف المصرية أشهرها «أبو نضارة» وتوفي عام 1912 في باريس بعد أن تم نفيه.


مقالات ذات صلة

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

صدر حديثاً عن دائرة الثقافة في الشارقة العدد 62 لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 من مجلة «المسرح»، وضمَّ مجموعة من المقالات والحوارات والمتابعات حول الشأن المسرح

«الشرق الأوسط» (الشارقة)
يوميات الشرق برنامج «حركة ونغم» يهدف لتمكين الموهوبين في مجال الرقص المسرحي (هيئة المسرح والفنون الأدائية)

«حركة ونغم» يعود بالتعاون مع «كركلا» لتطوير الرقص المسرحي بجدة

أطلقت هيئة المسرح والفنون الأدائية برنامج «حركة ونغم» بنسخته الثانية بالتعاون مع معهد «كركلا» الشهير في المسرح الغنائي الراقص في مدينة جدة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق أشرف عبد الباقي خلال عرض مسرحيته «البنك سرقوه» ضمن مهرجان العلمين (فيسبوك)

«سوكسيه»... مشروع مسرحي مصري في حضرة نجيب الريحاني

يستهد المشروع دعم الفرق المستقلّة والمواهب الشابة من خلال إعادة تقديم عروضهم التي حقّقت نجاحاً في السابق، ليُشاهدها قطاع أكبر من الجمهور على مسرح نجيب الريحاني.

انتصار دردير (القاهرة )
الاقتصاد أمسية اقتصاد المسرح شهدت مشاركة واسعة لمهتمين بقطاع المسرح في السعودية (الشرق الأوسط)

الأنشطة الثقافية والترفيهية بالسعودية تسهم بنسبة 5 % من ناتجها غير النفطي

تشير التقديرات إلى أن الأنشطة الثقافية والفنية، بما فيها المسرح والفنون الأدائية، تسهم بنسبة تتراوح بين 3 و5 في المائة من الناتج المحلي غير النفطي بالسعودية.

أسماء الغابري (جدة)

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.