هل يمكن تجنب الانتشار الفائق لعدوى «كوفيد ـ 19» ؟

انتقال الفيروس من شخص إلى مجموعة كبيرة

هل يمكن تجنب الانتشار الفائق لعدوى «كوفيد ـ 19» ؟
TT

هل يمكن تجنب الانتشار الفائق لعدوى «كوفيد ـ 19» ؟

هل يمكن تجنب الانتشار الفائق لعدوى «كوفيد ـ 19» ؟

لا يمكننا أن نقول على وجه اليقين ما هو مستقبل «كوفيد 19»، ولكن بناءً على سيرورة الأحداث لحالات العدوى الأخرى لا يوجد سبب وجيه للاعتقاد بأن فيروس كورونا سيختفي في أي وقت قريبًا حتى عندما تتوفر اللقاحات. والسيناريو الأكثر واقعية هو أنه سيتم إضافته إلى عائلة الأمراض المعدية (الكبيرة والمتنامية) التي تعرف باسم «المتوطنة»، في البشر.
ومع تزايد انتشار المرض في جميع أنحاء العالم مرة أخرى يبدو من غير المحتمل أن تؤدي التدابير المتاحة حاليًا إلى أكثر من السيطرة على هذا الانتشار باستثناء البلدان التي يمكنها عزل نفسها بشكل فعال عن العالم الخارجي. وسيكون هذا هو الحال حتى إذا توصلت مواقع محددة إلى التمتع بما يعرف باسم مناعة السكان أو مناعة القطيع لكن ليس من الواضح متى يحدث ذلك. فعندما يصبح عدد كافٍ من الأشخاص محصنين ضد مرض ما، إما عن طريق التطعيم أو العدوى الطبيعية، يبدأ انتشاره في التباطؤ ويقل عدد الحالات تدريجياً. لكن هذا لا يعني أنها ستختفي على الفور أو بشكل كامل.
- انتشار فائق
من البيانات المحدودة المتوفرة لدى المتخصصين يبدو أن حالات انتقال العدوى من شخص واحد إلى مجموعة كبيرة محتملة، لها أهمية خاصة في مواصلة وديمومة انتشار الفيروس.
ومن دون وجود وسائل كشف واختبار فعال للغاية ومن دون تتبع جهات الاتصال، يمكن أن تكون هذه الأحداث فائقة الانتشار (superspreading events (SSEs وفي الواقع، مهمة جدًا لدرجة أنها يمكن أن تتسبب في أن يصبح كوفيد 19 سمة ثابتة في حياتنا حتى لو انخفضت أعداد الحالات إلى أدنى مستوياتها.
ما هو الانتشار الفائق للعدوى؟ هو ظاهرة يسبب فيها شخص واحد إصابة أكثر من شخصين أو ثلاثة أشخاص آخرين وأحيانًا أكثر من ذلك بكثير. وهو ما يجعل الاعتماد فقط على رقم التكاثر الأساسي R (basic reproductive number (للتنبؤ وتتبع انتشار «كوفيد 19» مشكلة إلى حد ما بل إنه يضيف طبقة أخرى من التعقيد لفهمه.
يقول الدكتور ويسلي لونغ مدير علم الأحياء الدقيقة التشخيصي في هيوستن ميثوديست في الولايات المتحدة «الأمراض المعدية الأخرى التي اعتدنا على رؤيتها مثل الأنفلونزا الموسمية تميل إلى الانتشار بطريقة مباشرة». «لكن يبدو أن كوفيد 19 لا يتصرف بهذه الطريقة. ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن بعض الأشخاص أفضل كثيرًا في نشر الفيروس من غيرهم وأن هؤلاء الأشخاص قادرون على نقل العدوى إلى ما هو أبعد مما يعتبر متوسط عدد الأشخاص، والمسألة أنه لا يمكننا التكهن بمن هم».
في الوقت الحالي لا يمكن للخبراء سوى التكهن حول سبب قيام بعض الأشخاص بنشر الفيروس بشكل أفضل من غيرهم. ومع ذلك فما يعرفه الخبراء هو أنه لا يتطلب الأمر سوى حضور شخص مصاب ينقل كوفيد 19 بكفاءة، تجمعًا أو حدثًا غير آمن مما يؤدي إلى إصابة أكثر من شخصين أو ثلاثة أشخاص آخرين في ذلك التجمع.
ويقول لونغ: «في الوقت الحالي يدرك معظم الناس أنه يمكن أن يكون أحد الحضور مصابًا بـكوفيد 19 ولا أحد يعرف بذلك سواء كان ذلك بسبب أعراض خفيفة أو أن الأعراض لم تبدأ بعد. أضف إلى ذلك حقيقة أن بعض هؤلاء الأشخاص يمكنهم أيضًا أن يكونوا أفضل بشكل ملحوظ في نشر الفيروس وهم لا يعرفون ذلك أيضًا. ولهذا السبب يمكن لأي تجمع أو حدث أن يؤدي إلى مجموعة كبيرة من الحالات حتى لو كان الفيروس لا ينتشر بشكل جيد في هذا المجتمع أو المنطقة... كل ما يتطلبه الأمر هو مجرد شخص مصاب واحد في بعض الحالات».
- عدوى الحشود
لقد اعتمد العلماء والسياسيون بشكل كبير حتى الآن على متوسط العدوى المحسوب للفيروس لتتبع التقدم المحرز في التعامل مع الوباء. فمن الناحية النظرية تصبح العدوى مستوطنة إذا قام كل فرد مصاب في المتوسط بنقلها إلى شخص آخر أي بمعنى آخر عندما يكون عدد التكاثر R يساوي 1 لكن أثناء الوباء عندما يزداد انتشار المرض يكون R أكثر من 1 وعندما يتناقص الانتشار من خلال تدابير المكافحة أو مناعة السكان يصبح R أقل من 1. ولكن نظرًا لكونه مقياسًا متوسطًا فإن R يميل إلى إخفاء الصورة الحقيقية للفيروس الذي ينتشر عادةً في مجموعات بدلاً من شخص واحد إلى شخص أو شخصين آخرين. وفي بعض الأحيان لن يتسبب الشخص المصاب فعليًا في انتشار الفيروس بينما يصيب شخص آخر تقريبًا كل شخص في غرفة مزدحمة. وعند وجود الكثير من العوامل لا يمكن دائمًا التنبؤ بتفشي المرض وهذا يوفر الأساس لمستقبل ينتشر فيه كوفيد 19 المستوطن.
يبدو أن مجموعات الانتقال هذه تحدث في ظل ظروف معينة تمكن الفيروس من الانتشار بسرعة بين الحشود. كما أن الأماكن الداخلية المزدحمة سيئة التهوية والتي يكون فيها الأشخاص نشطين بدنيًا مثل صالات الألعاب الرياضية أو صوتيًا مثل قاعات الأفراح والمناسبات الأخرى لفترة طويلة نسبيًا تشكل خطرًا معينًا.
وقد يكون سبب هذا الانتشار هو أن الفيروس يمكن أن يتراكم في الهواء في الغرف دون تهوية مناسبة ويسمح بالانتقال حتى عند حدوث تباعد اجتماعي. وفي حين أن بعض هذه الأحداث وقعت قبل أن تكون خطورة هذا الوباء مفهومة ومقبولة تمامًا فإن كل هذه الأحداث تشترك في عدد قليل من الجوانب هي: وجود أعداد كبيرة من الناس في مساحات مغلقة، وعادة لا يرتدون الأقنعة.
ولكن في الحياة الواقعية تحدث معظم حالات تفشي المرض دون بيئة اجتماعية واضحة أو في مجموعات يصعب فيها تعقب بعض من شارك فيها. ومن المحتمل أن تساعدنا المراقبة الجينية الإضافية لتفشي المرض على تطوير فهمنا.
وقد نجحت بعض البلدان في احتواء الوباء لفترات طويلة من الزمن مثل نيوزيلندا إذ فعلت ذلك من خلال تتبع الاتصال الصارم للغاية للشخص الذي يبدأ مجموعة انتقال مقترنة بالاختبار الاستراتيجي. ولكن حتى في هذه الحالات حدثت تفشيات جديدة. وسيتعين على البلدان التي تفشل في تطوير أنظمة اختبار وتعقب مناسبة أن تعيش مع انتشار منخفض الدرجة وانتشار عنقودي لسنوات قادمة. وبهذه الطريقة سيصبح الفيروس مستوطناً مما يضيف تحديًا إضافيًا للجهود العالمية لمعالجة الفقر وتحسين الرعاية الصحية. وسيكون من العار علينا أن نترك كوفيد 19 يفعل ذلك عندما نعرف كيف نمنعه.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)
مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)
TT

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)
مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، إلى جانب مكملات زيت السمك، يمكن أن يبطئ بشكل كبير نمو خلايا سرطان البروستاتا لدى الرجال الذين يختارون المراقبة النشطة، ما قد يقلل من الحاجة إلى علاجات عدوانية في المستقبل، وفق ما نشر موقع «سايتك دايلي».

وجد باحثون من مركز UCLA Health Jonsson Comprehensive Cancer Center أدلة جديدة على أن التغييرات الغذائية قد تبطئ نمو الخلايا السرطانية لدى الرجال المصابين بسرطان البروستاتا الذين يخضعون للمراقبة النشطة، وهو نهج علاجي يتضمن مراقبة السرطان من كثب دون تدخل طبي فوري.

سرطان البروستاتا والتدخل الغذائي

قال الدكتور ويليام أرونسون، أستاذ أمراض المسالك البولية في كلية ديفيد جيفن للطب بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس والمؤلف الأول للدراسة: «هذه خطوة مهمة نحو فهم كيف يمكن للنظام الغذائي أن يؤثر على نتائج سرطان البروستاتا».

وأضاف: «يهتم العديد من الرجال بتغييرات نمط الحياة، بما في ذلك النظام الغذائي، للمساعدة في إدارة إصابتهم بالسرطان ومنع تطور مرضهم. تشير نتائجنا إلى أن شيئاً بسيطاً مثل تعديل نظامك الغذائي يمكن أن يبطئ نمو السرطان ويطيل الوقت قبل الحاجة إلى تدخلات أكثر عدوانية».

تحدي المراقبة النشطة

يختار العديد من الرجال المصابين بسرطان البروستاتا منخفض الخطورة المراقبة النشطة بدلاً من العلاج الفوري، ومع ذلك، في غضون خمس سنوات، يحتاج حوالي 50 في المائة من هؤلاء الرجال في النهاية إلى الخضوع للعلاج إما بالجراحة أو الإشعاع.

وبسبب ذلك، يتوق المرضى إلى إيجاد طرق لتأخير الحاجة إلى العلاج، بما في ذلك من خلال التغييرات الغذائية أو المكملات الغذائية. ومع ذلك، لم يتم وضع إرشادات غذائية محددة في هذا المجال بعد.

في حين نظرت التجارب السريرية الأخرى في زيادة تناول الخضراوات وأنماط النظام الغذائي الصحي، لم يجد أي منها تأثيراً كبيراً على إبطاء تقدم السرطان.

الاستشارة الغذائية

لتحديد ما إذا كان النظام الغذائي أو المكملات الغذائية يمكن أن تلعب دوراً في إدارة سرطان البروستاتا، أجرى الفريق بقيادة جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس تجربة سريرية مستقبلية، تسمى CAPFISH-3، والتي شملت 100 رجل مصاب بسرطان البروستاتا منخفض الخطورة أو متوسط ​​الخطورة والذين اختاروا المراقبة النشطة.

تم توزيع المشاركين بشكل عشوائي على الاستمرار في نظامهم الغذائي الطبيعي أو اتباع نظام غذائي منخفض أوميغا 6 وعالي أوميغا 3، مع إضافة زيت السمك، لمدة عام واحد.

ووفق الدراسة، تلقى المشاركون في ذراع التدخل استشارات غذائية شخصية من قبل اختصاصي تغذية مسجل. وتم توجيه المرضى إلى بدائل أكثر صحة وأقل دهوناً للأطعمة عالية الدهون وعالية السعرات الحرارية (مثل استخدام زيت الزيتون أو الليمون والخل لصلصة السلطة)، وتقليل استهلاك الأطعمة ذات المحتوى العالي من أوميغا 6 (مثل رقائق البطاطس والكعك والمايونيز والأطعمة المقلية أو المصنعة الأخرى).

كان الهدف هو خلق توازن إيجابي في تناولهم لدهون أوميغا 6 وأوميغا 3 وجعل المشاركين يشعرون بالقدرة على التحكم في كيفية تغيير سلوكهم. كما تم إعطاؤهم كبسولات زيت السمك للحصول على أوميغا 3 إضافية.

ولم تحصل مجموعة التحكم على أي استشارات غذائية أو تناول كبسولات زيت السمك.

نتائج التغييرات الغذائية

تتبع الباحثون التغييرات في مؤشر حيوي يسمى مؤشر Ki-67، والذي يشير إلى مدى سرعة تكاثر الخلايا السرطانية - وهو مؤشر رئيسي لتطور السرطان، والنقائل والبقاء على قيد الحياة.

تم الحصول على خزعات من نفس الموقع في بداية الدراسة ومرة ​​أخرى بعد مرور عام واحد، باستخدام جهاز دمج الصور الذي يساعد في تتبع وتحديد مواقع السرطان.

وأظهرت النتائج أن المجموعة التي اتبعت نظاماً غذائياً منخفضاً في أوميغا 6 وغنياً بأوميغا 3 وزيت السمك كان لديها انخفاض بنسبة 15 في المائة في مؤشر Ki-67، بينما شهدت المجموعة الضابطة زيادة بنسبة 24 في المائة.