بارزاني: مستعدون للاتفاق مع بغداد على كل المسائل

رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني في مؤتمر صحافي بأربيل أمس (شبكة رووداو الإعلامية)
رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني في مؤتمر صحافي بأربيل أمس (شبكة رووداو الإعلامية)
TT

بارزاني: مستعدون للاتفاق مع بغداد على كل المسائل

رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني في مؤتمر صحافي بأربيل أمس (شبكة رووداو الإعلامية)
رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني في مؤتمر صحافي بأربيل أمس (شبكة رووداو الإعلامية)

وصف نيجيرفان بارزاني، رئيس إقليم كردستان، أمس، إقرار البرلمان العراقي قانون سد العجز المالي واستبعاد حصة الكرد منه، بالفشل السياسي، مشيراً إلى أن الطريقة التي وردت بها التزامات الإقليم كانت على شكل عقوبة وليس استحقاقاً، مؤكداً أن الاتفاق هو الحل لاستقرار الأوضاع في العراق.
بارزاني قال في مؤتمر صحافي عقده بعد اجتماع للرئاسات الثلاث في الإقليم، إن «المصادقة على القانون بهذا الشكل مخالف لجميع المبادئ التي بنينا عليها العراق بعد عام 2003»، موضحاً أن «مشكلات العراق لا تعالَج بهذا الشكل وإذا كانت لدى بعض الأطراف في البرلمان العراقي القوة لتمرير هكذا قوانين فإن الأمور لا تسير بهذا الشكل، وهذا مبعث قلق جدي للإقليم، حيث نسأل الساسة العراقيين: هل تعدّون الإقليم جزءاً من العراق؟ وهل المواطنون الكردستانيون عراقيون؟»، وتابع: «كيف تريدون للكرد أن يعدّوا أنفسهم عراقيين وجزءاً من العراق وبعض القوى السياسية استخدمت القانون لمعاداة ومعاقبة الكرد، ورأوا تمريره انتصاراً، وهو ليس إلا فشل سياسي في إدارة العراق؟».
وأكد بارزاني أن «رسالة الإقليم للقوى السياسية العراقية هي استعدادنا للاتفاق مع بغداد على جميع المسائل وضمنها مسألة النفط، لأن مشكلتنا ليست نفطاً وإنما مشكلات أخرى لا يمكن دون حلها أن يستقر العراق»، وتابع: «نحن نتفهم أن لنا حقوقاً وعلينا واجبات، وإقليم كردستان لن يتهرب من المسؤولية». وأشار إلى أن «الحكومة الاتحادية اتفقت مع حكومة الإقليم على إرسال 320 مليار دينار عراقي شهرياً للإقليم كجزء من مستحقات رواتب موظفي الإقليم على أن يقوم الإقليم بسد الجزء المتبقي من واردات الإقليم حتى نهاية هذا العام وإبرام اتفاق شامل ضمن ميزانية عام 2021»، وأضاف أن «كل هذه الاتفاقات موجود بالوثائق وسوف نعرضها في البرلمان ليطلع عليها الجميع ويعرفوا أن الإقليم لم يُخلّ باتفاقه».
وكانت رئاسة البرلمان قد أعلنت في وقت سابق عن عقد جلسة خاصة بحضور النواب الكرد في بغداد لمناقشة قانون سد العجز المالي، واتخاذ موقف موحد منه، وعرض كل اتفاقات الإقليم مع بغداد بخصوص الملف النفطي والالتزامات المالية. وقال مصدر مطلع على تفاصيل اجتماع الرئاسات الثلاث لـ«الشرق الأوسط»، إن «الرئاسات الثلاثة قررت إرسال استفسار رسمي لوزارة المالية والحكومة العراقية لتوضيح ما هي التزامات الإقليم وفق المادة 7 من القانون، وما الحقوق التي ستلتزم بها بغداد أمام الإقليم». المصدر، الذي رفض الكشف عن اسمه، أكد أن «حكومة الإقليم سوف ترسل وفداً تفاوضياً إلى بغداد للوصول إلى اتفاق حول مستحقات الإقليم والمشكلات العالقة وكيفية التعامل مع الاتفاقات السابقة بعد إقرار قانون سد العجز المالي». وعن علاقة تمرير القانون باتفاق سنجار مع بغداد، الذي تحفظت عليه أطراف شيعية، قال نيجيرفان بارزاني، إن «اتفاق سنجار يخدم جميع المكونات العراقية، ونأمل التوصل لاتفاقيات مماثلة لاتفاقية سنجار في كل المناطق التي تعاني من مشكلات، وليس هناك شيء في الاتفاقية يستحق الكرد العقوبة بشأنه».
يشار إلى أن مجلس النواب العراقي صوّت فجر الخميس الماضي، على قانون تمويل العجز المالي رغم انسحاب نواب الكتل الكردستانية اعتراضاً على المادة التي تنص على تحديد حصة إقليم كردستان من مجموع الإنفاق الفعلي (النفقات الجارية ونفقات المشاريع الاستثمارية)، بعد استبعاد النفقات السيادية بشرط التزام إقليم كردستان بتسديد قيم النفط المصدَّر من الإقليم وبالكميات التي تحددها شركة تسويق النفط العراقية «سومو» حصراً، والإيرادات غير النفطية الاتحادية، وفي حالة عدم التزام الإقليم لا يجوز تسديد النفقات للإقليم، ويتحمل المخالف لهذا النص المسؤولية القانونية.
واشترط القانون أن يسلّم إقليم كردستان وارداته النفطية وغير النفطية إلى بغداد بخلاف الاتفاقات والتفاهمات السابقة مقابل الحصول على جزء من التمويل، فيما يقضي الاتفاق السابق بأن تسلم بغداد جزءاً من المستحقات المالية لإقليم كردستان وبما يصل إلى 49%، على أن تُكمل حكومة إقليم كردستان المتبقي لتسديد رواتب الموظفين.



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».