خادم الحرمين يحذر من خطورة المشروع الإقليمي للنظام الإيراني... ويشدد على مواجهته

ألقى خطابه السنوي في افتتاح مجلس الشورى السعودي

الملك سلمان بن عبد العزيز لدى إلقائه كلمته عبر الاتصال المرئي خلال افتتاح أعمال السنة الجديدة مجلس الشورى السعودي أمس (واس)
الملك سلمان بن عبد العزيز لدى إلقائه كلمته عبر الاتصال المرئي خلال افتتاح أعمال السنة الجديدة مجلس الشورى السعودي أمس (واس)
TT

خادم الحرمين يحذر من خطورة المشروع الإقليمي للنظام الإيراني... ويشدد على مواجهته

الملك سلمان بن عبد العزيز لدى إلقائه كلمته عبر الاتصال المرئي خلال افتتاح أعمال السنة الجديدة مجلس الشورى السعودي أمس (واس)
الملك سلمان بن عبد العزيز لدى إلقائه كلمته عبر الاتصال المرئي خلال افتتاح أعمال السنة الجديدة مجلس الشورى السعودي أمس (واس)

أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز على خطورة المشروع الإقليمي للنظام الإيراني، مشدداً على أن بلاده ترفض تدخُّل هذا النظام في شؤون الدول الداخلية وتستنكر دعمه الإرهاب والتطرّف وتأجيج الطائفية، كما دعا المجتمع الدولي لاتخاذ موقف حازم تجاه إيران «يضمن منعها من الحصول على أسلحة دمارٍ شاملٍ وتطوير برنامج الصواريخ الباليستية وتهديد السلم والأمن».
وجدد إدانة المملكة لانتهاك ميليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة إيرانياً، القوانين الدولية، بإطلاق طائرات مفخخة من دون طيار، وصواريخ باليستية تجاه المدنيين بالمملكة، مؤكداً دعم الشعب اليمني الشقيق لاستعادة سيادته واستقلاله، بواسطة سلطته الشرعية.
جاءت تأكيدات الملك سلمان ضمن خطابه السنوي في افتتاح أعمال السنة الأولى من الدورة الثامنة لمجلس الشورى السعودي، يوم أمس، بحضور الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد.
وتناول الخطاب الملكي السنوي، جملة من الموضوعات والملفات الداخلية والإقليمية والدولية، مشيراً إلى أن أجهزة الدولة تمكنت بإجراءاتها الاستباقية والاحترازية العالية من تقليل الأثر الاقتصادي والصحي لوباء «كورونا المستجد» (كوفيد - 19) على المواطنين والمقيمين على أرض المملكة، ومحاصرة الداء في أضيق حدوده الممكنة.
وبيَّن في خطابه أن السعودية حرصت، منذ تأسيس منظمة «أوبك»، على استقرار أسواق البترول العالمية، وليس أدلّ على ذلك من الدور المحوري الذي قامت به في تأسيس واستمرار اتفاق مجموعة «أوبك بلس»، وذلك نتيجة مبادرات المملكة الرامية إلى تسريع استقرار الأسواق واستدامة إمداداتها.
وأكد الملك سلمان على استمرار وقوف السعودية إلى جانب الشعب الفلسطيني لإقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، ووقوفها مع العراق وشعبه، ومساندة جهود حكومته في سبيل استقراره ونمائه وحفاظه على مكانته في محيطه العربي، وتأييد الحل السلمي بسوريا وفقاً لقرار مجلس الأمن «2254» ومسار «جنيف 1»، داعياً إلى وجوب خروج الميليشيات والمرتزقة منها والحفاظ على وحدة التراب السوري.
كما أشار الملك سلمان في خطابه إلى تطورات الأوضاع في ليبيا، مجدداً ترحيب المملكة بتوقيع اللجان العسكرية الليبية المشتركة الاتفاق الدائم على وقف إطلاق النار، برعاية الأمم المتحدة، وبوصف المملكة رئيساً لمجموعة «أصدقاء السودان»، أكد خادم الحرمين أن السعودية تشدد على أهمية دعم السودان حالياً، وتؤكد الدعم السياسي الكامل لمحادثات جوبا للسلام، وفيما يلي نص الكلمة:
«بسم الله الرحمن الرحيم... الحمد لله وحده والصلاة على مَن لا نبي بعده.
الإخوة والأخوات أعضاء مجلس الشورى، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يسرُّنا افتتاح أعمال السنة الأولى من الدورة الثامنة لمجلس الشورى، سائلين المولى أن تكون أعمالنا خالصة لوجهه، وأن يعيننا لخدمة الوطن والمواطن، وأقدِّر لمجلسكم الموقر أعمالكم الجليلة.
أيها الإخوة والأخوات، منذ أن وحّد جلالة الملك عبد العزيز (رحمه الله)، المملكة العربية السعودية وهي تأخذ بمبدأ الشورى، مما أسهم في تعزيز مسيرتها التنموية الشاملة لتحقيق ما تصبو إليه من أمن ورخاء وازدهار.
وإننا نفخر بما شرّفنا الله به من خدمة الحرمين الشريفين، وتوفير كل سبل الراحة لضيوف الرحمن من حجاج ومعتمرين، وقد حرصنا على إقامة الركن الخامس من أركان الإسلام، رغم الظرف الاستثنائي المتمثل بجائحة (كورونا) المستجد التي أصابت العالم، ودفعنا المزيد من احتياطات السلامة والوقاية، فاقتصر الحج على عددٍ محدودٍ من مواطنين ومقيمين، لضمان صحة الحجيج.
لقد أثمرت جهود بلادكم في التصدي المبكر للحد من آثار الجائحة، وهو ما ساهم في تدني انتشار العدوى، وانخفاض أعداد الحالات الحرجة، ولله الحمد.
وأكرر شكري لإخواني وأخواتي وأبنائي وبناتي المواطنين والمقيمين، على تفهمهم وتعاونهم في اتباع التعليمات وتنفيذ الإجراءات، كما أشكر أجهزة الدولة كافة، على جهودهم في مواجهة الجائحة، وإني لأشكر من هذا المقام أبنائي الجنود البواسل في الحد الجنوبي، وأدعو لهم بالثبات، ولشهدائنا بالجنة.
وفي سبيل تخفيف الآثار الاقتصادية لتفشي فيروس (كورونا المستجد)، سارعت بلادكم لتقديم مبادرات حكومية للقطاع الخاص، وخصوصاً المنشآت الصغيرة والمتوسطة، شملت أكثر من 218 مليار ريال، إضافة لدعم القطاع الصحي بمبلغ 47 مليار ريال.
ولقد سعينا من خلال إدارة الجائحة إلى استمرار الأعمال وموازنة الأثر الاقتصادي والصحي والاجتماعي، وسنواصل التقييم المستمر، حتى انتهاء الجائحة بإذن الله.
الإخوة والأخوات، في تأكيد لريادة بلادكم، دعت المملكة العربية السعودية، التي ترأس الدورة الحالية لـ(مجموعة العشرين)، في ظرف جائحة فيروس (كورونا المستجد)، وبغية مواجهة عالمية تخفف آثار الجائحة، لعقد قمة استثنائية افتراضية، جرت في مارس (آذار) الماضي، ونتطلع من قمة (مجموعة العشرين)، التي ستُعقد بحول الله هذا الشهر، إلى تعزيز التنمية، وتحفيز التعاون عالمياً، لصنع مستقبل مزهر للإنسان، وإضافة إلى ذلك، فقد حرصت المملكة العربية السعودية منذ تأسيس منظمة (أوبك) على استقرار أسواق البترول العالمية، وليس أدل على ذلك من الدور المحوري الذي قامت به في تأسيس واستمرار اتفاق مجموعة (أوبك بلص)، وذلك نتيجة مبادرات المملكة الرامية إلى تسريع استقرار الأسواق واستدامة إمداداتها.
كما عملت المملكة، ولا تزال تعمل، لضمان استقرار إمدادات البترول للعالم بما يخدم المنتجين والمستهلكين على حد سواء، رغم الظروف الاقتصادية التي يعيشها العالم اليوم بسبب جائحة (كورونا)، وانعكاساتها على أسواق البترول العالمية.
أيها الإخوة والأخوات، (رؤية المملكة 2030) هي خارطة الطريق لمستقبل أفضل لكل من يعيش في هذا الوطن الطموح؛ فقد أسهمت الرؤية خلال مرحلة البناء والتأسيس في تحقيق مجموعة من الإنجازات على عدة أصعدة، أبرزها تحسين الخدمات الحكومية، ورفع نسبة التملك في قطاع الإسكان، وتطوير قطاعات الترفيه والرياضة والسياحة، واستقطاب العديد من الاستثمارات الأجنبية، إضافة إلى تمكين المرأة وتفعيل دورها في المجتمع وسوق العمل، ونستعد حالياً لمرحلة دفع عجلة الإنجاز التي تتسم بتمكين المواطن، وإشراك القطاع الخاص بشكل أكبر، وزيادة فاعلية التنفيذ.
ويسرّنا أن المملكة اليوم أصبحت الدولة الأكثر تقدماً وإصلاحاً من بين 190 دولة، وفقاً للبنك الدولي، وأن المملكة حققت المرتبة الأولى خليجياً والثانية عربياً، في تقرير البنك الدولي: (المرأة... أنشطة الأعمال والقانون 2020).
أيها الإخوة والأخوات، إن المملكة تؤكد خطورة المشروع الإقليمي للنظام الإيراني، وترفض تدخله في شؤون الدول الداخلية، ودعمه الإرهاب والتطرف وتأجيج الطائفية، وتدعو المجتمع الدولي لاتخاذ موقف حازم تجاه إيران، يضمن منعها من الحصول على أسلحة دمارٍ شاملٍ وتطوير برنامج الصواريخ الباليستية وتهديد السلم والأمن.
ونستنكر انتهاك ميليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة إيرانياً، القوانين الدولية، بإطلاق طائرات مفخخة من دون طيار، وصواريخ باليستية تجاه المدنيين بالمملكة، مؤكدين دعم الشعب اليمني الشقيق لاستعادة سيادته واستقلاله، بواسطة سلطته الشرعية.
وتؤكد المملكة استمرار وقوفها إلى جانب الشعب الفلسطيني لإقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، كما أننا نساند الجهود الرامية لإحلال السلام في الشرق الأوسط بالتفاوض بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي للوصول إلى اتفاق عادل ودائم.
كما نقف مع العراق وشعبه الشقيق، ونساند جهود حكومته في سبيل استقراره ونمائه وحفاظه على مكانته في محيطه العربي، وتعزيز العلاقات بين البلدين الشقيقين، والتعاون في مختلف المجالات، من خلال مجلس التنسيق السعودي - العراقي.
ونؤيد الحل السلمي بسوريا وفقاً لقرار مجلس الأمن «2254» ومسار «جنيف 1»، مؤكدين وجوب خروج الميليشيات والمرتزقة منها، والحفاظ على وحدة التراب السوري.
كما أننا نتابع باهتمام تطورات الأوضاع في ليبيا، مجددين ترحيب المملكة بتوقيع اللجان العسكرية الليبية المشتركة الاتفاق الدائم على وقف إطلاق النار برعاية الأمم المتحدة، متطلعين إلى أن يمهد الاتفاق الطريق لإنجاح التفاهمات الخاصة بالمسارين السياسي والاقتصادي، بما يسهم في تدشين عهد جديد يحقق الأمن والسلام والسيادة والاستقرار لليبيا وشعبها الشقيق، داعين إلى وقف التدخل الخارجي في الشأن الليبي.
وبوصف المملكة رئيساً لمجموعة أصدقاء السودان، فإنها تشدد على أهمية دعم السودان حالياً، وتؤكد الدعم السياسي الكامل لمحادثات جوبا للسلام.
حفظ الله المملكة العربية السعودية، وأدام عليها فضله، ووفقنا وإياكم لمواصلة قيامنا بخدمة شعبنا، وتعزيز أدوار بلادنا الريادية، ومساهماتها في تحقيق الأمن والسلم والتنمية إقليمياً ودولياً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».
وقبل إلقاء الخطاب الملكي، تشرف الشيخ الدكتور عبد الله بن محمد آل الشيخ رئيس مجلس الشورى، وأعضاء وعضوات المجلس، بأداء القسم أمام خادم الحرمين الشريفين، وذلك عقب صدور الأمر الملكي بتعيينهم في المجلس في دورته الثامنة، قائلين: «أقسم بالله العظيم، أن أكون مخلصاً لديني ثم لمليكي وبلادي، وألا أبوح بسرّ من أسرار الدولة، وأن أحافظ على مصالحها وأنظمتها، وأن أؤدي أعمالي بالصدق والأمانة والإخلاص والعدل».


مقالات ذات صلة

ولي العهد يهنئ خادم الحرمين بفوز السعودية باستضافة كأس العالم 2034

الخليج خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان (واس) play-circle 01:22

ولي العهد يهنئ خادم الحرمين بفوز السعودية باستضافة كأس العالم 2034

هنأ ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، بمناسبة فوز السعودية رسمياً باستضافة بطولة كأس العالم 2034.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج المركز قدّم 465 جلسة علاجية استفاد منها 67 مريضاً منذ بدء أعماله (واس)

السعودية تفتتح مركزاً للعلاج الطبيعي بمخيم الزعتري

افتتحت السعودية، عبر ذراعها الإنسانية «مركز الملك سلمان للإغاثة»، أول مركز علاج طبيعي داخل مخيم الزعتري للاجئين السوريين في الأردن.

«الشرق الأوسط» (عمّان)
الخليج الملك سلمان بن عبد العزيز (الشرق الأوسط)

خادم الحرمين يتلقى رسالة خطية من رئيس غينيا الاستوائية

تلقى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، رسالة خطية، من تيودورو أوبيانج نجيما مباسوغو، رئيس غينيا الاستوائية، تتصل بالعلاقات الثنائية بين البلدين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز (الشرق الأوسط)

السعودية: أمر ملكي بتحويل مستشفى «التخصصي للعيون» إلى مؤسسة مستقلة

صدر في السعودية أمر ملكي يقضي بالموافقة على النظام الأساس لمستشفى الملك خالد التخصصي للعيون ومركز الأبحاث، وتحويله إلى مؤسسة مستقلة ذات طبيعة خاصة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج خادم الحرمين الشريفين لدى افتتاح مشروع «قطار الرياض» ومشاهدة فيلم تعريفي عن المشروع (واس)

الملك سلمان... رؤية ممتدة لـ16 عاماً تتحقق مع افتتاح قطار الرياض

في وثيقة تاريخية يعود عمرها إلى عام 2009، قدم الملك سلمان بن عبد العزيز، عندما كان رئيساً للهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، رؤية شاملة لتطوير نظام النقل العام.

غازي الحارثي (الرياض)

السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
TT

السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)

أكدت الرياض ولندن، الخميس، ضرورة خفض التصعيد الإقليمي، والالتزام بالمعايير الدولية، وميثاق الأمم المتحدة، وذلك في بيان مشترك عقب زيارة كير ستارمر رئيس الوزراء البريطاني للسعودية هذا الأسبوع، التي جاءت انطلاقاً من أواصر علاقتهما المميزة.

وذكر البيان أن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، وستارمر أكدا خلال جلسة مباحثات رسمية على أهمية الدور الذي يقوم به مجلس الشراكة الاستراتيجية في تعزيز التعاون بين البلدين، واستعرضا التقدم الكبير المحرز في تطوير العلاقات الثنائية وتنويعها.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز الشراكة الاقتصادية بينهما، والتزامهما برفع حجم التجارة البينية إلى 37.5 مليار دولار بحلول عام 2030، وزيادة الاستثمار في صناعات الغد، بما يحقق النمو المستدام. كما اتفقا على برنامج طموح للتعاون يهدف لتعزيز الازدهار المتبادل، والأمن المشترك، ومعالجة التحديات العالمية.

وأشادا بنمو الاستثمارات المتبادلة، ونوّها بالاستثمارات السعودية الكبيرة في المملكة المتحدة خلال عام 2024، ومنها لصندوق الاستثمارات العامة، مثل «سيلفريدجز» و«مطار هيثرو»، والاستثمار الإضافي في نادي نيوكاسل يونايتد لكرة القدم، ما يعزز العلاقات المتنامية بين شمال شرقي إنجلترا والسعودية.

ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء البريطاني خلال جلسة مباحثات رسمية في الرياض (واس)

وبينما تعدّ المملكة المتحدة من أكبر المستثمرين الأجانب في السعودية، نوّه الجانبان بإعلان الهيئة البريطانية لتمويل الصادرات عن خططها لزيادة حجم تعرضها السوقي إلى 6 مليارات دولار أميركي، وذلك في ضوء نجاح التمويل (المتوافق مع الشريعة الإسلامية) بقيمة تبلغ نحو 700 مليون دولار للاستثمار بمشروع القدية (غرب الرياض).

وأعربا عن تطلعهما إلى تطوير شراكات استراتيجية طويلة الأمد تخدم المصالح المتبادلة، والمساهمة في النمو الاقتصادي المستدام. ورحّبا بالتقدم الكبير المحرز بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين مجلس التعاون الخليجي والمملكة المتحدة.

وأشادا بالتعاون القائم بين البلدين في قطاع الطاقة، وأكدا أهمية تعزيزه بمجالات الكهرباء، والطاقة المتجددة، والهيدروجين النظيف وتطبيقاته، والتكنولوجيا النظيفة، وابتكارات الطاقة والاستدامة. واتفقا على العمل المشترك لإنشاء تحالف الهيدروجين النظيف بين جامعاتهما بقيادة جامعتي «الملك فهد للبترول والمعادن»، و«نيوكاسل».

وأكدا أهمية تعزيز موثوقية سلاسل التوريد العالمية، وتحديداً مع إطلاق السعودية مبادرة لتأمين الإمدادات، وخاصة بمجالات الطاقة المتجددة، وإنتاج الهيدروجين، والمعادن الخضراء، والبتروكيماويات المتخصصة، وإعادة تدوير النفايات، والمركبات الكهربائية.

جانب من جلسة المباحثات بين الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر (واس)

كما رحّبا بإطلاق السعودية 5 مناطق اقتصادية خاصة تستهدف الصناعات والقطاعات الاستراتيجية، وتوفر للشركات البريطانية فرصة الاستفادة من مزايا وحوافز على جميع مستويات سلاسل التوريد.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في قطاع الخدمات المالية، ومجال تطوير قطاعات التعدين المستدامة، وتنويع إمدادات المعادن النادرة المستخدمة في التقنيات النظيفة. وأعربت بريطانيا عن دعمها وعزمها المشاركة على مستوى رفيع في «منتدى مستقبل المعادن السعودي» خلال شهر يناير (كانون الثاني) 2025.

كما أكدا على مركزية الاتفاقية الأممية الإطارية بشأن تغير المناخ، واتفاقية باريس، ونوّها بنتائج مؤتمر الأطراف «كوب 29»، وأهمية العمل لتحقيق نتيجة طموحة ومتوازنة في «كوب 30» عام 2025. ورحّبت بريطانيا بطموحات الرياض وقيادتها عبر مبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، ورئاستها لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر «كوب 16».

وأعربت بريطانيا أيضاً عن دعمها جهود السعودية في مجالات البيئة والتغير المناخي من خلال تنفيذ نهج الاقتصاد الدائري للكربون الذي أطلقته الرياض، وأقرّه قادة مجموعة العشرين، مؤكدة دعمها القوي لـ«رؤية 2030»، والتزامها بالفرص التي تتيحها في إطار الشراكة بين البلدين.

ولي العهد السعودي يصافح رئيس الوزراء البريطاني لدى وصوله إلى قصر اليمامة (واس)

ورحّب البلدان بتزايد عدد الزوار بينهما، وعبّرا عن تطلعهما إلى زيادة هذه الأعداد بشكل أكبر خاصة في ظل زيادة الربط الجوي بينهما، وتسهيل متطلبات الحصول على التأشيرة من الجانبين.

واتفقا على أهمية تعزيز التعاون في مختلف القطاعات الثقافية، بما في ذلك من خلال إطلاق برنامج تنفيذي جديد لتعزيز مشاركة بريطانيا في تطوير محافظة العُلا (شمال غربي السعودية)، كما رحّبا بالاتفاق على إطلاق شراكة بين الهيئة الملكية للعلا والمجلس الثقافي البريطاني تزامناً مع احتفال الأخير بمرور 90 عاماً على تأسيسه.

وأشادا بنتائج تعاونهما الاستراتيجي في مجالات التعليم والتعليم العالي والتدريب. ورحّبا بالخطط الاستراتيجية لزيادة عدد المدارس البريطانية في السعودية إلى 10 مدارس بحلول عام 2030، وافتتاح فروع للجامعات البريطانية في السعودية، كما عبّرا عن التزامهما بمواصلة التباحث حول زيادة التعاون في مجالات الاحتياجات التعليمية الخاصة، والتدريب التقني والمهني.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال الرعاية الصحية، ومواجهة تحديات الصحة العالمية. ونوّها بالمناقشات الجارية بين الجامعات البريطانية والشركاء السعوديين المحتملين لإنشاء كلية لتدريب الممرضين بالسعودية. كما اتفقا على أهمية الاستفادة من فرصهما لزيادة التعاون بمجالات السلامة الغذائية، والمنتجات الزراعية.

ولي العهد السعودي يستقبل رئيس الوزراء البريطاني (واس)

واتفق الجانبان على تعزيز التعاون في الأنشطة والبرامج الرياضية، وأشادا بالمشروع المشترك بين الجامعات السعودية والبريطانية لدعم تطوير القيادات النسائية المستقبلية بمجال الرياضة، والشراكة المتنامية بمجال الرياضات الإلكترونية.

وأشادا بمستوى تعاونهما بمجال الدفاع والأمن على مرّ العقود الماضية، وأكدا التزامهما بشراكة دفاعية استراتيجية طموحة ومستقبلية، بما يسهم في تطويرها لتركز على الصناعة وتطوير القدرات، وزيادة التشغيل البيني، والتعاون بشأن التهديدات المشتركة بما يسهم في تحقيق الأمن والازدهار في البلدين.

واتفقا على توسيع التعاون في مجالات النشاط السيبراني والكهرومغناطيسي، والأسلحة المتقدمة، والقوات البرية، والطائرات العمودية، والطائرات المقاتلة. كذلك تعزيزه أمنياً حيال الموضوعات المشتركة، بما فيها مكافحة الإرهاب والتطرف.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال العمل الإنساني والإغاثي، وشدّدا على ضرورة مواصلة التعاون في المحافل والمنظمات الدولية لمعالجة التحديات الاقتصادية العالمية، والتزامهما بتوحيد الجهود لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، وعقد حوار استراتيجي سعودي - بريطاني سنوياً بشأن المساعدات والتنمية الدولية، واتفقا على التمويل المشترك لمشاريع في هذا الإطار بقيمة 100 مليون دولار.

الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر قبيل جلسة المباحثات في قصر اليمامة (واس)

وحول تطورات غزة، أكد الجانبان ضرورة إنهاء الصراع، وإطلاق سراح الرهائن فوراً وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي، مشددين على الحاجة الملحة لقيام إسرائيل بحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية لإيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية للشعب الفلسطيني، وتمكين المنظمات الدولية والإنسانية من القيام بعملها.

وبحثا كيفية العمل بينهما لتنفيذ حلّ الدولتين بما يحقق إحلال السلام الدائم للفلسطينيين والإسرائيليين. وأعربت بريطانيا عن تطلعها إلى انعقاد المؤتمر الدولي الرفيع المستوى بشأن الحل السلمي، الذي سترأسه السعودية وفرنسا في يونيو (حزيران) 2025.

وفي الشأن السوري، رحّب الجانبان بأي خطوات إيجابية لضمان سلامة الشعب السوري، ووقف إراقة الدماء، والمحافظة على مؤسسات الدولة ومقدراتها. وطالبا المجتمع الدولي بالوقوف بجانب الشعب، ومساعدته في تجاوز معاناته المستمرة منذ سنوات طويلة، مؤكدين أنه حان الوقت ليحظى بمستقبل مشرق يسوده الأمن والاستقرار والازدهار.

وفيما يخص لبنان، أكدا أهمية المحافظة على اتفاق وقف إطلاق النار، والتوصل لتسوية سياسية وفقاً للقرار 1701. كما اتفقا على ضرورة تجاوزه لأزمته السياسية، وانتخاب رئيس قادر على القيام بالإصلاحات الاقتصادية اللازمة.

ولي العهد السعودي يصافح الوفد المرافق لرئيس الوزراء البريطاني (واس)

وبشأن اليمن، أكد الجانبان دعمهما الكامل لمجلس القيادة الرئاسي، وأهمية دعم الجهود الأممية والإقليمية للتوصل لحلٍ سياسيٍ شاملٍ للأزمة اليمنية، وضمان أمن البحر الأحمر لتحقيق استقرار الاقتصاد العالمي.

وحول الأوضاع السودانية، أكدا أهمية البناء على «إعلان جدة» بشأن الالتزام بحماية المدنيين في السودان عبر مواصلة الحوار لتحقيق وقف كامل لإطلاق النار، وحل الأزمة، ورفع المعاناة عن شعبه، والمحافظة على وحدة البلاد، وسيادتها، ومؤسساتها الوطنية.

ورحّب الجانبان باستمرار التواصل بين البلدين بشأن الحرب في أوكرانيا، مؤكدين أهمية بذل كل الجهود الممكنة لتحقيق السلام العادل والمستدام الذي يحترم السيادة والسلامة الإقليمية بما يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة.

جانب من مراسم الاستقبال الرسمية لرئيس الوزراء البريطاني في قصر اليمامة بالرياض (واس)