«فيتش» تؤكد مرونة سياسات الاقتصاد السعودي

قالت إن الإجراءات الحكومية ستعزز آفاق النمو على المدى المتوسط

وكالات الائتمان العالمية تؤكد استقرار تصنيف المملكة منذ أزمة «كورونا» (الشرق الأوسط)
وكالات الائتمان العالمية تؤكد استقرار تصنيف المملكة منذ أزمة «كورونا» (الشرق الأوسط)
TT

«فيتش» تؤكد مرونة سياسات الاقتصاد السعودي

وكالات الائتمان العالمية تؤكد استقرار تصنيف المملكة منذ أزمة «كورونا» (الشرق الأوسط)
وكالات الائتمان العالمية تؤكد استقرار تصنيف المملكة منذ أزمة «كورونا» (الشرق الأوسط)

أفصحت وكالة «فيتش للتصنيف الائتماني» أمس عن التصنيف الائتماني للسعودية، حيث استقر عند مستوى «A» مع تغيير النظرة المستقبلية من (مستقرة) إلى (سلبية)، نتيجة تداعيات جائحة «كورونا» ومخاطر الموجة الثانية، والمتغيرات في أسعار النفط.
وأشارت الوكالة في تقريرها إلى قوة ومتانة المالية العامة للمملكة، ومرونة السياسة المالية وهما تعدان ركائز أساسية في أن تواجه المملكة الصدمات الاقتصادية من منطلق قوة، مما دعا وكالات التصنيف الائتماني العالمية أن تؤكد استقرار تصنيف المملكة في آخر 3 تقارير تصنيف ائتمانية في ظل التقلبات الاقتصادية على الصعيد العالمي، متوقعة أن يكون الانكماش الاقتصادي للمملكة في العام 2020 هو الأقل مقارنة بدول مجموعة العشرين.
وبحسب مجمل وكالات التصنيف الائتماني للاقتصاد السعودي، أفادت بأن المبادرات الاقتصادية الحكومية للأفراد والقطاع الخاص، أسهمت في تخفيف الآثار السلبية من تداعيات الجائحة.
وبالعودة إلى «فيتش»، أكدت الوكالة في تقريرها أمس أن المملكة اتخذت هذا العام عددا من الإجراءات الهيكلية لضبط المالية العامة للحد من تأثير انخفاض أسعار النفط، وتداعيات جائحة «كورونا»، مما يعكس الالتزام بضبط أوضاع المالية العامة.
وأشارت وكالة «فيتش» إلى جدوى الإجراءات الحكومية الفعّالة التي قامت بها المملكة لتعزيز الشفافية والخطوات الداعمة لتنويع الاقتصاد ممثلة بجهود صندوق الاستثمارات العامة وصندوق التنمية الوطنية التي ساهمت في دعم البيئة الاستثمارية، متوقعة أن تعزز هذه الإجراءات آفاق النمو الاقتصادي على المدى المتوسط، ودعم التعافي السريع خلال العام 2021، مؤكدة قدرة حكومة المملكة على تجاوز أزمة «كورونا» بنجاح.
وأكدت «فيتش» أن المملكة لا تزال تمتلك أحد أكبر الأصول السيادية للدول المصنفة لدى الوكالة، بما في ذلك الاحتياطيات الأجنبية العالية التي تُعد من أعلى المعدلات على مستوى العالم، كما خفضت الوكالة تقديراتها لحجم الدين العام كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي من 38 في المائة في تقريرها الأخير في شهر أبريل (نيسان) الماضي إلى 35 في المائة للعام 2020.
وقالت وزارة المالية السعودية في بيان إنه رغم النظرة المستقبلية السلبية، فإن تصنيفات المملكة «تبدي متانة ملحوظة مع 3 تأكيدات متتالية للتصنيف من وكالات التصنيف الائتماني الـ3 الرئيسية منذ بدء الأزمة في مارس (آذار) الماضي، مضيفة أنها ستظل ملتزمة بقوة بتعزيز الأوضاع في الأجل المتوسط والاستدامة المالية.
وتتوقع «فيتش» انكماش اقتصاد السعودية بما يزيد قليلا على 4 في المائة هذا العام نتيجة لتخفيضات إنتاج النفط وتراجع النشاط بسبب أزمة فيروس «كورونا»، مشيرة إلى أن زيادة الضريبة مع انتهاء الإنفاق المرتبط بالجائحة وتعافي الاقتصاد غير النفطي سيسهم في خفض العجز خلال العامين المقبلين.
وتوقعت الوكالة انخفاض العجز المالي تدريجيا إلى نحو 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في العام المقبل و5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في 2022، بناء على توقع بتعافي أسعار خام برنت إلى 50 دولارا للبرميل في المتوسط بحلول 2022، ونمو إنتاج النفط الخام السعودي إلى 9.7 مليون برميل يوميا بحلول 2022.


مقالات ذات صلة

الاقتصاد وزير الاستثمار متحدثاً إلى الحضور خلال «المبادرة العالمية لمرونة سلسلة التوريد» (الشرق الأوسط)

السعودية توسّع صفقاتها للمشاركة في سلاسل التوريد العالمية

تتجه السعودية إلى زيادة الوصول للمواد الأساسية، وتوفير التصنيع المحلي، وتعزيز الاستدامة، والمشاركة في سلاسل التوريد العالمية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
خاص الأمير سعود ووزير الصناعة خلال حفل الهيئة (إمارة منطقة مكة المكرمة)

خاص وزير الصناعة السعودي: هيئة المساحة ستلعب دوراً محورياً في السنوات الـ25 المقبلة في التعدين

تلعب هيئة المساحة الجيولوجية في السعودية دوراً حيوياً في الكشف عن مخزونات الأرض من الفلزات، التي تشمل الذهب والزنك والنحاس.

سعيد الأبيض (جدة)
الاقتصاد جانب من العاصمة السعودية الرياض (واس)

صفقات «جسري» السعودية تتخطى 9.3 مليار دولار

أعلنت السعودية توقيع 9 صفقات استثمارية بقيمة تزيد على 35 مليار ريال (9.3 مليار دولار)، ضمن «المبادرة الوطنية لسلاسل الإمداد العالمية (جسري)».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ولي العهد في أثناء توقيعه على الميزانية العامة للدولة لعام 2025 (واس)

مجلس الوزراء السعودي يقر ميزانية الدولة للعام المالي 2025

أقر مجلس الوزراء السعودي برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ميزانية العام المالي 2025، التي تتوقع إيرادات بقيمة 1.184 تريليون ريال.


الرسوم الجمركية تهدد النمو الاقتصادي... و«المركزي الأوروبي» يحذّر من تداعيات الحرب التجارية

مبنى «البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)
مبنى «البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)
TT

الرسوم الجمركية تهدد النمو الاقتصادي... و«المركزي الأوروبي» يحذّر من تداعيات الحرب التجارية

مبنى «البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)
مبنى «البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)

أشار صناع السياسة في «البنك المركزي الأوروبي»، يوم الثلاثاء، إلى أن أسعار الفائدة بمنطقة اليورو ستستمر في الانخفاض، مع القضاء على التضخم إلى حد كبير، في حين أن النمو الاقتصادي الضعيف، الذي قد يتفاقم بسبب الرسوم الجمركية الأميركية، قد يصبح القضية الكبيرة التالية التي تواجه المنطقة.

وخفض «المركزي الأوروبي» أسعار الفائدة 3 مرات هذا العام، ويتوقع المستثمرون تخفيضات أخرى في كل اجتماع لـ«لجنة السياسة» حتى يونيو (حزيران) المقبل على الأقل، مع تجنب المنطقة ركوداً آخر، وفق «رويترز».

وفي هذا السياق، قال رئيس «البنك المركزي»، البرتغالي ماريو سينتينو، إن الاقتصاد يواجه ركوداً، محذراً بأن «المخاطر تتراكم نحو الهبوط»، مشيراً إلى أن الرسوم الجمركية التي هدد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بفرضها تشكل تهديداً إضافياً.

وحذر سينتينو أيضاً بأن تأخر «البنك المركزي الأوروبي» في خفض أسعار الفائدة قد يزيد من خطر انخفاض التضخم إلى ما دون المستوى المستهدف.

من جانبه، أوضح نائب رئيس «البنك المركزي الأوروبي»، لويس دي غيندوس، أن النمو أصبح الشغل الشاغل للبنك، مشيراً إلى أن الرسوم الجمركية قد تؤدي إلى ظهور دورة مدمرة من الحروب التجارية.

وقال دي غيندوس لصحيفة «هلسنغن سانومات» الفنلندية: «القلق بشأن التضخم المرتفع تحول الآن إلى القلق بشأن النمو الاقتصادي».

وأضاف: «عندما نفرض الرسوم الجمركية، فيجب أن نكون مستعدين لرد فعل من الطرف الآخر، وهو ما قد يؤدي إلى بداية حلقة مفرغة».

وأكد دي غيندوس أن «هذا الأمر قد يتحول في نهاية المطاف إلى حرب تجارية، وهو ما سيكون ضاراً للغاية بالاقتصاد العالمي».

وتابع: «هذا سيؤدي إلى ضعف النمو، وارتفاع التضخم، وتأثير على الاستقرار المالي، في وضع يعدّ خسارة لجميع الأطراف».

وكان ترمب قد أعلن هذا الأسبوع أنه سيفرض رسوماً جمركية كبيرة على أكبر 3 شركاء تجاريين للولايات المتحدة: كندا والمكسيك والصين، فور توليه منصب الرئاسة.

وبشأن تأثير الرسوم الجمركية الأميركية على النمو في أوروبا، فقد قال رئيس «البنك المركزي الفرنسي»، خلال مؤتمر للمستثمرين الأفراد في باريس، إن تأثير التضخم في أوروبا قد لا يكون كبيراً.

وقال فرنسوا فيليروي دي غالهاو: «قد يكون تأثير التضخم محدوداً نسبياً في أوروبا، ولكن أسعار الفائدة طويلة الأجل التي تحددها السوق لديها ميل معين لعبور المحيط الأطلسي».

وأضاف: «لا أعتقد أن هذا سيغير كثيراً بالنسبة إلى أسعار الفائدة قصيرة الأجل في أوروبا، ولكن أسعار الفائدة طويلة الأجل قد تشهد تأثيراً انتقالياً».

من جهته، أضاف محافظ «البنك المركزي الفنلندي»، أولي رين، تحذيراً بخصوص النمو، متوقعاً أن يظل النشاط الاقتصادي ضعيفاً مع انتعاش بطيء، وهو ما قد يدفع «البنك المركزي الأوروبي» إلى خفض سعر الفائدة إلى المعدل المحايد الذي لا يعوق النمو الاقتصادي، بحلول أوائل الربيع المقبل.

وعلى الرغم من أن المعدل المحايد ليس رقماً ثابتاً، فإن معظم خبراء الاقتصاد يرون أنه في نطاق بين اثنين و2.5 في المائة، وهو أقل كثيراً من المستوى الحالي لـ«البنك المركزي الأوروبي» البالغ 3.25 في المائة.

ولا يُتوقع أن تتوقف أسعار الفائدة عند المعدل المحايد؛ إذ تتوقع سوق المال أن يهبط سعر الفائدة على الودائع إلى 1.75 في المائة العام المقبل، وهو مستوى من شأنه تحفيز النمو.

وقال رين: «إذا فرضت الولايات المتحدة رسوماً جمركية على منتجات دول أخرى، سواء أكانت بنسبة 10 أم 20 في المائة، وردّ الجميع، فإن جميع الأطراف ستخسر».

وأضاف أنه «في هذه الحالة، فإن الولايات المتحدة ستخسر أكثر؛ لأن الدول الأخرى قد توجه صادراتها إلى أسواق أخرى، في حين ستواجه الشركات الأميركية الرسوم الجمركية نفسها في كل مكان».

في المقابل، انخفض، يوم الثلاثاء، مؤشر رئيسي لتوقعات التضخم بمنطقة اليورو على المدى البعيد في السوق إلى أقل من اثنين في المائة لأول مرة منذ يوليو (تموز) 2022، في دلالة على اعتقاد المستثمرين أن النمو المتعثر قد يؤدي إلى تضخم أقل من الهدف المحدد من قبل «البنك المركزي الأوروبي». وأظهرت بيانات «بورصة لندن» أن مبادلة التضخم الآجلة لمدة 5 سنوات تراجعت إلى 1.9994 في المائة، وهو انخفاض حاد نسبياً مقارنة بأكثر من 2.2 في المائة خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وتعكس هذه المبادلة توقعات المستثمرين بشأن التضخم خلال فترة الـ5 سنوات التي تبدأ بعد 5 سنوات من الآن.

لماذا يعدّ ذلك مهماً؟

يعدّ «البنك المركزي الأوروبي» محافظاً على تناغم دقيق مع توقعات التضخم لدى المستثمرين والأسر والشركات. ويعتقد كثير من خبراء الاقتصاد أن هذه التوقعات يمكن أن تتحول إلى نبوءة تحقق ذاتها، حيث يزيد المستهلكون من إنفاقهم الآن لتجنب ارتفاع الأسعار في المستقبل أو العكس. في عام 2014، أشار رئيس «البنك المركزي الأوروبي» السابق، ماريو دراغي، إلى مبادلة التضخم لمدة 5 سنوات، التي كانت آنذاك أقل قليلاً من اثنين في المائة، بوصف الأمر مقلقاً لـ«البنك المركزي». ومنذ عام 2022، كان «المركزي الأوروبي» يواجه خطر الانكماش بوصفه مصدر قلق رئيسياً.

ومن المرجح أن يعزز هذا الانخفاض الأخير من التوقعات بشأن خفض أسعار الفائدة من قبل «المركزي الأوروبي».

وانخفض التضخم في منطقة اليورو من أعلى مستوى قياسي بلغ 10.6 في المائة خلال أكتوبر 2022، إلى 1.7 في المائة خلال سبتمبر من هذا العام، قبل أن يرتفع مجدداً إلى اثنين في المائة خلال أكتوبر الماضي. ومن المتوقع إصدار بيانات نوفمبر (تشرين الثاني) يوم الجمعة المقبل. ووفقاً للمحللين، فقد ساهمت عوامل عدة في تهدئة نمو الأسعار، مثل تطبيع سلاسل التوريد التي تأثرت بجائحة «كوفيد19»، وانخفاض أسعار الطاقة بعد الحرب في أوكرانيا، بالإضافة إلى رفع أسعار الفائدة من قبل «البنك المركزي».

كما أظهرت بيانات مسح يوم الجمعة أن نشاط الأعمال في منطقة اليورو تراجع بشكل حاد في نوفمبر الحالي أكثر مما كان متوقعاً، مما زاد من المخاوف بشأن ضعف النمو بالمنطقة.

في هذا السياق، قال كبير خبراء الاقتصاد في «البنك المركزي الأوروبي»، فيليب لين، يوم الاثنين، إن التضخم قد ينخفض إلى ما دون الهدف في حال استمر النمو الضعيف. وأشار لين، في تصريحات نقلتها صحيفة «ليزيكو» الفرنسية، إلى أنه «ينبغي ألا تظل السياسة النقدية مقيدة لفترة طويلة، وإلا فإن الاقتصاد لن ينمو بالقدر الكافي، وأعتقد أن التضخم سيهبط إلى ما دون الهدف».