مطالبات بإقالة وزير المالية العراقي بسبب تأخر الرواتب

الكاظمي يلتقي لجنة المال النيابية لمناقشة «الاقتراض»

TT

مطالبات بإقالة وزير المالية العراقي بسبب تأخر الرواتب

يوماً بعد آخر تتسع دائرة المنتقدين لحكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، وبعد أشهر قليلة من دعم قطاعات غير قليلة لهذه الحكومة على أمل أن تضع حدا للفوضى التي تجتاح البلاد ووضع معالجات حقيقية لمشاكله المعقدة، خاصة وهي الحكومة الأولى التي أتت بعد 2003، من دون أن يتولى رئاستها شخصية سياسية منتمية لأحزاب الإسلام السياسي.
ورغم التركة الثقيلة التي ورثتها حكومة الكاظمي، علق كثيرون عليها آمالا غير قليلة في إصلاح ما يمكن إصلاحه في بلد أنهكته الحروب والفساد وسوء الإدارة، بيد تلك الآمال باتت تصطدم مؤخرا بواقع عدم قدرة الحكومة على الإيفاء بالتزاماتها المالية، خاصة المتعلقة بدفع رواتب الموظفين في القطاع العام، وهو واقع لم تختبره جماعات الموظفين (باستثناء موظفي إقليم كردستان) في ظل الحكومات التي سبقت حكومة الكاظمي، فضلا عن عدم ظهور نتائج ملموسة فيما يتعلق بملفي محاربة الفساد ومحاسبة قتلة الاحتجاجات العراقية.
وفي إطار سعي رئيس الوزراء للتوصل إلى صيغة اتفاق مع البرلمان حول موضوع قانون الاقتراض التي تطالب به حكومته لمواجهة أزمتها المالية عَقدَ، يوم أمس، اجتماعا مع أعضاء اللجنة المالية النيابية لـ«مناقشة قانون الاقتراض وموازنة 2021». وقال المتحدث باسم رئيس الوزراء أحمد ملا طلال، في تغريدة عبر «تويتر» إن «الأجواء (الاجتماع) إيجابية وغلب عليها الشعور بالمسؤولية المشتركة سادت لقاء رئيس مجلس الوزراء السيد مصطفى الكاظمي برئيس وأعضاء اللجنة المالية النيابية». وأضاف أن «قوت الموظف وضرورة تأمينه سريعا كان هو الهمّ المشترك، نتطلع إلى التصويت على قانون تغطية العجز المالي الخميس المقبل للبدء بإطلاق رواتب الموظفين».
وتواجه حكومة الكاظمي اعتراضات وممانعة بعض الكتل والشخصيات السياسية حول طبيعة وحجم مبلغ الاقتراض الذي سيصوت عليه البرلمان، حيث يشدد رئيس اللجنة المالية هيثم الجبوري على «أهمية مضي الحكومة ضغط مبلغ الاقتراض واقتصاره على النفقات الضرورية، مثل رواتب الموظفين والمتقاعدين ومستحقات شبكة الرعاية الاجتماعية والفلاحين والأدوية لمواجهة جائحة «كورونا» والبطاقة التموينية، فضلا عن تخصيص مبلغ من القرض للمشاريع الاستثمارية لغرض النهوض بواقع الاقتصاد العراقي وتوفير فرص العمل للشباب العاطلين».
وأبدت كتلة «الصادقون» النيابية التابعة لـ«عصائب أهل الحق»، أمس، اعتراضها على طلب الاقتراض المقدم من قبل الحكومة. وقال المتحدث الرسمي باسم الكتلة نعيم العبودي في مؤتمر صحافي عقده في مبنى البرلمان إن الكتلة ترى أن القرض الذي تطلبه الحكومة والبالغ 30 تريليون دينار «كبير جدا»، وأن الحاجة الفعلية لتسديد رواتب الموظفين والمتقاعدين وشبكة الرعاية الاجتماعية «لا تتعدى الـ8 تريليونات دينار للأشهر الـ3 المقبلة».
وتبدو حكومة الكاظمي في وضع لا تحسد عليه نتيجة الضغوط السياسية والشعبية جراء تأخر دفع الرواتب، وشهدت مواقع التواصل العراقية، أمس، حملة انتقادات غير مسبوقة ضد وزير المالية علي عبد الأمير علاوي المتهم شعبيا وسياسيا بعرقلة توزيع رواتب الموظفين، ثم جاء كتاب رسمي صادر عنه يتيح لمدير عقارات الدولة بيعها من دون مراعاة المعايير المتبعة في بيع وإيجار أملاك الدولة ليزيد من سقف الانتقادات على الوزير علاوي. ولم يصدر عن وزارة المالية ما ينفي أو يؤكد الكتاب.
ودعا رئيس لجنة الهجرة والمهجرين في البرلمان النائب رعد الدهلكي، أمس، علي عبد الأمير علاوي إلى تقديم استقالته قبل وصول البلد إلى ما سماها «حالة الانهيار». وقال الدهلكي في بيان: «يبدو أن وزير المالية يغالط نفسه، أو ربما لا يعي ما يقوله، حين يتحدث عن عدم وجود سيولة مالية لتسديد الرواتب، في وقت يعلم جيدا ولديه الأرقام الكاملة حول إيرادات المنافذ الحدودية والضرائب وواردات النفط وبدلات إيجار عقارات الدولة تكفي لتسديد الرواتب لعدة أشهر مقبلة وليس فقط هذا الشهر». ولفت إلى أن «وزير المالية لا يعي حجم الخطر الذي وضع فيه البلد ويتعامل مع الأزمة بأسلوب مبهم ويسعى جاهدا لإلقاء الكرة في ملعب مجلس النواب بذريعة قانون الاقتراض الذي لا يختلف اثنان على أن المبلغ الموضوع فيه يزيد علامات الاستفهام حول أداء الوزير ونواياه».
وأضاف الدهلكي «لا نعلم ما هي غايته (الوزير) الحقيقية من هكذا إصرار على إيصال البلاد إلى حافة الانهيار والغليان الشعبي، وكل ما نعرفه أن بقاء هذا الرجل في منصبه هو انتحار للعراق وعلى رئيس الحكومة في حال أراد الحفاظ على الأمن والهدوء المجتمعي أن يقيله بأسرع وقت».



سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
TT

سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)

مع دخول الحرب التي أشعلها الحوثيون عامها العاشر، لا يزال ملايين من النازحين يعانون جراء غياب الخدمات ويعيشون في تجمعات تفتقر لأبسط مقومات الحياة، حيث تشكل أزمة المياه النظيفة في مناطق الساحل الغربي لليمن واحدة من صور المعاناة التي يعيشها النازحون بسبب الحرب.

يقول حسن، وهو أب لأربعة أطفال وصل إلى منطقة «يختل» قبل خمس سنوات، إنهم يسيرون لساعات من أجل جلب بضعة صفائح من الماء، وفي بعض الأيام، يعود وأطفاله خالي الوفاض، حيث يبدو أن المياه تفرّ بعيداً عن متناول اليد.

الصراع من أجل المياه في اليمن تفاقم بسبب سنوات الحرب (الأمم المتحدة)

ولأن الحرب أجبرت أكثر من 4.5 مليون يمني على ترك منازلهم، فقد لجأ الكثير منهم إلى قرى ريفية مثل «يختل» القريبة من ميناء المخا على ساحل البحر الأحمر، ومع وصول المزيد من الأسر النازحة، وغالباً لا يحملون سوى الملابس على ظهورهم، زاد الضغط على الموارد الشحيحة بالفعل.

وفي ظل هذه الظروف، يتنافس السكان المتزايدون على الوصول إلى المياه والمأوى والخدمات الأساسية؛ مما يؤدي إلى تفاقم التحديات التي يواجهها كل من النازحين والسكان المحليين. كما أدى انخفاض خصوبة التربة وزيادة ملوحة مصادر المياه وارتفاع مستويات سطح البحر إلى تهديد الزراعة على طول الساحل الغربي، خصوصاً في هذه المنطقة.

لهذا؛ يجد سكان المنطقة، الذين اعتمدوا في السابق على الزراعة على نطاق صغير لإعالة أسرهم، أنه من المستحيل تقريباً زراعة المحاصيل أو إطعام مواشيهم، حيث أصبح المناخ معادياً بشكل متزايد لأساليب الزراعة التقليدية.

كما أن صيد الأسماك على نطاق صغير، الذي كان أيضاً شريان حياة للاقتصاد المحلي، في انحدار. ومع فشل المحاصيل وتناقص مخزون الأسماك، أصبح لدى السكان خيارات أقل.

مهمة صعبة

يقرّ محمد علي، وهو أحد سكان «يختل» بالصعوبة، حيث يستيقظ كل يوم قبل الفجر للبحث عن الماء، وهي مهمة تستهلك صباحاته وتستنزف طاقته، كما أن رحلاته اليومية إلى نقاط المياه المشتركة محفوفة بعدم اليقين، هل سيجد ما يكفي من المياه لأسرته أم لا.

وفق المنظمة الدولية للهجرة، تفاقم الصراع من أجل المياه بسبب سنوات الحرب التي دمَّرت البنية الأساسية التي كانت ذات يوم حيوية للبقاء؛ لأن نظام المياه، الذي تم بناؤه في الأصل لخدمة 200 منزل، أصبح الآن ممتداً إلى ما هو أبعد من حدوده، في محاولة لتلبية احتياجات أكثر من 1500 أسرة، بما في ذلك مئات النازحين الذين هربوا من العنف في مناطق خطوط التماس بين القوات الحكومية والحوثيين.

البحث اليومي عن المياه يستهلك وقت الأسر وطاقتها لفترة طويلة (الأمم المتحدة)

من خلال إعادة تأهيل خطوط الأنابيب وبناء نقاط مياه جديدة، ساعدت تدخلات المنظمة الأممية في تخفيف العبء على الأسر وتخفيف الصراع على الموارد. كما يعالج المشروع المخاطر الصحية من خلال ضمان حصول كل من المجتمعات المضيفة والأسر النازحة على وصول موثوق به إلى المياه النظيفة.

وجزءاً من هذه الجهود في منطقة «يختل»، يتم توسيع شبكة توزيع المياه. ويشمل ذلك تركيب أنابيب أكبر وبناء مرافق تخزين مياه إضافية، وضمان توزيع العرض المحدود بكفاءة عبر المجتمع.

وبحسب المنظمة الأممية، تم إدخال أنظمة ضخ المياه بالطاقة الشمسية؛ مما يوفر مصدر طاقة مستداماً يقلل من الاعتماد على الوقود الباهظ الثمن وغير المتاح في كثير من الأحيان، ومساعدة المجتمعات على تحمل التقلبات الجوية المتطرفة مثل الفيضانات بشكل أفضل.

مساعدة على الصمود

تتضمن جهود منظمة الهجرة الدولية ترقية نظام المياه لتحسين قدرته على الصمود في مواجهة الفيضانات، والتخطيط بعناية لتجنب المناطق المعرضة للفيضانات وإنشاء تدابير وقائية، بالإضافة إلى ذلك، سيتم تركيب أجهزة تعقيم المياه بالكلور الأوتوماتيكية لتطهير المياه.

وبينما يتم إحراز تقدم في منطقة «يختل»، تستمر صراعات مماثلة في أجزاء أخرى من الساحل الغربي اليمني وفقاً للمجتمع الإغاثي، ففي مخيم للنازحين في حيس، يشارك سامي، وهو أب لاثني عشر طفلاً، قصة مألوفة عن المشقة، ويذكر أن معظم الأشخاص الذين يذهبون لجلب المياه هم من الأطفال؛ فهم لا يذهبون إلى المدرسة لأنهم مضطرون إلى المساعدة.

الجفاف يهدد مناطق واسعة باليمن مما يتسبب في شح المياه (إ.ب.أ)

تؤكد المنظمات الإغاثية أن عدم القدرة على الحصول على المياه النظيفة أدى إلى حرمان أطفاله من التعليم؛ مما أجبرهم على القيام بدورة من الأعمال المنزلية اليومية.

وبغرض معالجة النقص الحاد في المياه، تشرف منظمة الهجرة الدولية على بناء بئر جديدة من شأنها أن توفر مياه نظيفة وموثوقة لآلاف الأسر النازحة والمجتمعات المضيفة.

تجزم المنظمات الإغاثية أنه ومن خلال توفير هذا المصدر الثابت للمياه، سيتم تخفيف العبء المادي على الأسر وتقليل المخاطر الصحية المرتبطة بالمياه الملوثة، لكن رغم ذلك، تظل التحديات هائلة، حيث يستمر تغير المناخ والأحداث الجوية المتطرفة في جميع أنحاء اليمن في تضخيم أزمة المياه؛ مما يزيد من ضغوط الصراع والنزوح.