نانيت شترايخر المرأة التي أعادت بناء بيانو بيتهوفن

كانت واحدة من أفضل صناع الآلة الموسيقية في أوروبا

نانيت شترايخر المرأة التي أعادت بناء بيانو بيتهوفن
TT

نانيت شترايخر المرأة التي أعادت بناء بيانو بيتهوفن

نانيت شترايخر المرأة التي أعادت بناء بيانو بيتهوفن

يمتلك متحف ومكتبة مورغان بنيويورك جزءاً من رسم أصلي يصور لحن البيانو «هامركلافير» الخاص بالموسيقار الراحل بيتهوفن. وفي الهامش، يكتب الناشر البريطاني فينسنت نوفيلو أن الوثيقة وصلت إليه بواسطة السيدة سترايكر، والتي كانت واحدة من أقدم أصدقاء بيتهوفن وأكثرهن إخلاصاً.
تجسدت المكانة الهامشية التي نالتها السيدة نانيت شترايخر في التاريخ عبر تلك السطور المدونة. وفي حين أنها كانت بالفعل واحدة من أقرب أصدقاء الموسيقار بيتهوفن، والذي تحل الذكرى 250 ليوم مولده في شهر ديسمبر (كانون الأول) من العام الحالي، إلا أنها كانت أيضاً واحدة من أفضل صناع البيانو في أوروبا. وكانت تمتلك شركة خاصة بها، تلك التي كانت يعمل فيها زوجها السيد أندرياس شترايخر، المعلم وعازف البيانو، والذي كان مسؤولاً عن المبيعات، وإمساك الدفاتر، والمراسلات التجارية الخاصة بالشركة. بيد أن العديد من العلماء المهتمين بالموسيقار بيتهوفن قد يعتبرون أنه من غير المعقول أن تتمكن امرأة من أبناء القرن الثامن عشر الميلادي من صناعة بيانو، ولذلك وصفوا زوجها أندرياس بأنه هو من يصنع البيانو، ومن ثم ألقيت غلالة داكنة على شخصية السيدة نانيت وتوارت إلى الظلال.
ولدت السيدة نانيت في مدينة أوغسبورغ الألمانية في عام 1769. وكانت هي الطفلة السادسة لوالدها يوهان أندرياس شتاين، وكان من أشهر الصناع الذين نجحوا في تطوير صناعة البيانو المبتكرة في تلك الأثناء، وإدخال التحسينات على الآلية التي جعلت المطارق تدق على الأوتار داخل آلة البيانو، ومن ثم صارت تُعرف بأنها «الحركة الفيينية»، نسبة إلى فيينا عاصمة النمسا.
بحلول عامها الثامن، قامت الطفلة نانيت بالعزف أمام الموسيقار الكبير موتسارت، والذي انتقد وضعية جلوسها وعبوس وجهها، ولكنه اعترف لها بالعبقرية في العزف والأداء الموسيقي. وبعد ذلك بعامين، كانت قد أتقنت العديد من أساليب الصناعة التي استعان بها والدها، مما أكسبها سمعة طيبة وعبقرية فذة في الأعمال الميكانيكية.
تزوجت السيدة نانيت عند بلوغها 32 عاماً من عمرها بعد وفاة والدها في عام 1792. وكانت قد تمكنت من نقل البيانو عن طريق الطوافات المائية، ثم أنشأت شركة لها في فيينا. وتشاركت مع شقيقها ماتيوس الذي كان يبلغ من العمر 16 عاماً وقتذاك، ثم غيرت اسم الشركة من «جيه إيه شتاين» ليكون «غيشويستر شتاين أو الأخوان شتاين». كانت تلك الفترة تتسم بالتطورات السريعة في عالم تصاميم البيانو. سيما مع انتقال الحفلات الموسيقية إلى ما وراء الصالونات الأرستقراطية وإلى القاعات الكبرى، مما عرض المصنعون لضغوط كبيرة من أجل إنتاج الآلات الموسيقية الأثقل وزناً والأعلى صوتاً ورنيناً.
كان الموسيقار بيتهوفن - الذي تقابل مع السيدة نانيت في مدينة أوغسبورغ قبل سنوات - قد طلب منها استعارة إحدى آلات البيانو الخاصة بها من أجل حفل موسيقي يحييه في عام 1796 في مدينة بريسبورغ (مدينة راتيسلافا عاصمة جمهورية سلوفاكيا حالياً). وكتب بيتهوفن ممازحاً السيد أندرياس أن استعارة البيانو كان من الأمور الجيدة للغاية بالنسبة إليه، نظراً لأنه يرغب في حرية عزف نغماته الخاصة. غير أنه عاود الشكوى في خطاب لاحق من أن البيانو ما يزال قيد التطور من بين كافة الآلات الموسيقية الأخرى وأنه كان أشبه بآلة القيثارة عن أن يكون بيانو حقيقي.
لم يكن بيانو شتاين الأنيق بلمسته الراقية ونغماته الأثيرة مناسباً بصورة مثالية لأسلوب عزف السيد بيتهوفن القوي والجامح في آنٍ واحد. ومع أخذ النقد العلني من الملحن الكبير بعين الاعتبار، كتب السيد أندرياس مقالاً يذكر فيه عازفاً للبيانو مجهول الهوية ويصفه بأنه كمثل القاتل المتوحش الذي يغتصب مفاتيح آلة البيانو اغتصاباً وكأنه عاقد العزم على الانتقام المرير منه!
وكتب في مقاله العنيف يقول: «تشعر من استماعك للنغمات الأولى من الألحان بمثل هذا العنفوان والقوة لدرجة تدفعك إلى التساؤل إن كان عازف البيانو المجهول أصم لا يسمع ما يعزف».
ومما يؤسف له بحق أن تلك الصفة كانت بالفعل لازمة لدى السيد بيتهوفن. فلقد كان بدأ لتوه يعاني من تدهور واضح في حاسة السمع لديه، غير أنه كتم ذلك الأمر عن الناس. ورغم أنه سوف يحتاج لاحقاً إلى آلة موسيقية ذات صوت مرتفع ليعوض بها ما يصيبه من تدهور في حاسة السمع، إلا أنه كان في هذه المرحلة مهتماً بصورة أساسية بالعثور على بيانو يناسب حدود أدائه الدينامي الكبير.
كانت السيدة نانيت قد قامت بالفعل في توسيع نطاق لوحة مفاتيح البيانو من 5 أوكتاف إلى 6.5 أوكتاف (نغمة جوابية)، غير أنها أبطأت كثيراً في إدخال التعديلات الرئيسية الأخرى على التصميم الأصلي لبيانو والدها. ولقد كانت تلك الأوقات عصيبة للغاية. وبحلول عام 1802. كانت صارت والدة لطفلين صغيرين، بعد وفاة ولدها البالغ من العمر 6 سنوات. كما نشب خلاف بينها وبين شقيقها ماتيوس، وقررا بعده حل الشركة وشطبها من الدفاتر بصورة منفصلة.
* «نيويورك تايمز»



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».