بايدن يصب تركيزه على المرحلة الانتقالية

بوش: الانتخابات نزيهة... ونتيجتها واضحة

بايدن خلال زيارة إلى مقبرة عائلته في ويلمينغتون أمس (أ.ف.ب)
بايدن خلال زيارة إلى مقبرة عائلته في ويلمينغتون أمس (أ.ف.ب)
TT

بايدن يصب تركيزه على المرحلة الانتقالية

بايدن خلال زيارة إلى مقبرة عائلته في ويلمينغتون أمس (أ.ف.ب)
بايدن خلال زيارة إلى مقبرة عائلته في ويلمينغتون أمس (أ.ف.ب)

بعد الاحتفال بفوزه في الانتخابات الرئاسية في مدينة ويلمينغتون مساء السبت، باشر جو بايدن أمس استعداداته لانتقاله إلى البيت الأبيض مع تحديد أولويتين: مكافحة الوباء وإعادة توحيد أميركا المنقسمة.
وفي تناقض مع صمت المعسكر الجمهوري الذي يرفض الاعتراف بهزيمة الرئيس دونالد ترمب، تلقّى بايدن ونائبته المنتخبة كامالا هاريس اتّصالا من الرئيس الـ43 للولايات المتحدة، جورج بوش الابن، الذي هنّأهما على فوزهما بالرئاسة. وفي بيان ذي دلالة كبيرة، قال الرئيس الجمهوري السابق، إن بوسع الأميركيين أن يثقوا في أن الانتخابات الأميركية كانت «نزيهة في الواقع... ونتيجتها واضحة». ومضى يقول إن الرئيس دونالد ترمب له الحق في طلب إعادة إحصاء الأصوات ورفع طعون قانونية.
من جهتها، جددت حملة الرئيس ترمب اتهاماتها بحصول «تزوير» انتخابي، مؤكدة زيادة الإجراءات القانونية التي ستتخذها. لكن فرص نجاح هذه الدعاوى تبقى ضئيلة.
وصرّح حلفاء للرئيس في تصريحات صحافية أمس أنه لا يعتزم الإقرار بالهزيمة قريبا. وقال أحدهم إن الرئيس ليس مستعدا للإقرار بالهزيمة مع أنه لا يوجد ما يكفي من بطاقات الاقتراع الباطلة خلال إعادة فرز للأصوات لتغيير النتيجة، كما نقلت وكالة «رويترز». وأضاف «من المؤكد حسابيا أنه سيخسر». وقدم ترمب عددا من الدعاوى القضائية للطعن في النتائج، لكن مسؤولي الانتخابات في الولايات يقولون إنه لا يوجد دليل على تزوير كبير، ويرى خبراء قانونيون أن مساعي الرئيس لن تنجح على الأرجح.
ومن دون توجيه أي كلمة إلى خصمه، احتفل بايدن «بفوزه المقنع» ومد في الوقت نفسه يده إلى ناخبي الرئيس الجمهوري مؤكدا أنه يتفهم «خيبة الأمل» وذلك في خطاب حماسي في معقله بولاية ديلاوير أمام حشد كبير تجمع في سيارات في جو احتفالي. وتعهد بايدن بأنه سيسعى بصفته رئيسا للولايات المتحدة إلى توحيد البلاد و«حشد القوى» لمواجهة وباء «كوفيد - 19»، وإعادة الازدهار الاقتصادي وتأمين الرعاية الصحية للأسر الأميركية واجتثاث العنصرية الممنهجة من جذورها. كما قدم شكره إلى من أدلوا بأصواتهم له من الناخبين السود. وقال إنه حتى في أحلك الظروف التي مرت بها حملته كان الأفارقة الأميركيون يدعمونه، وأضاف «كانوا دائما ما يبادرون لدعمي، وأنا سأقف لدعمكم».
وأعلن النائب السابق للرئيس الأسبق باراك أوباما تشكيل خلية أزمة خاصة بفيروس «كورونا» المستجدّ، اليوم، لمكافحة الوباء الذي أودى حتى الآن بأكثر من 237 ألف شخص في الولايات المتحدة. وهذه الخلية ستضمّ علماء وخبراء وستكون مكلفة وضع «خطّة تدخل حيّز التنفيذ اعتبارا من 20 يناير (كانون الثاني) 2021»، يوم تنصيبه.
وأعلنت حملة بايدن في وقت سابق عن تدابير عدة لمكافحة الوباء أبرزها إجراء حملة فحوص وطنية وجعل الكمامة إلزامية في المباني الفيدرالية ومجانية اللقاح المستقبلي. ويعتزم جو بايدن أيضا إلغاء انسحاب الولايات المتحدة من منظمة الصحة العالمية. كما يعتزم الرئيس المنتخب إعادة الولايات المتحدة إلى اتفاق باريس للمناخ وإلغاء المرسوم المتعلق بالهجرة الذي يحظر دخول مواطني دول عدة ذات أغلبية مسلمة إلى الأراضي الأميركية.
وستدخل كامالا هاريس التي اختارها لمنصب نائبة الرئيس التاريخ بصفتها أول امرأة تشغل هذا المنصب. وقد أكدت السيناتورة السوداء عن كاليفورنيا السبت أنها «لن تكون الأخيرة». وأشادت بـ«أجيال النساء» من جميع الأصول، التي «مهدت الطريق» لها. ويتوقع مراقبون أن تضم حكومة بايدن ممثلين للجناح اليساري للحزب الديمقراطي ووسطيين، وربما بعض الجمهوريين، التزاما بمبدأ الوحدة الذي يدعو إليه الرئيس المنتخب.
ومع ذلك، فإن الغالبية في مجلس الشيوخ والتي ستحدد في اقتراع محموم في جورجيا في يناير، قد تؤثر على خياراته. فإذا احتفظ الجمهوريون بالغالبية في مجلس الشيوخ، قد يرفض زعيمهم ميتش ماكونيل ترشيح شخصيات من اليسار وأخرى لا تحظى بإجماع في صفوف الجمهوريين.
وسيؤثر موقف دونالد ترمب في الأيام المقبلة أيضا على هوامش عمل جو بايدن حتى قبل 20 يناير.

فمن أجل الوصول إلى معلومات من الوكالات الفيدرالية، يحتاج الأمر إلى قرار إداري يفعل عملية الانتقال. وقد يتأخر ذلك بسبب رفض الجمهوري الاعتراف بهزيمته، وهي خطوة صعبة جدا بالنسبة إلى هذا الرئيس الذي جعل «النجاح» جوهر خطابه.
من جهة أخرى، هنأ الكثير من قادة دول العالم جو بايدن بانتخابه رئيسا للولايات المتحدة، ودعوه إلى العمل المشترك لمواجهة التحديات العالمية.
وبعد رسائل تهنئة من قادة الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وكندا، وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بايدن بأنه «صديق عظيم لإسرائيل»، وتوجه بالشكر إلى دونالد ترمب على رفع العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة إلى «ذروات لا مثيل لها».
وانضم قادة أفريقيا إلى المهنّئين أمس، وقال رئيس غانا، نانا أدو دانكوا: «آمل بصدق أن تتميز فترة ولاية الرئيس المنتخب بايدن بتوفير الوحدة والأمن والتقدم والازدهار لجميع الأميركيين». وردد هذا الشعور رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، الذي تحدث عن «تعميق علاقات الصداقة والتعاون بين البلدين». فيما قال الرئيس النيجيري، محمدو بوهاري، على تويتر: «أحث السيد بايدن على استعمال خبرته الواسعة في معالجة العواقب السلبية للسياسة القومية على الشؤون العالمية والتي خلقت الانقسامات والشكوك، والانخراط بشكل أكبر مع أفريقيا على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة».
كما هنأ الرئيس الأوغندي يويري موسيفيني الرئيس المنتخب جو بايدن. وكان موسيفيني، الذي يتولى السلطة منذ عام 1986 من أشد المؤيدين لترمب.



الاحترار يتخطى عتبة 1.5 درجة مئوية في 2023 و2024

آثار الجفاف في جنوب كاليفورنيا يوليو الماضي (أ.ف.ب)
آثار الجفاف في جنوب كاليفورنيا يوليو الماضي (أ.ف.ب)
TT

الاحترار يتخطى عتبة 1.5 درجة مئوية في 2023 و2024

آثار الجفاف في جنوب كاليفورنيا يوليو الماضي (أ.ف.ب)
آثار الجفاف في جنوب كاليفورنيا يوليو الماضي (أ.ف.ب)

تجاوز الاحترار خلال العامين الأخيرين في المتوسط عتبة 1.5 درجة مئوية التي حدّدتها اتفاقية باريس، ما يؤشر إلى ارتفاع مستمر في درجات الحرارة غير مسبوق في التاريخ الحديث، بحسب ما أفاد، الجمعة، مرصد «كوبرنيكوس» الأوروبي. وكما كان متوقعاً منذ أشهر عدة، وأصبح مؤكَّداً من خلال درجات الحرارة حتى 31 ديسمبر (كانون الأول)، يُشكّل 2024 العام الأكثر حرّاً على الإطلاق منذ بدء الإحصاءات سنة 1850، بحسب ما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مرصد «كوبرنيكوس» الأوروبي. ومن غير المتوقع أن يكون 2025 عاماً قياسياً، لكنّ هيئة الأرصاد الجوية البريطانية حذّرت من أن هذه السنة يُفترض أن تكون من الأعوام الثلاثة الأكثر حراً على الأرض.

اتفاقية باريس

وسنة 2025، العام الذي يعود فيه دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، يتعيّن على الدول أن تعلن عن خرائط الطريق المناخي الجديدة، التي تُحَدَّث كل خمس سنوات في إطار اتفاقية باريس. لكن خفض انبعاث الغازات الدفيئة المسبّبة للاحترار يتعثر في بعض الدول الغنية؛ إذ لم تستطع الولايات المتحدة مثلاً خفض هذا المعدّل سوى بـ0.2 في المائة في العام الماضي، بحسب تقرير «كوبرنيكوس». ووفق المرصد، وحده عام 2024 وكذلك متوسط عامي 2023 و2024، تخطى عتبة 1.5 درجة مئوية من الاحترار، مقارنة بعصر ما قبل الصناعة، قبل أن يؤدي الاستخدام المكثف للفحم والنفط والغاز الأحفوري إلى تغيير المناخ بشكل كبير.

احترار المحيطات

خلف هذه الأرقام، ثمّة سلسلة من الكوارث التي تفاقمت بسبب التغير المناخي؛ إذ طالت فيضانات تاريخية غرب أفريقيا ووسطها، وأعاصير عنيفة في الولايات المتحدة ومنطقة البحر الكاريبي. وتطال الحرائق حالياً لوس أنجليس، وهي «الأكثر تدميراً» في تاريخ كاليفورنيا، على حد تعبير الرئيس جو بايدن.

قال علماء إن عام 2024 كان أول عام كامل تتجاوز فيه درجات الحرارة العالمية عتبة 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة (أ.ب)

اقتصادياً، تسببت الكوارث الطبيعية في خسائر بقيمة 320 مليار دولار في مختلف أنحاء العالم خلال العام الماضي، بحسب ما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن شركة «ميونيخ ري» لإعادة التأمين. من شأن احتواء الاحترار عند عتبة 1.5 درجة مئوية بدلاً من درجتين مئويتين، وهو الحد الأعلى الذي حدّدته اتفاقية باريس، أن يحدّ بشكل كبير من عواقبه الأكثر كارثية، بحسب الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغير المناخي. وتقول نائبة رئيس خدمة التغير المناخي (C3S) في «كوبرنيكوس»، سامانثا بيرجس: «إنّ كل سنة من العقد الماضي كانت أحد الأعوام العشرة الأكثر حرّاً على الإطلاق».

ويستمرّ الاحترار في المحيطات، التي تمتصّ 90 في المائة من الحرارة الزائدة الناجمة عن الأنشطة البشرية. وقد وصل المتوسّط السنوي لدرجات حرارة سطح المحيطات، باستثناء المناطق القطبية، إلى مستوى غير مسبوق مع 20.87 درجة مئوية، متجاوزاً الرقم القياسي لعام 2023.

«النينيا»

التهمت حرائق غابات الأمازون في شمال البرازيل سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

بالإضافة إلى التأثيرات المباشرة لموجات الحرّ البحرية على الشعاب المرجانية أو الأسماك، يُؤثّر الاحترار الدائم للمحيطات على التيارات البحرية والجوية. وتطلق البحار التي باتت أكثر احتراراً مزيداً من بخار الماء في الغلاف الجوي، مما يوفر طاقة إضافية للأعاصير أو العواصف. ويشير مرصد «كوبرنيكوس» إلى أن مستوى بخار الماء في الغلاف الجوي وصل إلى مستوى قياسي في عام 2024؛ إذ تجاوز متوسطه لفترة 1991 - 2020 بنحو 5 في المائة. وشهد العام الماضي انتهاء ظاهرة «النينيو» الطبيعية التي تتسبب بالاحترار وبتفاقم بعض الظواهر المتطرفة، وبانتقال نحو ظروف محايدة أو ظاهرة «النينيا» المعاكسة. وكانت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية حذرت في ديسمبر من أنّ ظاهرة «النينيا» ستكون «قصيرة ومنخفضة الشدة»، وغير كافية لتعويض آثار الاحترار العالمي.