الجيش العراقي والتحالف الدولي يلاحقان «داعش» في أخطر أوكاره

إطلاق عملية عسكرية كبرى في جبال مكحول شمالاً

TT

الجيش العراقي والتحالف الدولي يلاحقان «داعش» في أخطر أوكاره

أعلن الجيش العراقي إطلاق عملية عسكرية كبرى بعدة صفحات بمشاركة طيران التحالف الدولي لملاحقة خلايا «داعش» في مناطق جبال مكحول التي تعد أخطر أوكار التنظيم في المناطق الشمالية من البلاد.
وقال نائب قائد العمليات المشتركة الفريق الركن عبد الأمير الشمري في بيان له أمس الأحد إنه «بتوجيه من رئيس مجلس الوزراء  القائد العام  للقوات  المسلحة (مصطفى الكاظمي)، وبإشراف قيادة  العمليات المشتركة، شرعت  قطعات الجيش العراقي المتمثلة بالفرقة التاسعة وآمرية القوات الخاصة وصنوف الجيش وقيادة عمليات نينوى وقيادة المقر المتقدم للعمليات المشتركة  في مناطق شرق نهر دجلة وقيادة قوات  الشرطة الاتحادية وتشكيلاتها ولواء مِن الرد السريع وقطعات وتشكيلات الحشد الشعبي وقوات جهاز مكافحة الإرهاب وبإسناد طيران الجيش والقوة الجوية وطيران التحالف الدولي، بعملية عسكرية وأمنية واسعة في سلسلة جبال مكحول وخانوكة لملاحقة بقايا عصابات (داعش الإرهابية)». وأضاف الشمري، أن «العملية تستمر  لعدة أيام».
في السياق نفسه أكد الناطق الرسمي بإسم قيادة العمليات المشتركة اللواء تحسين الخفاجي في تصريح له أمس أن «العمليات انطلقت في سلسلة جبال خانوكة ومكحول شمال محافظة صلاح الدين، الهدف منها مطاردة وملاحقة (داعش) الإرهابي»، مبينا أن «العملية تعتبر أسلوبا جديدا تستخدمه قيادة العمليات المشتركة». وكانت خلية الإعلام الأمني أكدت في بيان لها أن «طائرات القوة الجوية وطيران التحالف الدولي ينفذان، سلسلة ضربات جوية على أهداف  إرهابية في سلسلة جبال  مكحول وخانوكة»، مبينة أن «العملية حققت أهدافها في صفحتها الأولى». وبينت الخلية أنه «تم العثور على 14 عبوة ناسفة ونفقين ومنصة صواريخ ومدفع ما يسمى جهنم وصاروخ وقواعد أسلحة نوع 14.5 و12.7 و23 ملم، مع 3 ركائز أحادية و10 قنابر هاون مع 3 قاعدة هاون ووكر».
في السياق ذاته أعلنت هيئة الحشد الشعبي التي تشارك في العملية أنها عثرت على مضافات وأنفاق لـ«داعش» في المناطق التي استهدفتها العملية العسكرية. وقال بيان للهيئة إن «قوات الحشد الشعبي والقطعات الملحقة بها تواصل تقدمها لتفتيش وتطهير جبال مكحول شمال محافظة صلاح الدين، فيما دمرت فرق مكافحة المتفجرات للحشد عدة أنفاق ومضافات لـ(داعش) فضلا عن رفع عبوات ناسفة زرعت حديثا لاستهداف القطعات الأمنية».
وفي محافظة ديالى المتاخمة للمناطق التي لا يزال ينشط فيها «تنظيم داعش»، أكد عضو البرلمان العراقي مضر الكروي أن التنظيم الإرهابي دمر نحو 70 في المائة من الأراضي الزراعية في المناطق المحررة من المحافظة. وبين الكروي أن «عددا كبيرا من مزارعي المناطق المحررة عليهم قروض مالية قبل عام 2014 استلمت من الدولة من أجل تطوير الإنتاج الزراعي، وهم مطالبون الآن بتسديد تلك القروض رغم أنهم في وضع صعب جدا».
إلى ذلك أكد الخبير الأمني الدكتور معتز محيي الدين رئيس المركز الجمهوري للدراسات الاستراتيجية لـ«الشرق الأوسط» أن «العملية التي انطلقت في جبال خانوكة ومكحول إنما جاءت بعد العثور على وثائق سرية مهمة لدى التنظيم عندما اقتحمت القوات العراقية جزيرة كنعوص جنوب الموصل بعد عدة حملات فاشلة للسيطرة على هذه المنطقة»، مبينا أنها «عثرت كذلك على أسماء وقواعد مهمة جدا شكلت محورا للهجمات السابقة لا سيما بعد مرور سنة على مقتل البغدادي، حيث حدث أكثر من 12 هجوما نفذ في ديالى والأنبار وصلاح الدين والموصل وكركوك». وأضاف أن «هناك تحولا في هذه الخطوات وطبيعة الهجمات خصوصا أن (داعش) أعلن رسميا أن هذه الهجمات هي رد على مقتل البغدادي، وأطلق عليها هجمات الاستنزاف ضد القوات العراقية». وأكد محيي الدين أن «عددا من الفرق العسكرية العراقية التي اشتركت في العمليات ضد هذا التنظيم كانت قد طهرت تلك المناطق وأزالت التهديد عن المناطق المجاورة، وأن الوثائق التي تم العثور عليها في جزيرة كنعوص كشفت عن وجود أعداد من الدواعش الموجودين هناك والمتعاونين خارج الجزيرة لا سيما خارج الجزيرة، خصوصا في جبال حمرين ومكحول». وأوضح أن «جزيرة كنعوص كانت قد بقيت منذ نحو 6 سنين عصية على القوات العراقية وقوات التحالف الدولي، وقد كانت تتضمن عمليات تزاور من قبل عوائل تنظيم (داعش) فضلا عن الممولين لدى التنظيم». وأشار محيي الدين أن «التحالف الدولي قام بغارات جوية كثيفة لكنها لم تؤثر على هذه الجزيرة لكن القوات العراقية تمكنت مؤخرا من تحقيق النصر والذي يعد تحولا مهما»، لافتا إلى أن «جبال مكحول لا تزال تعد حاضنة مهمة للتنظيم كونها تحتوي على كهوف كان قد استخدمها النظام السابق حين جرب في ذلك الوقت ما سماه المدفع العملاق».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.