كوثر بن هنية لـ«الشرق الأوسط»: الأفلام الوثائقية تجعلني متواضعة

المخرجة التونسية قالت إنها تهتم فقط بالأعمال التي تدهشها

المخرجة التونسية كوثر بن هنية
المخرجة التونسية كوثر بن هنية
TT

كوثر بن هنية لـ«الشرق الأوسط»: الأفلام الوثائقية تجعلني متواضعة

المخرجة التونسية كوثر بن هنية
المخرجة التونسية كوثر بن هنية

أعربت المخرجة التونسية كوثر بن هنية عن سعادتها الكبيرة بفوز فيلمها الأخير «الرجل الذي باع ظهره» بجائزة نجمة الجونة لأفضل فيلم عربي طويل، لتكون ثالث جائزة يتوج بها الفيلم بعد جائزتيه في الدورة الـ77 لمهرجان «فينيسيا السينمائي»، وقالت هنية في حوارها مع «الشرق الأوسط» إن تنفيذ فيلم طموح مثل هذا دفعها للحصول على دعم من عدة دول حتى يظهر بالشكل اللائق.
ويستعرض الفيلم قصة المواطن السوري (سام علي) الذي يضطر - تحت وطأة الحرب في بلاده - للهرب إلى لبنان من دون وثائق رسمية، ويتردد على المعارض الفنية في بيروت ليتناول الطعام والشراب، فينتبه إليه فنان أميركي ويعقد معه اتفاقاً يغير مسار حياته، حين يحول ظهره للوحة فنية، تتخذها كوثر بن هنية منطلقاً لتروي جانباً مهماً من الأزمة السورية، راصدة جو المعاناة وانعكاس الوضع المتأزم على السوريين.
الفيلم مستوحى من واقعة حقيقية، حيث قام الفنان جيفري جودفروي برسم لوحة للسيدة العذراء على ظهر رجل سويدي، مما آثار ضجة في الأوساط الفنية، هذا الحدث الذي فرض نفسه على المخرجة ليكون منطلقاً لفيلمها، فيما استعانت بنفس الفنان في الفيلم، واختارت لبطولته النجمة الإيطالية مونيكا بيلوتشي أمام الممثل السوري يحيى مهايني.
وعن فكرة الفيلم تقول بن هنية لـ«الشرق الأوسط»: «هي فكرة غريبة ومثيرة تنطوي على قدر من الكوميديا السوداء، فليس هناك أكثر من أن يبيع الإنسان جلده، فكانت هي نقطة البداية لفيلمي وغلفتها بشكل أساسي على أزمة اللاجئين السوريين الذين التقيت بأعداد كبيرة منهم، وكان التحدي بالنسبة لي هو في الربط بين عالمين مختلفين، عالم الفن المعاصر بكل ترفه، وعالم اللاجئين بكل فقره ومعاناته».
تنفي بن هنية أن تكون قد اعترتها مساحة قلق بنقل قضية فيلمها إلى بلد آخر بعيداً عن موطنها تونس، مؤكدة: «لا أقدم على تنفيذ أي فيلم إلا إذا كان موضوعه يهمني، ولدي حالة شغف تجاهه، فنحن نعمل الأفلام لنكتشف عوالم جديدة نتعلم منها لكي تحقق لنا الإحساس بالدهشة، هذا لا يتحقق لو ظللت أدور في نفس الدائرة، فكل فيلم بالنسبة لي هو اكتشاف جديد يهمني أن يشاركني الجمهور إياه».
مشاركة الفيلم في مهرجان «فينيسيا» كان بمثابة ترمومتر لتقييمه بحسب المخرجة: «صدى الفيلم كان ممتازاً في فينيسيا، وشعرت بنبض القاعة، وبتجاوب الجمهور معه، حتى توج بجائزتين (أفضل ممثل)، و(جائزة الإدماج)، كما شاركت به كمشروع قبل عامين في منصة الجونة وحصل على دعم المهرجان.
الفيلم صدر بتمويل من عدة دول، حيث شاركت في إنتاجه كل من: تونس والسعودية وفرنسا وألمانيا وبلجيكا والسويد، وتبرر كوثر بن هنية هذه المشاركات الكثيرة بقولها: «حينما تنتج فيلماً طموحاً مثل هذا الفيلم فأنت مضطر للحصول على مبالغ قليلة من عدة مصادر وصناديق دعم حتى يستطيع أن يظهر بالشكل اللائق، لا سيما أن مرحلة الكتابة قد استغرقت عام ونصف العام، فأنا أكتب أفلامي بنفسي، لأنني لم أعثر حتى الآن بعد على الكاتب الذي يتوافق معي فكرياً وروحياً، فيما استغرق تصوير الفيلم ثلاث سنوات ما بين تحضير وتصوير.
وعن تعاملها لأول مرة مع النجمة الإيطالية مونيكا بيلوتشي، تقول المخرجة التونسية: «هي شخصية بسيطة ومتواضعة للغاية، لم يستغرق إقناعها وقتاً، فقد أرسلنا السيناريو لمدير أعمالها فقرأته وأعجبها، وشاهدت فيلمي السابق (على كف عفريت)، وأبدت موافقتها من دون طلب زيادة عن أجرها الطبيعي، ولم تتعامل كنجمة شهيرة، بل كانت في غاية السلاسة وأضافت كثيراً للفيلم الذي أهدف من خلاله لأن يشعر المشاهد الغربي والعربي بمعاناة بطل الفيلم التي هي جزء لا يتجزأ من معاناة السوريين».
وتنقلت المخرجة التونسية بين الوثائقي والروائي، وعرض فيلمها الوثائقي الطويل «الأئمة تذهب إلى المدرسة» بمهرجان أمستردام للأفلام الوثائقية، كما فاز فيلمها الثاني «زينب تكره الثلج» بجائزة التانيت الذهبي من مهرجان قرطاج خلال دورته الـ27. وعرض فيلمها الروائي الطويل الأول «على كف عفريت» بمهرجان كان 2017، وكما تقول: «لدي فيلم وثائقي بمشاركة الممثلة هند صبري وفيلم روائي طويل يصور بين مصر وتونس لا يزال بمرحلة الكتابة، والحقيقة أن الأفلام الوثائقية تجعلني متواضعة، فهي كالمدرسة الأولى التي أتعلم منها فأجرب وأحسن من أدائي فضلاً عن أنها لا تتطلب تمويلاً كبيراً».


مقالات ذات صلة

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

يوميات الشرق «أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

تظهر البطلة بملابس بسيطة تعكس أحوالها، وأداء صادق يعبّر عن امرأة مكافحة لا تقهرها الظروف ولا تهدأ لتستعيد حقّها. لا يقع الفيلم اللبناني في فخّ «الميلودراما».

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

أثار الغياب المفاجئ لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا عن حضور الحفل تساؤلات، لا سيما في ظلّ حضوره جميع فعاليات المهرجان.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

لم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدّت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة، فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق مشهد من الفيلم السعودي «ثقوب» (القاهرة السينمائي)

المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان: تُرعبني فكرة «العنف المكبوت»

تدور الأحداث حول «راكان» الذي خرج إلى العالم بعد فترة قضاها في السجن على خلفية تورّطه في قضية مرتبطة بالتطرُّف الديني، ليحاول بدء حياة جديدة.

أحمد عدلي (القاهرة )
سينما  مندوب الليل (آسيا وورلد فيلم فيستيڤال)

«مندوب الليل» لعلي الكلثمي يفوز في لوس أنجليس

في حين ينشغل الوسط السينمائي بـ«مهرجان القاهرة» وما قدّمه وما نتج عنه من جوائز أو أثمر عنه من نتائج وملاحظات خرج مهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال» بمفاجأة رائعة

محمد رُضا‬ (القاهرة)

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».