كيف غيّر ترمب العالم في أربع سنوات من الرئاسة؟

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (يسار) يصافح الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون (أ.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (يسار) يصافح الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون (أ.ب)
TT

كيف غيّر ترمب العالم في أربع سنوات من الرئاسة؟

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (يسار) يصافح الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون (أ.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (يسار) يصافح الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون (أ.ب)

كان ميت رومني، أحد المنافسين الجمهوريين لدونالد ترمب، هو الذي حذر حزبه قبل أربع سنوات من أنه في ظل رئاسة الأخير «لن تكون أميركا مشرقة». ونما التنبؤ من القلق بشأن شخصية ترمب، حيث لم يُعرف في ذلك الوقت سوى القليل من تطلعاته في السياسة الخارجية، وفقاً لصحيفة «التايمز».
وفي السنوات الأربع من إدارة ترمب، تعرضت التحالفات القديمة لضغوط شديدة، فبعد نهج المعاملات الذي اتبعه ترمب في الشؤون الخارجية، من الصعب تخيل وجود مشروع مارشال آخر، والذي فتح حقبة السلام الأميركي. ومن المغري رؤية الموقف العالمي لـ«أميركا أولاً» بوصفه تعصباً من ترمب لبلاده، فإن الانعزالية لها تاريخ طويل في أميركا وكانت موقف البلاد قبل الحرب العالمية الثانية، وقد يُثبت ترمب أنه شخصية انتقالية إلى حقبة جديدة.
ولا توجد حروب جديدة في إرث ترمب. ربما تكون التوترات التي تفاقمت مع إيران بالانسحاب من الاتفاق النووي وتراكم العقوبات هي الأقرب، إلى جانب التوترات المتزايدة مع الصين والتي قد تؤدي إلى مواجهة عسكرية، ويأتي الكثير من إرثه من النهج الذي حذّر منه رومني، بدلاً من خياراته السياسية المحددة.
ولم يعد لدى الحلفاء القدامى نفس الثقة في الاتساق الأميركي، ويبقى أن نرى ما إذا كان ستتم إعادة بناء تلك التحالفات. وأدى صعود الصين إلى تغيير الديناميكيات الأساسية بطرق من شأنها توجيه مسار العلاقات الدولية لسنوات قادمة، وقد يكون ترمب أكثر مسؤولية من أي زعيم عالمي آخر في تسليط الضوء على التحدي الذي أصبحت تمثله الصين. كما أن خيارات ترمب الأخرى، مثل نقل السفارة الأميركية إلى القدس، قد لا يتم التراجع عنها أبداً. وعلى الرغم من أنه لم يقْدم على أي خطوة بشأن التهديدات بالانسحاب من الناتو، فإن التعبير عنها ببساطة أجبر أوروبا على التفكير بشكل مختلف حول أفضل السبل لضمان أمنها في عصر لم تعد فيه الثقة في أميركا مطلقة، وفقاً للتقرير.
وغالباً ما تضعه مواقفه على خلاف مع حلفاء مثل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وحلف الناتو وروسيا والعلاقة عبر الأطلسي.
وأوضح ترمب منذ بداية حملته عام 2016 أنه رأى تركيز الناتو على الأمن الأوروبي «مهمة عفا عليها الزمن». لقد أثار قلق حلفاء الناتو من خلال التلميح إلى الانسحاب من الحلف والسعي إلى اتفاق جديد مع روسيا. ونجح الضغط في إجبار بعض الدول الأوروبية على زيادة إنفاقها الدفاعي. وتعهده بسحب 12 ألف جندي أميركي من ألمانيا بعد اتهام برلين بـ«التخلف» عن الإنفاق الدفاعي، ما جعل القارة الأوروبية تدرك أنه لم يعد بإمكانها الاعتماد بشدة على أميركا من أجل أمنها. سيبقى هذا الدرس ثابتاً، فقد تأججت مواقف ترمب تجاه الناتو جزئياً بسبب علاقته الجيدة مع موسكو والرئيس فلاديمير بوتين ورغبته في تقويض العلاقة مع الصين، التي عدّها تهديداً استراتيجياً أكبر.

* الشرق الأوسط
لقد أسعدت تحركات ترمب في الشرق الأوسط الإسرائيليين وأغضبت الفلسطينيين. وأنهى ترمب المساعدات المالية الأميركية للفلسطينيين واعترف بالقدس عاصمةً لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إلى هناك. يبدو أنه من غير المعقول أن يتمكن رئيس أميركي آخر من إبعادها، كما يبدو من المرجح أن تصبح الجوانب الأخرى لسياسة ترمب في الشرق الأوسط دائمة. كما أسهم ترمب في تحقيق اتفاق سلام بين إسرائيل والإمارات والبحرين.
كما أن قرار ترمب التخلي عن اتفاق الرئيس السابق باراك أوباما النووي مع إيران أعاد الولايات المتحدة إلى مسار المواجهة. وادّعى أنه يريد إبرام اتفاق نووي جديد أفضل مع إيران، لكنّ حملة عقوبات «الضغط الأقصى» التي فرضها، والتي دمّرت اقتصاد طهران، لم تضعها على طاولة المفاوضات.
وأذهل قرار ترمب قتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني، المنطقة. وتعهدت طهران بالرد، لكنها لم تفعل. وأغلقت الضربة، إلى جانب العقوبات، المجال أمام أي حل دبلوماسي مع الولايات المتحدة. وقال المرشح الديمقراطي للرئاسة الأميركية جو بايدن، إنه سيسعى إلى الانضمام إلى الاتفاق النووي، لكنّ المفاوضات ستكون صعبة.

* كوريا الشمالية
قال أوباما لترمب قبل انتهاء فترة ولايته، إنه من المحتمل أن تكون كوريا الشمالية قادرة على ضرب الولايات المتحدة القارية، وعلى الرغم من القمم والتفاخر بصداقة ترمب مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، لم يتغير الكثير في هذا المسار. واصل كيم إجراء التجارب النووية وإطلاق الصواريخ، ولم يتمكن ترمب من الوصول لأي إجراء متعدد الأطراف في الأمم المتحدة. وتواصل كوريا الشمالية العمل بشكل غير قانوني. وعلى الرغم من ذلك، أعلن الرئيس أنه «لم يعد هناك تهديد نووي من كوريا الشمالية».

* الصين
اتخذ ترمب موقفاً متشدداً بشأن التجارة مع الصين. وربما يُذكر ترمب على أنه الرئيس الذي أشرف على بداية حرب باردة جديدة بين أميركا والصين. وأن الكثير من ذلك لا يرجع إلى أي شيء اختار أن يفعله، بل إلى قوة بكين المتزايدة، وهو الخطر الذي ربما كان الرئيس أسرع في التصدي له من قادة العالم الآخرين.
وأصبح لدى واشنطن مخاوف بشأن ممارسات الصين التجارية غير العادلة وتوسيع نفوذها. كان من المفترض أن تنضم الولايات المتحدة إلى الشراكة عبر المحيط الهادئ للمساعدة في مواجهة استخدام الصين للأدوات الاقتصادية للأغراض الجيوسياسية في المنطقة، لكنّ ترمب انسحب منها واصفاً ذلك بـ«الاحتيال التجاري العملاق». وتتسابق بكين الآن لتسجيل جيرانها في الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة المنافسة، مما يؤدي إلى إنشاء أكبر كتلة تجارية في العالم. كما انسحب ترمب بشكل تدريجي من مؤسسة دولية واحدة تلو الأخرى، من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى اليونيسكو ومنظمة الصحة العالمية. وفتح مساحة لنفوذ صيني أكبر وإرسال رسالة مفادها أن النظام الدولي القائم على القواعد ربما لم يعد يحظى بدعم أحد مهندسيه الأصليين.


مقالات ذات صلة

ترمب «شخصية العام» لمجلة «تايم»: 72 يوماً من الغضب

الولايات المتحدة​ احتفل ترمب باختياره «شخصية العام» من قِبل مجلة «تايم» بقرع جرس افتتاح بورصة نيويورك يوم 12 ديسمبر الحالي (أ.ب)

ترمب «شخصية العام» لمجلة «تايم»: 72 يوماً من الغضب

احتفى ترمب باختياره «شخصية العام» من مجلة «تايم»، وقرع جرس افتتاح بورصة نيويورك على بُعد بضعة مبانٍ من المحكمة التي أدانته قبل 6 أشهر فقط.

علي بردى (واشنطن)
الاقتصاد إريك ترمب يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» في أبو ظبي (رويترز)

إريك ترمب: نخطط لبناء برج في الرياض بالشراكة مع «دار غلوبال»

قال إريك ترمب، نجل الرئيس الأميركي المنتخب، لـ«رويترز»، الخميس، إن منظمة «ترمب» تخطط لبناء برج في العاصمة السعودية الرياض.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي مجلة «تايم» تختار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب «شخصية عام 2024»... (أ.ب)

ترمب: أدعم حل الدولتين لكن «هناك بدائل أخرى»

أجرى رئيس أميركا المنتخب، دونالد ترمب، حواراً مع مجلة «تايم» التي اختارته «شخصية عام 2024» وأكد أن «مشكلة الشرق الأوسط» أسهل في التعامل من «المشكلة الأوكرانية».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال فعالية شخصية العام لمجلة تايم في بورصة نيويورك، 12 ديسمبر 2024 (أ.ب)

ترمب رداً على سؤال عن احتمالات الحرب مع إيران: «أي شيء يمكن أن يحدث»

قال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ردا على سؤال في مقابلة مع مجلة «تايم» حول احتمالات الحرب مع إيران، إن «أي شيء يمكن أن يحدث».rnrn

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)

"تايم "تختار دونالد ترمب شخصية العام 2024

اختارت مجلة تايم الأميركية دونالد ترمب الذي انتخب لولاية ثانية على رأس الولايات المتحدة شخصية العام 2024.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

آخر ليلة لترمب في البيت الأبيض... هدوء وبحث قرارات عفو

دونالد ترمب (يمين) وجو بايدن (أ.ب)
دونالد ترمب (يمين) وجو بايدن (أ.ب)
TT

آخر ليلة لترمب في البيت الأبيض... هدوء وبحث قرارات عفو

دونالد ترمب (يمين) وجو بايدن (أ.ب)
دونالد ترمب (يمين) وجو بايدن (أ.ب)

أمضى الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترمب آخر يوم كامل له في البيت الأبيض في بحث قرارات عفو يمكن أن يصدرها، الثلاثاء، في حين يرتقب وصول الرئيس المنتخب جو بايدن إلى واشنطن، استعداداً لتنصيبه في مراسم سيقاطعها سلفه خلافاً للتقليد المتبع.
ولم يسجل أي ظهور علني لترمب منذ أسبوع، وهو يلتزم صمتاً غير معتاد، خصوصاً بعدما علق «تويتر» حسابه، إثر تحريضه مناصرين له على التوجه إلى الكونغرس.
ولم يدل بأي مداخلة عبر شبكة «فوكس نيوز» الإخبارية المفضلة لديه، كما لم تجر معه شبكات التلفزة أي مقابلة، ولم يلقِ أي خطاب احتفالي لعرض حصيلة ولايته الرئاسية، حسب ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.
وفي سابقة أخرى، لم يهنئ ترمب بايدن بفوزه بالرئاسة، ولم يتمنَّ له التوفيق، ولم يدعه إلى البيت الأبيض.
ومن الخطوات الأخيرة التي يتوقع أن يتخذها قبل التوجه إلى فلوريدا من قاعدة آندروز الجوية، صباح الأربعاء، إصدار قرارات عفو تكثر التكهنات حول هويات المستفيدين المحتملين منها.
ولا تدل المؤشرات الأخيرة على إمكان إصداره عفواً استباقياً عن نفسه أو عن أولاده.
وخارج سياج البيت الأبيض، تبدو العاصمة الأميركية أشبه بحصن منيع قبيل مراسم تنصيب بايدن، مع انتشار مكثف لقوات الحرس الوطني، وغياب شبه تام للمارة.
وبسبب جائحة «كوفيد-19»، يتوقع ألا تشهد مراسم التنصيب التي ستقام ظهر (الأربعاء) حضوراً حاشداً. لكن تسود مخاوف من هجمات لليمين المتطرف، بعدما اقتحم أنصار لترمب مقر الكونغرس في السادس من يناير (كانون الثاني)، ما استدعى نشر أعداد غير مسبوقة من القوات المسلحة، والحواجز الإسمنتية، وتقسيم المنطقة إلى نطاقين: «أخضر» و«أحمر».
وبعد تصويت مجلس النواب على توجيه الاتهام لترمب بـ«التحريض على التمرد»، على خلفية اقتحام أنصاره مقر الكونغرس، من المتوقع أن يبدأ مجلس الشيوخ قريباً محاكمة الملياردير الجمهوري، ما من شأنه أن يفاقم التوترات.
ويتوقع أن يصل بايدن، السيناتور الديمقراطي المخضرم الذي شغل منصب نائب الرئيس في عهد باراك أوباما، مع زوجته جيل، إلى واشنطن من مقر إقامتهما في ويلمنغتون بولاية ديلاوير.
وامتلأت المساحات العشبية في متنزه ناشيونال مول بنحو مائتي ألف علم أميركي تمثل الحشود التي تحضر عادة مراسم تنصيب الرؤساء.
وينتشر في واشنطن 20 ألف عنصر من الحرس الوطني، كثر من بينهم مزودون بأسلحة آلية وبكامل عتادهم.
وفي مؤشر يدل على مدى التوتر القائم في العاصمة منذ اقتحام أنصار ترمب مقر الكونغرس، أعلن مكتب التحقيقات الفيدرالي أنه يدقق في سيَر العناصر الذين سيكونون منتشرين (الأربعاء).
ويتمسك بايدن برفع شعار الوحدة، وهو يؤكد أنه قادر على إعادة اللحمة بين الأميركيين لكي يواجهوا يداً واحدة الأزمات التي تشهدها البلاد، بدءاً بجائحة «كوفيد-19».
وفي خطوة ترمز إلى روحية جديدة في قيادة البلاد، دعا بايدن زعماء الكونغرس الجمهوريين والديمقراطيين إلى المشاركة معه في صلاة، صباح الأربعاء، في واشنطن قبل حفل تنصيبه.
ووافق زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل الذي كان حتى الآونة الأخيرة أحد أقرب حلفاء ترمب على المشاركة في هذه الصلاة في كاتدرائية القديس متى، وفق مصدر مطلع على جدول أعماله.
وتبقى مهمة ترمب الأساسية غير المنجزة بعد قائمة الأشخاص الذين يتوقع أن يصدر عفواً عنهم.
وبحسب شبكة «سي إن إن» الإخبارية، وغيرها من وسائل الإعلام الأميركية، أعد ترمب قائمة تضم مائة شخص يعتزم العفو عنهم.
وأفادت صحيفة «نيويورك تايمز» أن جهوداً حثيثة بذلت لتضمين القائمة مزيجاً من أسماء موظفين ارتكبوا مخالفات وشخصيات يدافع عن قضاياها نشطاء حقوقيون.
ومن أكثر الأسماء المطروحة إثارة للجدل إدوارد سنودن، الموظف السابق في وكالة الأمن القومي الأميركية، الملاحق قضائياً في بلاده بتهمة تسريب تفاصيل برنامج تجسس، وجوليان أسانج مؤسس موقع «ويكيليكس»، وستيفن بانون مستشار ترمب.
ومن شأن إصدار ترمب عفواً عن نفسه أو عن عائلته، وهي خطوة من غير المتوقع أن يقدم عليها، وفق أحدث التقارير، أن يفاقم الغضب المتصاعد في صفوف أعضاء جمهوريين في مجلس الشيوخ كان تأييدهم له تاماً في السباق، في خضم التحضيرات للمحاكمة الرامية لعزله.