كشف تقرير نشره موقع «ذي هيل» أن عدداً من أعضاء «الكونغرس» اليساريين يخططون لتجديد طرح اقتراح بخفض موازنة وزارة الدفاع الأميركية بنسبة 10 في المائة العام المقبل. وكان هذا الاقتراح الذي قدمه اثنان من أكثر الأعضاء اليساريين الديمقراطيين في مجلس النواب، هما النائبة باربرا لي من كاليفورنيا، ومارك بوكان من ولاية ويسكنسن، قد فشل فشلاً ذريعاً في الحصول على دعم كل من مجلسي الشيوخ والنواب. ولكن رغم ذلك، فقد أكد النائبان عزمهما على إعادة تقديم المشروع بمجرد ظهور نتائج الانتخابات الرئاسية والعامة بعد الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.
وأعلن النائبان عن تشكيلهما تجمعاً لخفض الإنفاق، أي كتلة ضغط، وأنهما يتوقعان الحصول على دعم أكبر لقضيتهما. ويرأس النائب بوكان الكتلة التقدمية في مجلس النواب ويحظى بموافقتها، وكذلك بدعم من الأب الروحي للتيار اليساري السيناتور بيرني ساندرز، الذي يتوقع أن يرأس لجنة الميزانية في مجلس الشيوخ، في حال تمكّن الديمقراطيون من السيطرة على المجلس والفوز بالغالبية في الانتخابات.
وبحسب التقرير الذي أعده الباحث في «مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية»، دوف زاخم، وشغل سابقاً منصب وكيل وزارة الدفاع (مراقب حسابات) والمدير المالي الرئيسي لوزارة الدفاع من 2001 إلى 2004؛ فإن اقتراح خفض ميزانية وزارة الدفاع يهدد بنتائج كارثية على قوة وجهوزية الجيش الأميركي.
في المقابل، يقول النائب بوكان: «من الأسلحة النووية الجديدة غير الضرورية إلى القوة الفضائية إلى الاستخدام المتضخم للمتعاقدين الخارجيين، فإن إنفاقنا في (البنتاغون) ينمو بسرعة أكبر مما هو مطلوب مع نفايات وفيرة وحروب لا نهاية لها. ومع هذا التجمع الجديد، نأمل أن نقود (الكونغرس) في خفض وإعادة توجيه ميزانية الدفاع».
ويعكس المشروع الذي يطرحه اليساريون توجهاً سياسياً بات يستقطب أصواتاً إضافية، من الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء، يدعو إلى تقليص التدخلات الأميركية في الخارج، وعدم التورط في حروب جديدة، رغم دعم الجمهوريين لتعزيز قدرات الجيش الأميركي. وأشار تقرير «ذي هيل» إلى أن وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون انضمت إلى دعوات خفض ميزانية «البنتاغون»، في مقالة نشرتها قبل أيام في صحيفة «فورين أفيرز»، قالت فيها إن «تحديث الجيش سيحرر مليارات الدولارات».
ويرى الباحث زاخم، أنه من السهل جداً التحدث عن تقليص الإنفاق على الدفاع بنسب كبيرة. كما أنه من المؤكد أن خفض 10 في المائة من الإنفاق الدفاعي الحالي سيحرر مبالغ كبيرة. وإذا تكرر هذا الخفض بهذا الحجم في السنوات الخمس من برنامج الدفاع؛ فسوف يتجاوز 350 مليار دولار. لكن تحقيق هذا الهدف لن يؤدي إلا إلى إضعاف الجيش.
وبحسب التقديرات، فإن هذا الخفض سيؤدي إلى عدم تمكن سلاح الجو من استكمال برنامجه للحصول على مقاتلات الجيل الخامس من طراز «إف - 35». واقترحت كلينتون الاحتفاظ بعدد صغير من هذه الطائرات، وبثلاث حاملات طائرات ووقف مشاريع تحديث القوات النووية الاستراتيجية. في حين يدعو النائب بوكان إلى القضاء على قوة الفضاء الجديدة التي أنشأتها الولايات المتحدة حديثاً لمواجهة التحديات الكبيرة التي بات يشكلها الروس والصينيون للأميركيين في الفضاء. ويضيف التقرير أن تلك التخفيضات ستؤدي على الأرجح إلى توفير 100 مليار دولار على الأكثر، خلال السنوات الخمس المقبلة، لكن من أين ستأتي المليارات الباقية؟
سيؤدي الخفض عملياً إلى تخفيضات هائلة في عدد الأفراد المدنيين والعسكريين، ويسحب قوة كبيرة من شرق آسيا وأوروبا والشرق الأوسط. وهو ما بدأته إدارة ترمب عبر بدء سحب القوات من ألمانيا وتوزيع بعضها في مناطق أخرى، وسحبها أيضاً من القارة الأفريقية ومن دول في منطقة الشرق الأوسط. لكن الباحث يؤكد أنه في أحسن الأحوال، قد تتمكن الولايات المتحدة من حشد القوة الكافية للحفاظ على أمنها، لكنها لن تتمكن من الفوز بالضرورة في مواجهة مع روسيا أو الصين. ومن المؤكد أنها لن تكون قادرة على القيام بذلك إذا شاركت أيضاً في مواجهة مع إيران أو كوريا الشمالية، أو حتى مع بعض الخصوم غير المعروفين في الوقت نفسه.
ويرى التقرير أن ضعف الجيش الأميركي من شأنه أن يقوض قدرته على ردع المغامرات الروسية أو الصينية أو الإيرانية، وسيشجع كوريا الشمالية وإيران على المضي قدماً في برامجهما النووية. كما سيؤدي خفض ميزانية البنتاغون إلى تآكل ما تبقى من الثقة في القيادة الأميركية، كان من الممكن أن تبقى في عهد ترمب على الأقل. وسيكون كل من الحلفاء والدول الصديقة مترددين في القيام بدورهم إلى جانب واشنطن، في أي مواجهة مع الصين أو روسيا. ومن شأن ذلك أن يقوض فعالية الدبلوماسية الأميركية، التي من المفارقات أن أولئك الذين يدعون إلى خفض الإنفاق الدفاعي يريدون تعزيز الدبلوماسية.
ويؤكد التقرير أخيراً على أن الحاجة لاستخدام الأموال بشكل أكثر كفاءة أمر لا بد منه، وأن وزير الدفاع الحالي مارك إسبر قام بهذا الأمر بشكل جيد. لكن تحسين الكفاءة شيء وخفض الإنفاق الكبير شيء آخر، ولن يؤدي سوى إلى خدمة أعداء الولايات المتحدة.
يساريو «الديمقراطي» يدعون إلى خفض ميزانية «البنتاغون»
تحذيرات من «نتائج كارثية» على قوة الجيش الأميركي وجهوزيته
يساريو «الديمقراطي» يدعون إلى خفض ميزانية «البنتاغون»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة