كيف سيتأثر الاقتصاد الأميركي بنتائج الانتخابات الرئاسية؟

أنصار الرئيس دونالد ترمب يرفعون أعلاماً في ولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)
أنصار الرئيس دونالد ترمب يرفعون أعلاماً في ولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)
TT

كيف سيتأثر الاقتصاد الأميركي بنتائج الانتخابات الرئاسية؟

أنصار الرئيس دونالد ترمب يرفعون أعلاماً في ولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)
أنصار الرئيس دونالد ترمب يرفعون أعلاماً في ولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)

تُشكل الانتخابات الرئاسية الأميركية أكبر تهديد للاقتصاد الأميركي حال تقاربت نتائج المرشحين واضطرا إلى اللجوء للمحاكم لحسم هذا النزاع المُحتمل، حال فشل كليهما في الفوز بفارق تصويتي كبير.
ويزيد من تداعيات الآثار السلبية المحتملة لهذا المسار الاستقطاب السياسي الذي تعيشه أميركا، وموجات الاحتجاجات التي شهدتها الولايات الأميركية خلال الأسابيع الماضية، والترويج لنظريات المؤامرة من جانب الرئيس الجمهوري دونالد ترمب.
مؤشرات هذا المسار المحتمل ظهرت قبل يومين من إعلان النتائج، حيث بلغ عدد الدعاوى القضائية نحو 350 دعوى في 44 ولاية تتنازع على النتيجة، حسبما نقلت صحيفة «التلغراف» البريطانية.
ويعيد هذا السيناريو المحتمل التذكير بما حدث عام 2000، بعدما اضطر المرشحان الجمهوري والديمقراطي جورج دبليو بوش وآل غور، بالترتيب، إلى اللجوء للمحاكم بعدما فشلا في حسم التصويت من الجولة الأولى. وانعكس ذلك على تراجع أسواق الأسهم على الفور، واندفاع المستثمرين إلى الملاذات الآمنة التقليدية مثل الذهب.
من جانبها، قالت إليانور كريغ، محلل استراتيجي في «ساكسو بنك»، إن أحد تداعيات اللجوء إلى المحاكم في عام 2000 هو انخفاض مؤشر «إس آند بي 500»، الذي يضم أسهم أكبر 500 شركة مالية أميركية من بنوك ومؤسسات مالية، نحو 9%، قبل أن يحسم القضاء الأميركي النتيجة لصالح بوش في أوائل ديسمبر (كانون الأول).
وحذرت كريغ من تداعيات «أسوأ» على الاقتصاد الأميركي عمّا وقعت عام 2000، قائلة إن «الاضطرار إلى هذا السيناريو في الانتخابات الحالية سيؤدي إلى تغيير في ديناميكات السوق بسرعة كبيرة، وتحوط كبير لدى المتداولين في السوق».
في سياق متصل، قال زاك باندل، كبير الاقتصاديين في «غولدمان ساكس»، إن فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن سيدفع نحو هدوء في الأسواق وضعف للدولار، مبرراً ذلك بأن الأخير يتبع نهجاً «أقل عدوانية» تجاه السياسة الخارجية، فضلاً عن أن معدلات الضرائب المرتفعة على الشركات قد تجعل الأسهم الأميركية أقل جاذبية، مما يؤدي إلى بيع الدولار.
ويعد السيناريو الأسوأ على الاقتصاد الأميركي هو رفض ترمب التخلي عن السلطة، حيث سينعكس ذلك على تحول الأمور لتصبح «أكثر بشاعة»، حسب جيم ليفيس من شركة «إم آند جي» البريطانية للاستثمارات، الذي يؤكد أن ذلك سينتهي إلى «أسوأ نتيجة للدولار وأسواق السندات وأصول المخاطرة».
ويضيف ليفيس: «تشكيك في قدسية القانون الديمقراطي الغربي ستكون تداعياته كبيرة على حالة الدولار الأميركي بوصفه سوق السندات الأساسي، وسوق الأسهم، وسوق العملات».



بروفايل: جانيت يلين... تكسر «تابوهات» الأزمات

جانيت يلين (إ.ب.أ)
جانيت يلين (إ.ب.أ)
TT

بروفايل: جانيت يلين... تكسر «تابوهات» الأزمات

جانيت يلين (إ.ب.أ)
جانيت يلين (إ.ب.أ)

أثار اختيار الرئيس المنتخب جو بايدن لجانيت يلين لتولي منصب وزارة الخزانة الأميركية كثيراً من الارتياح والإشادة، بعد التكهنات التي أشارت باحتمال اختيار السيناتورة إليزابيث وارن للمنصب، وهو ما كان سيقابل معارضة وعراقيل كثيرة لدى الجمهوريين في مجلس الشيوخ، إضافة إلى أنها لا تملك الخبرة الاقتصادية الكافية، لذلك كان الارتياح من تجنب مواجهات وصدامات داخل الكونغرس، ما يعني أن سياسات الرئيس المنتخب ستنتهج خطاً أقل صخباً وأقل إثارة للمواجهات والمشاحنات مع الحزب المعارض.
وتنازلت السيناتورة وارن عن طموحها في المنصب، وقالت عبر «تويتر» إن يلين «ستكون اختياراً رائعاً لوزارة الخزانة». ويلين التي كانت أول امرأة تتولى رئاسة البنك المركزي الأميركي بين 2014 و2018، وكانت نائبة لرئيس مجلس الاحتياطي من 2010 إلى 2014. وعملت مستشارة اقتصادية كبيرة للرئيس السابق بيل كلينتون، هي أيضاً خبيرة اقتصادية مرموقة، ووصفت بأنها أقوى امرأة في العالم، لتتصدر قائمة النساء الأكثر نفوذاً في العالم. وفي حال صادق مجلس الشيوخ على تعيينها خلفاً لستيفن منوتشين؛ ستصبح يلين كذلك أول امرأة في تاريخ الولايات المتّحدة تتولى وزارة الخزانة.
وُيعتبر وزير الخزانة أهم مسؤول في الإدارة الأميركية بعد وزير الخارجية. ويكتسب هذا المنصب أهمية استثنائية في الظرف الراهن، لأن القوة الاقتصادية الكبرى في العالم تعاني للنهوض من تداعيات جائحة «كوفيد 19». وسوف تتولى يلين المهمة وسط تفشي جائحة عالمية تسبب انكماشاً اقتصادياً في الولايات المتحدة وتعثر المفاوضات في واشنطن حول حزم التحفيز الاقتصادي.
ويُنظر إلى يلين على نطاق واسع على أنها اختيار سياسي «آمن» لهذا الدور، ومن المرجح أن تحصل على الدعم من الجمهوريين في مجلس الشيوخ كشخص قادر على السعي وراء حل وسط من الحزبين خلال فترة هشّة للاقتصاد.
ومع انضمام ملايين الأميركيين إلى سوق البطالة بسبب الجائحة، تشهد عملية خلق فرص عمل في الولايات المتحدة تباطؤاً بعد الانتعاش القوي الذي سجّلته حين أعيد فتح الاقتصاد بين مايو (أيار) ويوليو (تموز) في أعقاب الإغلاق الذي فرضته الموجة الوبائية الأولى. ومؤخراً توقّع اقتصاديّو «جي بي مورغان» أن ينكمش الاقتصاد الأميركي بشكل طفيف في الربع الأول من عام 2021 بسبب تداعيات الموجة الوبائية الثانية.
ويلين (74 عاماً)، التي تخرّجت في جامعتي براون وييل، اضطرت مطلع 2018 لمغادرة منصبها على رأس «الاحتياطي الفيدرالي» بعدما رفض الرئيس الجمهوري دونالد ترمب تمديد ولايتها، وعيّن جيروم باول خلفاً لها. وتميّزت ولايتها على رأس البنك المركزي التي استمرّت 4 سنوات بتحسّن سوق العمل وانخفاض أسعار الفائدة إلى مستويات تاريخية. كما يُنسب إليها عدة نجاحات في توجيه الانتعاش الاقتصادي بعد الأزمة المالية لعام 2007، والركود الذي أعقب ذلك.
ومنذ مغادرتها البنك عام 2018، تحدثت يلين عن تغير المناخ وضرورة قيام واشنطن ببذل مزيد لحماية الاقتصاد الأميركي من تأثير جائحة فيروس كورونا. ودعت إلى زيادة الإنفاق الحكومي لدعم الاقتصاد الأميركي للخروج من ركود عميق، وكثيراً ما أشارت إلى تنامي عدم المساواة الاقتصادية في الولايات المتحدة كتهديد لقيم أميركا ومستقبلها.
وولدت جانيت يلين في 13 أغسطس (آب) 1946 لعائلة يهودية بولندية، وهي حاصلة على درجة البكالوريوس بتخصص الاقتصاد من جامعة براون، وعلى الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة ييل. شغلت منصب رئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين لبيل كلينتون، الرئيس الأميركي الـ42، وترأست لجنة السياسات الاقتصادية لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية من 1997 حتى 1999. وترأست البنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو من 2004 حتى 2010.
طوال تاريخها وعملها الاقتصادي والمالي، كانت جانيت يلين نصيرة واضحة للدعم الحكومي المستمر للعمال والشركات، محذرة علناً من أن نقص المساعدة لحكومات الولايات والحكومات المحلية يمكن أن يبطئ التعافي، مثلما حدث في أعقاب الركود العظيم، عندما كانت يلين تقود بنك الاحتياطي الفيدرالي.