«أندلسيات» الصويرة في دورة افتراضية للتغني بالفرح والموسيقى

وصل لمحطته الـ18 ويحتفي بـ«العيش المشترك»

«الأندلسيات الأطلسية» بمهرجان الاحتفاء بــ«العيش المشترك»
«الأندلسيات الأطلسية» بمهرجان الاحتفاء بــ«العيش المشترك»
TT

«أندلسيات» الصويرة في دورة افتراضية للتغني بالفرح والموسيقى

«الأندلسيات الأطلسية» بمهرجان الاحتفاء بــ«العيش المشترك»
«الأندلسيات الأطلسية» بمهرجان الاحتفاء بــ«العيش المشترك»

أخذا بعين الاعتبار الوضعية الصحية العالمية وما رافقها من طوارئ وتدابير احترازية للحد تفشي وباء (كورونا)، قررت «جمعية الصويرة موغادور» أن تنظم دورة هذه السنة من مهرجان «الأندلسيات الأطلسية» بصيغة افتراضية، وذلك ما بين 14 و16 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري.
وقال المنظمون إنهم ظلوا متفائلين بإمكانية تنظيم الدورة الـ18. مشيرين إلى أنهم كانوا يمنون النفس بالاحتفال مع جمهور التظاهرة تحت سماء الصويرة، غير أن تمديد حالة الطوارئ الصحية والحرص على السلامة العامة، دفعهم إلى اتخاذ إجراءات خاصة بشأن عملية التنظيم.
وذكر بيان للمنظمين أنه كثيرا ما تردد أن الصويرة عودت أصدقاءها على عدم الاستسلام، وهو شيء سيتم الوقوف عليه، قريبا، مع تنظيم دورة 2020 من «الأندلسيات»، الذي كان من المنتظر تنظيمه، كما جرت العادة، ما بين 29 أكتوبر (تشرين الأول) و1 نوفمبر (تشرين الثاني)، لكن تم التعديل في التاريخ، أخذا بعين الاعتبار حالة الطوارئ الصحية.
وأشار بيان المنظمين إلى أن المرونة التنظيمية، مكنت من تجاوز أي مصدر للقلق، لتتم تعبئة فرق «جمعية الصويرة موغادور» لوضع وضبط وتنفيذ الشروط والمحتوى التقني للمهرجان الافتراضي، الذي «سيعطي بعداً وهيئة غير مسبوقة لمهرجان «الأندلسيات»، من أجل لقاء آخر، بلا حدود أو حواجز، ودون تذاكر أو إكراهات».
وزاد المنظمون أن الأمر يتعلق بـ«موعد مفتوح أمام الآلاف من عشاق الموسيقى، مسلمين ويهودا، على وجه الخصوص، ممن اعتادوا اللقاء في الصويرة من أجل خريف موسيقي لا مثيل له. خريف من نور، متجذر منذ ما يقرب من 20 سنة في الانفعالات التي تتركها موسيقانا المشتركة، غنى الذاكرة المختلطة والوعود المتجددة باستمرار لتاريخ مغربي عظيم اختار اليهود والمسلمون كتابته للمستقبل، انطلاقا فضاءات دار الصويري، بيت الذاكرة والمنْزه».
وبخصوص مضمون دورة هذه السنة من المهرجان، قال المنظمون إن البرنامج قيد التطوير، سيتضمن مجموعة مختارة مبهجة من حفلات الدورات السابقة ومن المواعيد الموسيقية التي حملت إلى ما وراء البحر التنوع الثقافي والروحي والفني الذي هو في صميم الحداثة التي تتمتع بها وتجسدها الصويرة.
وفي هذا الصدد، أشار المنظمون إلى أن دورة هذه السنة من «الأندلسيات»، ستستعيد أيضا المنتديات الصباحية، التي ظلت من أبرز الفقرات المنتظرة والمطلوبة في التظاهرة، من منطلق احتضانها أكثر النقاشات إثارة وجرأة.
ودعا المنظمون عشاق التظاهرة لمتابعة تفاصيل تطور البرنامج ومواعيد البث التي ستكون متاحة على حسابي الجمعية والتظاهرة في (فيسبوك) و(إنستغرام)، مشددين على أن الدورة الـ18، من «الأندلسيات»، ستكون فرصة للجميع للقاء في «جو من الفرح والموسيقى».
ويحرص المنظمون على أن تكون التظاهرة، التي تنظم احتفاء بـ«العيش المشترك»، وفية لأهمية الاختيار الذي سارت فيه منذ بداية تنظيمها في 2003 بمبادرة من جمعية الصويرة موغادور، خصوصاً فيما يتعلق بجمعها بين كبار ورموز الموسيقى الأندلسية، في شتى تعبيراتها المختصرة للمكونات والروافد المغربية.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».