روسيا تواصل التحضير لمؤتمر اللاجئين السوريين وسط شكوك بنجاحه

لافرنتييف اجتمع مع الأسد في ختام جولة إقليمية

الأسد خلال لقائه الوفد الروسي برئاسة ألكسندر لافرنتييف في دمشق أمس (الرئاسة السورية)
الأسد خلال لقائه الوفد الروسي برئاسة ألكسندر لافرنتييف في دمشق أمس (الرئاسة السورية)
TT

روسيا تواصل التحضير لمؤتمر اللاجئين السوريين وسط شكوك بنجاحه

الأسد خلال لقائه الوفد الروسي برئاسة ألكسندر لافرنتييف في دمشق أمس (الرئاسة السورية)
الأسد خلال لقائه الوفد الروسي برئاسة ألكسندر لافرنتييف في دمشق أمس (الرئاسة السورية)

سرعت موسكو تحركاتها في إطار التحضير لعقد مؤتمر دولي حول اللاجئين في دمشق الشهر المقبل، ورغم قيام وفد رفيع برئاسة مبعوث الرئيس الروسي الخاص لشؤون التسوية في سوريا ألكسندر لافرنتييف بجولة مهمة حملته إلى الأردن ولبنان واختتمها أمس في دمشق، فإن أوساطا روسية بدت متشائمة حيال فرص نجاح المؤتمر، وأعربت عن قناعة بعدم توافر الظروف الملائمة حاليا لانعقاده، في حين تبقى الكلمة الأخيرة في هذا الشأن لدى الكرملين الذي ينتظر أن يتخذ القرار الحاسم حول المؤتمر بعد عودة الوفد إلى موسكو.
وضم الوفد الروسي شخصيات بارزة من المستويين الدبلوماسي والعسكري، ما عكس درجة الاهتمام بالتحضير لتنفيذ الفكرة. وكان لافتا أن موسكو لم تعلن رسميا عن مبادرتها، واستبدلت ذلك بالقيام بتحركات واتصالات كان أبرزها جولة الوفد أخيرا، وتم تحديد موعد أولي له في يومي 11 و12 نوفمبر (تشرين الثاني) على أن ينعقد في دمشق.
وخلال اليومين الماضيين، أجرى الوفد الروسي جولة محادثات مطولة في الأردن مع وزير الخارجية أيمن الصفدي، كما تم تنظيم لقاء افتراضي عبر فيديو كونفرس مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني. وأكد الصفدي، خلال اللقاء على أهمية التوصل لحل يضمن وحدة سوريا وتماسكها، ووحدة أراضيها، ويعيد لها أمنها واستقرارها ودورها، ويؤدي إلى خروج جميع القوات الأجنبية منها، والقضاء على الإرهاب وتوفير ظروف العودة الطوعية للاجئين إلى وطنهم.
وفي لبنان قام لافرنتييف بتسليم الرئيس ميشال عون، دعوة للمشاركة في المؤتمر. وأكد المبعوث الروسي خلال اللقاء «وقوف روسيا إلى جانب لبنان في الظروف الصعبة التي يمر بها». وتمنى مشاركة لبنان في المؤتمر الدولي.
واختتم الوفد جولته أمس، في دمشق حيث أجرى محادثات مع الرئيس بشار الأسد. وقالت الرئاسة السورية إن اللقاء «تمحور حول المؤتمر الدولي حول اللاجئين المزمع عقده في دمشق الشهر المقبل والجهود التي يبذلها الجانبان تحضيرا لخروج هذا المؤتمر بنتائج إيجابية تسهم في تخفيف معاناة اللاجئين السوريين وإتاحة المجال لعودتهم إلى وطنهم وحياتهم الطبيعية». وأشارت إلى المحادثات تطرقت إلى «التحديات التي تواجه المؤتمر وخاصة محاولات بعض الدول منع عقده وإفشاله أو ممارسة الضغوط على دول راغبة بالمشاركة».
وكانت صعوبات برزت حول المبادرة الروسية فور أن تسربت معلومات بشأنها إلى وسائل الإعلام. من بينها اختيار دمشق لتكون مكانا لعقد المؤتمر وهو أمر تعارضه عدد من البلدان بينها تركيا، التي أعربت خلال محادثات روسية - تركية عن استياء بسبب عدم تشاور الجانب الروسي معها قبل إطلاق الفكرة، نظرا لأن تركيا تحتضن العدد الأكبر من اللاجئين السوريين وبرزت الصعوبة الأخرى في إقناع البلدان الغربية بالمشاركة في هذا المؤتمر، خصوصا أن الفكرة أثارت وفقا لما نشرته وسائل إعلام جدلا واسعا وانقساما في الرأي داخل الأوساط الأوروبية. فضلا عن توافر قناعة بأنه لا يمكن تحقيق نتائج من المؤتمر، من دون تفاعل إيجابي الولايات المتحدة التي فرضت عقوبات قوية على الحكومة السورية في إطار «قانون قيصر» الذي ينص على أن تشمل العقوبات كل الأطراف التي تتعاون مع الحكومة السورية.
وبرز تشاؤم في تعليق مصدر دبلوماسي روسي مطلع على سير التحضيرات الجارية، تحدثت معه «الشرق الأوسط» أمس. ورأى «فرص النجاح ليست كبيرة، ومن الصعوبة توقع أن يسفر عن المؤتمر في حال انعقاده أي نتائج ملموسة». وأوضح أنه «أولا: هناك الوضع مع تركيا التي لم يتم التشاور معها، وغيابها يعني عدم توقع إحراز أي تقدم على خلفية وجود 7 ملايين لاجئ تحت رعايتها عمليا (4 ملايين على أراضيها و3 ملايين في المناطق التي تسيطر عليها في شمال سوريا) وثانيا: لا يمكن توقع نجاح مبادرة من هذا النوع من دون حضور وإشراف الأمم المتحدة، وثالثا، تبدو المقاطعة الدولية واضحة من خلال نتائج أعمال المجموعة المصغرة التي أعلنت بعد اجتماع أخيرا أنها لن تشارك ولن تقدم أي دعم أو مساعدات للمبادرة».
وزاد المصدر أن مشكلة اللاجئين «لا يمكن الخوض بها والتوصل إلى حلول جدية لها من دون دور بارز وأساسي للمجتمع الدولي والأمم المتحدة، وعودة اللاجئين السوريين بعد 10 سنوات من الحرب تحتاج لعمل واسع وترتيبات خاصة ضخمة جدا، لجهة توفير أماكن الإقامة المؤقتة ثم الدائمة، وتوفير فرص عمل ومعالجة مشكلة الأبناء الذين ولدوا في الخارج وعشرات من القضايا الأخرى الشائكة والمعقدة».
وخلص المصدر إلى أن هذا المؤتمر «لن يدعمه أحد»، مشيرا إلى أنه «على ما يبدو لم يكن اتخاذ القرار حول عقد المؤتمر قد درس بشكل معمق وجدي ودقيق».
وفي إشارة لافتة قال إن «النتيجة في حال تم عقده برغم كل هذه التعقيدات ستكون مماثلة للمشكلة التي ظهرت خلال التحضير وبعد انعقاد مؤتمر سوتشي للحوار السوري»،
مذكرا بأن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش «اتخذ قرارا في اللحظة الأخيرة بمشاركة مبعوثه الخاص إلى سوريا في أعمال مؤتمر سوتشي» لكن ظلت النتائج مخيبة للآمال. وقال المصدر الروسي إنه «لا يوجد حتى الآن قرار نهائي من قبل السلطات العليا في روسيا بعقد هذا المؤتمر، والقرار الحاسم سوف يتخذ بعد عودة الوفد إلى موسكو وتقديم تقريره إلى الكرملين حول نتائج جولته».



عودة حديث «التهجير» في لقاء ترمب - نتنياهو تلقي بظلالها على مفاوضات الهدنة

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض (أ.ف.ب)
TT

عودة حديث «التهجير» في لقاء ترمب - نتنياهو تلقي بظلالها على مفاوضات الهدنة

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض (أ.ف.ب)

التمسك بـ«تهجير الفلسطينيين» كان محوراً رئيساً في لقاء جمع الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو بواشنطن، بينما تتواصل مفاوضات في الدوحة لبحث الذهاب لهدنة جديدة قد تشمل محادثات بشأن وقف الحرب المستعرة منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

تلك العودة الكلامية للتهجير المرفوضة فلسطينياً وعربياً، يراها مصدر مصري مطلع وخبراء في أحاديث منفصلة لـ«الشرق الأوسط»، رسائل سلبية للمفاوضات الجارية بالدوحة، سواء بغرض الضغط أو فرض أمر واقع، مستبعدين أن تؤثر تلك الأحاديث حالياً بشكل جذري على مسار المحادثات الجارية أو التوصل لهدنة ستكون الأسبوع المقبل حال نجحت الزيارة المرتقبة للمبعوث الأميركي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف لقطر.

وقال مصدر مصري مطلع لـ«الشرق الأوسط»، الثلاثاء، إن عودة الحديث عن «تهجير» الفلسطينيين في هذا التوقيت الحساس تضر بجهود وقف إطلاق النار في قطاع غزة وإبرام الهدنة، موضحاً أن «موقف مصر والموقف العربي عموماً ثابت في هذا الإطار، حيث ينطلق من رفض تصفية القضية الفلسطينية أو تهجير أهل غزة».

طفل فلسطيني يبكي قرب جثمان أحد أقربائه قُتل خلال غارة إسرائيلية على النصيرات في مستشفى العودة وسط غزة (أ.ف.ب)

وأكد المصدر المصري أن «الجهود الراهنة يجب أن تكون منصبة على تحقيق هدنة تقود لوقف شامل للحرب، وإعادة تأهيل القطاع»، مشيراً إلى الخطة المصرية للإعمار التي حظيت بدعم عربي في هذا الصدد في مارس (آذار) الماضي.

وخلال اجتماع مع نتنياهو، الاثنين، بالبيت الأبيض، عندما سئل ترمب عن «تهجير» الفلسطينيين، قال: «نحظى بتعاون كبير من الدول المحيطة... لذا سيحدث أمر جيد»، بينما قال رئيس الوزراء الإسرائيلي إن بلاده تعمل مع واشنطن للعثور على دول أخرى توافق على مثل هذه الخطة، حسبما ذكرت «رويترز».

وعندما سُئل ترمب عما إذا كان حل الدولتين ممكناً، أجاب: «لا أعرف»، وأحال السؤال إلى نتنياهو، الذي أجاب بالقول: «أعتقد أن الفلسطينيين يجب أن يتمتعوا بجميع الصلاحيات لحكم أنفسهم، ولكن دون أن تمنح لهم أي صلاحيات من شأنها أن تهددنا. هذا يعني أن السلطة السيادية، مثل الأمن الشامل، ستبقى دائماً في أيدينا».

وجدّد الرئيس الأميركي، في مايو (أيار)، اقتراحه بتهجير سكان غزة، مكرراً أحاديثه التي بدأها مع توليه منصبه في يناير (كانون الثاني) الماضي، وكررها أيضا في فبراير (شباط)، وأبريل (نيسان)، مقابل تنديد عالمي ورفض عربي واسع لا سيما من مصر والأردن البلدين الحدوديين لفلسطين.

وكشفت «رويترز»، الاثنين، عن خطة لدى مؤسسة غزة الإنسانية المدعومة أميركياً، اطلع عليها ترمب لإقامة مخيمات على مساحات كبيرة داخل غزة، وربما خارجها، لإيواء فلسطينيين من القطاع، وتبلغ تكلفتها نحو ملياري دولار، تزامناً مع تأكيد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، أن الوزارة ستنشئ منطقة إنسانية جديدة في منطقة رفح لاستقبال ما لا يقل عن 600 ألف فلسطيني، وستكون خالية من «حماس».

ويرى أستاذ العلوم السياسية المتخصص في الشؤون الإسرائيلية والفلسطينية الدكتور طارق فهمي، أن عودة ترمب ونتنياهو لهذا الحديث تعد رسالة بأنهما ماضيان في مخطط التهجير، وأن هذه الورقة لم تسقط من حساباتهما بعد سواء بهجرة طوعية أو جبرية.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه «من الواضح أن نتنياهو يريد تنفيذ مخططه بنقل الفلسطينيين بغزة إلى رفح التي تمثل نحو 20 في المائة من مساحة القطاع وجعلها منطقة أشبه بسجن لدفع السكان للهجرة القسرية أو الطوعية»، مشيراً إلى أن «عودة ترمب ونتنياهو لهذا الحديث مجدداً وسط مفاوضات دائرة بالدوحة نوع من الإرباك والضغط على المفاوض الفلسطيني».

فتاتان تهرولان بأحد الشوارع عقب غارة إسرائيلية أصابت خيمةً تؤوي نازحين فلسطينيين في مدينة غزة (أ.ف.ب)

ورغم استدعاء واشنطن لحديث «التهجير» مجدداً، فإنها ستوفد ويتكوف لحضور مفاوضات الهدنة بغزة، وقالت كارولين ليفيت، المتحدثة باسم البيت الأبيض، في تصريحات الاثنين إنه «سيتوجه إلى العاصمة القطرية الدوحة، هذا الأسبوع، حيث سيواصل المشاركة في هذه المناقشات»، مضيفة أن «القطريين والمصريين كانوا شركاء مفيدين للغاية في التوسط بهذه المفاوضات والمناقشات لإحلال السلام في هذه المنطقة، وإنهاء هذا الصراع نهائياً».

وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري في مؤتمر صحافي، الثلاثاء، بالدوحة زيارة ويتكوف دون أن يحدد موعداً لها، مشيراً إلى أن المفاوضات تتركز حالياً على «إطار تفاوضي» للاتفاق، «وسعي إلى جسر الهوة للإطار التفاوضي».

وكانت المفاوضات في اليوم الثالث «صعبة وتركز على بحث آليات الانسحاب العسكري الإسرائيلي من قطاع غزة، وإدخال المساعدات ووقف النار»، بحسب مصدر فلسطيني تحدث لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، فيما قال الوزير الإسرائيلي زئيف إلكين، وهو عضو في الحكومة الأمنية المصغرة، لهيئة البث الإسرائيلية الثلاثاء إن هناك «فرصة حقيقية» للاتفاق على وقف إطلاق النار، مضيفاً: «(حماس) تريد تغيير بعض الأمور الجوهرية، الأمر ليس بسيطاً، إلا أن هناك تقدماً».

ونقلت «آي نيوز 24» الإسرائيلية عن مصادر أن «هناك تقدماً في المفاوضات حيث تم حل 75 في المائة من القضايا حتى الآن. ومن القضايا التي لم يتم الاتفاق عليها بعدُ كيفية توزيع المساعدات الإنسانية، ويجري حالياً مناقشة انتشار الجيش الإسرائيلي في غزة خلال وقف إطلاق النار».

ووصل وفد إسرائيلي إلى العاصمة القطرية الدوحة، الأحد، يضم منسق شؤون الأسرى والمفقودين، غال هيرش، والمستشار السياسي لرئيس الحكومة الإسرائيلية، أوفير فالك، ومسؤولين آخرين من الجيش الإسرائيلي والموساد وجهاز الأمن العام (الشاباك)، بحسب القناة ذاتها.

ويعتقد فهمي أن استمرار جلسات التفاوض بالدوحة بحضور مصري منذ السبت بجانب مستوى الوفد الإسرائيلي يدل على أن هناك جدية لإتمام اتفاق، يضاف لذلك أن ويتكوف سيأتي للمنطقة لوضع اللمسات الأخيرة كما فعل في اتفاق يناير الماضي، مؤكداً أن فرص نجاح هذه المحادثات أقوى من فرص فشلها.

ويتوقع الرقب أن يتم في ضوء زيارة ويتكوف تلاقي التباينات تحت ضغوط أميركية والتوصل لهدنة قريبة ربما تكون الأحد أو الاثنين، خصوصاً والمبعوث الأميركي قد يضع اللمسات الأخيرة دون أن تتأثر تلك الجهود بالعمليات الاستنزافية التي تقوم بها المقاومة التي تشكل ضغطاً فقط على إسرائيل، مبدياً تفاؤلاً حذراً بإمكانية استمرار الهدنة بعد تصريحات ترمب ونتنياهو، إذ قد يستغلها الأخير في الحصول على رهائن والعودة لتنفيذ مخطط التهجير تحت أي ذرائع وبضوء أميركي.