الاحتفال بالمولد النبوي في ليبيا... مظاهرات فرح تتجنب السياسة

موشحات دينية وتوزيع للحلوى وانتقادات لـ«الرسوم المسيئة»

جانب من إحياء المولد النبوي في سبها (جمعية شباب الجديد للعمل التطوعي)
جانب من إحياء المولد النبوي في سبها (جمعية شباب الجديد للعمل التطوعي)
TT

الاحتفال بالمولد النبوي في ليبيا... مظاهرات فرح تتجنب السياسة

جانب من إحياء المولد النبوي في سبها (جمعية شباب الجديد للعمل التطوعي)
جانب من إحياء المولد النبوي في سبها (جمعية شباب الجديد للعمل التطوعي)

تحت الرايات الملونة، وبالدفوف وسعف النخيل، احتفل الليبيون في غالبية المدن والبلدات بذكرى المولد النبوي الشريف، في ظل أجواء غلب عليها الطابع الروحاني، والتمسك بالتقاليد المتوارثة، التي تبدأ بتناول طبق «العصيدة»، وتنتهي بالتجمع في الساحات والميادين للكبار والصغار وسط حالة من البهجة، والهتاف باسم النبي محمد، صلى الله عليه وسلم.
وتوحدت الإرادة السياسية بين الطرفين المتنازعين في شرق ليبيا وغربها، على إعلان يوم أمس عطلة رسمية، احتفالاً بالمولد الشريف الذي يحييه المسلمون السُّنة في 12 ربيع الأول بحسب التقويم الهجري.
وتوافد الكبار والأطفال إلى الشوارع والساحات العامة بعد ارتداء الأزياء الجديدة، في أجواء تتشابه إلى حد كبير مع احتفالاتهم بعيدَي الفطر والأضحى؛ لكن هذه المناسبة جاءت هذا العام في ظل تطاول على النبي محمد، كما قال الشيخ موسى أبو راس الذي يعمل بأحد مساجد مدينة بني وليد (شمال غربي ليبيا)، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «احتفالات هذا العام تأتي ونحن غاضبون من التطاول على سيدنا الرسول بالرسوم المهينة في دولة فرنسا التي تسمح للرسامين بإهانة نبينا، وهذا أمر ترفضه وتدينه الشعوب العربية والإسلامية في جميع أنحاء العالم».
وفي بني وليد طاف الأطفال الذين اكتحل بعضهم، الشوارع يشترون الحلوى، أو يحصلون عليها مجاناً ابتهاجاً بالمناسبة التي يطلق عليها هناك «الميلود»؛ لكن الملمح الأبرز يتمثل في حلقات الإنشاد والتواشيح الدينية التي عادة ما تبدأ في ترديد قصيدة «البردة» للإمام البوصيري: «مولاي صلِّ وسلــم دائماً أبداً- على حبيبك خير الخلق كلهم- أمِنْ تَــذَكر جيران بــذي سَــلَم، مَزَجتَ دَمعــاً جرى مِن مُقلة بِدم- أَم هبَّت الريح مِن تلقــاءِ كــاظمة- وأومَض البرقُ في الظَلماءِ مِن إضَمِ- فما لِعَينـيك إن قُلتَ اكْفُفـا هَمَـتَا- وما لقلبك إن قلتَ استفق يَهــم...»..
ويُعد تناول «العصيدة» - رغم الجدل الذي يكتنف هذا الطقس - من أبرز ملامح هذا اليوم، وتُعد من الأكلات الشعبية المشهورة في ليبيا، كما في بعض الدول العربية، وهي عبارة عن دقيق قمح مطبوخ بالماء، ممزوج بالعسل والسمن أو رُب التمر. ويستحسن البعض هناك تناولها بالأيدي، وخصوصاً صبيحة يوم المولد النبوي، أو «الميلود».
وقال السفير إبراهيم موسى جرادة، كبير المستشارين بالأمم المتحدة سابقاً: «من المحير أن بعض المتشددين المغالين ينصبون أنفسهم كحراس للدين، ويعترضون على تفاعل ملايين المسلمين المعتدلين. يغضبون من التطاول على رسول الرحمة والمحبة والتسامح، وهم أنفسهم بأفكارهم سبب كبير في التوحش والشراسة والإرهاب التي ابتلي من جرائرها المسلمون والعالم».
وفي بني وليد كما في أجدابيا (شرق ليبيا)، أو سبها (جنوبها) خرجت مظاهرات فرح وبهجة بالمولد الشريف، بعيداً عن خلافات السياسة وتجاذباتها، مفضلين إحياء المناسبة بدروس الوعظ والإرشاد، أو بترديد قصائد المديح النبوي، وهو ما حرصت عليه جمعية «شباب الجديد للعمل التطوعي» في سبها، عبر فرقتها التي أحيت هذه المناسبة، مساء أول من أمس، وسط حشد من المواطنين الذين جاءوا مصحوبين بأطفالهم، يستمتعون بسماع الأشعار التي قيلت حباً في النبي.
كما حرصت مساجد عدة بمدن الجنوب مثل غات أوباري، على عقد جلسات لقراءة القرآن الكريم، وذكر الله، بمناسبة المولد النبوي الشريف.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».