مغامِرة اسكوتلندية تُنهي رحلتها في المغرب

أليس موريسون قطعت مشياً على الأقدام وعلى ظهر الجمال 1400 كيلومتر في 68 يوماً

مغامِرة اسكوتلندية تُنهي رحلتها في المغرب
TT

مغامِرة اسكوتلندية تُنهي رحلتها في المغرب

مغامِرة اسكوتلندية تُنهي رحلتها في المغرب

اختتمت المغامرة ومقدمة البرامج التلفزيونية الاسكوتلندية أليس موريسون، أول من أمس (الثلاثاء)، في ورزازات (جنوب المغرب)، الجزء الثالث من رحلتها الطويلة في المغرب التي قطعت خلالها آلاف الكيلومترات في عدة أشهر.
وبدأت المرحلة الجديدة لهذه المغامرة (الثالثة لها في المغرب)، خلال شهر أغسطس (آب) الماضي، انطلاقاً من مدينة الناظور، واستمرت لنحو 68 يوماً لتُختتم في ورزازات، حيث قطعت مشياً على الأقدام وعلى ظهر الجمال مسافة 1400 كيلومتر.
وكان فريق رحلة موريسون يضم ثلاثة مرشدين محليين، هم إبراهيم أحلفي وعلي أحلفي وعدي بنيوسف، بالإضافة إلى ستة جِمال.
وقالت المغامرة موريسون، وهي تسلط الضوء على معالم هذه الرحلة الاستكشافية التي أطلقت عليها اسم «البحث عن الديناصورات»: «كان الأمر مثيراً بشكل لا يصدق حينما عثرنا على أقدام ديناصورات في منطقة بالقرب من سلسلة جبال مكون».
واستعمل فريق رحلة موريسون معدات التسلق للوصول إلى المناطق المستهدفة وتتبع آثار أقدام الديناصورات التي تصنَّف ضمن ديناصورات «سوروبود» التي وُجدت منذ أكثر من 66 مليون سنة.
وقالت المغامرة الاسكوتلندية: «لقد كانت تجربة استثنائية وصعبة في بعض الأحيان، مع وجود مشكلات لوجيستيية وصحية، لكنها كانت مغامرة رائعة».
وسارت موريسون، التي تلقَّب بـ«إنديانا جونز للفتيات»، في رحلاتها السابقة بالمغرب، على خطى وادي درعة ورمال الصحراء، إذ أصبحت، مع نهاية الرحلة الأولى، أول امرأة تعبر وادي درعة.
وبلغ مجموع المسافة التي قطعتها موريسون عبر المغرب نحو 4 آلاف كيلومتر، لتوثق مراحل رحلتها على مدونتها الخاصة.
وعلى الرغم من أنّ اكتشاف آثار الديناصورات كان من أبرز معالم رحلة موريسون، فإن هذه المغامرة كانت حريصة أيضاً على توثيق التأثير الاجتماعي والاقتصادي لوباء (كوفيد - 19) على سكان القرى في المناطق النائية.
وقالت موريسون: «لقد كنت شاهدة على الكيفية التي تأثرت بها قبائل الرُّحل. وأخبرنا السكان الذين التقيناهم في أثناء المشي لمسافة 1400 كيلومتر بأنه لم تسجل لديهم أي حالة للإصابة بالفيروس، لكن التأثير الاقتصادي كان كبيراً». كما أُتيحت لموريسون، التي تتحدث العربية والأمازيغية، الفرصة للتعرف على حياة النساء في المناطق القروية التي سافرت إليها وتدوين قصصهن وشهاداتهن. واعتبرت أنّ «المغرب يمر حالياً بفترة تعرف تغيرات كبيرة مع تعميم التكوين والتعليم. فقد ارتفعت بشكل كبير نسبة محاربة الفتيات للأمية، مما يعني أنهن يتطلعن إلى مستقبل أفضل»، معبرة عن سعادتها العارمة برحلتها إلى المغرب وتأثرها الكبير بالترحاب الكبير من السكان. من جهته، أشاد سفير بريطانيا لدى المغرب سايمون مارتن، في تصريح للصحافة، بهذه المغامرة الشابة وفريقها. وقال: «أنا معجب بأداء موريسون وشغفها بالمغرب. رغم الأوقات الصعبة بسبب الوباء، فإن المغامرة تتقاسم مع العالم، من خلال هذه الرحلة، شغفها بالمملكة، وتكشف للعالم ثرواتها الثقافية والطبيعية الغنية».
وكانت المغامرة الاسكوتلندية قد شاركت في بعض المغامرات في العالم، حيث سافرت إلى أفريقيا بالدراجة، وشاركت في ماراثون الرمال الذي يُعرف بكونه أحد أصعب السباقات في العالم.
يُذكر أن موريسون أصدرت عدداً من المؤلفات، من بينها كتاب بعنوان «من المغرب إلى تمبكتو... مغامرة عربية».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».