أوروبا تخشى «اقتراب ساعة» الإغلاق الكامل مجدداً

القارة على عتبة 10 ملايين إصابة مع موجة ثانية «شرسة» للفيروس

تكثيف مراكز فحص «كوفيد - 19» في إسبانيا (إ.ب.أ)
تكثيف مراكز فحص «كوفيد - 19» في إسبانيا (إ.ب.أ)
TT

أوروبا تخشى «اقتراب ساعة» الإغلاق الكامل مجدداً

تكثيف مراكز فحص «كوفيد - 19» في إسبانيا (إ.ب.أ)
تكثيف مراكز فحص «كوفيد - 19» في إسبانيا (إ.ب.أ)

بعد أن حطّم العالم، لليوم الثالث على التوالي، الرقم القياسي في عدد الإصابات الجديدة بـ«كوفيد - 19» وأصبح قاب قوسين من عتبة النصف مليون إصابة يومية، نصفها تقريبا في القارة الأوروبية، وفيما يطرح الخبراء على أنفسهم أسئلة حول أسباب نجاح البلدان الآسيوية في احتواء موجة الوباء الثانية وإخفاق أوروبا في التصدّي لها، باتت الأوساط العلمية الأوروبية على يقين من أن ساعة إعلان الإغلاق الكامل مرة أخرى قد دنت وأنه لم يعد منها مناص لوقف هذه «الهجمة الشرسة للفيروس» كما وصفها أمس خبير في المركز الأوروبي لمكافحة الأوبئة.
وتوسلت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لمواطنيها تحاشي التواصل وعدم مغادرة المنازل إلّا للضرورة، بينما أنذر رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستيكس بتداعيات صحّية أليمة في الأيام المقبلة أمام الانتشار السريع للوباء بقوله: «تنتظرنا أوقات صعبة، مهما فعلنا». وتقول السلطات الصحية السويسرية إن بعض المستشفيات بدأ يعاني من عجز في أسرة وحدات العناية الفائقة، وتصطفّ سيّارات الإسعاف المحمّلة بالمصابين طوابير لساعات أمام مستشفيات روما في انتظار أن يفرغ سرير في الأقسام المخصصة لمعالجة مرضى «كورونا».
واقتربت الإصابات المؤكدة في أوروبا من عتبة الـ10 ملايين، لكن بعيدا عن 19 مليون إصابة في القارة الأميركية، فيما بلغ العدد الإجمالي للوفيّات 265 ألفا وتجاوز عدد الإصابات الجديدة 7 أضعاف الإصابات خلال الموجة الأولى حسب آخر بيانات منظمة الصحة العالمية.
أرقام قياسيّة جديدة في أعداد الإصابات تتحطّم يوميّا في الكثير من البلدان الأوروبية، من 45 ألفا في فرنسا إلى 20 ألفا في إيطاليا وإسبانيا إلى 11 ألفا في ألمانيا.
كل الأنظار تتجّه إلى المشهد الوبائي الفرنسي الذي يثير قلقا كبيرا، ليس فقط لدى السلطات الفرنسية التي تجهد لاحتواء انتشار الفيروس بحزمات متتالية من التدابير الصارمة بل أيضا لدى المسؤولين في منظمة الصحة العالمية والمركز الأوروبي لمكافحة الأوبئة، وذلك بعد الارتفاع السريع الذي شهدته الإصابات في الأيام الأخيرة، وبخاصة القفزات الثلاث خلال نهاية الأسبوع الماضي. وأعلنت الحكومة الإيطالية أمس (الأحد) عن خطة جديدة من التدابير وصفها وزير الصحة روبرتو سبيرانزا بأنها الفرصة الأخيرة لتحاشي الإقفال التام، وتقضي بوقف جميع الأنشطة التجارية والترفيهية اعتبارا من السادسة بعد الظهر وإغلاق المنشآت الرياضية والمسابح والمسارح ودور السينما حتى 24 من الشهر المقبل، ومنع الحفلات الخاصة والعودة إلى الأنشطة التدريسية الافتراضية بنسبة 75 في المائة.
وقال رئيس الوزراء جوزيبي كونتي لدى إعلانه أمس عن التدابير الجديدة: «سنقاسي حتى نهاية الشهر المقبل، لكننا سنعود لنلتقط أنفاسنا في ديسمبر (كانون الأول)»، مضيفا أنه يتوقع نزول اللقاحات الأولى إلى الأسواق قبل نهاية السنة لكن لن تتوفر لجميع المواطنين قبل الربيع المقبل.
وتشهد مدينة نابولي منذ يوم الجمعة الماضي مواجهات عنيفة بين قوات الأمن ومتظاهرين يحتجون على التدابير التي أعلنتها الحكومة والسلطات الإقليمية. وكانت المواجهات التي وقعت ليل السبت قد تخللتها أعمال شغب واسعة أسفرت عن وقوع جرحى وخسائر مادية كبيرة في المتاجر التي تعرّض عدد كبير منها للتكسير والنهب. وقالت وزيرة الداخلية إن مجموعات من المتطرفين اليمينيين والفاشيين هي التي كانت وراء الأعمال التخريبية، وإن هذه المجموعات تسعى منذ فترة للتسلّل إلى صفوف المواطنين والتجّار الرافضين لتدابير الإقفال بهدف افتعال مواجهات مع القوى الأمنية. ويخشى المسؤولون من امتداد هذه الأعمال الاحتجاجية العنيفة إلى العاصمة روما التي يقوم اقتصادها على السياحة والخدمات الترفيهية وهي الأكثر تأثرا بالتدابير الجديدة.
وفيما سجّلت النمسا أمس رقما قياسيا جديدا في عدد الإصابات اليومية تجاوز الأربعة آلاف وشكّل قفزة كبيرة مقارنة بالرقم القياسي السابق يوم الجمعة الماضي الذي بلغ 2571 وكان معظمها في المناطق المتاخمة لألمانيا، عادت السلطات البلجيكية لتفرض استخدام الكمّامات في الأماكن العامة ضمن منطقة العاصمة بروكسيل وقرّرت إقفال دور السينما والمسارح والمتاحف والمنشآت الرياضية ووقف جميع المباريات غير الاحترافية، كما ألغت الرحلات المدرسية وفرضت حظر التجوّل من العاشرة ليلا حتى السادسة صباحا. وقررت أيضا منع زيادة عدد المشاركين في المآتم عن 15 شخصا، وقصر مراسم الزفاف على العروسين والشهود والمسؤول الروحي أو الزمني المكلّف عقد القران.
وفي البرتغال سجّلت الإصابات اليومية الجديدة رقما قياسيا آخر بلغ 3369 ليصل العدد الإجمالي للإصابات منذ بداية الجائحة إلى 166 ألفا وعدد الوفيّات إلى 2297. وفي إسبانيا أعلن رئيس الوزراء بيدرو سانتشيز في أعقاب الاجتماع الطارئ الذي عقدته الحكومة صباح أمس عن قرارها بإعلان حالة الطوارئ لفترة تمتدّ حتى التاسع من مايو (أيار) المقبل، وذلك في خطوة أخيرة لتحاشي الإقفال الكلي التام أمام الانتشار السريع والواسع للوباء.
وكانت معظم الأقاليم الإسبانية قد طلبت من الحكومة إعلان حالة الطوارئ بعد أن خرج الوضع الوبائي عن السيطرة وبات يهدد المنظومة الصحية أمام الانتشار السريع والمتواصل للفيروس منذ مطالع الشهر الماضي. وقال سانتشيز إن الحكومة المركزية ستنسّق مع السلطات الإقليمية تدابير الوقاية والاحتواء حسب الوضع الوبائي في كل منطقة، لكنه أوضح أن حظر التجوّل الليلي من الحادية عشرة إلى السادسة صباحا سيُفرض على جميع أنحاء البلاد.



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.