«الملك المنعزل»... رحلة مؤسس «سامسونغ» بين النفوذ الاقتصادي والتهرب الضريبي

لي كون هي في حفل تنصيبه رئيساً لمجموعة «سامسونع» عام 1987 (إ.ب.أ)
لي كون هي في حفل تنصيبه رئيساً لمجموعة «سامسونع» عام 1987 (إ.ب.أ)
TT
20

«الملك المنعزل»... رحلة مؤسس «سامسونغ» بين النفوذ الاقتصادي والتهرب الضريبي

لي كون هي في حفل تنصيبه رئيساً لمجموعة «سامسونع» عام 1987 (إ.ب.أ)
لي كون هي في حفل تنصيبه رئيساً لمجموعة «سامسونع» عام 1987 (إ.ب.أ)

أعلنت «مجموعة سامسونغ» الكورية الجنوبية أن لي كون هي، الذي أسس الشركة الرائدة في مجال الإلكترونيات، توفي اليوم الأحد بعد قضائه أكثر من 6 أعوام بالمستشفى في أعقاب إصابته بأزمة قلبية.
وقالت المجموعة إن لي توفي وإن أفراد عائلته إلى جانبه، وكان نائب رئيس الشركة، جاي واي لي، حاضراً.

وقال المكتب الرئاسي في كوريا الجنوبية إن الرئيس؛ مون جيه إن، ينوي إرسال زهور إلى جنازة لي.
وتولى لي (78 عاماً) قائد الشركة الذي يتمتع بشخصية آسرة وأغنى أغنياء البلاد، عملية تطويرها لتصبح أكبر مؤسسة في كوريا الجنوبية. لكنه أدين أيضاً بالرشوة والتهرب الضريبي، وتعرض هو وإمبراطوريته التي بناها للتشهير بسبب نفوذهما الاقتصادي الهائل، وطريقة إدارته غير الشفافة، إلى جانب عمليات تحويل مريبة لثروة عائلته.

وقالت «سامسونغ» في بيان: «كان الرئيس لي صاحب رؤية حقيقية، وحول (سامسونغ) من شركة محلية إلى شركة رائدة عالمياً في الابتكار، وقوة صناعية. كان إعلانه عام 1993 عن (الإدارة الجديدة) المحفز لرؤية الشركة لتقديم أفضل التقنيات للمساعدة في تقدم المجتمع العالمي».

ومن المنتظر أن تدفع وفاة لي، الذي تبلغ قيمة ثروته 20.9 مليار دولار وفقاً لـ«فوربس»، اهتمام المستثمرين نحو إعادة هيكلة محتملة للمجموعة التي تضم حصصه في شركات «سامسونغ» الرئيسية مثل «سامسونغ للتأمين على الحياة» و«سامسونغ للإلكترونيات».
ودخل جاي نجل لي واضعاً كمامة على وجهه إلى «مركز سامسونغ الطبي» حيث كانت تقام مراسم التأبين لأبيه. وعُلقت لافتة تبين اقتصار عدد الحاضرين في منطقة التأبين على 50 فرداً فقط.

وقالت «سامسونغ» إن جنازة لي ستقام في مراسم محدودة تقتصر على العائلة، ولم تفصح عن توقيتها أو مكان إقامتها.
وكان لي أصبح رئيساً للمجموعة في 1987، لكنه اضطر للاستقالة بعد أكثر من 10 سنوات في أعقاب إدانته برشوة رئيس البلاد.

وأدين مرة أخرى بخيانة الأمانة والاختلاس في 2008، لكن صدر عفو عنه للمساعدة في فوز البلاد بتنظيم دورة الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2018 نظراً لأنه عضو قديم في اللجنة الأولمبية الدولية.
وساهمت مراهناته الجريئة على الأنشطة الجديدة، خصوصاً أشباه الموصلات، في تحويل نشاط والده في تجارة «النودلز» إلى مؤسسة عملاقة تبلغ قيمة أصولها نحو 375 مليار دولار ولها عشرات الشركات التابعة تغطي أنشطة من الإلكترونيات والتأمين إلى صناعة السفن وقطاع البناء. وقالت سامسونغ: «سيبقى إرثه خالداً».

وتعد «سامسونغ» أكبر التكتلات التجارية العائلية في البلاد.
والشركة ساهمت في انتعاش البلاد الهائل بعد الحرب الكورية، وكوريا الجنوبية في الترتيب الثاني عشر حالياً من حيث أكبر اقتصاد في العالم، وتعد الشركة اليوم أيضاً لاعباً عالمياً رئيسياً في مجال أشباه الناقلات وشاشات العرض «إل سي دي».

ومع ذلك؛ نادراً ما كان لي كون هي يخرج من منزله الذي يقع في وسط سيول للذهاب إلى مقر الشركة، مما أكسبه لقب «الملك المنعزل».

وترأس ابنه لي جاي يونغ، نائب رئيس شركة «سامسونغ إلكترونكس»، المجموعة منذ إصابة والده بنوبة قلبية في عام 2014.
وأودع لي السجن بعدما حكم عليه بالسجن 5 سنوات عام 2017 بتهمتي الرشوة والاختلاس وغيرهما من الجرائم المتعلقة بالفضيحة التي أسقطت الرئيسة الكورية الجنوبية بارك غن هاي. وأفرج عن الرجل بعد ذلك بعام بعد تقديمه استئنافاً، لكنه خضع لإعادة المحاكمة.


مقالات ذات صلة

«سامسونغ» تتوقع تأثر أسعار الهواتف بسبب الرسوم الجمركية

الاقتصاد معرض تابع لشركة «سامسونغ» للجوالات في كوريا الجنوبية (رويترز)

«سامسونغ» تتوقع تأثر أسعار الهواتف بسبب الرسوم الجمركية

حذّرت شركة «سامسونغ إلكترونكس» من أن الرسوم الجمركية الأميركية ربما تخفّض الطلب على منتجات مثل الهواتف الذكية؛ مما يجعل التنبؤ بأداء الشركة في المستقبل صعباً.

«الشرق الأوسط» (سيول)
تكنولوجيا «سامسونغ غالاكسي إس 25»

أفضل هواتف «آندرويد»

لكي يصبح جديراً بوصف «الرائع»، ينبغي أن يتميز أي هاتف يعمل بنظام «آندرويد» بكاميرات عالية الجودة، وبطارية طويلة العمر، والتزام طويل بتحديثات البرامج والأمان.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد شعار «سامسونغ» في جناحها بمعرض أشباه الموصلات 2024 في سيول بكوريا الجنوبية (رويترز)

الهند تطالب «سامسونغ» بـ601 مليون دولار لتهربها من الرسوم الجمركية

أظهرت وثيقة حكومية أن الهند أصدرت أمراً يقضي بأن تدفع شركة «سامسونغ» ومديروها التنفيذيون في البلاد مبلغ 601 مليون دولار باعتبارها ضرائب متأخرة وغرامات.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي )
تكنولوجيا هان جونغ-هي (أ.ف.ب)

وفاة رئيس «سامسونغ» التنفيذي إثر نوبة قلبية

أعلنت شركة «سامسونغ» الكورية الجنوبية العملاقة للإلكترونيات، اليوم الثلاثاء، وفاة رئيسها التنفيذي المشارك هان جونغ-هي إثر سكتة قلبية عن عمر ناهز 63 عاماً.

«الشرق الأوسط» (سيول)
تكنولوجيا تفوق على جميع الأصعدة بقدرات متقدمة وتصميم أنيق

«غالاكسي إس25 ألترا»: حقبة جديدة من الهواتف الذكية المدعومة بالذكاء الاصطناعي

قدرات مطورة في التصوير والتفاعل مع التطبيقات والتعرف على محتوى الشاشة وتحرير الصور والفيديو، ودعم متقدم للتصوير الليلي وإزالة عناصر الصوت غير المرغوبة.

خلدون غسان سعيد (جدة)

«فينوس» تعود بعد عقد... أنوثة السُّلطة وسحر الانقلاب المسرحي

ديكور «فينوس» المبهر (مسرح مونو)
ديكور «فينوس» المبهر (مسرح مونو)
TT
20

«فينوس» تعود بعد عقد... أنوثة السُّلطة وسحر الانقلاب المسرحي

ديكور «فينوس» المبهر (مسرح مونو)
ديكور «فينوس» المبهر (مسرح مونو)

بعد مرور عشرة أعوام على عرضها الأول في عام 2015، تعود مسرحية «فينوس» مجدداً إلى خشبة المسرح، في رؤية متجددة قدَّمها المخرج جاك مارون، ساعياً إلى بث روح جديدة في العمل. وقد احتضن مسرح «مونو» في الأشرفية حفل الافتتاح الرسمي، الذي حضره عدد من الشخصيات السياسية والإعلامية والفنية.

منذ اللحظات الأولى للعرض، يشدُّ عنصر الجذب انتباه المشاهد بسرعة، حيث يلفت الديكور الأنظار بتصميم حسن صادق، الذي جمع بين الراحة والتميُّز، والذي أضفى عليه طابعاً فاخراً عبر ثريات ضخمة، وبسَّطه في الوقت نفسه باستخدام أثاث بسيط أيضاً. وتميّز الفضاء المسرحي بهندسة تجمع بين الأناقة والطابع التراثي، فيما غلب الطابع الرومانسي على الإضاءة؛ ليلوح في الأذهان طيف آلهة الحب والجمال «فينوس»، وكأن العمل يُجسِّد المثل القائل: «المكتوب يُقرأ من عنوانه».

المسرحية مستوحاة من نص الكاتب الأميركي دايفيد آيفز، وعندما قرَّر المخرج جاك مارون تقديم نسخة عربية منها، وجد في الثُّنائي غابريال يمين ولينا خوري الخيار الأمثل لاقتباسها. ويؤدي دور البطولة كلٌّ من ريتا حايك وبديع أبو شقرا. تدور القصة حول مخرج وكاتب يائس من العثور على ممثلة تجسِّد الشخصية التي يبحث عنها، إلى أن تظهر فاندا (ريتا حايك) لتجسِّد بأدائها كلَّ ما كان يتخيله. وخلال تجربة أداء مشوِّقة، تنشأ بين فاندا والمخرج (بديع أبو شقرا) تفاعلات تأخذنا إلى قلب مسرحية تجري داخل المسرحية الأصلية. هذا التداخل بين الواقع والخيال ينسج تجربة مسرحية مكتملة العناصر، تُعيد المتفرِّج إلى خشبة مسرح نابضة بالحياة. وعلى مدى نحو 90 دقيقة، يتابعها الجمهور بحماسة وتفاعل، يلتقط أنفاسه خشية أن يفوته مشهد واحد.

تطرح المسرحية قضايا الذكورية التي لا تزال تثير جدلاً في مجتمعاتنا، إلى جانب العنف ضد المرأة، والصِّراع الدائم لإثبات الذات بين الجنسين.

يُسجَّل لريتا حايك وبديع أبو شقرا أداء تمثيلي بارز يشكِّل محور التشويق في العمل. وبين ثيمات الانصياع والخضوع والتمرُّد، إلى جانب المازوشية والسَّادية، يحلِّق الثنائي في أداء دقيق ومتقن. فالمخرج الغامض (بديع) تقرأ فاندا أفكاره بسرعة، وتعرِف كيف تُعيد تشكيلها، متنقلة بسلاسة بين شخصية الفتاة البسيطة والذكية في آن معاً.

بديع أبو شقرا وريتا حايك في مسرحية «فينوس» (مسرح مونو)
بديع أبو شقرا وريتا حايك في مسرحية «فينوس» (مسرح مونو)

ووفق تصريح المخرج جاك مارون قبل العرض، بدت ريتا حايك وكأنها فصَّلت موهبتها التمثيلية على قياس هذا الدور تماماً. وكذلك بديع أبو شقرا، الذي أضفى بخبرته الدرامية الغنية طابعاً خاصاً على العمل، مقدّماً شخصية معقَّدة تتنقَّل بسلاسة بين الاستسلام والسلطة. فأمسك بخيوط أدائه بإتقان، ولوَّح بها كما لو كانت عصاً سحرية، في أداء حادٍّ وعميق بلغ به حدَّ الذوبان في الشخصية.

تُجسِّد ريتا حايك ببراعة حالات من الانتقام والسَّادية المكثفة، ومن ثَمّ تخرج منهما في لحظة خاطفة لتلوِّنهما بفكاهة تلقائية، فتُربك المشاهد الذي ينتقل من رهبة المشهد إلى موقف كوميدي غير متوقَّع. وقد نجحت حايك في ترويض هذا التقلُّب بانسيابية خاصة، فلم تترك لمتابعي المسرحية فرصة التمييز بين لحظة الضحك ولحظات الجلد العاطفي والنفسي التي تمارسها على الطرف الآخر.

اختار المخرج جاك مارون أن يقترن العرض الثاني لمسرحية «فينوس» بتاريخ ميلاده، فأطلق عروضها في 23 أبريل (نيسان) الحالي. وقد أقرَّ بأن هذه الولادة الجديدة، بعد مرور 10 سنوات على العرض الأول، أعادت إليه الأمل من جديد. وقال: «لقد أخرجتني من حالة إحباط كنت أعيشها تجاه المسرح في لبنان. ولا شك أن فريق العمل الرائع ترك أثره فيَّ بطريقة أو بأخرى، ولهذا أحتفل اليوم بعيد ميلادي بنكهة مختلفة».

وتُسدل الستارة في الختام على مشهد تبادل أدوار بين المخرج بديع والممثلة فاندا؛ فيتحوَّل هو إلى امرأة ذليلة ومهانة، فيما تتجسَّد هي في دور الرجل السَّادي القوي المتحكِّم بالمرأة. وتأتي صرخة بديع أبو شقرا: «الأمر لي»، لتُختَتم بها أحداث مسرحية داخل مسرحية، استثنائية في بنائها وأدائها.