10 أولويات رئيسية للتحوّل في قطاع الطاقة

أبرزها التخلص من الانبعاثات الكربونية لبناء اقتصاديات أكثر استدامة

10 أولويات رئيسية للتحوّل في قطاع الطاقة
TT

10 أولويات رئيسية للتحوّل في قطاع الطاقة

10 أولويات رئيسية للتحوّل في قطاع الطاقة

حددت شركة سيمنس للطاقة، 10 أولويات رئيسية للتحول في قطاع الطاقة العالمي، على المدى الطويل، للوصول إلى اقتصاديات أكثر استدامة ومرونة في مواجهة المتغيرات المتسارعة اقتصاديا وعالميا. وبما يتيح لدول العالم النجاح في عالم المستقبل الخالي من الانبعاثات الكربونية، وضعت سيمنس للطاقة هذه الأولويات بناءً على المناقشات والحوارات التي شهدها أسبوع الطاقة بالشرق الأوسط وأفريقيا، الذي انتهت فعالياته الافتراضية آخر الأسبوع الماضي.
وقالت شركة سيمنس في بيان صحافي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن «تحسين تحول قطاع الطاقة الخالي من الانبعاثات الكربونية، وخلق بيئة تعاونية عالمية، ومشاركة كافة الشركاء والأطراف في تحقيق هذا التحول، من شأنه المساهمة في تحقيق أهداف الاستدامة العالمية، ودفع عجلة النمو الاقتصادي، وخلق المزيد من فرص العمل والصناعات الجديدة، وتحسين رفاهية البشر بحلول عام 2050».
يقول كريستيان بروخ الرئيس والرئيس التنفيذي لشركة سيمنس للطاقة: «إن التوازن بين مصادر الوقود الأحفوري التقليدية ومصادر الطاقة المتجددة يتجه نحو تقليل الانبعاثات الكربونية داخل مزيج الطاقة، خاصة مع وجود 850 مليون مواطن حول العالم ما زالوا يعيشون بدون كهرباء، في الوقت الذي تشير فيه الدراسات والأرقام إلى أن الطلب العالمي على الطاقة يمكن أن يزداد بنسبة تصل إلى 25 في المائة بحلول عام 2040. وبالتالي تتمثل قضيتنا الأساسية في كيفية الحصول على إمدادات طاقة مستدامة يُعتمد عليها وبأسعار اقتصادية، مع تحسين قدرة البشر حول العالم في الحصول عليها».
وشكلت الأولويات العشرة التي خرج بها المؤتمر الافتراضي، إطاراً عاماً للابتكار يتسم بالمرونة، ويتيح التخلص بصورة واسعة من الانبعاثات الكربونية في قطاع الطاقة. تعمل الأولويات العشرة التي ذكرها المؤتمر كمبادئ إرشادية للحكومات والشركات والمجتمعات لتحقيق التوازن ما بين تأمين إمدادات الطاقة، والانتقال للمستقبل بأقل انبعاثات كربونية ممكنة.
أولا: الحصول على طاقة مستقرة ومستدامة وبأسعار اقتصادية يمثل حقاً أصيلاً من حقوق الإنسان. أوضحت الدكتورة رجاء القرق، العضو المنتدب لمجموعة عيسى صالح القرق: «يمكن للطاقة المتجددة رفع مستوى رفاهية البشر بطريقة لا يمكن تخيلها. فمصادر الطاقة المتجددة تروج للعدالة الاجتماعية ويمكننها المساهمة في تمكين المجتمعات المحلية وتكوين الثروات والمساواة، وخلق فرص التعليم للجميع».
ثانيا: إتاحة الطاقة المستدامة تمثل أساساً راسخاً للازدهار الاقتصادي على المدى الطويل. أضافت داميلولا أوجيونبي الرئيس التنفيذي والممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لمبادرة «الطاقة المستدامة للجميع»: «إن الحصول على الطاقة يتيح لكل مواطن فرصة ثمينة لاستغلال إمكانياته وقدراته بشكل مثالي.
لقد أصبح من الأمور المُسلم بها أن نحصل جميعاً على طاقة يُعتمد عليها في حياتنا، من أجل رعاية صحية أفضل ومن أجل تعليم أفضل، ولتحقيق نمو مستدام في الوظائف المتاحة في المجتمع، وصولاً إلى حلول التبريد المستدام للهواء والأمن الغذائي. إن الحصول على طاقة نظيفة ومستدامة يمثل عاملاً رئيسياً يساعدنا على إطلاق إمكانيات المستقبل لصالح مليارات الأشخاص حول العالم».
ثالثا: تعديل خرائط الطريق لقطاع الطاقة أصبح أمراً ضرورياً لتحقيق التحول في الطاقة بكل فعالية. فقد أعرب شريف العلماء، وكيل وزارة الطاقة والصناعة في الإمارات العربية المتحدة «أن استراتيجية الإمارات للطاقة 2050 تستهدف زيادة مساهمة الطاقة النظيفة في مزيج الطاقة الكلي للبلاد من 25 إلى 50 في المائة بحلول عام 2050. مع تقليل الأثر الكربوني لتوليد الطاقة بنسبة تصل إلى 70 في المائة. تعمل الإمارات العربية المتحدة أيضاً على تنويع مزيج الطاقة من خلال الدمج بين مصادر الطاقة المتجددة والنووية والنظيفة، لتلبية الاحتياجات الاقتصادية للبلاد».
رابعا: الاستفادة من مواطن القوة الفردية وأهمية العلاقات متعددة الأطراف في تسريع الخطى نحو تحول قطاع الطاقة العالمي. وهو ما أوضحه محمد جميل الرمحي، الرئيس التنفيذي لشركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر»: بقوله «إن مصادر الطاقة المتجددة أصبحت متعددة وأكثر انخفاضا في تكلفتها الاقتصادية عن ذي قبل، وتحولت تلك المصادر إلى حزمة متنوعة من الحلول العملية في السوق. فعلى المستوى العالمي، تنتشر وسائل الانتقال الكهربائية بصورة واسعة، كما أن حلول تخزين الطاقة وإقامة مشروعات البنية التحتية جعلت من التطبيقات التكنولوجية الأخرى أكثر قابلية للتطبيق على أرض الواقع».
خامسا: استخدام التكنولوجيا الحالية بأعلى معايير الكفاءة أصبح يمثل أهمية قصوى في الوصول إلى عالم بدون انبعاثات كربونية. قالت بدورها ريم بنت إبراهيم الهاشمي، وزيرة الدولة لشؤون التعاون الدولي في دولة الإمارات العربية المتحدة: «تعمل الإمارات على تنويع مزيج الطاقة بها من خلال الدمج بين مصادر الطاقة المتجددة والنووية والنظيفة، لتلبية الاحتياجات الاقتصادية للبلاد. ورغم أن العالم ما زال يعتمد على مصادر الوقود الهيدروكربونية التقليدية بشكل رئيسي، إلا أن هناك انتقالا تدريجيا نحو مصادر الوقود الصديقة للبيئة والأكثر حداثة وابتكاراً. ولكن هناك قناعة عالمية بضرورة تنويع مصادر الطاقة».
سادسا: منظومة الطاقة ستتحول إلى منظومة متكاملة واحدة تضم كافة تقنيات الطاقة النظيفة والجديدة. وفي هذا الإطار يقول أحمد الخويطر، الرئيس التنفيذي للتكنولوجيا في أرامكو السعودية: «يسمح الهيدروجين للطاقة المنخفضة في انبعاثاتها الكربونية بالانتقال من الكهرباء إلى العديد من القطاعات الأخرى، بما في ذلك القطاعات التي يصعب إزالة الأثر الكربوني لها. لقد كانت مصادر الطاقة المتجددة مُقيدة من قبل بالخصائص الجغرافية، ولكن يمكننا الآن دمج أنظمة الطاقة المتجددة وأنظمة الهيدروكربون التقليدية فيما يُعرف بمفهوم الاقتصاد الدائري منخفض الكربون».
سابعا: شبكات نقل وتوزيع الطاقة فائقة المرونة والاعتمادية ستصبح العمود الفِقَري الذكي لمنظومة الطاقة الخالية من الكربون. يقول إبراهيم الجربوع الرئيس التنفيذي للشركة الوطنية لنقل الكهرباء في المملكة العربية السعودية: «نحن نعمل بجِد لتهيئة شبكات نقل وتوزيع الطاقة داخل شبكة الكهرباء الوطنية حتى تتمكن من تلبية الأهداف الطموحة للمملكة العربية السعودية والمتمثلة في توليد 30 غيغاواط من الطاقة المتجددة بحلول عام 2025 و60 غيغاواط بحلول عام 2030».
ثامنا: الحصول على رأس المال بتكاليف معقولة سيلعب دوراً هاماً في تحول قطاع الطاقة، أما تاسعا: التعاون بين الشركاء الأقوياء سيتغلب على التحديات التي تواجه تمويل عملية تحول الطاقة. وأخيرا عاشرا: الآن وقت العمل 2020 هو عام التغيير في العديد من المجالات.


مقالات ذات صلة

كرّس حياته للسلام... رحيل ناجٍ من قنبلة ناغازاكي النووية عن 93 عاماً

آسيا شيغمي فوكاهوري أحد الناجين من القنبلة الذرية التي ألقيت على مدينة ناغازاكي عام 1945 (أ.ب)

كرّس حياته للسلام... رحيل ناجٍ من قنبلة ناغازاكي النووية عن 93 عاماً

توفي شيغمي فوكاهوري، أحد الناجين من القنبلة الذرية التي ألقيت على مدينة ناغازاكي عام 1945، والذي كرَّس حياته للدفاع عن السلام، عن عمر يناهز 93 عاماً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
العالم جنود يشاركون في عرض عسكري لإحياء الذكرى السبعين لهدنة الحرب الكورية في بيونغ يانغ بكوريا الشمالية 27 يوليو 2023 (رويترز)

قوات كورية شمالية قد تشارك باحتفالات روسيا في الانتصار بالحرب العالمية الثانية

قال مسؤول روسي كبير إنه يعتقد بإمكانية مشاركة جنود كوريين شماليين في العرض العسكري في الساحة الحمراء العام المقبل، في ذكرى الانتصار بالحرب العالمية الثانية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
تحليل إخباري رجل يقف أمام الشرطة ويحمل لافتة كُتب عليها: «يون سوك يول... ارحل» في سيول (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «الحرب» الكورية الجديدة تعيد إلى الأذهان ما جرى في 25 يونيو 1950

فجأة اصطخبت مياه البحيرة الكورية الجنوبية وعمّت الفوضى أرجاء سيول وحاصر المتظاهرون البرلمان فيما كان النواب يتصادمون مع قوات الأمن.

شوقي الريّس (بروكسل)
أوروبا روسيا تعتزم تنظيم أكبر احتفال في تاريخها بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية (رويترز)

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أعلنت روسيا اليوم (الثلاثاء) أنها تعتزم تنظيم «أكبر احتفال في تاريخها» بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، في سياق تمجيد القيم الوطنية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية «لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

«لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

مطلع العقد السادس من القرن الماضي شهدت أميركا اللاتينية، بالتزامن مع انتشار حركات التحرر التي توّجها انتصار الثورة الكوبية.

شوقي الريّس (هافانا)

صندوق النقد يتوقع استقرار النمو العالمي عند 3.3 % في 2025 و2026

المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغيفا خلال اجتماعات صندوق والبنك الدولي في واشنطن 25 أكتوبر 2024 (رويترز)
المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغيفا خلال اجتماعات صندوق والبنك الدولي في واشنطن 25 أكتوبر 2024 (رويترز)
TT

صندوق النقد يتوقع استقرار النمو العالمي عند 3.3 % في 2025 و2026

المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغيفا خلال اجتماعات صندوق والبنك الدولي في واشنطن 25 أكتوبر 2024 (رويترز)
المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغيفا خلال اجتماعات صندوق والبنك الدولي في واشنطن 25 أكتوبر 2024 (رويترز)

توقّع صندوق النقد الدولي أن يظل النمو العالمي ثابتاً عند 3.3 في المائة خلال العامَيْن الحالي المقبل، وهو ما يتماشى بوجه عام مع الاتجاهات العالمية التي شهدت تراجعاً ملحوظاً في النمو منذ ما قبل جائحة «كوفيد-19». وفي المقابل، يُتوقع أن ينخفض التضخم إلى 4.2 في المائة هذا العام (2025)، و3.5 في المائة في العام المقبل (2026)؛ مما يقترب من أهداف البنوك المركزية ويتيح لها المزيد من المرونة في السياسة النقدية. وأشار الصندوق، في تحديثه لتقرير «آفاق الاقتصاد العالمي»، إلى أن هذا الاتجاه من شأنه إنهاء الاضطرابات الاقتصادية التي طغت على السنوات الأخيرة، بما في ذلك تأثيرات الجائحة والحرب الروسية في أوكرانيا، التي أسفرت عن أكبر زيادة في التضخم منذ أربعة عقود.

الاقتصاد الأميركي وأزمة منطقة اليورو

وحسب المستشار الاقتصادي، مدير إدارة البحوث في الصندوق، بيير أوليفييه غورينشا، أوضح أنه على الرغم من أن توقعات النمو العالمي لم تشهد تغييرات كبيرة منذ أكتوبر (تشرين الأول)، فإن الفجوات بين البلدان تتسع بشكل ملحوظ. ففيما يخص الاقتصادات المتقدمة، تبرز الولايات المتحدة بصفتها أحد أبرز الاستثناءات، حيث أظهرت أداءً أقوى من المتوقع بفضل استمرار قوة الطلب المحلي. وبناءً على ذلك، رفع الصندوق توقعاته للنمو الأميركي هذا العام بمقدار 0.5 نقطة مئوية، ليصل إلى 2.7 في المائة.

في المقابل، من المتوقع أن يشهد النمو في منطقة اليورو زيادة متواضعة فقط، حيث يُتوقع أن يرتفع إلى 1 في المائة مقارنة بـ0.8 في المائة في عام 2024. وتشهد منطقة اليورو تراجعاً في الزخم الاقتصادي، خصوصاً في قطاع التصنيع، مع انخفاض ثقة المستهلك وتأثير صدمات أسعار الطاقة؛ حيث تظل أسعار الغاز في أوروبا أعلى خمس مرات من الولايات المتحدة، مما يزيد العبء الاقتصادي مقارنة بما قبل الجائحة.

أعلام خارج مركز مؤتمرات يستضيف اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في مراكش (أ.ب)

اقتصادات الأسواق الناشئة

وفي اقتصادات الأسواق الناشئة، ظلّت توقعات النمو ثابتة إلى حد كبير؛ حيث يُتوقع أن يسجل النمو 4.2 في المائة هذا العام و4.3 في المائة في العام المقبل. وتُسهم حالة عدم اليقين المتزايدة بشأن التجارة والسياسات في ضعف الطلب في الكثير من البلدان، ولكن من المرجح أن ينتعش النشاط الاقتصادي مع تراجع هذه الحالة من عدم اليقين. ويشمل ذلك الصين؛ حيث يتوقع الصندوق الآن نمواً بنسبة 4.5 في المائة العام المقبل، بزيادة 0.4 نقطة مئوية عن التوقعات السابقة.

التباين بين الاقتصادات الكبرى

ووفقاً لغورينشا، هناك تباين بين الاقتصادات الكبرى؛ حيث يعمل الاقتصاد الأميركي فوق إمكاناته، في حين تعمل أوروبا والصين دونها. كما ارتفع مستوى عدم اليقين في السياسات الاقتصادية، خصوصاً بعد الانتخابات التي جرت في الكثير من البلدان في عام 2024. وتشمل توقعات الصندوق التطورات الأخيرة في الأسواق وتأثير زيادة عدم اليقين في السياسات التجارية، الذي يُفترض أنه مؤقت. ومع ذلك، امتنع الصندوق عن تقديم افتراضات حول التغييرات المحتملة في السياسات التي لا تزال قيد المناقشة العامة.

وعلى المدى القريب، قد تتفاقم التباينات الاقتصادية بسبب عدة مخاطر. وقد يشهد الاقتصاد الأوروبي تباطؤاً أكبر إذا تزايدت المخاوف بشأن استدامة الدين العام، مما يضع السياسات النقدية والمالية في مأزق. وفي الصين، قد يؤدي ضعف التدابير المالية والنقدية إلى ركود ناتج عن انكماش الدين، مما يعمّق ضعف النشاط الاقتصادي. وتشير الانخفاضات في عائدات السندات الصينية إلى قلق المستثمرين، وقد تؤدي هذه العوامل في الصين وأوروبا إلى انخفاض التضخم والنمو الاقتصادي.

وعلى النقيض، رغم صعوبة التنبّؤ بالتحولات السياسية في الإدارة الأميركية المقبلة فمن المرجح أن تُسهم هذه التغييرات في زيادة التضخم على المدى القريب. وقد تحفّز بعض السياسات مثل التيسير المالي أو تخفيف القيود التنظيمية الطلب الكلي وتزيد التضخم من خلال رفع الإنفاق والاستثمار. في المقابل، قد تؤدي سياسات أخرى، مثل زيادة الرسوم الجمركية أو فرض قيود على الهجرة، إلى صدمات في العرض، مما يقلّل الناتج الاقتصادي مع زيادة ضغوط الأسعار. هذا المزيج من الطلب المرتفع والعرض المحدود قد يُعيد إشعال ضغوط التضخم في الولايات المتحدة، رغم أن التأثير في الناتج الاقتصادي في الأمد القريب لا يزال غير واضح.

ومن شأن ارتفاع التضخم أن يمنع بنك الاحتياطي الفيدرالي من خفض أسعار الفائدة، وربما يتطلّب الأمر رفعها، مما يعزّز من قيمة الدولار ويوسّع العجز الخارجي الأميركي. وسيؤدي الجمع بين السياسة النقدية الأكثر صرامة والدولار الأقوى إلى تشديد الظروف المالية، خصوصاً في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية. وقد بدأ المستثمرون تسعير هذا الاحتمال، حيث ارتفع الدولار بنسبة 4 في المائة منذ انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني).

اجتماع اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية خلال اجتماعات الربيع والاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي (من موقع الصندوق)

المخاطر والتحديات الاقتصادية

وعلى المدى المتوسط، قد تتبدّد الآثار الإيجابية للصدمة المالية الأميركية إذا تفاقمت نقاط الضعف المالية، كما قد تتفاقم المخاطر الاقتصادية بسبب السياسات التجارية التقييدية وقيود الهجرة. بالإضافة إلى ذلك، فإن ضغوط التضخم المتجددة قد تؤثر في التوقعات، مما يستدعي من السياسات النقدية أن تكون أكثر مرونة واستباقية، في حين يجب أن تظل السياسات المالية يقظة لتجنّب تراكم المخاطر المالية.

ومن المرجح أن تتفاقم هذه القضية في اقتصادات الأسواق الناشئة بسبب تذبذب أسعار صرف الدولار وضعف النمو في الصين. ويجب على هذه الاقتصادات السماح للعملات بالانخفاض عند الحاجة مع تعديل السياسات النقدية لتحقيق استقرار الأسعار.

وبالنسبة للكثير من البلدان، تأخرت جهود السياسة المالية أو كانت غير كافية لمعالجة ديناميكيات الدين. وبات من الضروري الآن استعادة الاستدامة المالية قبل فوات الأوان وبناء احتياطيات كافية للتعامل مع الصدمات المستقبلية التي قد تكون كبيرة ومتكررة. وأي تأخيرات إضافية قد تؤدي إلى دوامة مقلقة، حيث تستمر تكاليف الاقتراض في الارتفاع وفقدان الثقة في الأسواق، مما يفاقم الحاجة إلى التعديلات المالية.

وتؤكد الضغوط الأخيرة في أسواق البرازيل والمملكة المتحدة كيف يمكن أن تتدهور ظروف التمويل فجأة. ورغم أن الضبط المالي قد يُثقل النشاط الاقتصادي، يجب على البلدان التركيز على الحفاظ على النمو، مثل تقليص التحويلات والإعانات غير المستهدفة، بدلاً من تقليص الإنفاق الاستثماري الحكومي.

ولتحقيق هذا الهدف، يجب التركيز على الإصلاحات البنيوية لتعزيز النمو، مثل تحسين تخصيص الموارد، زيادة الإيرادات الحكومية، وجذب رأس المال، فضلاً عن تحسين المؤسسات المتعددة الأطراف لدعم اقتصاد عالمي أكثر مرونة واستدامة. كما أن السياسات الأحادية التي تشوّه المنافسة، مثل التعريفات الجمركية والإعانات، نادراً ما تحسّن الآفاق المحلية وقد تضر بالشركاء التجاريين وتحفّز ردود فعل انتقامية وتزيد الوضع سوءاً.