واشنطن تفرض عقوبات على قياديين في «حزب الله» وتعرض 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عن 3 من أعضائه

TT

واشنطن تفرض عقوبات على قياديين في «حزب الله» وتعرض 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عن 3 من أعضائه

صنفت وزارة الخزانة الأميركية اثنين من المسؤولين في «حزب الله» على قائمة العقوبات، بهدف مواصلة الضغط على الحزب وإعاقة قدرته على العمل في النظام المالي العالمي، حسب بيان لوزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو. وقال بيان الخزانة الأميركية إن الولايات المتحدة وضعت نبيل قاووق وحسن البغدادي على قائمة العقوبات لكونهما مسؤولَين قياديين في «حزب الله»، الذي تصنفه الولايات المتحدة منظمة إرهابية أجنبية. وأضاف البيان أن قاووق والبغدادي عضوان في المجلس المركزي للحزب، الذي يضم كبار مسؤوليه الذين ينتخبون مجلس شورى الجماعة، وهو أعلى هيئة لصنع القرار في «حزب الله». وأشار البيان إلى أن قاووق عمل أيضاً في المجلس التنفيذي للحزب، الذي يشرف على أنشطته الاجتماعية والاقتصادية.
ورأى وزير الخارجية مايك بومبيو، أن «حزب الله» يعطي الأولوية لمصالحه الخاصة أو مصالح طهران قبل الشعب اللبناني، مضيفاً أن الحزب «لا يزال يمثل تهديداً إرهابياً للولايات المتحدة وحلفائنا ومصالحنا في الشرق الأوسط وحول العالم. ومن الضروري أن تتخذ الدول خطوات لتقييد أنشطته وتعطيل شبكات التيسير للجماعة الإرهابية».
بدوره قال وزير الخزانة ستيفن منوتشين، إن «كبار قادة (حزب الله) مسؤولون عن إنشاء وتنفيذ أجندة المنظمة الإرهابية المزعزعة للاستقرار والعنف ضد مصالح الولايات المتحدة وشركائنا في جميع أنحاء العالم». وأضاف: «يجب أن نستمر في تحميل (حزب الله) المسؤولية عن أفعاله المروعة في الذكرى الـ37 لقيام (حزب الله) بتدمير ثكنة مشاة البحرية الأميركية في بيروت».
يُذكر أن التفجير الذي وقع في 23 أكتوبر (تشرين الأول) في بيروت أودى بحياة 241 جندياً أميركياً كانوا ضمن قوات حفظ السلام الدولية التي جاءت إلى لبنان بعد الاجتياح الإسرائيلي وخروج الميليشيات الفلسطينية.
وأضاف منوتشين أن نبيل قاووق وحسن البغدادي شاركا في أنشطة سياسية علنية لمصلحة «حزب الله» وإيران. وقال إن قاووق هدد بالحرب مع إسرائيل وندد بالوجود الأميركي في المنطقة. كما ألقى خطابات باسم الحزب في عدة احتفالات «لإحياء ذكرى إرهابيي الحزب، بما في ذلك مسؤول الأمن الخارجي للحزب عماد مغنية وقائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، وكلاهما كان مسؤولاً عن مقتل عدد لا يحصى من الأميركيين». وأضاف البيان أن البغدادي الذي عرّف نفسه علناً بأنه مسؤول في «حزب الله»، دافع عن استهداف الحزب للأميركيين. وفي عام 2020 حضر البغدادي ندوة في لبنان أشاد خلالها بالحرس الثوري الإيراني ومقاتليه في سوريا والعراق لمهاجمة القواعد العسكرية الأميركية. وفي عام 2015 حضر البغدادي حفلاً في طهران مع نائب الأمين العام للحزب نعيم قاسم، وعدد من كبار المسؤولين الآخرين، أشاد خلاله بحرب «حزب الله» مع إسرائيل. وعيّن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية ومركز التجارة الحرة قاسم في مايو (أيار) 2018 لعمله لصالح «حزب الله». ومركز التجارة والصناعة هو مبادرة بين الولايات المتحدة والسعودية والبحرين والكويت وعمان وقطر والإمارات العربية المتحدة، يهدف لمواجهة تمويل الإرهاب.
وقالت أوساط أميركية إن أهمية التصنيف الجديد لقادة في «حزب الله» تكمن أولاً في توقيته وفي الرسائل التي ترغب واشنطن في إرسالها في هذه الفترة. وأضافت أن فرض تلك العقوبات قبيل الانتخابات الأميركية، يهدف إلى تحويلها إلى إرث لا يمكن إزالته بسهولة بمعزل عن الإدارة الجديدة التي ستحتل البيت الأبيض بعد الانتخابات. كما أنها رسالة قبل ولادة الحكومة اللبنانية الجديدة حول الثوابت التي تشدد عليها واشنطن.
إضافةً إلى ذلك أعلنت واشنطن عن مكافأة بقيمة 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عن أعضاء «حزب الله» محمد قصير ومحمد البزال وعلي قصير وتؤدي إلى تعطيل الآليات المالية للحزب.
وقالت الخارجية الأميركية إن محمد قاسم البزال هو الممول الرئيسي لـ«حزب الله» و«فيلق القدس» التابع لـ«الحرس الثوري» الإيراني الذي تصنفه واشنطن منظمة إرهابية. وأضافت أن البزال وعلي قصير يشرفان على شركة «تلاقي» التي تتخذ من سوريا مقراً لها وتقوم بتهريب شحنات عبر البحر لمصلحة الإرهابيين.
وقال البيان إن محمد قصير يعد حلقة وصل مهمة بين «حزب الله» وإيران، وكان قناة مهمة للإنفاق المالي من «الحرس الثوري» إلى «حزب الله». ويشرف قصير ومسؤولون آخرون من «حزب الله» على عدة شركات تمثل واجهة لإخفاء دور «الحرس الثوري» في بيع النفط الخام والمكثفات وزيت الغاز، للتهرب من العقوبات الأميركية على «الحرس الثوري». كما يدير قصير وحدة «حزب الله» التي تساعد في نقل الأسلحة والتكنولوجيا وأشكال الدعم الأخرى من سوريا إلى لبنان وتشرف على مؤسسات تمويل الإرهاب الأخرى، مثل مؤسسة «الحقول البحرية» وشركة «نغم الحياة». وأضاف البيان أنه منذ أواخر عام 2018 استخدم البزال مجموعة «تلاقي» وشركاته الأخرى لتمويل وتنسيق وإخفاء شحنات النفط غير المشروعة المختلفة المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني. كما أشرف البزال على شراكة مجموعة «تلاقي» مع شركة «ألوميكس» اللبنانية لشحنات الألمنيوم إلى إيران. وأضاف البيان أنه حسب هذا التصنيف يُحظر على الأشخاص الأميركيين عموماً الانخراط في أي معاملات مع هؤلاء الأشخاص، كما يتم حظر الممتلكات والمصالح التي يخضعون لها في الولاية القضائية الأميركية.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».