تراجع حدة المعارك في قره باغ بالتزامن مع جهود الوساطة

TT

تراجع حدة المعارك في قره باغ بالتزامن مع جهود الوساطة

تصاعدت لهجة التصريحات النارية من الجانبين الأذري والأرميني بالتزامن مع تكثيف جهود التهدئة ودخول الولايات المتحدة على خط الوساطة. واستبق الرئيس الأذري إلهام علييف لقاءات يعقدها وزيرا خارجية أرمينيا وأذربيجان مع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو اليوم، بوضع تصور بلاده للتسوية في قره باغ، في إطار استعادة السيطرة على الإقليم، في حين شددت يرفان على موقفها بعدم التراجع أمام التقدم العسكري الأذري. وسيطرت حالة الترقب على غالبية مناطق قره باغ أمس، مع تراجع نسبي لحدة القتال، وخصوصا في عاصمة الإقليم المتنازع عليه، لكنّ الطرفين واصلا تبادل الاتهامات بانتهاك الهدنة الإنسانية المعلنة منذ الأحد الماضي. وأعرب الكرملين أمس، عن أسفه لعدم التزام الطرفين الأرميني والأذري بالاتفاقات التي تم التوصل إليها بشأن وقف الأعمال القتالية وإعلان الهدنة الإنسانية. وقال الناطق باسمه ديميتري بيسكوف إنه «حتى الآن لا يمكن تأكيد تطبيق الاتفاقات التي تم التوصل إليها بشأن وقف إطلاق النار والهدنة الإنسانية. للأسف، لا يلتزم طرفا النزاع بها».
وشدد الناطق على أن روسيا «كانت ولا تزال تفعل كل ما بوسعها بغية تحويل الوضع الحالي حول قره باغ إلى مسار التسوية السياسية»، وزاد: «لا نزال ملتزمين بأنه لا بديل عن التسوية السياسية لهذه القضية».
وفي إشارة لافتة، برز تحفظ لدى الكرملين على إمكانية انضمام تركيا إلى الآليات الدولية الخاصة بتسوية نزاع قره باغ، وقال بيسكوف للصحافيين ردا على سؤال في هذا الشأن إن «مشاركة أي دول ثالثة في مساعي التسوية وجهود الوساطة أو انضمامها إلى الآليات القائمة لا يمكن أن يتم إلا بموافقة كلا الطرفين الأذري والأرميني».
في الأثناء، أعلن علييف أن بلاده «لا تعارض من حيث المبدأ فكرة نشر مراقبين وقوات لحفظ السلام في إقليم قره باغ، لكنها ستطرح شروطا لدخولهم».
وزاد أن مجموعة مينسك التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا ستتقدم بالاقتراحات الخاصة بتشكيلة بعثة المراقبين وقوات حفظ السلام، وعدد أفرادها ومواعيد نشرها. وقال في مقابلة صحافية إنه لا يستبعد إمكانية عقد لقاء قمة يجمعه مع رئيس حكومة أرمينيا نيكول باشينيان في العاصمة الروسية لبحث آليات لتسوية النزاع حول قره باغ. وجدد علييف رفض باكو إجراء أي استفتاء على استقلال قره باغ، من دون أن يستبعد «منح استقلال ذاتي ثقافي للسكان الأرمن في الإقليم».
مشيرا إلى أن «حقوق وسلامة الأرمن الذين يعيشون في قره باغ سيتم احترامها بالكامل». ولفت إلى استعداد بلاده مناقشة آليات للتعامل مع الوضع في إطار السيادة الأذرية على الإقليم وزاد: «لكننا لن نسمح أبدا بإنشاء دولة أرمينية ثانية على أراضي أذربيجان. هذا غير وارد. باختصار، لن يكون هناك استفتاء خاص بالانفصال، أبدا».
وبدا أن علييف سعى من خلال هذه التصريحات إلى وضع تصور بلاده لآليات التعامل مع الإقليم في إطار تسوية تعيد سيطرة باكو عليه بشكل كامل. في المقابل، قال رئيس جمهورية قره باغ غير المعترف بها، أرايك هاروتيونيان، خلال زيارة تفقدية إلى خطوط التماس أمس، إن «الروح القتالية للجنود تعزز الثقة في النصر». وزاد أن «التعاون الوثيق بين العسكريين المحترفين والمجندين والمتطوعين والقدرة على العمل جنبا إلى جنب كل يوم تتجلى في مآثر جديدة». وبدت هذه العبارات ردا على الإعلانات الأذرية المتكررة عن تحقيق تقدم ميداني واسع، وهي جاءت بعد مرور يوم واحد على إعلان رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان أن بلاده «لن تستسلم أبدا وستقاوم حتى تحقيق النصر».
وأثارت هذه العبارات موجة تعليقات في باكو وفي تركيا التي تدعم أذربيجان. خصوصا أن باشينيان شدد على أنه «لا حل سياسيا للأزمة ولا بد من مواصلة القتال». وهي عبارة سعت الخارجية الأرمينية إلى التخفيف من حدتها أمس، عبر الإعلان عن أنه لا يمكن تسوية قضية قره باغ إلا «بطريقة سلمية»، وأفادت في بيان بأن «الخارجية الأذرية ومعها أنقرة حاولتا تقديم موقف أذربيجان وتركيا الرافض للتسوية السلمية للنزاع في قره باغ كأنه موقف الجانب الأرميني».
وأضافت «نحن ننطلق دائما من موقف يستبعد الحل العسكري للنزاع، ونجدد التأكيد على أنه لا يمكن تسوية هذا النزاع إلا بطريقة سلمية في إطار آليات عمل مجموعة مينسك التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، أي الإطار الذي يحظى بتفويض دولي».



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.