التوصل إلى أول خيوط جريمة مقتل علماء الدين السنة في البصرة

برلماني لـ «الشرق الأوسط»: تقاربهم مع السيستاني هو السبب

عراقيون يشيعون أول من أمس 4 رجال دين سنة اغتيلوا في البصرة الخميس الماضي (رويترز)
عراقيون يشيعون أول من أمس 4 رجال دين سنة اغتيلوا في البصرة الخميس الماضي (رويترز)
TT

التوصل إلى أول خيوط جريمة مقتل علماء الدين السنة في البصرة

عراقيون يشيعون أول من أمس 4 رجال دين سنة اغتيلوا في البصرة الخميس الماضي (رويترز)
عراقيون يشيعون أول من أمس 4 رجال دين سنة اغتيلوا في البصرة الخميس الماضي (رويترز)

كشف محافظ البصرة ماجد النصراوي عن التوصل إلى «بعض الخيوط» التي ستمكن القوات الأمنية من اعتقال منفذي عملية اغتيال أئمة المساجد في المحافظة التي وقعت الخميس الماضي وطالت 4 من علماء الدين السنة في قضاء الزبير جنوب مدينة البصرة.
وقال النصراوي خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس لجنة الأمن والدفاع النيابية حاكم الزاملي في البصرة أمس: إن «هناك بعض الخيوط التي ستمكن القوات الأمنية من إلقاء القبض علی المجرمين غير مستبعد أن يكون تنظيم داعش وراء العملية»، مشيرا إلى اعتقال عدد من المشتبه بهم. ووصف جريمة اغتيال رجال الدين بأنها «محاولة بائسة وفاشلة لخلط الأوراق».
من جانبه قال رئيس لجنة الأمن والدفاع النيابية حاكم الزاملي، إن «الجناة يحاولون زرع الفتنة بين أطياف الشعب البصري ويريدون النيل من الوحدة العراقية، كما أنهم يستهدفون هذه المحافظة واقتصادها، خصوصا أن انكسارات الإرهاب في الكثير من المناطق جعلتهم يتوجهون إلى أساليب أخرى لتمزيق الصف»، مبينا أن «الأيام المقبلة ستشهد اعتقال الجناة». وأكد الزاملي، أن «القوات الأمنية قادرة على إلقاء القبض علی الجناة »، لافتا إلى أن «هناك الكثير من ضعاف النفوس الذين يستغلهم (داعش) لتحقيق مآربه».
في السياق نفسه، وصل رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري إلى محافظة البصرة للإشراف بنفسه على سير التحقيقات عبر اللجنة الخاصة التي شكلتها لهذا الغرض وزارة الداخلية بالإضافة إلى اللجنة التي شكلتها للغرض نفسه لجنة الأمن والدفاع في البرلمان. وقال الجبوري في كلمة له خلال حضوره مجلس العزاء الذي أقيم على أرواح الضحايا: إن «الأيادي المجرمة التي نفذت والجهة الخبيثة التي خططت إنما تحاول إفراغ بلدنا الحبيب عموما ومحافظة البصرة خصوصا من أمثال هذه الشخصيات والتي نحن بأمس الحاجة إليها في الوقت الحاضر». ودعا الجبوري أبناء البصرة إلى عدم السماح لمن وصفهم بالمأجورين بأن «يوجدوا شرخا في اللحمة الوطنية، ولن يهدأ لنا بال إلى أن نصل إلى الجناة ومن يقف وراءهم».
وحث المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني الأجهزة الأمنية في البصرة على بذل الجهود لكشف الجناة. وقال رجل الدين الشيعي سوف الحمداني في تصريح صحافي إن «السيستاني طلب من ممثله في محافظة البصرة الشيخ محمد فلك أن يكون له دور في حث الأجهزة الأمنية على البحث عن خيوط هذه الجريمة والقبض على الجناة».
من جهته، أكد عضو البرلمان العراقي عن محافظة البصرة والقيادي في المجلس الأعلى الإسلامي سليم شوقي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «رجال الدين السنة الـ4 إنما دفعوا ثمن اعتدالهم وولائهم للعراق الواحد وتمسكهم بوحدة التراب العراقي والنسيج المجتمعي البصري المتماسك الذي طالما حاول الأعداء والمتربصون وأصحاب الأجندات النيل منه لكنهم فشلوا تماما». وأضاف أن «هذه الجريمة هزت البصرة بل هزت العراق وبدلا من أن يحصل المخططون والمنفذون على ما كانوا يطمحون لجهة تفكيك النسيج وإحداث الفتنة فإنهم حصدوا الخيبة بعد أن تداعى شيعة البصرة قبل سنتها للوقوف بالضد من مساعي الفتنة بعد أن تأكد للجميع أن اللحمة الاجتماعية في البصرة أقوى من كل المؤامرات».
وردا على سؤال عما إذا كانت عملية اغتيال هؤلاء العلماء جزء من مسلسل الاغتيالات التي سبق أن واجهته البصرة خلال فترات سابقة سواء باستهداف شيوخ عشائر أو رجال دين، قال شوقي: إن «هذه الجريمة منفصلة عما سبقها حيث كانت الجرائم التي حصلت في الماضي ذات أهداف واضحة منها تصفية حسابات أو عصابات تخفي أهدافا سياسية بينما كل الأصابع تشير إلى أن التكفيريين الدواعش هم من يقف خلف ذلك وربما هناك خيوط تم التوصل إليها ولكن لا يزال البحث جاريا للإمساك بالمزيد من الأدلة». وكشف شوقي أن الضحايا «كانوا أسسوا في قضاء الزبير رابطة بالتنسيق مع مرجعية السيد السيستاني من خلال ممثله هناك الشيخ محمد فلك لأغراض التنسيق في مختلف المجالات»، مشيرا إلى أن «هذا التطور في العلاقة السنية - الشيعية وفي إطار التقارب مع المرجعيات لا يروق لأعداء العراق مما جعلهم يقدمون على تنفيذ هذه الجريمة لأنهم لا يريدون في النهاية أي صوت من أصوات الاعتدال».
على صعيد متصل، أدان نائب الرئيس العراقي لشؤون المصالحة الوطنية إياد علاوي اغتيال أئمة المساجد في البصرة، وطالب الأجهزة الأمنية بتقديم الجناة ومن يقف وراءهم إلى العدالة.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.