ليبيا: لقاء وشيك هو الأول من نوعه بين الثني والفريق حفتر

مصادر ليبية لـ «الشرق الأوسط»: المستقبل السياسي لرئيس الحكومة مرهون بنتائج الاجتماع

الفريق أول خليفة حفتر في مؤتمر صحافي
الفريق أول خليفة حفتر في مؤتمر صحافي
TT

ليبيا: لقاء وشيك هو الأول من نوعه بين الثني والفريق حفتر

الفريق أول خليفة حفتر في مؤتمر صحافي
الفريق أول خليفة حفتر في مؤتمر صحافي

علمت «الشرق الأوسط» أن عبد الله الثني رئيس الحكومة الانتقالية في ليبيا سيلتقي في غضون هذا الأسبوع للمرة الأولى مع الفريق أول خليفة حفتر، الذي ينتظر تعيين البرلمان الليبي له رسميا في منصب القائد العام للجيش الليبي وتكليفه بإعادة بنائه. وقال مصدر مقرب من الثني وحفتر لـ«الشرق الأوسط»: إن «اللقاء سيتم في الغالب يوم الثلاثاء المقبل»، مشيرا إلى أنه لم يتبق سوى الاتفاق على مكان عقد الاجتماع.
وربط المصدر، الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط» مشترطا عدم تعريفه، مسألة بقاء الثني رئيسا للحكومة الانتقالية بنتائج لقائه الوشيك مع حفتر. وأكد المصدر أن هناك اجتماعا مرتقبا بين الثني وقادة الجيش الوطني لعملية الكرامة لمناقشة الأوضاع الميدانية والسؤال عن سبب تأخر الحكومة في دعم المعركة، مضيفا: «ومن خلال هذا اللقاء، قد يتحدد مستقبل الثني السياسي من استمراره في عمله أو استقالته». وإذا ما تم هذا اللقاء، فإنها ستكون المرة الأولى على الإطلاق التي يجتمع فيها الثني وجها لوجه مع الفريق حفتر، علما بأن العلاقات بين الطرفين كانت قد شهدت نوعا من النفور بعدما اعتبر الثني أن ما يقوم به الفريق حفتر بمثابة انقلاب عسكري مرفوض. لكن العلاقات تحسنت في الآونة الأخيرة بين القائد الجديد للجيش الليبي ورئيس الحكومة الانتقالية بعدما وافق الأخير على تقديم دعم مادي لتمكين قوات الجيش من إعادة تأهيلها وتسليحها بما بتناسب مع مقتضيات المعركة ضد الجماعات الإرهابية والمتطرفة في البلاد.
على أن تحسن هذه العلاقات بانتظار اللقاء الوشيك بين الفريق حفتر والثني، لم يمنع مسؤولا ليبيا رفيع المستوى من القول لـ«الشرق الأوسط»: إن «الثني والكثير من قادة الكتل السياسية والنواب تخشى استقواء الجيش؛ فقد يقوم بالسيطرة سياسيا، وخصوصا أن الشارع معه». وأضاف المسؤول الذي اشترط عدم تعريفه: «الشارع الليبي شرقا وغربا مع الجيش ومع حفتر، وإذا استقوى فإن جميع الفرص السياسية لمنافسيه ستسقط ولا حظوظ لهم معه». والتزم الثني رسميا الصمت ولم يصدر أي بيان رسمي لنفي ما أكده وزير في حكومته مؤخرا لـ«الشرق الأوسط» بشأن رغبته في الانسحاب من العمل السياسي ومغادرة منصبه لأنه متعب ومنهك ويعمل في أجواء صعبة للغاية. لكن الناطق باسم حكومة الثني، اعتبر أن هذه المعلومات غير صحيحة، وأدرجها ضمن محاولات عرقلة عمل الحكومة وتعطيل مسار البناء، على حد تعبيره. إلى ذلك، قالت وكالة الأنباء الموالية لما يسمى بحكومة الإنقاذ الوطني التي تهيمن على العاصمة طرابلس منذ شهر أغسطس (آب) الماضي، إن «الطيران الحربي التابع للجيش الليبي بقيادة حفتر أغار أمس مجددا على ميناء مصراتة البحري وأسقط عدة صواريخ أصابت مبنى النقلية بالميناء، مما أسفر عن إصابة شخصين بجروح طفيفة». وقال صقر الجروشي، وهو قائد وحدة للقوات الجوية موالية لحكومة الثني، إن «طائرات حربية قصفت ميناء مصراتة وكلية للقوات الجوية تقع في غرب المدينة». وفي مصراتة، التي تقع على بعد 200 كيلومتر إلى الشرق من طرابلس، ميناء بحري كبير ومنطقة تجارية حرة، وكانت المدينة إلى حد كبير بمنأى عن القتال الذي يهدد بتقسيم ليبيا. وقالت قوات موالية للثني في تصريحات منفصلة إنها «هاجمت قوة منافسة حاولت قبل 3 أسابيع السيطرة على ميناء السدر أكبر موانئ تصدير النفط في البلاد».
وقال متحدث باسم القوات الموالية للثني: إن «القوات أغارت على مقاتلين يتحصنون في مواقع في بن جواد التي تقع على بعد 40 كيلومترا تقريبا غرب ميناء السدر». وأضاف المتحدث: «هناك اشتباكات بالأسلحة الثقيلة»، موضحا أن اثنين من قواته قتلا وأصيب اثنان آخران. وأغلق ميناء السدر وميناء رأس لانوف النفطيين منذ أن بدأت الاشتباكات مما يحرم ليبيا من نحو 300 ألف برميل يوميا من إنتاج النفط الخام. من جهتها، نددت حكومة الثني بالهجوم الإرهابي الذي نفذته مجموعة من عناصر تنظيم داعش بأحد المداخل الرئيسية للجنوب الليبي، والذي أسفر عن إعدام 14 فردا من عناصر الجيش الوطني التابعين للكتيبة 168 مشاة بالمنطقة العسكرية سبها، إضافة إلى طباخين اثنين يعملان لدى الجيش ومواطن مدني شاهد المذبحة. وأعلنت الحكومة حالة التعبئة الشاملة لمواجهة هذه الجماعات الإرهابية في مدن ليبيا كافة، وعلى قبائل ليبيا كلها أن ترفع الغطاء الاجتماعي وتتبرأ ممن يتورط في هذه الأعمال الإرهابية.
وطالبت المجتمع الدولي بضرورة رفع الحظر عن تسليح الجيش الليبي، وتوفير الدعم الكامل له في الحرب ضد الإرهاب، إضافة إلى تفعيل قرارات مجلس الأمن الصادرة بحق كل من يعرقل العملية السياسية والمسار الديمقراطي في ليبيا، ومن يمارس الإرهاب ويدعمه ويتستر عليه.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.