عرب وعجم

عرب وعجم
TT

عرب وعجم

عرب وعجم

> سليمان شنين، رئيس المجلس الشعبي الوطني بالجزائر، تلقى أول من أمس، مكالمة هاتفية من محمد الصادق سانجراني، رئيس مجلس الشيوخ الباكستاني، حيث تطرق الطرفان خلال المكالمة الهاتفية إلى العلاقات الثنائية بين البلدين خاصة على المستوى البرلماني، وأعرب الطرفان على ضرورة ترقية العلاقات وتعزيز التعاون المشترك بما يدعم السلم وفق الشرعية الدولية.
> محمد داودية، وزير الزراعة الأردني، التقى أول من أمس، بمجلس إدارة «غرفة تجارة عمان»، وأكد الوزير على حرص الوزارة على تعزيز الشراكة الحقيقية بين الطرفين ومعالجة التحديات التي تواجه القطاع التجاري، وأشار إلى أهمية تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص لما فيه مصلحة للاقتصاد الوطني خاصة في هذه الظروف الاستثنائية، مبينا أن الوزارة منفتحة على جميع الجهات، وأكد وجود اهتمام ملكي كبير بملف الأمن الغذائي وأهمية سلامة الغذاء، وسهولة وصوله للمستهلك والعمل على ديمومته ووفرته.
> كريستيان برجر، سفير الاتحاد الأوروبي بالقاهرة، استقبله محمد عبد العاطي، وزير الموارد المائية والري المصري، وذلك على هامش فعاليات اليوم الثاني لـ«أسبوع القاهرة الثالث للمياه 2020»، وقال الوزير إن مصر تسعى من خلال الأسبوع إلى تعزيز أواصر التعاون والتبادل المعرفي ورفع الوعي بقضايا المياه وتشجيع الأفكار المبتكرة لمواجهة التحديات التي يواجهها هذا المورد المهم الذي يقترن وجوده بوجود الحياة، يشار إلى أن أسبوع القاهرة للمياه يتم تنفيذه للعام الثالث على التوالي.
> خالد عارف، سفير دولة فلسطين لدى البحرين، زار أول من أمس، مقر المركز الفلسطيني للبحوث والدراسات الاستراتيجية في رام الله، وكان في استقباله رئيس المركز الدكتور محمد المصري، وطاقم المركز، حيث تناول اللقاء آخر المستجدات السياسية الراهنة على الساحة الفلسطينية والعربية والإسرائيلية، وخلال الزيارة اطّلع السفير على أقسام المركز ونشأته وتطوره خلال السنوات الماضية والبرامج والمشاريع التي يتم تنفيذها حاليا بالتعاون والشراكة مع المؤسسات المحلية والدولية.
> سيدي ولد سالم وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتقنيات الإعلام والاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة الموريتاني، استقبل أول من أمس، سفير جنوب أفريقيا بيتر كوسين، في مكتبه في نواكشوط، وتناول اللقاء علاقات التعاون القائم بين البلدين والسبل الكفيلة بتطويره وتعزيزه.
> جيورجي بوريسينكو، سفير روسيا في القاهرة، استقبله أول من أمس، البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، بالمقر البابوي بالقاهرة، في زيارة تعارف، وناقش الطرفان خلال اللقاء سبل تعزيز العلاقات بين الكنيسة القبطية المصرية والكنيسة الأرثوذكسية الروسية والعلاقات بين الشعبين المصري والروسي.
> نيفين القباج، وزيرة التضامن الاجتماعي في مصر، سلمها أول من أمس، أحمد عبد الله الأنصاري، محافظ الفيوم، درع المحافظة، وبحثا خلال لقاء سبل التعاون المشترك بين الجانبين في تنفيذ المبادرات القومية والمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، بهدف توفير سبل الحياة الكريمة لمحدودي الدخل والأسر الأولى بالرعاية من أبناء المحافظة، كما تم أيضا استعراض جهود الوزارة بالمحافظة خلال الفترة الماضية، وأشارت الوزيرة إلى أن الوزارة تنفذ الكثير من البرامج والمشروعات بالفيوم التي تتميز بأراضيها الخصبة.
> لزهر هاني، وزير النقل الجزائري، استقبل أول من أمس، سفير كرواتيا لدى الجزائر، إليغا زاليليك، حيث بحث الطرفان، سبل تعزيز وترقية العلاقات الثنائية بين البلدين لا سيما في مجال النقل بشتى أنواعه، وأكد الوزير على العلاقات المتينة والنوعية بين البلدين، معبرا عن رغبة الجزائر في الاستفادة من خبرة كرواتيا في مجال بناء السفن وصيانتها، والموانئ التجارية وتكوين العنصر البشري. فيما أبدى السفير استعداد بلاده لترقية مستوى الشراكة مع الجزائر في شتى المجالات خاصة مجال النقل البحري.
> نهى خضر، سفيرة مصر في داكار، استقبلها أول من أمس، رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة السنغالي عبد الله ساو، لمناقشة سبل تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين في ضوء وجود استثمارات مصرية في البلاد بقطاعات السياحة والبنية التحتية والطاقة الشمسية والمصايد، فضلا عن التباحث حول فرص رفع معدلات التبادل التجاري في الكثير من المنتجات وعلى رأسها الأنسجة وأدوات البناء والسجاد والأثاث. وقدم «ساو»، في نهاية اللقاء، درعا تذكارية للسفيرة؛ تقديرا لجهودها في دفع عجلة التعاون بين البلدين.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)