«إميلي إن باريس» أحدث نجاحات «نتفليكس» رغم بعده عن الواقع

صورة من وراء غلالة وردية تداعب أحلام المتفرج وتثير جدلاً حول الصور النمطية للعاصمة الفرنسية

مشهد من مسلسل «إميلي إن باريس» (أ.ب)
مشهد من مسلسل «إميلي إن باريس» (أ.ب)
TT

«إميلي إن باريس» أحدث نجاحات «نتفليكس» رغم بعده عن الواقع

مشهد من مسلسل «إميلي إن باريس» (أ.ب)
مشهد من مسلسل «إميلي إن باريس» (أ.ب)

هل يجب على مسلسل تلفزيوني عن مدينة باريس أن يوافق الواقع المعاش؟ وهل اللجوء للصور «النمطية» للمدينة يمثل إهانة لمدينة معاصرة؟ دون قصد أثار مسلسل ترفيهي على محطة «نتفليكس» جدلاً الصور النمطية التي يحملها البعض لعواصم عالمية، ولكن ذلك لم يؤثر على مشاهدة المسلسل، بل زادت من شعبيته وأيضاً انتقاده.
«إميلي إن باريس»، الذي يتبع حياة شابة أميركية انتقلت للعمل في باريس بالتأكيد يطرح صورة مثالية ورومانسية، وقد تكون مضحكة في أحيانٍ كثيرة لمدينة «الأنوار» كما يطلق عليها، فهنا نرى المباني العتيقة الجميلة والشرفات التي تفتح أبوابها على مناظر أخاذة لباريس، وهنا أيضاً بطلة المسلسل التي ترتدي دائماً أغلى الثياب والحقائب، وربما يكون ذلك جانباً إعلانياً متفقاً عليه. ولكن في العموم نحن أمام صورة حالمة ومتخيلة لباريس بشوارعها وبمقاهيها وبأناقة نسائها ووسامة رجالها. هل في ذلك عيب؟ بالقطع لا، فالمتفرج يعرف أن الصورة الوردية الحالمة للمدينة في جزء كبير منها خيال ولكن هناك بعض التفاصيل التي ترتبط بالعاصمة الفرنسية، وأحبها زوارها دائماً تطل علينا من خلال المسلسل.
الانتقادات الكثيرة التي طالت المسلسل تعاملت معه على أنه مسلسل «واقعي»، وبالتالي فمن واجب صناعه عكس الصور الواقعية، ولكن غاب عنهم أن المسلسل لا يرغب في أن يكون واقعياً، فهو ترفيهي رومانسي خفيف، يريد أن يداعب أحلام المتفرج وجيل «إنستغرام» وينقله لجو آخر مختلف وبعيد عن الواقع بكل تعقيداته وقبحه في معظم الأحيان.
فلماذا يريد دارن ستار الذي حقق من قبل مسلسل «سكس أند ذا سيتي» وصور فيه مدينة نيويورك على أنها أجمل مدن العالم وأكثرها مرحاً وأناقة وعصرية، أن ينزل من سحابته إلى أرض الواقع؟ هو يسوق الأحلام والواقع لن يتماشى مع معها.
تنقل وكالة الصحافة الفرنسية أن المسلسل أثار حفيظة أكثرية النقاد الفرنسيين الذين ساءهم ما اعتبروه تضخيماً لصور نمطية عن الباريسيين من خلال إظهارهم كأناس غير لطفاء مع الجيران أو الزبائن، أو كزملاء عمل متعجرفين وكسالى وحتى متحرشين بزميلتهم الأميركية الجديدة التي لا تتكلم الفرنسية.
كذلك طاولت سهام النقد سيناريو العمل وتفاصيل إخراجية، مع تركيز على ما اعتبر ابتعاداً عن الواقع. فعلى سبيل المثال، بطلة المسلسل الأميركية إميلي لا تتنقل في قطارات المترو كما حال أكثرية سكان باريس، ولا تعيش تعقيدات الحياة اليومية الباريسية.
وقد أزعجت هذه النظرة غير الملتصقة بواقع المدينة الحالي الكاتبة الأميركية ليندسي تراموتا المقيمة في العاصمة الفرنسية منذ 15 عاماً ومؤلفة «ذي نيو باريس» (2017) و«ذي نيو باريزيان» (2020)، وهما كتابان تحاول فيهما الابتعاد عن التنميط وإظهار التنوع في باريس.
وتقول الكاتبة المتحدرة من مدينة فيلادلفيا لوكالة الصحافة الفرنسية: «نحن في 2020 وما زلنا نرى الكليشيهات نفسها»، متحدثة عن «تجاهل كامل للواقع الاجتماعي والاقتصادي» في المسلسل الذي يقدم ما يشبه «صورة كاريكاتورية» عن باريس.
وفي ظل انتقادات طاولت أيضاً تضخيم المسلسل الفروق الثقافية بين الفرنسيين والأميركيين، يستقي «إميلي إن باريس» نجاحه أيضاً من هذه المكوّنات عينها المستخدمة منذ ما يقرب من قرن والتي لا تتوانى «نتفليكس» عن المجاهرة بها.
فقد كتبت «نتفليكس» بنبرة ساخرة في تغريدة عبر «تويتر» «لو أتت إميلي إلى مدينتكم وليس إلى باريس، ما ستكون الكليشيهات الكبيرة في المسلسل؟»
وتقول أنيس بوارييه مؤلفة كتاب «ريف غوش» عن الأوساط الثقافية الفرنسية بعد الحرب العالمية الثانية «الكليشيهات تعكس كلها جزءاً من الحقيقة، وإلا ما كان اسمها كليشيهات».
وتضيف بوارييه لوكالة الصحافة الفرنسية: «مقارنة مع المدن الأميركية، تبدو باريس رومانسية فعلاً».
غير أن «باريس والباريسيين ما زالوا مصدر إعجاب لما بات للأسف من التاريخ» وفق بوارييه، في إشارة إلى الكتب أو الأفلام التي تصوّر المدينة على أنها «عاصمة الحب» ومدينة الرقي وآداب السلوك والعلاقات المتفلتة.
وتقول إيناس دو لا فريسانج، وهي عارضة أزياء سابقة ومصممة أزياء شاركت في تأليف كتاب الموضة «لا باريزيان» الذي حقق نجاحاً كبيراً، إن المسلسل يعطي صورة قريبة من «الفنتازيا» أو الخيال لكنها تنطوي على «بعض الحقيقة».
وتضيف دو لا فريسانج التي استحالت رمزا للأناقة الفرنسية: «غالباً ما ننسى أن الأميركيين ينظرون إلى باريس على أنها أشبه بمدينة الترفيه «ديزني لاند». إميلي تلتقط صورة سيلفي مع قطعة خبز بالشوكولا. لكن نحن أيضاً نُذهل حين نقف أمام مبنى إمباير ستايت في نيويورك».
وتتابع قائلة: «باريس تعاني حالياً من نقص السياح. إذا ما كانت الكليشيهات عن الطعام والأناقة والجمال تحفز الناس على المجيء إلى هنا، فلا ضير من ذلك».
وتؤكد الصحافية الأميركية المستقلة المتخصصة في السفر والطعام لاين نيسيت، المقيمة منذ نحو عامين في باريس: «هذا مسلسل رومانسي كوميدي أخرق ومضحك، يحاكي واقع عدد لا بأس به من الأجانب المقيمين في العاصمة الفرنسية».
وتقول إن «الأميركيين يريدون رؤية ذلك» في زمن الجائحة الحالية، لأنه «يدفعهم إلى الحلم».



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.