إطلالة جديدة على محطات مصطفى الرزاز في «الفن الشعبي المصري»

المعرض يبرز مسيرة 60 سنة من أعماله بالنحت والتصوير

لوحات المعرض تبرز إبداعات الرزاز في مجال «الفن الشعبي المصري» (الشرق الأوسط)
لوحات المعرض تبرز إبداعات الرزاز في مجال «الفن الشعبي المصري» (الشرق الأوسط)
TT

إطلالة جديدة على محطات مصطفى الرزاز في «الفن الشعبي المصري»

لوحات المعرض تبرز إبداعات الرزاز في مجال «الفن الشعبي المصري» (الشرق الأوسط)
لوحات المعرض تبرز إبداعات الرزاز في مجال «الفن الشعبي المصري» (الشرق الأوسط)

يكتسب معرض «تجليات من القاموس البصري» للفنان التشكيلي الكبير د. مصطفى الرزاز أهمية خاصة كونه عبارة عن تجربة شمولية «استعادية»، حيث يستعيد الفنان فيها العديد من محطات مشواره الفني الممتد عبر 60 سنة، تتوزع الأعمال المعروضة بقاعة «راغب عياد» في مركز الجزيرة للفنون بالقاهرة على العديد من التخصصات الفنية التي أسهم فيها الرزاز بسهم وافر كالرسم والتصوير والنحت والحفر.
ويعد الرزاز أحد فرسان الفن الشعبي في مصر بشهادة العديد من الباحثين والنقاد، وهو ما يتجلى في هذا العمل المستمر حتى نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، حيث يشتغل الرجل على مجموعة من أشهر «موتيفات» التراث والفلكلور في مصر مثل الأحصنة التي تستلهم السير الشعبية كما في سيرة عنترة بن شداد وأبي زيد الهلالي تجسد العديد من اللوحات حالة من التوحد والعناق بين الفارس والحصان، فالأخير ليس مجرد أداة للتنقل أو حتى وسيلة رئيسية للقتال في ميادين الشرف والبطولة، بل هو رفيق طريق وصديق يندر وجود مثيله بين البشر.
تشكل الطيور وتحديداً العصفور «موتيفة» أخرى حاضرة بقوة، فهو هنا ليس مجرد كائن يحلق في الطبيعة المفتوحة والآفاق البعيدة، بل جزء من الحياة اليومية لأفراد بسطاء، قد تكون آمنة مطمئنة في تعايشها مع البشر، وكثيراً ما يرسمها الفنان مذعورة خائفة من شيء ما. وسواء في الخيل أو الطيور، لا يبدو الفنان مهتماً بالمقاييس الأكاديمية لأبعاد الحصان أو العصفور، فهو يرسم هنا وفق روح الفنان الشعبي، حيث الأبعاد طفولية والملامح واضحة بارزة كأنها منحوتة ببراءة كما في رسوم الصغار.
ولا تبدو صورة المرأة بعيدة عن هذا التصور الشعبي للبشر والأشياء، فتأتي واسعة العيون، ذات شعر كثيف طويل له مفرق في المنتصف، إنّها جميلة ولكنّها ليست موضوعا للاشتهاء بقدر ما هي موضوع للبراءة والنقاء.
وعن أجواء المعرض والدلالة وراء اختيارات موضوعاته، يشير الدكتور الرزاز إلى أنّه حرص على اقتناء عدد من الأعمال التي تعكس شغفه بالتراث الشعبي مصرياً وعربياً كما توضح مصادر اهتمامه بهذا التراث فهو قارئ جيد للسير الشعبية، مؤكداً أنّه لا يتعالى على الأساطير والخرافات الشعبية، حيث يراها جزءاً من إرث الشعوب وتفتح مجالات خصبة للإبداع أمام الفنان.
ويضيف الرزاز في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «عبر ستين عاماً ظل الفن بالنسبة لي نوعاً من ممارسة الحياة، فأنا أتنفس ألواناً بالتوازي مع القراءة والكتابة ولم أسمح لأي مسؤولية أو مهام مهما كانت جسيمة أن تشغلني عن ممارسة هذا الثالوث الذي أعيش له وبه، وهو الرسم والقراءة والكتابة.
والدكتور مصطفى الرزاز صاحب مسيرة فنية حافلة، فقد حصل على الدكتوراه في الفن الشعبي من جامعة نيويورك عام 1979. كما تولى رئاسة الهيئة العامة لقصور الثقافة، فضلاً عن حصوله على جائزة النيل في الفن 2017. وهو أكاديمي وناقد ومؤلف له العديد من المؤلفات في تقديم الأجيال الجديدة من التشكيليين المصريين، فضلاً عن توثيق العديد من الصفحات المجهولة في تاريخ الفن المصري.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».